لجريدة عمان:
2024-09-10@06:47:53 GMT

بيوت تحت الأرض تحمي أمازيغ تونس من قسوة المناخ

تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT

تونس "د.ب.أ": الحياة بين جبال مطماطة في الجنوب التونسي تشبه الحياة فوق سطح القمر، فبينما تبدو الأراضي على مدى البصر قفراء تحت أشعة الشمس الحارقة، تنبض حفر واسعة تحت الأرض بالحياة.

على مسافة قريبة من موقع ديكور فيلم الخيال العلمي الشهير "حرب النجوم" في صحراء مطماطة بولاية قابس، يعيش سكان قرى تيجمة وزمرتن وتامرزت وغيرها من القرى الأمازيغية، منذ عدة قرون في ديار محفورة في الصخر تحت الأرض.

وتمثل هذه المساكن التي يطلق عليها "الحوش" باللهجة المحلية، موطنا لمجتمع القبائل الأمازيغية المتواجدة حتى اليوم في الجنوب التونسي على بعد نحو 450 كيلومترا عن العاصمة في الشمال، قبل دخول العرب المسلمين القادمين من الشرق في القرن السابع ميلادي.

وألهم المكان الطبيعي لهذه القرى في سبعينيات القرن الماضي، المخرج الأمريكي جورج لوكاس لوضع ديكور كوكب "تاتوين" الخيالي وبدأ التصوير في تلك الفترة أولى أجزاء "حرب النجوم". ويستقطب المكان حتى اليوم بما ذلك الفندق الصخري الذي استقبل فريق التصوير، السياح ومحبي سلسلة أفلام "حرب النجوم".

وتحتفظ الجدران الصخرية للفندق بصور نادرة لأفيشات الفيلم وكواليس التصوير وأقنعة الممثلين واكسسوارات العمل.

ويقول سكان القرى إن الفيلم ذو الشهرة الواسعة، أعاد التعريف بالإرث الثقافي والمعماري الفريد للقبائل الأمازيغية والممتد في تونس وشمال أفريقيا وجنوب الصحراء وحتى جزر الكناري غربا، كما منح دفعة للحركة السياحية والثقافية في المنطقة.

ومنذ ثورة 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ظهرت نخبة من أقلية الأمازيغ إلى العلن للمطالبة بحقوق أوسع. ويقول سمير النفزي مؤسس الحركة الثقافية "آكال" التي تعني "الأرض"، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "هناك حالة تعطش للثقافة الأمازيغية".

ويتابع رئيس الحركة ”تونس لم تعمل بتوصية الأمم المتحدة في 2016 والتي تدعو فيها السلطات إلى إعادة الاعتبار للغة وهوية السكان الأصليين الأمازيغية".

وتفاخر تونس بضمها لتنوع ثقافي لافت يظهر في العادات والطبخ والمعمار. وتمثل بيوت مطماطة القديمة في جوف الحفر علامة فارقة لهذا التنوع في جنوب البلاد.

تحتوي الحفر الواسعة على فناء دائري تحيط به كهوف صخرية يستخدم بعضها كغرف للنوم أو مكان لتخزين الحبوب والغذاء. وتربط بين الغرف ممرات ضيفة وأنفاق وسط الصخور.

وفي العادة يتكون البيت الأمازيغي في مطماطة من طابقين، واحد علوي يخصص لتخزين المؤن، وآخر سفلي للإقامة والسكن ويضم المطبخ والحمام وغرف النوم وغرفة الجلوس. ويكون الدخول الى البيوت إما بدرج من الأعلى أو بسلالم من الأسفل.

ينتشر اللون البني على نطاق واسع في جدران البيوت الأمازيغية انعكاسا للون الأرض ولكن يستخدم كذلك الطلاء الأبيض في البيوت. ويفضل سكان هذه القرى البساطة في تزويق بيوتهم عبر السجاد والجلود والتحف والإكسسوارات القديمة من التراث الأمازيغي والأثاث التقليدي من صنع الحرفيين.

وتقول هاجر التاوجوتي في حديثها عن عادات الجهة لإذاعة محلية "تحتفظ كل أم في مطماطة بألعاب واكسسورات صغيرة وأشياء تذكارية من طفولة ابنتها داخل علبة ومع اقتراب موعد زفاف الإبنة تقوم الأم بصناعة قلادة تحتوي على هذه الأشياء التذكارية مع الصخاب". والصخاب يطلق على عطر طبيعي أسود يستعمل في المضوغ البربري.

ووفق احصائيات الأدلاء السياحيين الذين يعملون في الجهة، تضم مطماطة القديمة حوالي 650 منزلا محفورا في الجبال. لكن في العقود الأخيرة من القرن العشرين أدت عمليات نزوح مكثفة الى مغادرة الكثير من سكان القرى الى المدن الكبرى في ولاية قابس او مدينة مطماطة الجديدة.

وشيدت عائلات بيوتا حديثة من الاسمنت والآجر، فيما أبقى البعض على بيوتهم القديمة من أجل الاستخدام في المجال الزراعي.

