«لم أتوقع أن يؤيدنى الكتاب لأنى أعرف أن بعضهم كطه حسين والعقاد، يؤمن فى قرارة نفسه أن أى خروج على ما وضعه النحاة كُفر وضلال، والبعض الآخر مؤمن فى قرارة نفسه بما أقول، ولكنه لا يجسر على المجاهرة به خشية أن تزلزل مكانته أو يُتهم بجهل فى اللغة، ومادام هناك مصححون فهم خير ساتر يصد به الريح ويستريح»..
هكذا كتب الكاتب والروائى يوسف السباعى رئيس تحرير «الرسالة الجديدة» فى زمان صدورها عقب نشره مقاله الافتتاحى، أقترح فيه بعض التعديلات فى القواعد النحوية من وجهة نظره يراها قد تيسر على الكاتب والقارئ متابعة وفهم محتوى النص المكتوب بلغة بسيطة ومنطقية من وجهة نظره.
ويؤكد «السباعى» أنه لم يتوقع أن يؤيده الكتاب لأنه يعرف أعرف أن بعضهم كطه حسين والعقاد، يؤمن فى قرارة نفسه أن أى خروج على ما وضعه النحاة كُفر وضلال، والبعض الآخر مؤمن فى قرارة نفسه بما يقول، ولكنه لا يجسر على المجاهرة به خشية أن تزلزل مكانته أو يُتهم بجهل فى اللغة، وما دام هناك مصححون فهم خير ساتر يصد به الريح ويستريح!!
وفى كل الأحوال ودون الخوض فى صحة أو أهمية ما طرح «السباعى» فإننى أرى أهمية تداول الحوار بين أهل الفكر وأهل المهنة الواحدة حول ما بات الغالبية منهم يعتقدون أنه من المسلمات غير القابلة للجدل أو التصويب..
ولكننى أرى من غير المقبول أو من المفيد أن تتصاعد وتيرة الحوار إلى حد الكتابة الساخرة الغاضبة التى قد تنال من قدر ومكانة الطرف الآخر المستهدف بالحوار، كما ورد على لسان «السباعى»، قال «ولم أتوقع أن يؤيدنى فقهاء اللغة فى دعوتى.. بل أكون أبله لو كنت أتوقع ألا أن يرمونى بالجهل والاستخفاف والاستهتار.. وأنا أعذرهم فى هذا.. لأنهم يعتبرون أنفسهم حُماة اللغة.. وأن من أول واجباتهم الذود عن حياضها ووقايتها من المارقين والضالين والعابثين من أمثالى!.. ومن حقهم أن يثوروا عليّ كما يثور القائد العام مثلاً عندما أطالب بإلغاء القوات المسلحة، أو تخفيفها.. ولم أكن أتوقع أن يؤيدنى النقاد المتعمقون فى اللغة كالدكتورة ابنة الشاطئ، لأنهم يجدون فى أخطاء اللغة صيداً سهلاً يستحلونه فى الكتب، ومغمراً هيناً يغمرون به الكاتب. ولم أتوقع بعد كل هذا أن يؤيدنى جمهرة السخفاء الذين ليس لهم فى العبر ولا فى النفير.. والذين لا يفهمون لا فى اللغة، ولا فى الكتابة، ولكنهم يفزعون ليتظاهروا بأنهم من فقهاء اللغة وأساطين الكتابة...»..
أرى أن «السباعى» لم يفتح الباب للحوار عبر مقاله الافتتاحى ولكنه أغلقه إلا إذا كان يرى فى استخدام اللغة الساخرة فى الرد على محاوريه فتح الباب لملاسنات وتوجيه اتهامات تنأى بالكاتب بعيدًا عن فكرة إقامة حوار مفيد بناء ومثمر وقابل لميلاد أطروحات يمكن البناء عليها وتنمينها.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
كيف عاشت أمريكا 250 عاما بلا لغة رسمية؟.. تعرف على الحكاية
يسلط توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على أمر تنفيذي باعتماد اللغة الإنجليزية، لغة رسمية للولايات المتحدة، الضوء على قضية شهدت جدلا منذ تأسيس البلاد، قبل نحو 250 عاما، وفشلت فيها محاولات لفرض المسألة، رغم أن الإنجليزية تعتبر لغة وطنية كأمر واقع، لكنها لم تكتب بالدستور.
ويرى معارضو القرار، أن ترامب يسير بمزيد من الخطوات، نحو إقصاء مجتمعات المهاجرين واستهدافهم، وفرض اللغة على المجتمعات غير الناطقة بها، في ظل التنوع الهائل للثقافات والجذور للسكان، ومن ضمنها لغاتهم التي لا يزالون يحافظون عليها.
