سودانايل:
2024-09-10@05:47:11 GMT

الفنان والجنرال والحاجّة (1 -2)

تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT

الفنان والجنرال والحاجّة (1 -2)
The Artist, the general and the Hajjah (1-2)
Leila Aboulela ليلى أبو العلا
لطالما شُغِفْتُ بثلاث شخصيات تاريخية أسكتلندية ولجت في مخيلتي وبعض رواياتي: ديفيد روبرتس (1786 – 1864م)، شارلس غوردون (1833 – 1885م) والليدي ايفيلين كوبوولد (1867 – 1963م). وكانوا كلهم قد وُلِدُوا قبل سنوات طويلة من إجازة قوانين الإتحاد (The Acts of Union) التي أقرها البرلمانان الإنجليزي والأسكتلندي عام 1707م، وقادت لإنشاء برلمان موحد لبريطانيا العظمى في ذلك العام.

وكان ثلاثتهم قد زاروا الشرق الأوسط وأفريقيا في أوج سنوات الإمبراطورية البريطانية. وجمعت بين تلك الشخصيات صفات الموهبة والمغامرة وشدة الطِمَاح، وشرعوا في الذهاب لتلك المناطق يغمرهم شعور بالاستحقاق والتَخوِيل. وبكتابتي عنهم استطعت أن استكشف – على المستوى الفردي - مدى الارتباط والمشاركة الواسعة لأسكتلندا في بريطانيا العظمى. ومن خلال ردة الفعل والاستجابة الأدبية، من الممكن فهم الإمبريالية الأسكتلندية المميزة التي كانت موجودة جنباً إلى جنب مع التقاليد الليبرالية التقدمية في أسكتلندا.
كان ديفيد روبرتس فناناً حظيت مطبوعاته الحجرية عن مصر بشعبية كبيرة، ويسهل التعرف عليها على الفور حتى يومنا هذا. وكان تشارلز غوردون بطلاً عسكرياً فيكتورياً، وواحداً من أقدم الأمثلة على ضجة إعلامية كبيرة. ونفد حظ غوردون (إبان عمله كحكمدار عام للسودان) عندما حاصر أنصار المهدية الخرطوم، واغتالوه. وكانت الليدي ايفيلين كوبولد أرستقراطية ورحالة، اعتنقت الإسلام وكانت أول امرأة أوروبية في التاريخ تقوم بأداء فريضة الحج.
ومن بين تلك الشخصيات الثلاث كانت ايفيلين كوبولد في رأيي هي الشخصية الأوضح صلةً بالمرتفعات الأسكتلندية. وكنت قد درست شيئاً عن الجنرال غوردون في المدرسة بالسودان، وكنت أحسبه رجلاً إنجليزياً. والسبب في هذا أن السودانيين يشيرون لكل البريطانيين الذين حكموا السودان في الفترة ما بين 1898 و1956م بـ "الإنجليز". ولم يكن يفعلون هذا جهلاً، بل لأن الإمبراطورية البريطانية كانت بالفعل "إنجليزية"، وكان كل الأسكتلنديين الذين كانوا يعملون في بناء الإمبراطورية ويقومون بإدارتها يقدمون أنفسهم على أنهم إنجليز. أما عند الحديث عن الشؤون العالمية، فقد كانت حتى الصحافة الأسكتلندية نفسها تستخدم في تلك الأيام اسم "إنجلترا" عند الإشارة للدولة. وبصورة مماثلة، كنت على علم بأعمال ديفيد روبرتس الفنية، بيد أن كنت أجهل أنه مولود في أدنبرا عاصمة أسكتلندا. كنت ولا أزال أسعى دوماً لمعرفة الصلات بين السودان وأسكتلندا – البلد الذي جئت منه، والبلد الذي أعيش فيه الآن. وأعمل – عبر الأعمال الروائية – على التقريب بينهما كي أعطى معنىً لمساري الشخصي.
وفي روايتي المعنونة "الهدهد يحكي Bird Summons" التي صدرت عام 2019م تقوم ثلاث نساء برحلة برية عبر المرتفعات الأسكتلندية لزيارة قبر زينب (الليدي ايفيلين كوبولد). وتقول قائدتهن سلمى:
" قد لا يتسنى لنا قط أن نفهم كيف يكون حال الواحدة منا لو كانت البنت الكبرى لإيرل دنمور السابع، أو لو كان لنا بيت في "ماي فير" بلندن، وعِزبة مساحتها 15,000 فدان في المرتفعات الأسكتلندية. غير أن الليدي ايفيلين كوبولد هي امرأة مثلنا، زوجة وجدة. هي تعبد من نعبد، على الرغم من محافظتها على ثقافتها، ورغماً عن أنها كانت ترتدي الأزياء الإدواردية، وتصطاد الغزلان، وأوصت بأن تعزف موسيقى مزمار القرب في جنازتها. هي "أم" الاسلام في أسكوتلندا، ونحتاج لها لنتخذها قدوة لنا".
