لماذا تُؤخِر إيران ضرب إسرائيل؟!
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
** إنه السؤال الذى يملأ العالم صخبا، طالما تتعمد إيران تأخير الرد العسكرى، على كل عمل تقوم به إسرائيل، إما داخل الأراضى الإيرانية، أو باستهداف مصالح وأشخاص خارجها، وهو الأمر الذى يرفع مستوى الترقب والانتظار، لما سوف تقاس به قوة الرد، الذى من المتوقع أن يكون هذه المرة، أشد ضررا وإيذاء للمجتمعين العسكرى والمدنى، ليس على حافة المواجهة وحسب، ولكن داخل العمق الإسرائيلى، وسطا وجنوبا، لأنه أقل ثمن تطلبه «طهران»، مقابل اغتيال رئيس حركة «حماس»، إسماعيل هنية، على أراضيها، وفى حضور ممثلين من كل دول العالم، كان معهم ضيفا، فى مراسم تنصيب الرئيس الإيرانى، مسعود بزشكيان.
** الذين يتعجلون الرد العسكرى، عليهم أن يفهموا أن الأمر معقد قليلا، ومختلف تماما عن ضربة «الوعد الصادق»، فى 14 إبريل الماضى، عندما استهدفت 300 مسيرة وصاروخ إيرانى، قاعدتين عسكريتين فى العمق الإسرائيلى، واعتبرته «طهران» انتقاما لقصف قنصليتها فى العاصمة السورية «دمشق»، فى بداية الشهر نفسه، ووقتها تحدث الإيرانيون، عن حكمة الانتظار لـ14 يوما قبل الهجوم، وهى أن «طهران» أرادت استنزاف الجيش والاقتصاد، بالتوازى مع حرب نفسية، خلقت حالة من الرعب والفزع، انتهى إلى «كابوس» أصاب المجتمع الإسرائيلى بالانهيار، وربما تنتهج إيران نفس السيناريو، وما دونه من ظروف دولية، لضمان هجوم قوى يحقق أهدافه.. قريبا.
** الواضح تماما على الساحة وفى التخطيط المعلن، أن إيران تستعد لهجوم واسع هذه المرة، قد يستهدف منشآت عسكرية ومدنية وبنى تحتية، بحيث تلقن قيادات «تل أبيب»، وعلى وجه الخصوص، رئيس الوزراء المتهور بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف جالانت، وأصحاب الرؤوس الساخنة، من وزراء الحكومة المتطرفين، أسوأ دروس الانتقام العسكرى، الذى لا تقبل «طهران»، وبالذات المرشد الأعلى على خامنئى، والرئيس الجديد «بزشكيان»، بأقل من ضربة قاصمة، يبلغ ضررها وأثرها، كل مفاصل ومستقبل دولة إسرائيل، حتى تستعيد إيران كرامتها وسيادتها، وترفع عن نفسها حالة الحرج، التى وقعت مع اغتيال «هنية» على أراضيها.
** وحتى يكون الرد بحجم حدث الاغتيال، تعمل القيادة الإيرانية على مستويين..المستوى الدبلوماسى، الذى تتبناه وزارة الخارجية، لتثبيت «شرعية» حق إيران فى الدفاع عن نفسها، فى نطاق القانون الدولى، ومن ثم اتسعت التحركات الخارجية، تخاطب دوائر صنع القرار فى الدول الغربية، وبالذات دول الاتحاد الأوروبى، وبالتوازى داخليا، إبلاغ سفراء هذه الدول بحق إيران فى الرد، وبغير مواقف الدول الصديقة، تعمل دبلوماسية «طهران»، على التخفيف من موجات الإدانة، لأى ضربات توجهها لإسرائيل.. وعلى المستوى العسكرى، ما تتحدث به تقارير إعلامية، عن حشد صواريخ بعيدة المدى فى الغرب الإيرانى، وتدريبات فى الشرق على حروب طويلة محتملة.
