هل كان نَقص مِن وزن المقاطعين لو شاركوا في لقاء الديمان؟
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
أعطى أصحاب نظرية "عنزة ولو طارت" أكثر من تبرير لعدم مشاركتهم في اللقاء الوزاري التشاوري الذي عُقد بالأمس في الديمان. هذه التبريرات "حجج لا تقلي العجّة الرئاسية". فالمعطّلون هم أنفسهم أينما كانوا، سواء شاركوا في "لقاء الديمان" أو في أي لقاء آخر يسعى إلى إيجاد القواسم المشتركة بين اللبنانيين لترسيخها عن طريق الإصرار عليها، أو لم يشاركوا.
وكما قاطعوا "لقاء الديمان" بالأمس يقاطعون أي لقاء آخر، وبالأخص الجلسات الحكومية، التي تُعقد في السرايا، والتي تحاول التخفيف من أضرار عدم انتخاب رئيس للجمهورية بالقدر الذي يسمح به الدستور. فهؤلاء الذين يمسكون السّلم بالعرض لا يريدون أن يعملوا ولا يتركون غيرهم يعمل. وعندما يحاول هذا الغير أن يعمل بما يقدر عليه يرشقونه بكل أنواع الحجارة. وهذا ما هم فالحون به. وعوضًا عن مساهمتهم في انتخاب رئيس جديد للجمهورية نراهم يفعلون المستحيل لكي يفخّخوا هذا الاستحقاق بكل أنواع المتفجرات السياسية.
فلو سلّمنا جدلًا بأن "لقاء الديمان" أو أي لقاء آخر في أي مكان آخر لن يتمكّنا من اجتراح المعجزات فعلى الأقل تكون ثمة محاولات، ولو متواضعة، لإيجاد بعض المخارج لسلسلة المآزق، التي يعيشها الوطن. فـ "حبّة الديمان" قد تسند خابية هذا الوطن، الذي يحتاج إلى كل مبادرة، داخليةً كانت أم خارجية، يمكن أن تساهم في شكل مباشر أو غير مباشرة في إبقائه صامدًا وواقفًا على رجليه، والحؤول دون انهياره بالكامل. لا نقول جديدًا إذا قلنا إن سقف الهيكل عندما ينهار فسينهار على رؤوس الجميع، ولن يوفرّ أحدًا. وسيجد الذين يعطّلون أو يعرقلون أو يسيرون عكس السير أنفسهم محشورين في زوايا مواقفهم التعطيلية. فماذا استفاد هؤلاء عندما قاطعوا "لقاء الديمان"، وهو لقاء دعا في ما دعا إليه في بيانه الختامي القوى السياسية كافة إلى "التشبث باتفاق الطائف وبميثاق العيش المشترك، والتخلي عن كلِّ ما قد يؤدي إلى المساس بالصيغة اللبنانية الفريدة."ولأنه لا مجال لانتظام أي عمل بغياب رأس الدولة دعا "اللقاء" إلى الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية "يقود عملية الإنقاذ والتعافي، فضلًا عن دعوته كل السلطات والمؤسسات التربوية والإعلامية الخاصة والرسمية وقوى المجتمع المدني الحيّة، والشعب اللبناني بانتماءاتِه كافةً، إلى التشبث بالهوية الوطنية وآدابها العامة وأخلاقياتها المتوارَثة جيلًا بعد جيل، وقيمها الايمانية لا سيما قيمة الاسرة وحمايتها، وإلى مواجهة الأفكار التي تخالف نظام الخالق والمبادئ التي يجمع عليها اللبنانيون"، وكذلك دعوته المواطنين إلى "حوار حياةٍ دائم بينهم، بحيث يسعى كل مواطن إلى طمأنة أخيه وشريكه في الوطن، على فكره وحضوره وحقوقه وفاعلية انتمائه الوطني". ما بحثه هذا اللقاء التشاوري لم يخرج عن ثوابت لا تنفك البطريركية المارونية وسائر المرجعيات الدينية الحريصة على الوحدة الوطنية عن الدعوة إلى الحفاظ عليها، وهذا ما يؤمن به كل لبناني مخلص يريد بصدق أن يكون بلده في طليعة البلدان، التي تُحترم فيها الذات الإنسانية، وتكرِّس الحريات العامة كمبدأ لا يتجزأ عن السيادة الوطنية، وتعتمد الحوار كأساس لحل كل الخلافات، التي تطفو على السطح بين حين وآخر، وتُقبَل فيها آراء الآخرين، أيًّا تكن، ما دامت تعبّر عن الهواجس والتطلعات، ولا تُختصر مناهج التربية بمواد جامدة غير قابلة للتفاعل مع الحضارات الأخرى. ما تطرّق إليه "لقاء الديمان" يعبّر في شكل واضح وصريح عن قلق جميع اللبنانيين التواقّين إلى رؤية بلدهم من بين أفضل البلدان. وهذا الأمر لن يتحقق بطبيعة الحال بمقاطعة أي مسعى للحلّ، ولن يكون بالتأكيد بعرقلة أي محاولة لجمع اللبنانيين على مواسم الخير. فلو حضر أصحاب "العنزة ولو طارت" وشاركوا في لقاء الأمس فهل كان نقص من وزنهم بضع أوقيات من العنهجية والغرور والتشاوف؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: لقاء الدیمان
إقرأ أيضاً:
عُمان أولًا
نعتزُ في هذا الوطن الأبيّ بصلابة اللُحمة الوطنية التي ينعم بها مجتمعنا على مرِّ العصور، فلقد أثبتت الأحداث التاريخية وحدة الصف العُماني خلف قيادته، وسطرت تضحياته بحروف من نورٍ أسمى معاني الانتماء والوطنية.
وفي ظل هذا المشهد الذي نفتخر به جميعًا، قد تظهر بعض الأصوات النشاز التي تطفو على السطح من هنا أو هناك، لتُسيء إلى جهة أو مُؤسسة، وهذه الأصوات ليست إلّا أصواتًا غرّتها مساحة الحُرية التي نتفرد وننعم بها في عُمان، لنجدهم يسيئون استخدامها، ويوظفونها في غير مكانها.
لقد كَفَل القانون حُرية الرأي والتعبير، ومع ذلك لا يُمكن استخدام هذا الحق في توجيه السهام إلى مؤسساتنا الوطنية التي تعمل ليل نهار من أجل الحفاظ على هذا الوطن والدفاع عنه في مُواجهة المتربصين به، وهو ما يجب أن ينتبه إليه كل عُماني غيور على وطنه.
إنَّنا وفي خضم التقلبات الدولية والإقليمية الكبرى التي تجري من حولنا، علينا أن نكون أكثر وعيًا وأشد انتباهًا لكُل ما قد يُحاك بليلٍ من محاولات يائسة للنيل من عُمان، وعلينا أن نُحافظ على كل المُكتسبات التي تحققت طيلة العقود الماضية، وأهمها إعلاء دولة المؤسسات والقانون، وضمان الحريات العامة والخاصة، وأن نظل صفًا واحدًا خلف قيادتنا الحكيمة، مُشمرين عن سواعد الجِد لمواصلة جهود البناء والتنمية والتطوير، ولنتذكر دائمًا حديث خير البشر رسولنا الكريم، عن أهل عُمان، وأن نستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.