كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر لدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، ودار موضوعها حول "دروس من الشهادة الثانوية"

وقال الهواري، إن الشهادة الثانوية تمثل محطة فارقة في حياة الطلاب وأسرهم ومجتمعاتهم، ولا شك أن العلم هو ساحة التنافس الحقيقية بين الأمم، ولا تاريخ لأمة تقدمت إلا بتاريخ تقدمها العلمي، كما أن ديننا الحنيف قد حث على طلب العلم في آياته وأحاديثه، مؤكدًا أن العلم ضرورة، دعا إليها الإسلام، فكانت أول كلمة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي "اقرأ"، وهي دعوة صريحة إلى طلب العلم والمعرفة، ونزول الأمر بـ«اقرأ» في ظلمة الغار إشارة إلى أن العلم يبدد ظلمات الجهل والعادات والتخلف والسلبية والانهزامية.

وأشار القرآن إلى أن الاهتمام بالعلم مقرون باللحظة الأولى لتاريخ الإنسانية، عندما خلق الله جلا وعلا آدم عليه السلام، واختاره ليكون خليفته في الأرض، بما ميزه به سبحانه وتعالى بالعلم والمعرفة، فكان بهذه المنحة وهي منحة العلم، أهلا لخلافة الله في الأرض، أما الجهل وعدم المعرفة فهما يبعدان الإنسان عن كونه خليفة الله في الأرض.

وأكد الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن العلم والإيمان وجهان لعملة وأحدة، فالعلم يقوي الإيمان، والإيمان يوجه العلم، وأن الإيمان الحقيقي يترسخ باليقين بالقضاء والقدر، فكل ما يحدث لنا بحكمة الله، مشيرًا إلى أساس السعادة والطمأنينة هو الرضا بما قسم الله، وعلى كل من لم يوفق في تحصيل الدرجات التي يرجوها ألا يقنط وأن يواصل السعي الدؤوب لتحصيل العلم، وأن كل إنسان فيه جانب من جوانب التميز عليه أن يكتشفه ويستثمره بما ينفعه وينفع دينه ومجتمعه.

كما أن الأجدر بأصحاب الدرجات الكبيرة أن يعلموا أن ما أتيح لهم هو من فضل الله ومنته، وأن يتجنبوا الكبر والعجب، متذكرين عاقبة قارون الذي لقي جزاء غروره.

وحذر خطيب الجمعة الجامع الأزهر، من الانحراف في معايير النجاح السائدة في مجتمعاتنا، حيث يربط الكثيرون النجاح بالحصول على درجات عالية للالتحاق بكليات معينة، وهذا التصور الضيق للنجاح يتعارض مع الشرع الحنيف، الذي يدعو إلى التفوق في كل المجالات، وهذا ما تؤكده الحقائق العلمية الحديثة حول تعدد أنواع الذكاء، وعلينا ضرورة إعادة النظر في مفاهيمنا حول النجاح، والابتعاد عن التركيز على جانب واحد فقط من قدرات الإنسان، فالنجاح الحقيقي يكمن في اكتشاف كل فرد لمواهبه الفريدة واستثمارها بأفضل شكل ممكن لخدمة نفسه ومجتمعه، إن معيار النجاح الحقيقي يتجاوز الإنجازات المادية والمكانة الاجتماعية، فكل فرد يمكن أن يحقق النجاح في حياته من خلال الالتزام بالقيم الإسلامية، والعمل بجد وإخلاص، والسعي لتحقيق الأفضل لنفسه ولمجتمعه، فالمعلم الذي يلهم طلابه، والطبيب الذي يشفي المرضى، والمهندس الذي يبني المستقبل، جميعهم أناس ناجحون، لأنهم يساهمون في بناء مجتمع أفضل.

وأشار الهواري، إلى أن التعليم الحقيقي لا يقتصر على نقل المعلومات، بل يتعداه إلى تنمية القدرات والإمكانات، وتشكيل الشخصية، وغرس القيم والأخلاق، واكتفاء المؤسسات التربوية بنقل المعلومات من بطون الكتب إلى عقول الطلاب، دون أثر في العقل والفكر والمشاعر والسلوك يحول طلابنا إلى مجرد حواسيب بشرية، ويعد إهدار لوظيفة المؤسسة التربوية، لأن نهضة الأمم وتقدمها تبنى على الفهم والفكر.

