كاليفورنيا تحتفل باستقبال أول حيوانَي باندا تعيرهما الصين للولايات المتحدة منذ 21 عاماً
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
سان دييغو "أ.ف.ب": في أجواء احتفالية، تخللتها رقصات صينية، استقبلت كاليفورنيا حيوانَي باندا جديدين، هما الأولان ترسلهما بكين إلى الولايات المتحدة منذ 21 عاماً.
وشاءت الولاية الأمريكية أن تخصص هذا الترحيب الدبلوماسي المميز ليون تشوان وشين باو اللذين يمثّل تسليمهما إلى الولايات المتحدة خطوة شديدة الرمزية.
وبعد رحلة نقل الحيوانين بالطائرة من منطقة سيتشوان الجبلية إلى كاليفورنيا، لمسافة أكثر من 11 ألف كيلومتر، أصبح الذكر البالغ أربع سنوات والأنثى البالغة ثلاث سنوات، بلا منازع، نجمَي حديقة سان دييغو للحيوانات.
وقال الفرنسي السويسري غيّوم كوركو الذي يمضي إجازة في الولايات المتحدة مع ولديه وزوجته "أراد أطفالي رؤية شيئين فقط في أمريكا: الحيتان القاتلة وحيوانات الباندا". وأضاف بعدما تمكن أخيراً من اجتياز طابور يضم مئات المنتظرين أن نجليه "تأثرا جداً".
ورحّب حاكم الولاية غافن نيوسوم بما وصفه بـ "هَوَس الباندا"، وأعلن رسمياً تاريخ 8 أغسطس "يوم الباندا" في كاليفورنيا.
وأوضح الحاكم المنتمي إلى الحزب الديموقراطي أن الاحتفال "هو بأمر أعمق بكثير وأكثر ثراءً من حيوانَي الباندا هذين". وأضاف "الأمر يتعلق بالاحتفال بإنسانيتنا المشتركة والأشياء التي تجمعنا".
حتى الأمس القريب، كان يبدو أن إعارة هذين السفيرين غير واردة، نظراً إلى العلاقات المتوترة منذ سنوات بين الصين والولايات المتحدة، إن على مستوى المنافسة التجارية الشرسة، أو لجهة الخلافات في شأن تايوان وحقوق الإنسان.
حتى أن "دبلوماسية الباندا" التقليدية التي تنتهجها بكين بدت مهددة. ففي حدائق الحيوانات في واشنطن وأتلانتا وممفيس، كانت صلاحية اتفاقات إعارة الباندا تنتهي من دون تجديدها.
لكن خلال قمة بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والصيني شي جينبينغ في نوفمبر، أعلن زعيم الدولة الآسيوية العملاقة أن حكومته ستواصل تعاونها مع الولايات المتحدة، وهو رمز دبلوماسي قوي يساهم أيضاً في الحفاظ على هذا النوع المعرّض للخطر.
وبالإضافة إلى سان دييغو، يُتوقع أن تستقبل حديقتا الحيوان في واشنطن وسان فرانسيسكو حيوانات باندا جديدة بحلول السنة المقبلة.
وقدمت الصين أول حيوانات الباندا إلى الولايات المتحدة عام 1972، في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون.
ولم تتوان بكين أيضاً عن استخدام هذه الحيوانات السوداء والبيضاء في توجيه الرسائل السياسية، إذ استعادت مثلاً اثنين من "سفرائها" المنتمين إلى "سلك الباندا الدبلوماسي" يوم التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2010 الزعيم الروحي البوذي لشعب التِبت الدالاي لاما الذي تعتبره بكين زعيماً انفصالياً.
وتقيم حديقة سان دييغو للحيوانات منذ 30 عاماً شراكة مع السلطات الصينية. وقد حصلت على اثنين من الباندا عام 1996، أنجبا ستة أشبال في الأسر. لكن تمت إعادت كل هذه الحيوانات إلى الصين عام 2019، وفقاً للاتفاقات السابقة.
لذلك، تشعر إدارة حديقة سان دييغو بالارتياح لاستضافتها حيواني الباندا الجديدين، إذ من شأنهما جذب آلاف الزوار وفي الوقت نفسه توفير ظروف مناسبة لتكاثر النوع، الصعب أصلاً في البرية، إذ أن إناث الباندا تكون خصبة لمدة يومين إلى ثلاثة أيام فحسب في السنة.
وقال رئيس منظمة "سان دييغو زو وايلدلايف أليانس" (San Diego Zoo Wildlife Alliance) بول باريبولت "نحن جميعاً متّحدون اليوم حول هدف مشترك هو حماية مستقبلنا المشترك وحمايته".
وأضاف "لكي يتمتع الناس بصحة جيدة، يجب أن تكون النظم البيئية بصحة جيدة أيضاً. ولكي تكون النظم البيئية بصحة جيدة، يجب أن تكون النباتات والحيوانات بصحة جيدة".