لماذا لم تعتمد الولايات المتحدة لغة رسمية سابقا؟
مع إعلان استقلال الولايات المتحدة، عام 1776، كانت الإنجليزية اللغة الأكثر شيوعا بين المستعمرين الجدد للبلاد، ورغم ذلك، لم يتمكنوا من وضعها اختيارها لغة رسمية وحيدة في الدستور، بفعل أن المستعمرين كانوا ينحدرون من دول أوروبية مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من اللغات
وكان من شأن فرض الإنجليزية لغة رسمية في الدستور، خلق تمييزات لغوية بين السكان ولذلك بقي الدستور الأمريكي، يحافظ على مسألة التعددية اللغوية، رغم أن لغة الأمر الواقع في البلاد والمعاملات والبيانات الرسمية تكتب بالإنجليزية.
ولايات تبنت اللغة الإنجليزية:
حتى ما قبل قرار ترامب، لم تفرض الإنجليزية فيدراليا كلغة رسمية، لكن 32 ولاية، من أصل 50 إضافة إلى 5 أقاليم وهي الجزر الواقعة خلال الحدود البرية للولايات المتحدة، من أصل 14 إقليما، أقرت الإنجليزية لغة رسمية ووحيدة لها، في كافة معاملاتها ومخاطباتها الرسمية، رغم وجود عرقيات متعددة فيها تحافظ كل منها على لغتها الأم.
تنوع لغوي واسع في الولايات المتحدة
تعتبر الولايات المتحدة، من أكثر دول العالم، تنوعا من الناحية اللغوية، ووفقا لموقع شارك أمريكا التابع للحكومة الأمريكية، يتحدث السكان ما بين 350-450 لغة وبحسب مكتب الإحصاء الأمريكي، فإن عدد المتحدثين بالإنجليزية من المواطنين الأمريكيين في المنزل، 78.4 بالمئة.
بينما يستخدم 21.6 بالمئة، من المواطنين، لغات أخرى، تأتي في المرتبة الثانية بعد الإنجليزية اللغة الإسبانية، والتي يتحدث بها 42 مليون شخصا في منازلهم، تليها الصينية 3.49 مليون شخص، والتاغالوغية، 1.7 مليون شخص، والعربية 1.2 مليون شخص.
محاولات تاريخية لفرض الإنجليزية:
جرت محاولات في القرن الثامن عشر لفرض الإنجليزية، كلغة رسمية في البلاد ضمن الدستور، من الشعبويين الأمريكيين المتعصبين لقوميتهم، وتصاعد الرفض لاستخدام لغات مثل الألمانية في بنسلفانيا والفرنسية في لويزيانا.
وخلال الحرب العالمية الأولى، جرت محاولات لحظر اللغات غير الإنجليزية، وخاصة اللغة الألمانية، بسبب العداوة في ذلك، لكن تلك المحاولات لم تلق طريقا للنجاح بسبب ضعف التأييد لهذه الأفكار.
الإنجليزية فقط:
استمرت المحاولات لفرض الإنجليزية لغة رسمية وحيدة لأمريكا، بعد ذلك، ففي القرن العشرين، عبر الرئيس ثيودور روزفلت، عن دعمه لفكرة "أمريكا لديها متسع للغة واحدة فقط"، لكنه لم يسع لصياغة قانون رسمي بذلك، وفشلت محاولة للجمهوريين عام 2021، لتمرار تشريع يعتمد الإنجليزية اللغة الرسمية لأمريكا، لكنه لم يحصل على الدعم الكافي.
احتجاج على قرار ترامب:
أثار قرار ترامب غضب الكثير من المكونات الأمريكية، غير الناطقة بالإنجليزية، وخاصة في جزيرة بورتوريكو، والتي تتحدث أغلبية سكانها اللغة الإسبانية، وقال عضو الكونغرس عن بورتوريكو، بابلو خوسيه هيرنانديز ريفيرا، إن القرار يتعارض مع هوية المنطقة ويقصي جزءا كبيرا من المواطنين الأمريكيين.
ما تأثير القرار على الأمريكيين؟:
يؤدي اعتماد الإنجليزية لغة رسمية وحيدة في أمريكا، بحسب معارضي القرار، إلى تعقيد الإجراءات الحكومية على الملايين من غير الناطقين بها، وغير متقنيها، ويصعب عليهم الحصول على الخدمات الحكومية، كما أنه انحياز لقومية وهوية معينة وهم البيض المسيحيون، متجاهلا التنوع الثقافي واللغوي الواسع الذي يتشكل منه نسيج الولايات المتحدة.