يُحذّر أحدث تقرير عالمي للتصنيف المتكامل من انعدام الأمن الغذائي الحاد، الذي يُعرّض الأطفال دون سنّ الخامسة في قطاع غزّة (355 ألف طفل) لخطر الإصابة بسوء التغذية والوفاة. ذكر التقرير أنّ أسرةً واحدةً في الأقلّ، من كلّ أربع أُسَر في القطاع، تواجه مستوياتٍ كارثيةً من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو أعلى مستوىً من الإنذار، إذ يعاني نحو 2.
يموت في السودان طفل كلّ ساعتَين بسبب سوء التغذية، ويعاني 24 مليون طفل تضرُّراً، في حين يعاني 730 ألف طفل من سوء التغذية الحاد. والمجاعة تُهدّد حالياً نصف سكّان البلاد، وتتفاقم الأزمة في أجزاء من دارفور، حيث يعاني السكّان في مخيّمات النزوح من نقص حادٍّ في الغذاء والخدمات الأساسية، بسبب النزاع المحلّي المستمرّ بين جنرلات الحرب، والمدفوع بمصالح اقتصادية وسياسية. ليس بعيداً عن مخاطر المجاعة في البلد المجاور، تشاد، هناك نحو 120 ألفاً يعانون من سوء التغذية. ولا يجرى الحديث في مصر عن أشكال من سوء التغذية، وأرقام وصلت حتّى ملايين الأطفال، يعانون من الهزال الشديد مع توقّف النموّ.
وتُبيّن المسوحات في لبنان أنّ 30% من الأطفال ينامون جَوعى لعدم حصولهم على عدد كافٍ من وجبات الطعام. 79% من الأُسَر، مع الأزمة الاقتصادية منذ 2019، لا تملك ما يكفي من مال لشراء الغذاء، وترتفع هذه النسب بين الأُسَر السورية النازحة.
وتعمل منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن لتأمين العلاجات لنحو 400 ألف طفل يعانون أيضاً. وفي الصورة 17 مليون شخص على حافّة المجاعة في اليمن، في حين ترك النزاع السوري الذي دخل عامه الـ13، مع الزلزال الأخير، أثره في ملايين الأطفال، وخطراً متزايداً من الإصابة بسوء التغذية، لا سيّما في الشمال الغربي من سورية.
تعاني حالياً العديد من مناطق النزاعات من مستويات مختلفة من سوء التغذية والمجاعة، ووفقاً لتقرير 2024، هناك حوالي 282 مليون شخص في 59 دولة يعانون من الجوع الحاد ومن الفساد داخل الدول، الذي يزيد من تعقيد الوضع ويحول دون استخدام الموارد بفعّالية لمساعدة المحتاجين. الأطفال والنساء هم الأكثر تضرّراً، إذ يوجد أكثر من 36 مليون شخص يعانون من سوء التغذية الحادِّ في 32 دولةً بسبب النزاعات والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية ومستويات الدَّين العالية، التي تُؤثِّر في رفاهية الأطفال، وتشمل نهجاً شاملاً لتنميتهم الجسدية والعقلية والروحية والاجتماعية، وكذلك رضاهم العام. ويتضمّن ذلك ضمان أن يحصل الأطفال على الغذاء الصحّي، والمأوى، والرعاية الصحّية، والتطور العاطفي والنفسي، وفرص التعلّم والتطور الإدراكي، وتشجيع الشعور العام بالاتجاه نحو القيم الإنسانية. هذا يعني أنّ أدمغة الأطفال من المُحتمل أن تعاني من الانكماش (دراسة عن صلة الأمعاء بالدماغ والجهاز العصبي لجان جاك هوبلين)، فيعاني نصف أطفال العالم من نقص المُغذّيات الدقيقة، وهو ما يعيق نمو الدماغ، وما يمكن أن يُؤدّي إلى نقص التحفيز وخسارة ما يصل إلى 15 نقطة من مُعدَّلات الذكاء، وهذا له عواقب وخيمة تُؤدّي وفق دراسات إلى انخفاض الدخل بنسبة 25%، ويحدث الضرر في الطاقة الذهنية في أول ألف يوم من الجوع. فالذكاء “هو الرياح الخلفية في الحياة” (ستيفن بينكر)، يساعد الناس على التكيّف مع التحدّيات الجديدة أو الثبات المُنقذ، وبإمكانيات متواضعة تدفعها إلى الأمام.