ومع أن حيوانات الباندا لم تعد مهددة بالانقراض، إلا أنها لا تزال من الأنواع المعرضة للخطر. ولم يتبق سوى حوالي 1860 حيوان باندا في البرية في مختلف أنحاء العالم، وفقا للصندوق العالمي للطبيعة.
ووصفت حديقة الحيوانات يون تشوان بأنه "رقيق ولطيف وظريف"، وهو سُمّيَ كذلك على اسم جدته، باي يون، التي كانت ضمن أول زوج من الباندا أعيرت إلى سان دييغو.
أما شين باو فهي "انطوائية وحساسة وذكية"، واسمها يستحضر "الرخاء" و"الوفرة".
وقال السفير الصيني لدى الولايات المتحدة شيه فنغ "نأمل في أن تجلب الحظ السعيد لكاليفورنيا وسان دييغو".
وكتب له طفلان من كاليفورنيا رسائل عدة يقترحان فيها مبادلة حيوانات باندا بدببة بنية شهيرة من كاليفورنيا.
وختم "يسعدني أن أقول لهما إن حلمهما أصبح حقيقة، ولو لم ترسلوا لنا الدببة الرمادية".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة سان دییغو بصحة جیدة
إقرأ أيضاً:
عبر البلطجة والرسوم الجمركية.. هل يزرع ترامب بذور تحالف معاد للولايات المتحدة؟
شدد الكاتب في صحيفة "فايننشال تايمز"، جدعون راتشمان، على أن الولايات المتحدة تقع في فخ الصين من خلال استهداف الحلفاء بالرسوم الجمركية، مشيرا إلى سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تزرع بذور تحالف معاد لأميركا
وقال الكاتب في مقال ترجمته "عربي21"، إن أحد صناع السياسات الاقتصادية الرئيسيين في إدارة دونالد ترامب قال له في أواخر العام الماضي: "ستكون استراتيجيتنا بشأن الرسوم الجمركية هي إطلاق النار أولا ثم طرح الأسئلة لاحقا".
وأضاف أن هذا النوع من التباهي الذكوري رائج حاليا في واشنطن. ولكن تكتيكات الرئيس الأمريكي التي تعتمد على إطلاق النار من الخاصرة خطيرة للغاية ــ بالنسبة لأمريكا نفسها، فضلا عن البلدان التي استهدفها بالرسوم الجمركية.
وشدد على أن المخاطر الاقتصادية المحتملة التي تهدد الولايات المتحدة ــ ارتفاع التضخم والاضطراب الصناعي ــ معروفة جيدا.
وبيّن أن العواقب الاستراتيجية على أمريكا أقل وضوحا على الفور ــ ولكنها قد تكون بنفس القدر من الخطورة وربما أطول أمدا. وتهدد الرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب بتدمير وحدة التحالف الغربي. وهو يزرع بذور تجمع بديل يتألف من العديد من البلدان التي تشعر بالتهديد الجديد من قِبَل أمريكا. وسوف يكون التعاون غير رسمي في البداية، ولكنه سوف يصبح أكثر صلابة كلما طال أمد حروب الرسوم الجمركية.
وأكد أن انهيار الوحدة الغربية سيكون بمثابة حلم يتحقق بالنسبة لروسيا والصين. قد لا يهتم ترامب نفسه؛ فقد أعرب في كثير من الأحيان عن إعجابه بفلاديمير بوتن وشي جين بينج. لكن ماركو روبيو ومايك والتز - الرجلان اللذان عينهما ترامب وزيرا للخارجية ومستشارا للأمن القومي - يدعيان أنهما يعتقدان أن احتواء القوة الصينية هو التحدي الاستراتيجي المركزي الذي تواجهه الولايات المتحدة.
وشدد الكاتب على أنه إذا كان الأمر كذلك، فمن الغباء العميق أن يفرض ترامب رسوما جمركية على الصين وكندا والمكسيك (على الرغم من أن المكسيكيين ربما تفاوضوا على تأجيل التنفيذ لمدة شهر واحد). وبذلك، يخاطر بخلق تقارب في المصالح بين هذه البلدان الثلاثة - وكذلك الاتحاد الأوروبي، الذي قيل له إنه التالي في قائمة معاملة التعريفات الجمركية.
وأشار إلى أنه عندما تولت إدارة بايدن منصبها في عام 2021، كان الاتحاد الأوروبي على استعداد لدفع اتفاقية استثمارية جديدة مع الصين. لكن تم التخلي عن ذلك بعد ضغوط من واشنطن وأخطاء من جانب بكين. وبحلول نهاية فترة بايدن، كانت الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية تعملان معا بشكل وثيق في الجهود الرامية إلى "إزالة المخاطر" من التجارة مع الصين وتقييد صادرات التكنولوجيا الرئيسية.