** قيادات «طهران» يقولون إنهم لا يسعون للتصعيد، أو حتى لحرب إقليمية، لكنهم يصرون على ضربة استرتيجية، قد تدفع «تل أبيب» ثمنا باهظا عنها، إذا ما شاركتها جماعات المقاومة، «حزب الله» من لبنان، و«الحوثيون» من اليمن، و«المقاومة الإسلامية» من العراق، الأمر الذى يثير المخاوف الأمريكية- الإسرئيلية، ما أجبر «واشنطن» على أن تلجأ للشركاء- غرب وعرب- فى حلف يعمل على تعطيل الهجوم الإيرانى، أو الحد من الخسائر، إن فشلت الضغوط ودعوات التهدئة، التى تتعلق بها إسرائيل وتتجاهلها إيران، وبينهما الأساطيل البحرية الأمريكية، التى تعكس رعب البلدين.. من قوة الثأر لاغتيال «هنية» فى «طهران»، والقائد «فؤاد شكر» فى بيروت.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البحرية الأمريكية المقاومة حزب الله اتجـــــاه محمــــد راغـــب صاروخ إيراني
إقرأ أيضاً:
ترامب وحلم السطوة
ظهر «ترامب» ملتحفا بحلم القوة الذى ظل يراوده منذ أن اعتلى سدة الرئاسة فى الولايات المتحدة الأمريكية. ومع فوزه بفترة ثانية تعمق الحلم وتعامل مع نفسه وكأنه القوة التى تهيمن على العالم وتفرض سطوتها على دوله. ولهذا خرج مؤخرا ليدعو إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم فى قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن. نسى «ترامب» نفسه وظن أن بإمكانه فرض ما يراه على الآخرين. نسى أن الدول التى اختارها هى دول مستقلة وذات سيادة، وبالتالى لا يمكن أن تكون تابعة له لكى يفرض عليها سطوته. ولعل ما أراده هو أن يخلى الأرض الفلسطينية من أجل إسرائيل الكيان الغاصب الذى يتماهى معه ويحاول بقدر الإمكان تحقيق كل تطلعاته، بل يذعن لنزواته.
نسى «ترامب» أن الفلسطينيين لا يريدون الرحيل عن أرضهم ووطنهم، وأنهم رفضوا التهجيرلأن أحلامهم تظل مرتبطة بأرض الوطن. غاب عن « ترامب» أن يشاهد الفيديوهات التى أظهرت عودة أهل غزة إلى شمالها وهم يقبلون أرض الوطن، فهم يأبون الرحيل عن أرضهم. واليوم نقول لو أنصف «ترامب» فعليه أن يلوذ بالصمت وينسحب من المشهد بعد أن منيت مغامراته بالهزيمة.
لربما أراد «ترامب» أن يتظاهر بالإنسانية فخرج يقترح نقل نحو مليون ونصف المليون من سكان غزة إلى كل من الأردن ومصر لتكون تلك الخطوة وفق تصوره مقدمة ضرورية نحو الحل الدائم والعادل. تظاهر «ترامب» بالإنسانية، وأنه حريص على أن يعيش سكان غزة فى منطقة أكثر أمانا واستقرارا. نسى أن الجانب الآخر من مقترحه سيؤدى فيما إذا تم تنفيذه إلى إفراغ قطاع غزة من أغلبية سكانه ليكون ساحة مباحة أمام إسرائيل، وبالتالى يمكنها وقتئذ إعادة احتلالها له وتحويله إلى بؤر استيطانية للمتطرفين الصهاينة الذين يتحينون الفرصة للسطو على الأرض الفلسطينية. بل إن الخطوة إذا تحققت ستكون مقدمة لتشجيع الصهاينة على تنفيذها فى الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن الذى لا يزال اليمين الإسرائيلى المتطرف ينظر له بوصفه الوطن البديل.
إن ما يقترحه «ترامب» هو نفسه مخطط التهجير الذى يحلم الكيان الصهيونى بتنفيذه لكى تؤول إليه الأرض الفلسطينية كاملة ويتم التخلص من الفلسطينيين بشكل كامل. لقد أسقط « ترامب» من اعتباره الأسس والثوابت الرئيسية والتى ترتكز على الالتزام بالقانون الدولى والمواثيق الإنسانية، والاعتبارات الأخلاقية والسياسية. لقد أراد «ترامب» بأطروحته تصفية القضية الفلسطينية بما يعنى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم عنوة ليتم ذلك تحت ذرائع واهية.
وحسنا ما فعلته مصر إذ شكلت حائط صد ضد التهجير سواء أكان قسرا أم طوعا. بل إن موقفها أماط اللثام عن المؤامرة التى رسمتها إسرائيل وشاركت الولايات المتحدة فى نسجها. فكان العدوان الإسرائيلى على غزة لكى يتم عبره استهداف الفلسطينيين بالتهجير، وهو مخطط جابهته مصر برفضها له بوصفه مشبوها لا يمكن تنفيذه لكونه يعنى عملية إحلال وتبديل يجرى بمقتضاها ترحيل الفلسطينيين من أرضهم ليتم ترسيخ الصهاينة فى الأرض الفلسطينية. ولقد عبرت مصر قيادة وشعبا عن رفض مخطط أمريكا الإجرامى الذى يحاول الزج بمصر فى مستنقع التهجير ليحملها آثامه. فمصر كانت وستظل حريصة على الفلسطينيين وعلى قضيتهم، وعلى أن ينال الفلسطينيون حقوقهم المشروعة كاملة ويأتى فى صدارتها حق تقرير المصير، وحق إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية وذلك تحقيقا للأمن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة.