سقوط حكومة الشيخة حسينة.. بين تضامن دولي ومخاوف من المستقبل
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
شهدت بنغلاديش تحولا دراميا في مسارها السياسي مع سقوط حكومة الشيخة حسينة، رئيسة الوزراء التي حكمت البلاد لعقود. هذا الحدث لم يكن مجرد انقلاب سياسي داخلي؛ بل كانت له أصداء دولية واسعة، حيث سعت القوى العالمية إلى التعبير عن مواقفها وسط حالة من الترقب والحذر. لكن ما يثير القلق في هذه المرحلة ليس فقط مصير حسينة، بل مستقبل بنغلاديش ذاته في ظل هذا الفراغ السياسي.
أولويات السياسة الدولية: المصالح قبل المبادئ؟
في أعقاب سقوط الحكومة، رأينا مواقف دولية تتراوح بين دعم صريح للشعب البنغلاديشي، ودعوات لضبط النفس وتجنب العنف. الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أكدت التزامها بحقوق الديمقراطية، لكنها في الوقت نفسه أشادت بدور الجيش في "ضبط النفس"، مما يطرح تساؤلات حول موقف واشنطن الحقيقي من التطورات في البلاد؛ هل هو دعم للديمقراطية كما تدعي، أم محاولة لضمان استقرار يخدم مصالحها الاستراتيجية في جنوب آسيا؟
بنغلاديش، التي حققت تقدما اقتصاديا واجتماعيا ملحوظا في السنوات الأخيرة، تجد نفسها الآن على مفترق طرق
الهند، الجارة العملاقة لبنغلاديش، بدت مترددة في موقفها، وهو ما يعكس مخاوفها من تداعيات هذا التغيير على أمنها الإقليمي. ودعت لضمان أمن أقلياتها في بنغلاديش ما يعكس قلقا مشروعا، لكنه لا يخفي حقيقة أن الهند تتطلع إلى الاستفادة من هذا التحول لتعزيز نفوذها في دكا. ويذكر أن الهند هي الدولة التي تقوم بالاعتداء المسلمين، والهجوم عليهم وحرمانهم من حقوقهم الديمقراطية والإنسانية، مجردة من كل معاني الإنسانية، ولكنها تنشط في حين لآخر لحقوق الهندوس المقيمين في بنغلاديش، مع أن بنغلاديش وأهلها يقومون بحفظ أرواح وممتلكات الأقليات بكل احترام منذ القديم.
الصين: شريك استراتيجي أم مستفيد من الفوضى؟
الصين، من جانبها، أبدت قلقها من فقدان الاستقرار في بنغلاديش، لكنها لم تتردد في التذكير بعلاقاتها الاستراتيجية مع البلاد. مع توقيع 21 مذكرة تفاهم بين البلدين في تموز/ يوليو الماضي، يبدو أن بكين مستعدة للعب دور أكبر في مستقبل بنغلاديش، سواء كان ذلك عبر دعم حكومة انتقالية أو عبر تعزيز نفوذها الاقتصادي. في ظل التنافس الجيوسياسي بين الهند والصين في جنوب آسيا، قد تجد بنغلاديش نفسها في موقع تفاوضي ضعيف، ما لم يتمكن قادتها من استعادة الاستقرار بسرعة.
مصير بنغلاديش لا يجب أن يظل رهينة للمصالح الإقليمية أو الدولية، هناك حاجة ملحة لأن تتخذ البلاد خطوات جريئة نحو تحقيق نظام سياسي شفاف وديمقراطي يعكس طموحات وتطلعات شعبها
المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أعربت عن استمرار دعمها لبنغلاديش، لكن تلميحها إلى مراجعة القروض الممنوحة للبلاد يشير إلى شكوك في قدرتها على الصمود في وجه هذه الأزمة. سقوط حكومة حسينة قد يفتح الباب أمام فترة من عدم الاستقرار الاقتصادي، خاصة إذا استمرت الاحتجاجات والعنف.
بنغلاديش، التي حققت تقدما اقتصاديا واجتماعيا ملحوظا في السنوات الأخيرة، تجد نفسها الآن على مفترق طرق. المجتمع الدولي مدعو ليس فقط لدعم الشعب البنغلاديشي في سعيه لتحقيق انتقال سلمي وديمقراطي، بل أيضا للضغط من أجل تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين عن العنف والانتهاكات التي رافقت سقوط الحكومة. في هذا السياق، يبدو أن الشعب البنغلاديشي يراهن على تحقيق مستقبل أفضل بعيدا عن الاستقطابات السياسية والمصالح الدولية.
في النهاية، مصير بنغلاديش لا يجب أن يظل رهينة للمصالح الإقليمية أو الدولية، هناك حاجة ملحة لأن تتخذ البلاد خطوات جريئة نحو تحقيق نظام سياسي شفاف وديمقراطي يعكس طموحات وتطلعات شعبها. المجتمع الدولي قد يلعب دورا داعما، لكن الرهان الأكبر يبقى على البنغلاديشيين أنفسهم في تحديد مستقبلهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بنغلاديش الشيخة حسينة الهند الاحتجاجات احتجاجات الهند بنغلاديش الشيخة حسينة مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الساعدي: أتفق مع من يرفض سقوط حكومة الدبيبة لأن ذلك من منهج السلف الحقيقي
أعلن سامي الساعدي، أمين بحوث دار إفتاء المفتي المعزول الصادق الغرياني، عن تأييده للدعوات الرافضة لإسقاط حكومة الدبيبة رغم تورطها في جريمة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي معتبراً هذا الموقف نابعا من قواعد الشرع ومنهج السلف الحقيقي وذلك في معرض تعليقه على منشور لأحد أنصار المفتي المعزول صرّح فيه أنه ضد إسقاط الدبيبة.
وقال الساعدي، في منشور على فيسبوك، “بالعكس راقت لي أيها الأخ الحبيب الأريب، أشرف المزوغي، معك تمامًا، هذا الذي فهمناه من قواعد الشرع، ومنهج السلف الحقيقي لا المزيف، ولا عزاء للحاقدين ولا جسور العسكر، ولا أصحاب تصفية الحسابات. دام قلمك”.
وختم مضيفًا؛ “الخروج لاستنكار التطبيع وإظهار الغضب ضد كل من يدعو إليه أو يمارسه أو يتساهل معه، ظاهرة صحية تدخل في إنكار المنكر باللسان، لكن بدون دماء ولا فوضى ولا اضطرابات يستفيد منها العدو المتربص”.
وكان الساعدي قد أعاد نشر تدوينة أشرف المزوغي، التي قال فيها: “أنا ضد إسقاط حكومة الدبيبة، مش لأنها نزيهة ويتصلى على طرفها، ولكن لأن البديل حكم عسكري غاشم يردنا إلى ما قبل المربع الأول..”، بحسب تعبيره.
الوسومالساعدي