وبحسب المقال، فقد كانت الرؤية الأساسية لإدارة بايدن هي أنه إذا كانت الولايات المتحدة منخرطة في منافسة عالمية مع الصين، فمن المرجح أن تنتصر إذا تمكنت من إقناع الديمقراطيات المتقدمة الأخرى بالعمل معها. وعلى النقيض من ذلك، قرر ترامب ملاحقة حلفاء أمريكا بقوة أكبر بكثير من خصومها. والنتيجة المحتملة هي أنه سيدفع هؤلاء الحلفاء إلى العودة إلى الصين، بحسب المقال.
وقال الكاتب إن الواقع هو أن صناع السياسات الأوروبيين يدركون بالفعل أن الأهداف الطموحة التي حددوها للانتقال الأخضر ستكون مستحيلة من دون المركبات الكهربائية والبطاريات والألواح الشمسية الصينية. وسوف يجعل التهديد بخسارة الأسواق الأمريكية السوق الصينية تبدو أكثر ضرورة. وأنه عندما اقترح الكاتب على صانعة سياسات أوروبية كبيرة الأسبوع الماضي أن الاتحاد الأوروبي قد يفكر الآن في التقرب من الصين مرة أخرى، ردت: "صدقوني، هذه المحادثة جارية بالفعل".
وأشار الكاتب إلى أن بعض الأوروبيين المؤثرين يتساءلون عما إذا كانت الولايات المتحدة أو الصين تشكل الآن التهديد الأكثر مباشرة. وكان هذا ليبدو سؤالا سخيفا قبل شهرين فقط. ولكن ترامب ــ وليس شي ــ هو الذي يتحدث عن إنهاء استقلال كندا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي. وإدارة ترامب وإيلون ماسك ــ وليس الحكومة الصينية ــ هما اللذان يروجان لليمين المتطرف في أوروبا.
وأكد أن النزعة التجارية الصينية ودعم بكين لحرب روسيا على أوكرانيا تبقى من بين العقبات الرئيسية أمام أي تقارب بين الصين وبروكسل. ولكن إذا تخلت إدارة ترامب عن أوكرانيا ــ واتخذت بكين موقفا أكثر صرامة مع روسيا ــ فإن الطريق سوف يكون مفتوحا أمام ميل أوروبي نحو الصين.
وبيّن أن هذا سيجعل الصين تستشعر أيضا فرصا جديدة في أمريكا اللاتينية مع تأثر القارة بالتهديدات الأمريكية لبنما والمكسيك. ومن الممكن تماما أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات عدوانية ضد هذه البلدان ــ بما في ذلك استخدام القوة العسكرية ــ نظرا لعزم ترامب على استعادة السيطرة على قناة بنما ومواجهة عصابات المخدرات المكسيكية.
وأوضح الكاتب أن عدائية ترامب تجاه المكسيك من المرجح أن يكون لها نتائج عكسية. وإذا دفعت التعريفات الجمركية المكسيك إلى ركود عميق، فمن المرجح أن يزداد تدفق الناس اليائسين المتجهين إلى الولايات المتحدة ــ كما تزداد قوة عصابات المخدرات، التي لا تخضع صادراتها للتعريفات الجمركية.
وقال راتشمان إن كندا والمكسيك تدركان بشكل مؤلم أن الاحتمالات ضدهما في حرب تجارية مع الولايات المتحدة. ولكنهما مضطرتان إلى الرد. ولا يستطيع أي زعيم وطني أن يبدو ضعيفا في مواجهة البلطجة الأمريكية. وربما يكون الرد على ترامب هو الخطوة الاستراتيجية الصحيحة. وكما قال أحد وزراء الخارجية الأوروبيين لكاتب المقال مؤخرا: "إذا لكمك ترامب في وجهك ولم ترد عليه، فسوف يضربك مرة أخرى".
وحذر الكاتب من أن الدول مثل بريطانيا واليابان التي لم يتم استهدافها بعد بالرسوم الجمركية قد تتنفس الصعداء. لكنها تخدع نفسها إذا تصورت أن الحفاظ على مستوى منخفض من الاهتمام سيكسبها الحصانة. وإذا قرر ترامب أن حربه الجمركية الأولى نجحت، فسوف يبحث بالتأكيد عن أهداف جديدة.
كما شدد على أن الشركات الأمريكية تحتاج إلى الاستيقاظ ووقف الثرثرة المنافقة حول عودة "الأرواح الحيوانية" إلى الاقتصاد الأمريكي. وأوضح أن ما يقدمه ترامب لأمريكا في الأساس هو الاكتفاء الاقتصادي وتدمير التحالف الغربي. وهذا من شأنه أن يشكل كارثة اقتصادية واستراتيجية للشركات الأمريكية وللولايات المتحدة ككل.