الحرب النفسية ومعضلة افتقار الاحتلال للقيادة
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
نقلت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن الاختصاصية النفسية، عنات سركيس، التي أشرفت على بحث نفسي أجري في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب وينشر خلال الأيام القليلة المقبلة، قولها إن المجتمع اليهودي في الكيان الإسرائيلي لا يزال يعاني من الصدمة النفسية الشديدة التي ضربته في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ويصعب عليه التفكير بمنطق سليم، بل يصعب عليه أن يفكر، مضيفة بأنه وعلى الرغم من مرور 10 شهور، لم يعرف بعد كيف يستوعب الصدمة؛ ولذلك يصعب عليه أن يجابهها.
الصدمة بحسب البحث الاستطلاعي، لم تختف طوال الأشهر العشرة الفائتة، والأهم أنها تتجدد بفعل الانتظار والترقب للضربة العسكرية من محور المقاومة، الأمر الذي دفع العديد من المستوطنين وعلى رأسهم رئيسا المجمع الاستيطاني في مدينة نهاريا وحيفا المحتلة عام 48 لدعوة جيش الاحتلال توجيه ضربة استباقية للبنان وإيران؛ تنهي معاناة الترقب التي أوهنت أعصاب المستوطنين وأغرقتهم في الخوف والركود الاقتصادي.
الصدمة والترقب انتقل تأثيرهما من القيادات العسكرية التي ناقشت إمكانية توجيه ضربات استباقية، ليقابلها نتنياهو بدعوة المستوطنين من داخل قاعدة تل هاشومير في فلسطين المحتلة، الأربعاء، للتحلي بالصبر، في رسالة مزدوجة للعسكر ومواطنيهم المستوطنين على أرض فلسطين، صبر يتوقع أن يطول، فنتنياهو جزء من المشكلة لا الحل كونه يريد إطالة الحرب وتوسعتها، الصدمة والترقب انتقل تأثيرها من القيادات العسكرية التي ناقشت إمكانية توجيه ضربات استباقية، ليقابلها نتنياهو بدعوة المستوطنين من داخل قاعدة تل هاشومير في فلسطين المحتلة، الأربعاء، للتحلي بالصبر، في رسالة مزدوجة للعسكر ومواطنيهم المستوطنينوالأسوأ أنه لا يملك المعلومات الوافية عن موعد الضربة وطبيعتها وحجمها كما هو حاله في السابع من أكتوبر، فهل يثق المستوطنون بنتياهو وقيادته للحرب لتكرار خطأ الثقة الذي سبق واقترفه قبل عشرة أشهر من الآن!
الجواب لن يتأخر، فالدراسة أجابت بالقول: إن ثقة المستوطنين بقيادتهم السياسية والعسكرية تراجعت في مقابل غياب البدائل التي يرجح أن محاولات تعويضها تتم عبر الزيارات المتكررة لقيادات عسكرية أمريكية، على رأسها الجنرال الأمريكي سيئ السمعة مايكل كوريلا، قائد المنطقة الوسطى للجيش الأمريكي الذي تجاوز التحفظات في الظهور العلني المتكرر مع قيادات عسكرية وسياسية إسرائيلية، في محاولة لبث الطمأنينة في صفوف المستوطنيين والجنود الذين استشعروا ضعف وهزال القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية وتداعيات قراراتها الكارثية.
المجمع الاستيطاني في فلسطين المحتلة يعاني من فقر في القيادات ذات الكاريزما المؤثرة المبادرة والمقنعة، ورغم محاولات نتنياهو تعويضها بمقارنة نفسه برئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل في الحرب العالمية الثانية، إلا أن ذلك لم ينجح بحسب ما كشفته مواقف المستطلعين من جمهور المستوطنيين، فالترميز لا يأتي من القادة أنفسهم لذواتهم بل من جمهورهم، وهذا ما عكسه موقف الجمهور الإسرائيلي من قادته الحاليين. فالشهيد إسماعيل هنية لم يدع يوما أنه أبو بكر أو عمر أو علي أو القسام أو عبد القادر الحسيني، كما لم يدع يحيى السنوار يوما أنه خالد بن الوليد أو صلاح الدين، بل تركا الأمر لجمهورهما.
صعوبة واضحة يواجهها الاحتلال في إنتاج نخب وقادة ورموز من رحم الحرب العدوانية على قطاع غزة، كما حدث في لحظة أرئيل شارون، صاحب ثغرة "الدفرسوار" التي طوقت الجيش المصري وحاصرته في حرب رمضان عام 1973، الأمر الذي فاقم أزمة الثقة بالذات وزاد الاعتماد على الولايات المتحدة، صدمة السابع من أكتوبر والافتقار للقيادات الكارزمية الجامعة لدى الجانب الإسرائيلي، واتساع نطاق الحرب وانعدام اليقين، محركات قوية للتحليل النفسي للمجتمع الصهيوني الاستيطانيوهو ما عبر عنه الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك بالتحذير غير المباشر من الإفراط في لاعتماد على الولايات المتحدة، وذلك في مقالته على موقع القناة 12 الخميس، تحت عنوان "إسرائيل تندفع إلى حرب إقليمية تعتمد فيها بشكل كامل على الولايات المتحدة".
افتقار الكيان للقادة قابله وفرة لدى الطرف الفلسطيني والعربي والإسلامي على نحو غير مسبوق، فالحرب أنتجت العديد من الرموز على الجانب الفلسطيني واللبناني واليمني، في حين أنتجت العديد من خيبات الأمل على الجانب الإسرائيلي، آخرها كان إيتمار بن غفير الذي تراجعت مكانته والثقة في قدراته إلى حد وصفة بالشخص الصبياني وغير الناضج،بحسب دراسة معهد الأمن القومي (INSS) النفسية.
ختاما.. التحلل النفسي الإسرائيلي انتهى باللجوء للعقاقير والأدوية والهجرة ومزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة وجنرالاتها، فصدمة السابع من أكتوبر والافتقار للقيادات الكارزمية الجامعة لدى الجانب الإسرائيلي، واتساع نطاق الحرب وانعدام اليقين، محركات قوية للتحليل النفسي للمجتمع الصهيوني الاستيطاني لم تختف، إذ لا تزال تعمل بكفاءة وقوة وبتواصل على مدى عشرة أشهر، ما سيقود بدوره إلى إضعاف مناعة المجتمع الاستيطاني في الكيان المحتل مفاقما أزمته الداخلية أمام التحديات المتعاظمة المقبلة والمزمنة.
x.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي المقاومة المستوطنين غزة إسرائيل غزة المقاومة المستوطنين التحليل النفسي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة محاكاة ليوم تحرير فلسطين العظيم الذي نراه قريبًا
#عودة #الفلسطينيين إلى #شمال_غزة محاكاة ليوم #تحرير_فلسطين العظيم الذي نراه قريبًا
كتب م. #علي_أبوصعيليك
سيبقى مشهد عودة مئات آلاف الفلسطينيين إلى أراضيهم في شمال غزة يوم الإثنين الموافق السابع والعشرين من كانون الثاني عام 2025 خالدًا في الذاكرة الحية لجميع الأحرار في العالم في مشهد إعجازي لشعب تعرض لجحيم الإبادة الجماعية على مدار أكثر من خمسة عشر شهرًا على يد كل قوى الصهيونية العالمية وسط صمت عالمي مطبق مثير للاشمئزاز.
غطى الفلسطينيون ساحل غزة وشارع الرشيد في مشهد مهيب بعد أيام قليلة من وقف إطلاق النار وهم سعداء جدًا بعودتهم إلى أراضيهم على الرغم من تدمير بيوتهم تمامًا بواسطة جيش الاحتلال الصهيوني ومرتزقته الذين استخدموا القنابل التي زودتهم بها أكبر القوى الإمبريالية في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، حتى وصل حجمها ما يزيد عن مئة ألف طن من القنابل بمتوسط 50 كيلوغراما لكل شخص في غزة، وهو رقم يفوق جميع الأرقام المسجلة في التاريخ البشري لجميع الحروب في أرقام توثق مدى وحشية الصهيونية العالمية التي ينتسب لها كبار الشخصيات المؤثرة في العالم على رأسهم أبرز قيادات الولايات المتحدة الأمريكية المسؤول الأول والمباشر عما جرى للشعب الفلسطيني من إبادة جماعية.