وظلت النساء الثلاث في غضون تلك الرحلة البرية عبر الأراضي الأسكتلندية، يتسامرن ويتجادلن، ويتحدثن في هواتفهن مع أفراد من أسرهن، وخُطابهن السابقين في بلادهن الأصلية، ويبحثن في طرق تجاوز العقبات التي تحول دون وصولهن إلى قبر الليدي ايفيلين كوبولد في عِزبة جلينكارون. عادةً ما يتردد الغرباء في بريطانيا في التفاعل مع الآخرين ويشعرون بالتقلقل وعدم الاستقرار، بينما تجد النساء الثلاث في الليدي ايفيلين كوبولد صلة ما من شأنها أن تجعلهن أكثر راحةً وثباتاً في المحيط الأسكتلندي العام. وفي تجاوز للأصل والعرق، حرصن على زيارة قبر شخصية "مثلهن"، سيدة صلت كما كن يصلين، وآمنت بالله وقرأت القرآن كما كن يفعلن. وعلى الرغم من الفجوة الكبيرة بينها وبينهن، فإن رحلة أولئك النسوة هي تجسيد للإصرار على الإخوة الإسلامية.
كان ما جمع بين سلمى ومنى وإيمان هو أنهن مسلمات وعربيات جئن للعيش في أسكتلندا في مرحلة ما من حياتهن. وكن يؤمن بأنهن نساء صالحات يؤدين ما هو مفروض على المسلمة أدائه. ورغماً عن ذلك، وحتى في حياتهن التقليدية تلك، هناك دوما خطر الضلال عن الطريق المستقيم. ليس لدى سلمي أي نية لإقامة علاقة حب مع أمير، وتشعر بالأمان وهي تغازله في محادثات هاتفية من على البعد. ولكنها بهذا الفعل تخون زوجها، وتخطو الخطوة الأولى في طريق هدم زواجها منه، وكذلك هدم حياتها الناجحة. وترى منى أنها أم رائعة، وتضحي بكل شيء من أجل ابنها المعاق. وباستغراقها في رعايته، تهمل كل شيء آخر، وتظلم نفسها في نهاية المطاف. أما إيمان فتحس بأن لديها ما يسوغ تمردها على القيود المفروضة على أنوثتها، غير أنها في الواقع تحتاج إلى النضج أكثر حاجتها للحرية.
وتوقفت رحلة النساء عند بلوغهن ضفاف بحيرة نيس (Loch Ness) من أجل الاستراحة في دير تم تحويله إلى منتجع. هل بمقدورهن إيجاد صلة ما بالرهبان المسيحيين الذين كانوا يوماً يتعبدون بذلك الدير؟
" كن سيفهمن بعضهن البعض، ويسألن المغفرة من ذات الرب، ويتبعن أوامره ويجتنبن نواهيه، ويتعرضن أحياناً لتجارب تقودهن للضعف والخطيئة والندم، ثم يأتي من بعد ذلك الخلاص".
هناك العديد من الدوافع والأحاسيس والملاحظات التي تدخل في صنع الرواية! لقد ذهلت وفزعت حقاً عند مشاهدتي لبرنامج تلفزيوني تم فيه أخذ شبان مسلمين من وسط المدينة لزيارة كاتدرائية في الريف الإنجليزي. وكان ذلك البرنامج التلفزيوني قد أُنْتِجَ في غضون سنوات الحرب على الإرهاب، حيث كان من الضروري لوسائل الإعلام أن تطبق بيديها على "مشكلة المسلمين". وفي ذلك المناخ، تم تصوير الصغار وهم يقولون إنهم لا يشعرون بأي صلة على الإطلاق بالكاتدرائية أو الريف، ولا يعنيا لهم أي شيء، على الرغم من أنهم وُلِدُوا ونشأوا في مكان قريب من موقع الكاتدرائية. أصبت بالإحباط لأني كنت شخصيا أشعر بعكس ما شعروا به تماماً. فقد كنت أجد صلة ما بيني وبين القلاع الأسكتلندية المهدمة وكل ما له صلة بآثار الماضي. أحس بارتباط بيني وبين المسيحيين المؤمنين الذين كانوا يصرمون غالب ساعات يومهم في العبادة والقبول بمصيرهم. هم أقرب لي من البريطانيين المعاصرين.