وناشد خطيب الأزهر، المعلمين بأن يتحملوا بجد أمانة تعليم الأجيال، وأن يكونوا قدوة حسنة لهم، فالمعلم ليس مجرد ناقل للمعلومات، بل هو مهندس للعقول وباني للأجيال، عليه أن يحمي عقول طلابه بدلا من أن يقعوا فريسة في حصون المتربحين، وأن يزرع فيهم حب المعرفة والأخلاق، ليكونوا بذلك قدوة حسنة للأجيال القادمة، لأن كل كلمة ينطقون بها تؤثر بشكل مباشر في نفوس الطلاب، وعليهم الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤذي نفوس الطلاب، لأنهم القدوة التي يتعلم منها الأجيال القادمة، كما ناشد أولياء الأمور بأن يحافظوا على مسؤوليتهم في رعاية أولادهم ودفعهم بإيجابية إلى العمل والأمل، دون سلبية أو إحباط.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: سعر الدولار إيران وإسرائيل نتيجة الثانوية العامة الطقس أولمبياد باريس 2024 أسعار الذهب انهيار عقار الساحل زيادة البنزين والسولار إسرائيل واليمن هدير عبدالرازق حكومة مدبولي التصالح في مخالفات البناء معبر رفح سعر الفائدة فانتازي الحرب في السودان محمود الهواري الجامع الأزهر مجمع البحوث الإسلامية الشهادة الثانوية أن العلم

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها

ألقى خطبة الجمعة اليوم في الجامع الأزهر فضيلة الدكتور حسن الصغير، المشرف العام على لجان الفتوى بالجامع الأزهر، والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشئون العلمية والبحوث، والتى دار موضوعها حول حفظ الأمانة.

وقال د. حسن الصغير: إن للأمانة قيمة عظيمة في الإسلام، وفي كتاب الله عزّ وجلَّ وسنة النبي محمد ﷺ وسلم ما يدل على أن الأمانة هى حجر الزاوية في صلاح الدين والدنيا يقول تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾، وقال ﷺ: (أدِّ الأمانةَ إلى من ائتمنَك، ولا تَخُنْ من خانَك).

وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن الشرع الحكيم جعل الأمانة حجر الزاوية في كل ما كلفنا به الشرع من تكاليف وتعاليم وأخلاق، فهى كلها أمانة، والحفاظ عليها أمانة، وتضييعها خيانة وحسرة وندامة وخسران، فعبادة الفرد أمانة، وإذا ما ضُيعت العقيدة وتم الإخلال بها، أو أُنكر ثابت من ثوابتها فَثمَّة الخيانة، وثم الضياع، فصلاة المرء وزكاته وصومه وحجه أمانة، حتى نفسه التي بين جنبيه أمانة يقول تعالى: ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

غدا.. انطلاق مؤتمر كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر حول "بناء الإنسان"شيخ الأزهر يعزي المستشار ناصر معلا نائب رئيس مجلس الدولة في وفاة والدهمرصد الأزهر يشارك في جولة المشاورات المصرية الصينية لمكافحة الإرهاب ببكينخالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع

وتابع فضيلته بقوله: ما يعول الإنسان من زوجة وأولاد، هو أمانة، يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها، لأن في عدم الاهتمام بهم، وعدم القيام على شؤونهم وتربيتهم خيانة يقول تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، فالله جل وعلا سوف يسأل كل راعٍ عما استرعاه، وكما يُسأل الرجل عن أهل بيته، فسوف يُسأل أيضاً عن عمره وشبابه وماله وعلمه، فهذا من الأمانات، يقول ﷺ: لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟)، فالتكليف برمته مجالٌ واسعٌ، والشريعة والدين أمانة في عنق كل مؤمن ومؤمنة، ولذا فليس بمستغرب أن يصور الحق سبحانه وتعالى كل ذلك في صورة في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ﴾.