مقالات ذات صلة غزة هي الانسانية 2025/01/28كان هناك تساؤل متكرر في وسائل الإعلام مصدرة الصهاينة أنفسهم ومنهم وزير الخارجية الأمريكي السابق الصهيوني بلينكن عن اليوم التالي بعد توقف الحرب حيث تم تسويق فكرة بتر حركة “حماس” على نطاق واسع حتى في بعض الإعلام العربي المتصهين، وبالتالي البحث عمّن يدير القطاع بعد ذلك وتم تداول العديد من السيناريوهات وصلت بأن يرفض المجرم نتن-ياهو أن يدير القطاع لا حماس ولا حتى “سلطة التنسيق الأمني” التي ارتمت تمامًا في الحض الصهيوني.
ولكن في غزة شعب يصنع المعجزات، التي بدأت من لحظة وقف إطلاق النار وانتشار الشرطة الفلسطينية في القطاع قدر الإمكان وهو المشهد الأول الذي شًكًّل مع أفراح الغزاويين الصدمة الأولى للصهاينة الذين انتظروا رؤية شعب مكسور مذلول ولكن هيهات!
جاء المشهد التالي في مراسم تبادل الأسرى حيث ظهرت قوات المقاومة الفلسطينية في أبهى صورة عسكرية أذهلت حتى أقرب المقربين للمقاومة وأرعبت كل الصهاينة وأعوانهم حتى وصل بالإعلام الصهيوني أن يتساءل عن التضليل الإعلامي الذي تم ممارسته عن حقيقة الانتصارات خلال الحرب، وبلغ المشهد ذروته في ثاني عملية تبادل أسرى في ميدان فلسطين وسط غزة الذي أخرجته المقاومة الفلسطينية بطريقة جسدت حقيقة المنتصر في الحرب بين المقاومة والاحتلال، حيث جسد المقاوم الفلسطيني انتصاراته على الصهيونية العالمية بكل وضوح أمام كل وسائل الإعلام من خلال الأخلاق أولًا وهي الرسالة الأساسية التي أوصى بها سيد الخلق محمد ﷺ.
وجاء المشهد الأكثر إعجازية بعودة مئات آلاف الفلسطينيين الذين تم إجبارهم على النزوح جنوبًا خلال حرب الإبادة، حيث عادوا دفعة واحدة وغطوا شارع الرشيد على ساحل غزة وسط معنويات عالية على الرغم من شدة المصاب الذي ألم بهم وهنا نتحدث عن الانتصار الأكبر وهو الذي تحقق في معركة الوعي بحيث قالها الفلسطيني بكل وضوح: لا نكبة بعد اليوم.
بعد هذه المشاهد نعرج على ما قاله المتعجرف الأمريكي ترامب بأنه يريد نقل أهالي قطاع غزة تارَة إلى أندونيسيا وتارة أخرى إلى الأردن ومصر وكأنه الإله المخلص الذي يمتلك التحكم بكل شيء وعلى الجميع أن يقدم له السمع والطاعة ليس في فلسطين فحسب بل في جميع أنحاء الكون، ولكن الشعب الفلسطيني الذي يقاوم من أجل التحرير منذ ما يزيد عن ست وسبعين عامًا وقد واجه خلاها من هم أشد إجرامًا من ترامب والنتن وصبر في مواجهة حرب إبادة جماعية لن يقف عاجزًا عن مواجهة كل مخططات التطرف الصهيوني حتى لو تخلى عنه أشقاؤه.
لم تشهد فلسطين منذ النكبة عام 1948 يومًا مشهودًا كما شهده قطاع غزة يوم السابع والعشرين من كانون الأول 2025 وهو المشهد الأسطوري الذي نراه يحاكي يوم التحرير المنتظر لكامل الأراضي الفلسطينية المحتلة من النهر إلى البحر، وليس وفق المفهوم المبتذل الرخيص لحل الدولتين المزعوم والذي يتناقض مع الموروث العربي والديني الذي لا يتسامح مع القتل العمد، فلا يمتلك أي تنظيم سياسي أو دولة مهما علا شانها أن تقرر نيابة عن الشعب الفلسطيني الذي روت دماء خيرة أبنائها وبناتها الأرض المقدسة من أجل التحرير الكامل ولا حسب.
كاتب أردني
aliabusaleek@gmail.com