وتفضل باقي العائلات الاستمرار في البيوت المحفورة لقدرتها على التأقلم مع التغيرات المناخية المتطرفة والحرارة المرتفعة في جنوب تونس، حيث يمكن ان تتجاوز في المعدل ما بين 40 و45 درجة في فصل الصيف.

قال على بوهالة من قرية زمرتن وهو يعمل دليلا سياحيا بالمنطقة "تتميز مساكن ديار الحفر بأنها تحتوي على بيوت درجة حرارتها ثابتة على مدار العام ما بين 18 و20 درجة، وهو معدل مناسب للسكن وخزن المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية التقليدية".

كما تؤمن البيوت دفئا طبيعيا في فصل الشتاء القارس دون الحاجة إلى سخانات.

وتقول هاجر التاوجوتي التي تقيم مع عائلتها بمنزل حفري بقرية تيجمة "هذه الديار تحتوي على طاقة ايجابية يشعر الانسان المقيم داخلها براحة نفسية كبيرة".

يعتمد اقتصاد المدينة القديمة في مطماطة في أغلبه على الزراعة من خلال غراسات الزيتون المقاومة للمناخ الحار، وعلى مشاريع السياحة عبر تحويل بعض المنازل في الجبال إلى اقامات فندقية.

وتكون هذه البيوت في الغالب قبلة للزائرين المستكشفين في رحلات السياحة الموسمية في فصلي الربيع والشتاء وأثناء الاحتفال برأس السنة الأمازيغية وخلال احتفالات المهرجان الدولي بمطماطة في شهر مايو من كل عام.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

“لم يدخلوا بيوت العرب”.. تحقيق يوثق تفاصيل “مجزرة التسع ساعات” في شمال دارفور

"وصل العرب وشرعوا في قتل الناس".. بدأ تحقيق مشترك أجرته مجموعة من وسائل الإعلام الدولية، بهذه العبارة لرصد تفاصيل "مجزرة" الثالث من يونيو عام 2023، التي كانت إحدى حلقات الفظائع بدوافع عرقية في الحرب السودانية بين قوات الجيش والدعم السريع.

وأجرى التحقيق كل من شبكة "سكاي نيوز" البريطانية ومنظمة "لايتهاوس ريبورتس" وصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية و"لوموند" الفرنسية.

وأشار التحقيق إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استعراض "أدلة مرئية" تظهر أن مسلحين مرتبطين بقوات الدعم السريع "متورطون بشكل مباشر في عمليات القتل خارج نطاق القانون للمدنيين العزل".

بدأ الهجوم الذي راح ضحيته أكثر من 70 شخصًا بعد الفجر بقليل، وكان سكان مدينة كتم التي تبعد 120 كيلومتر غربي مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، إما نائمين أو انتهوا من صلاة الفجر، حينما سمعوا طلقات الرصاص بوضوح وسط هدوء الصباح الباكر.

ونقل التحقيق أن الهجوم استمر لمدة 9 ساعات تقريبا، وفيه "نزل رجال عرب مسلحون في المدينة، وقتلوا مدنيين عزّل واحتفلوا بوحشيتهم".

كما شمل شهادات لسكان قالوا إنهم "شاهدوا المسلحين يتحركون من باب إلى باب لمطاردة الرجال المدنيين في الأحياء غير العربية بالمدينة، فيما استولوا على ثكنات الجيش بالمدينة".

وأوضح التحقيق أن تلك المذبحة "قادها عناصر قوات الدعم السريع، الذين على مدار الـ16 شهرا الماضية، منذ بدء القتال مع الجيش، غالبا ما اتسم تقدمها العسكري في منطقة دارفور بالعنف العرقي الجماعي".

"قتل في الشوارع"
نشر التحقيق شهادات لسكان، لكنه استخدم أسماء مستعارة حماية لهم.

وتحدثت أمينة، وهي أم شابة، عن رعب ما رأته خلال الهجوم حينها، قائلة: "وصل العرب وبدأوا في قتل الناس بالشوارع، وحينما دخلوا المنازل أخذوا كل شيء وأحرقوا ما تبقى".

كما قال ناجون إن منفذي الهجوم "استخدموا عبارات عنصرية ضد السكان، خلال عمليات النهب والقتل".

وقال شاهد عيان آخر، يدعى أحمد: "لم يدخلوا أي بيوت للعرب في الحي. يذهبون فقط إلى منازل السود، ويقتحمونها ويستولون على كل شيء".

وواصلت أمينة حديثها: "ارتدوا ملابس مدنية، وليس الزي الرسمي ليتمكنوا من التخفي، لكنهم جميعا كانوا من قوات الدعم السريع".

وأضافت أنهم "استخدموا الدراجات النارية والجمال والسيارات لمهاجمة المدينة".