وخلال كلمته نَّوَه خطيب الجامع الأزهر، إلى أن عيد تحرير سيناء يذكرنا بنصر الله عزّ وجلَّ، ومن الأمانة أن نواكب هذا العيد، بأن ننصر الله عزّ وجلَّ، وأن ننصر دينه وشريعته، لكن نرى بين الحين والآخر من يخوضون في شريعة الله ويشككون في الثوابت ويوَلون وجوه الناس عن المهمات الحياتية التي تعيش فيها الأمة إلى وجهات أخرى مكررة منذ سنوات بنصها وتفصيلها، فكان من الواجب على من أثار الثائرة، أن يتقِي الله عزّ وجلَّ في إثارة الناس، فلا يعكر عليهم دينهم، ولا يعكر على الوطن، استقراره وأمنه والفكر والاجتماعي، ويخوض في ثوابت الدين ليشتت أفكار الناس وأذهانهم واهتماماتهم، ويجرهم إلى هذا الكلام الذي تستغربه عقولهم ولا تعيه أفئدتهم، وهذا ما نبه عليه النبي ﷺ بأن كتاب الله وسنة نبيه ﷺ ليست مضماراً لأغراض دنيوية، وفي القرآن الكريم ما يشير إلى ذلك، فعلينا الاستيقاظ حتى لا نؤخذ بجرتهم.

وختم د. الصغير حديثه بقوله: عند الاحتفال بعيد تحرير سيناء لابد أن نذكر بأسباب النصر، ولابد أن يندحر وينزوي أولئك المغدورون الذين يلحدون في آيات الله ويحرفون الكلم عن مواضعه، فكلامهم مردود عليه بنص الكتاب والسنة، وهذا الكلام يفتح بابا ومجالا كبيرا لتحكيم الناس بشرع الله، فالإدعاء بالمساواة بين البنين والبنات، والأخوات والأخوة، والأب والأم، والزوج والزوجة، ادعاء باطل، والزعم بأن الآيات تقرر حقاً وليس واجباً أمر مرفوض ولا يعقل، فهذه أنصبة مفروضة، وهي حدود الله عزّ وجلَّ، لا ينبغي علينا أن نتجاوزها أو نعتدي عليها، يقول تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾. ففكرة وضع قانون يخالف شريعة القرآن المحكمة وطرحه للاستفتاء أكبر كذبة، ويرد عليها بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾.

ودعى خطيب الجامع الأزهر، الذين أسرفوا على أنفسهم بوجوب الرجوع ووجوب الاعتذار لجموع الناس وللوطن، فنحن في وقت أحوج ما نكون فيه بأن نذكر بأن نكون على قلب رجل واحد، وأن نثبت الناس على الحق، وأن ننبذ الفرقة بدل أن ننشرها يقول تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾، مذكراً إياهم بالتوبة والاستغفار، وتقدير الأمر بقدره، وبالعلم الذي سوف يسألون عنه يوم القيامة ماذا عملوا فيه؟

طباعة شارك الجامع الأزهر الأزهر خطبة الجمعة خطيب الجامع الأزهر

مقالات مشابهة

  • ماذا سيفعل نزع سلاح حزب الله؟ الإجابة في تقرير
  • خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها
  • التوفيق الأعظم.. خطيب المسجد النبوي: جاهد نفسك للسلامة من هذه الحقوق
  • خطيب المسجد الحرام: القوة الحقيقة في الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب
  • خطيب المسجد الحرام: عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون واتقوا شر ظنون أنفسكم
  • خطيب المسجد الحرام: ظنوا بإخوانكم خيرا ومن أدب الفراق دفن الأسرار
  • خطيب الأوقاف: الله خصّ أرض سيناء بثمار لا تصلح في مكان غيرها
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: حين ينفصل العقل عن الإيمان ينهار العمران وتنحرف القاطرة عن القضبان.. والإفلاس الحقيقي إتيان المرء يوم القيامة متلبسًا بظلم الناس
  • محمد مهنا: الزهد الحقيقي لا يعني ترك العمل أو الانعزال أو الفقر
  • دعاء الرزق وقت الفجر.. احرص عليه سترى العجب العجاب