لا يستطيع الناس أن يحتموا من الحرب والمغامرة بالخروج إلى الزراعة أو الحصاد (أوكرانيا)، وبعض الحكومات تلجأ إلى تجويع المناطق المضطربة لإجبارها على الاستسلام، وهو ما تفعله إسرائيل في غزّة. تتراكم في أطراف القطاع (ولا تزال) آلاف الأطنان من المواد الغذائية والأدوية في انتظار الدخول، وصلت إلى الجانب المصري من الحدود مع غزّة، وتمتلئ المستودعات بالأدوية والأغذية والمستلزمات الطبّية، وتقصف إسرائيل الشاحنات المحمَّلة في جوانب الطرق. مع ذلك، كلُّ هذه الأشياء التي تقدّر قيمتها بملايين الدولارات تنتظر عبثاً منذ الأول من شهر مايو/ أيّار، عندما شنتّ إسرائيل هجومها على رفح، بشكل يناقض تماماً آخر تصريحات رئيس الوزراء بنيامن نتنياهو في الكونغرس عن مرور المساعدات وحركة العبور. والنتيجةُ؛ أطفال ونساء يموتون ولا تستطيع المُنظّمات الإنسانية الوصول إليهم. ليس معبر رفح وحده، الرصيف البحري الذي بنته أميركا بكلفة هائلة أُغلق نهائياً، في وقت أعلنت إسرائيل أكثر من منطقة عسكرية مغلقة، وأوقفت عمليات إسقاط المساعدات من الجو.
تخوض وكالات الأمم المتحدة حروباً للنفاذ إلى القطاع، وتجادل حول القيود، وما تتسبب به من إعاقات. فيما تحرّض دولة الاحتلال جماعات المستوطنيين على القيام بأعمال الشغب، وسرقة المواد، واحتجاز قوافل المساعدات، لمنع وصولها إلى المدنيين. يرفض عمّال الإغاثة في الأمم المتّحدة التنقلّ بمركبات مدرَّعة، سقط منهم إلى الآن 197، والجدار الأمني الذي أقامته مصر يجعل المعبر غير قابل للاختراق تقريباً، ولا يستطيع الناس شراء ما يأتي من الطعام مع الانخفاض الحاد في تقديم المساعدات. وتهدف إسرائيل إلى الضغط على “حماس” للموافقة على شروط وقف إطلاق النار. هذا عدا التهديد والقتل وسقوط الآلاف من الأطفال والنساء، والجروح غير المُضمَّدة، وغير المُعالجة في الأرض.
وجدت دراسة أجريت على 72 دولة أنّ متوسّط مُعدَّل الذكاء ارتفع بمقدار 22 نقطة ما بين العامين 1948 و2020. لقد استغرق تطوير الدماغ البشري ملايين السنين، كيف يمكن أن يتحسن بهذه السرعة؟… الجواب أنّ الناس يحصلون على تغذية أفضل وخاصّة الأطفال منهم، ما يمكّنهم من مواجهة التحدّيات المعرفية أكثر من الجيل الحالي. ستكون نتيجة التجويع مخيفة خاصّة في الدول التي تحرّرت من الاستعمار والاحتلال والتبعية الاقتصادية، مع أنّه من السهل تجنّبها. ويُقدِّر البنك الدولي أنّ مكافحة سوء التغذية على نطاق واسع سيكلّف 12 مليار دولار فقط سنوياً. هذا يزيد قليلاً على ثلث ما تهدره أميركا في الإعانات الزراعية.
