سرايا - في كل يوم إضافي للحرب المستمرة في غزة، تخسر إسرائيل أكثر مما تكسب، على جوانب وصعد مختلفة، سياسية واقتصادية ودولية ودبلوماسية واجتماعية وإنسانية.

والآن، أصبحت الأوضاع أشد توتراً من أي وقت مضى، فإسرائيل هاجمت بيروت واغتالت القيادي الكبير في "حزب الله" فؤاد شكر، وفي الليلة ذاتها استهدفت قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران.



وإزاء كل ذلك، تم إسدال ستار مسرح المفاوضات، وترك المنطقة أمام رهان التصعيد، ومخاوف الانفجار اللا محدود، باشتعال شرارة الحرب الشاملة.

على الجانب الإسرائيلي وحده، يعد حصر الخسائر أمر غير ممكن في الوقت الحالي، فآلة الحرب تعمل بأقصى طاقة، بينما اقتصاد البلاد بات يرزح تحت ضغوط كبرى، لكن الأرقام تشير إلى تراجعات كبيرة، بينما التقارير توضح مدى تراجع الدبلوماسية، وتقدم العنجهية، في نهج إسرائيل، الواقفة أمام محكمة العدل الدولية في مواجهة قضية إبادة جماعية،

وضعت الحرب الطويلة على غزة، الاقتصاد الإسرائيلي أمام مفترق طرق، فبدأ يشهد تباطؤاً تدريجياً خالقاً في الوقت نفسه تحديات اجتماعية وسياسية أعاقت مسار النمو السابق الذي استمر قرابة العامين.
وبحسب تقرير صادر عن وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني في أيار الماضي، فإن الحرب المستمرة على غزة تكلف إسرائيل 269 مليون دولار يومياً.

وتؤكد بيانات وزارة المالية الإسرائيلية، ارتفاع العجز المالي إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي في 4 أشهر من العام الجاري، ليبلغ 35.7 مليار دولار منذ نيسان 2023، وهو رقم غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

وأجبرت الحرب الحكومة الإسرائيلية على زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير، والذي شكل نحو ثلثي إجمالي الإنفاق في أربعة أشهر. وفي المقابل، انخفضت الإيرادات بنسبة 2.2%، بسبب انخفاض مدفوعات الضرائب.

خلقت الحرب تحدياً عالمياً آخر، ففي وقت يكافح فيه المجتمع الدولي لمحاربة تغير المناخ، كانت الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أول شهرين من الحرب على غزة أكبر من البصمة الكربونية السنوية لأكثر من 20 دولة.

وفي تحليل نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية في كانون الثاني الجاري، كشف لأول مرة أن أكثر من 99% من 281 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون تم توليدها في أول 60 يوماً من اندلاع حرب غزة، بسبب القصف الجوي الإسرائيلي، والغزو البري للقطاع.

ووفق التحليل، فإن التكلفة المناخية لأول 60 يوماً من الحرب الإسرائيلية كانت تعادل حرق 150 ألف طن من الفحم على الأقل.

تكثر الأمثلة الدالة على مواجهة إسرائيل نوعاً من العزلة الدولية بسبب ارتكابها جرائم متعددة في حربها المستمرة على غزة، ويلخصها مثال واحد، حدث بعد 6 أشهر من اندلاع الشرارة الأولى، حين استهدف الجيش الإسرائيلي مجموعة من عمال الإغاثة العاملين في مؤسسة المطبخ العالمي المركزي الخيرية، في غارة جوية قتلت جميع أعضاء الطاقم. حينها، تزايد الغضب الدولي ضد إسرائيل، حتى من بعض أقرب حلفائها، فتحول الرأي العام في بريطانيا وألمانيا وأستراليا ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، وتزايدت المتظاهرات المطالبة بوقفها فوراً، وفق تقرير لوكالة "رويترز".

وبسبب الحرب وما نتج عنها من فظائع وخسائر بشرية، سارع عدد من الدول لاتخاذ مواقف واضحة للضغط على إسرائيل، بينها الأردن، الذي استدعى سفيره لدى إسرائيل، واتهمها بخلق "كارثة إنسانية غير مسبوقة" وتهديد الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.

كذلك، استدعت تركيا سفيرها لدى إسرائيل مشيرة إلى المأساة الإنسانية التي تتكشف في غزة ورفض إسرائيل الاستجابة للدعوات لوقف إطلاق النار، وفي أيار الماضي، أعلنت وزارة التجارة التركية أن أنقرة أوقفت جميع الصادرات والواردات من إسرائيل وإليها بسبب "تفاقم المأساة الإنسانية" في الأراضي الفلسطينية.

إسرائيل، بينها تشيلي وكولومبيا، وهندوراس، وبوليفيا بسبب انتهاكات غير مقبولة للقانون الإنساني الدولي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة.

وفي أفريقيا، أعلنت جنوب أفريقيا استدعاء جميع دبلوماسييها من إسرائيل للتشاور، كما استدعت تشاد القائم بالأعمال لدى إسرائيل.

وفي أوروبا، سارعت مدن لإدانة الحرب واتخاذ موقف واضحة إزائها، وأعلنت بلدية برشلونة في تشرين الثاني الماضي، قطع مجلس المدينة العلاقات المؤسسية مع الحكومة الإسرائيلية. كذلك، تبنت مدينة لييج البلجيكية اقتراح حزب العمال (PTB) بقطع جميع العلاقات مع إسرائيل، طالما أنها لا تحترم القانون الدولي.