دعوات لتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لجميع أنحاء السودان. أرشيفية
بعد عام ونصف على الحرب.. "حاجة طارئة لحماية المدنيين" في السودان
بعد نحو عام ونصف على الحرب في السودان، لا تزال المعارك تستعر في المدن بينما يعاني السكان من الجوع والأمراض، حيث يتنافس جنرالان على السلطة، ولا حل يلوح في الأفق.
وحصل معدو التحقيق على مقاطع فيديو مسربة لعمليات تحتفي بقتل المدنيين في مخيم كساب للنازحين، شمالي مدينة كتم مباشرة، وهو "مخيم يضم مجتمعات غير عربية تتعرض للاضطهاد على مدار عقدين من الصراع في دارفور".

"هجوم كساب"
ووفق تقرير سابق لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد قتل 54 شخصا في مخيم كساب فقط، في مطلع يونيو 2023.

وقال أحد المقيمين في المخيم منذ مدة طويلة، إن القيادي بالدعم السريع، علي رزق الله، "استعان بقافلة من 17 مركبة قتالية ونفذ هجوما على المخيم". وأوضح التحقيق نقلا عن شهادات، أنه وصف السكان "بالعبيد" الذين "دخلوا إلى جحورهم كالفئران" أثناء ركضهم للاحتماء من الهجوم.

من جانبها، أكدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، الجمعة، أن طرفي الصراع "ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب"، مشددة على ضرورة أن ترسل القوى العالمية قوات حفظ سلام، وتوسيع حظر الأسلحة لحماية المدنيين.

وذكر التقرير الصادر عن البعثة، مستندا إلى 182 مقابلة مع ناجين وأسرهم وشهود، أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية "مسؤولان عن هجمات على مدنيين، ونفذا عمليات اغتصاب وتعذيب واعتقال قسري"، وفق رويترز.

"اغتصاب وتعذيب واعتقالات قسرية".. اتهامات أممية لطرفي الصراع في السودان
أكدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، الجمعة، أن طرفي الصراع ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب، مشددة على أن القوى العالمية إرسال قوات حفظ سلام وتوسيع حظر الأسلحة لحماية المدنيين.
وسبق أن نفى الجانبان اتهامات من الولايات المتحدة وجماعات حقوقية بارتكاب انتهاكات، ويتبادلان الاتهامات بالوقوف وراءها. ولم يرد أي من الجانبين بعد على طلب رويترز للتعليق، كما لم يصدرا بيانا للرد على التقرير.

ودعت البعثة إلى توسيع نطاق حظر قائم للأسلحة تفرضه الأمم المتحدة، يسري حاليا فقط على إقليم دارفور غربي البلاد. وقد وردت تقارير عن مقتل الآلاف في الإقليم لدوافع عرقية.

واندلعت الحرب في الخرطوم في أبريل العام الماضي، ثم امتدت إلى 14 ولاية من أصل 18.

واشتعل الصراع حينما تحولت المنافسة بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى حرب مفتوحة. وكان الطرفان يتشاركان السلطة سابقا.

وتقول منظمات إغاثة، إن المدنيين في السودان يواجهون مجاعة متفاقمة والأمراض والنزوح الجماعي، بسبب الحرب المستمرة منذ 17 شهرا.

وقال وسطاء بقيادة الولايات المتحدة، الشهر الماضي، إنهم حصلوا على ضمانات من كلا الطرفين في محادثات بسويسرا، لتحسين آليات توصيل المساعدات الإنسانية، لكن غياب الجيش السوداني عن المناقشات عرقل إحراز تقدم.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، للصحفيين، الجمعة: "سنواصل الضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى تسوية، من خلال التفاوض تسمح للشعب السوداني برسم مستقبله السياسي"، مؤكدة إدانة إدارة الرئيس جو بايدن للعنف.

وهذا هو أول تقرير تصدره البعثة المكونة من 3 أعضاء، منذ أن شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر 2023.

الحرة / ترجمات - دبي

   

مقالات مشابهة

  • احذر المكملات الغذائية التي تحتوي على البكتيريا.. «نتائج قاتلة»
  • «الدفاع والداخلية»: قرار استرداد بيوت العسكريين الشعبية يستند لشروط وأحكام «السكنية»
  • “لم يدخلوا بيوت العرب”.. تحقيق يوثق تفاصيل “مجزرة التسع ساعات” في شمال دارفور
  • لم يدخلوا بيوت العرب.. تحقيق يوثق تفاصيل مجزرة التسع ساعات في شمال دارفور
  • كيف تحمي طفلك من الغرق أو بلغ الأشياء الصلبة؟.. أبرز الإسعافات الأولية اللازمة
  • انتشال جثة شاب غرق بمياه نهر النيل بالوراق
  • كيف تحمي مشروعك من الفشل؟ (دروس مستفادة من رواد الأعمال)
  • أطعمة تحتوي على نسبة عالية من الكوليسترول.. أيها نتجنب؟
  • إعلان حرب ضد السودان ..كيف تحمي المدنيين من الجيش؟
  • أستاذ طب وقائي: مبادرة «رعاية» تحمي أطفال الحضانات