ما يحتاجه الأطفال، حتّى خلال الحروب والأزمات، بعض التركيبات في الأطعمة الأساسية، التي تحتوي موادَّ الحديد والزنك والفولك (معظمم النساء في الأحياء الفقيرة في بنغلادش يعانين من التهاب الأمعاء بسبب امتصاص المواد الغذائية، ويعمل الباحثون في أفريقيا لعلاج فقر الدم)، وإضافة اليود إلى الملح، أو استخدام الأرز الذهبي، أو إيصال مبالغ صغيرة إلى الأُسَر النازحة أو الفقيرة التي لديها أطفالٌ رضَّعٌ أو أُمَّهاتٍ حواملَ، أفضل من توزيع الأطعمة وكلفة التوزيع، وعلى الأقلّ يمكن مراقبتها.
نقلاً عن موقع العربي الجديد
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: السودان المجاعة سوريا غزة فلسطين لبنان من سوء التغذیة ملیون شخص یعانون من أکثر من
إقرأ أيضاً:
الاحتلال منع ثلثي المساعدات من الوصول لغزة الأسبوع الماضي.. والمجاعة تنتشر
قال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن قوات الاحتلال منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي، وسط تفشي كبير للمجاعة في مختلف مناطق القطاع.
وأشار دوجاريك في مؤتمر صحفي يومي عقده، الجمعة، إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة يحتاج إلى ظروف إيواء مناسبة، لحمايته من المطر والبرد مع اقتراب فصل الشتاء.
وأوضح أن الأمم المتحدة وشركاؤها يحاولون إيصال الخيام بسرعة إلى القطاع.
ولفت دوجاريك، إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين، وسرعة تزايد احتياجاتهم، مع العجز عن تلبيتها بسهولة، لا سيما بسبب الحصار الإسرائيلي في شمال غزة.
تفاقم المجاعة
في ظل الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ أكثر من عام، تتفاقم أزمة المجاعة خصوصا جنوب القطاع، بفعل نقص حاد في المواد الغذائية، والدقيق بشكل خاص، الذي بدأ ينفد من الأسواق في ظل الحصار والهجمات والعراقيل التي تفرضها قوات الاحتلال.
ومع اقتراب نفاد هذه المواد الحيوية، يعبر السكان عن مخاوفهم المتزايدة من الوصول إلى مرحلة انقطاع تام للدقيق، ما يهدد بحدوث أزمة غذائية حادة تؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية، وتدفعهم إلى المجاعة.
#شاهد | تفشي المجاعة جنوب قطاع غزة بسبب منع ادخال الطحين، أعداد كبيرة من الأهالي ينتظرون على أمل الحصول على الخبز وسط استمرار حرب الإبادة. pic.twitter.com/lq8i0epZ4n — شبكة فلسطين للحوار (@paldf) November 23, 2024
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الأربعاء، أن 7 مخابز فقط من أصل 19 مدعومة من الشركاء الإنسانيين في غزة لا تزال تعمل، بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وأضاف دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي، أن السبب وراء توقف معظم المخابز عن العمل هو منع "إسرائيل" وصول المواد الضرورية إليها.
وشدد على أن التأخير في توصيل الوقود يشكل مشكلة في إنتاج الخبز، كما هو الحال في العديد من القضايا الأخرى.
وقال دوجاريك: "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يحذر من أن المخابز، التي تشكل شريان حياة لمئات الآلاف من الفلسطينيين الجياع أو الذين يعانون من الجوع في قطاع غزة، أصبحت على وشك الإغلاق بسبب نقص الوقود".
ويعاني الفلسطينيون في غزة من سياسة تجويع ممنهجة جراء شح في المواد الغذائية بسبب عرقلة الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بحسب تأكيدات مؤسسات أممية ودولية عديدة.
ويطالب المجتمع الدولي دولة الاحتلال بتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة لمنع حدوث مجاعة، لكن دون جدوى.