مع هذا، فقد تضررت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية، لكنها لم ترق إلى مستوى القطيعة. وفي كانون الأول الماضي، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إنه يشك بأن إسرائيل تحترم القانون الدولي بالنظر إلى عدد الضحايا من المدنيين في غزة، وهي تصريحات دفعت تل أبيب إلى استدعاء السفيرة الإسبانية لتوبيخها.

ووجهت أيرلندا والنرويج كذلك اتهامات متكررة لإسرائيل بارتكاب جرائم في غزة، ودعتا في أكثر من مناسبة لوقف الحرب. وبسبب عدم استجابة إسرائيل تدحرجت إلى الأمور إلى مستوى حرج، ودخلت العلاقات بين تل أبيب وأوسلو في أزمة دبلوماسية حادة.

إسرائيل عدة مرات، وقارنها بروسيا في 3 مناسبات، وأعلن دعم بلاده لدعوى الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

وأمس الخميس، استدعى وزير الخارجية النرويجي، ممثلة إسرائيل لدى أوسلو للاحتجاج على قرار إسرائيل إلغاء الصفة الدبلوماسية لأعضاء في السفارة النروجية مكلفين العلاقات مع السلطة الفلسطينية.

وتضاعف الضغط الدولي على إسرائيل، بعد أن قررت جنوب أفريقيا في شهر كانون الأول الماضي رفع دعوى أمام المحكمة الدولية، اتهمت فيها تل أبيب بارتكاب أعمال ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

وبعد قبول الدعوى من قبل المحكمة، انضم عدد من الدول إليها، في مقدمتهم نيكاراغوا، ثم تشيلي، والمكسيك، ولحقت بهم كلاً من.. كولومبيا وليبيا ووجزر المالديف وتركيا، وإسبانيا، وتقدمت كوبا وإيرلندا وفلسطين وغيرها بطلبات للانضمام أيضاً، إلا أن المحكمة الدولية لم تبت في هذه الطلبات المقدمة حتى الآن.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤول فلسطيني يروي تفاصيل مؤلمة عن أسوأ مجزرة نفذتها إسرائيل منذ بداية حربها على غزة

 وقال الدفاع المدني في بيان: "طائرات الاحتلال أغارت بشكل مفاجئ على خيام النازحين بجوار مسجد عثمان بن عفان خلف المستشفى البريطاني جنوب غرب مدينة خان يونس"، مشيرة إلى أن "شهودا عيانا أكدوا أن الاحتلال أطلق خمسة صواريخ على الأقل على المنطقة المستهدفة".

وأوضح الدفاع المدني أن "الانفجار أحدث حفرة كبيرة وحريقا واختلطت الجثث والخيام بالرمال وهناك عدد من المفقودين، وطواقم الإسعاف والدفاع المدني استنفرت بالمكان والحديث عن عدد كبير من الشهداء والمصابين".

واستهدف الهجوم الإسرائيلي العنيف بشكل مباشر خياما تأوي عائلات نازحة كانت تعيش تحت حماية ما يسمى بـ "المنطقة الإنسانية" التي حددها الجيش الإسرائيلي.

وأكدت فرق الإسعاف والدفاع المدني في المكان أن حجم الدمار يفوق الوصف، حيث تم مسح أكثر من 20 خيمة عن وجه الأرض نتيجة القصف، مشيرة إلى أنه "تم انتشال أكثر من 65 شهيدا وجريحا حتى هذه اللحظة، وسط تقديرات بوجود المزيد من الضحايا المفقودين تحت الرمال".

وأشار الناطق باسم الدفاع المدني إلى أن "ما حدث مجزرة إبادة، فرق الإنقاذ تجد صعوبة كبيرة في التعامل مع حجم الدمار، وعمليات البحث والانتشال مستمرة رغم الظروف القاسية وانعدام الإمكانيات".

ومن جانبه، زعم الجيش الإسرائيلي أنه استهدف "مجمعا للقيادة والسيطرة تابعا لحركة حماس" في منطقة مواصي خان يونس.

وادعى أنه "قبل الضربة، تم اتخاذ العديد من الخطوات للتخفيف من خطر إلحاق الأذى بالمدنيين، بما في ذلك استخدام الذخائر الدقيقة، والمراقبة الجوية، ووسائل إضافية

مقالات مشابهة

  • مسؤول فلسطيني يروي تفاصيل مؤلمة عن أسوأ مجزرة نفذتها إسرائيل منذ بداية حربها على غزة
  • «القاهرة الإخبارية»: ارتفاع فاتورة الخسائر في إسرائيل بسبب المواجهات مع لبنان
  • إسرائيل ترد على عملية «الكرامة»
  • وزارة المالية الإسرائيلة تعلن عن عجز ميزانية إسرائيل مع استمرار الحرب على غزة ..تفاصيل
  • تنديد خليجي روسي بانتهاكات إسرائيل في غزة وعجز المجتمع الدولي عن وقف الحرب
  • الأحزاب الدينية في إسرائيل تؤيد رفع ميزانية الحرب
  • بسبب الحرب.. شركات طبية عالمية تلغي تعاونها مع إسرائيل
  • صور الأقمار الصناعية تكشف: “إسرائيل” تعبّد طريق “محور فيلادلفيا” الحدودي مع مصر في خطوة تشير إلى استمرار احتلالها للمنطقة
  • إسرائيل تطبق سياسة الحرب الشاملة.. وتحاول تهجير الفلسطينيين
  • اليوم 337 من الحرب الإسرائيلية على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا ودعوات في إسرائيل لوقف القتال