وفي رواية "الهدهد إن حكى" مكنني "سحر الواقعية" من ربط الحاضر بالماضي، ومن نقل الإحساس بالجوانب غير المرئية للتجربة الدينية. وفي إثناء محاولتهن لزيارة قبر الليدي ايفيلين كوبولد مررن بتجربة مظاهر سريالية للأخطار الروحية التي كن يُوَاجِهْنَها. وتأخذ عواقب اختياراتهن الحياتية أشكالاً ملموسة تشكل تهديداً وتصدر تحذيراً. وبعيداً عن المدينة (التي تمثل زَواجِر وقُيُود وشَكليّات وبعض الطقوس الدينية والعلمانية)، فإن الحرية الروحية التي تواجهها المرأة واسعة وخارجة عن السيطرة. وكما تمكنت الليدي ايفيلين من تغيير حياتها، بقيامها بالحج إلى مكة كأول امرأة أوروبية، وتغدو أول حاجة بريطانية، كذلك قطعت النساء العربيات في اسكتلندا مسافات طويلة في رحلتهن الاستكشافية واكتسبن فهماً أفضل لأدوارهن وحقائق وجودهن. وفي الهواء الطلق، شَعَرْنَ بأن عبادتهن لله تشهد عليها الطبيعة.
" وهي تقوم بتلك الرحلة، كانت منى تتسأل – دون إفصاح – إن كانت تصنع تاريخاً لم تسبقها عليه امرأة من قبل. ربما كانت تلك أول مرة ترتل فيها آيات القرآن بهذا الجزء من الأرض. ربما سيشهد لها الساحل والسهل العشبي المنخفض والأحجار الرملية بما سمعته من آيات". وفي فصل آخر:
" كانت سلمى تتخذ من العشب الأخضر سجادةً للصلاة، ومن الريح حمايةً لها، وأحست بأن ركبتيها ترتكزان على هذه القطعة من الأرض. فتكلمت بهذا وقالت: أَشْهِدُوا لي يوم أحتاج إليكم، يوم تستطيعون أن تتكلموا ولا أتكلم أنا".
صادفت سيرة الليدي ايفيلين كوبوولد لأول مرة عند قراءتي لمختارات مايكل وولف الكلاسيكية الرائعة التي صدرت عام 1997م تحت عنوان "عشرة قرون من كتابات الرحالة عن الحج الإسلامي Ten centuries of travelers writing about the Muslim Pilgrimage "، وليس بذلك الكتاب ذكر سوى لقلة قليلة من الكاتبات. وبهذا فإن ما سطرته الليدي ايفيلين في مؤلفها الذي صدر عام 1934م بعنوان "رحلة إلى مكة Pilgrimage to Mecca" كان له أثر كبير في نفسي. ونُشِرَ الكتاب مرة أخرى في عام 2009م عن طريق ناشر عربي، مع مقدمة طويلة وممتازة بقلم وليام فيسي، أورد فيها سيرة المؤلفة، إضافة لتقويم نقدي لليدي ايفيلين كوبولد بحسبانها كاتبة دنيوية مُحَنّكة تعرفت على عدد من الكتاب كان منهم ت. لورانس ومارماديوك بيكثال. وكانت قد قضت سنوات طفولتها في مدينتي الجزائر والقاهرة جرياً على عادة العائلات الارستقراطية في العهد الفيكتوري، وكانت تقضي غالب وقتها مع العاملين المحليين في مقر إقامتها. وكانت مربياتها مسلمات، وكانت ترافقهن عندما يغشين المساجد. وكان الآذان يترك في نفسها تأثيراً عميقاً. وزارت الليدي ايفيلين الفاتيكان وهي امرأة ناضجة في صحبة بعض الأصدقاء، وسألها البابا إن كانت كاثوليكية. وجاء في مقدمة كتابها "... ذهلت للحظات عند سماعي لسؤاله، ثم أجبته بأني مسلمة. لا أدعي معرفة ما دهاني لأنني لم أكن قد فكرت في الإسلام منذ سنوات عديدة. واشتعلت في ذهني فكرة اعتناق الإسلام، فقررت حينها وأنا في ذلك المكان أن أقرأ وأدرس عنه. وكلما قرأت أكثر ودرست بصورة أعمق، أصبحت أكثر اقتناعا بأن الإسلام هو الدين الأكثر عملية ...".
كان إعجابي بالليدي ايفيلين - الذي كان يلامس حد الاحترام المختلط بالرهبة - قد أمات في نفسي القدرة على تخيلها والكتابة عنها في رواية. حاولت أن أصورها كما هي، وليس بحسبانها شخصيةً خيالية. لا أستطيع أن أقول على لسانها ما لم تقله، أو أن أضعها في مواقف من نسج خيالي. ونتيجة لذلك، فشخصية الليدي ايفيلين في رواية "الهدهد إن حكى" هي شخصية مبجلة عند النسوة الثلاث اللواتي قمن بزيارة قبرها. فهذه الرواية تدور حول أولئك النسوة، وهي بالقطع ليست عن الليدي ايفيلين. كانت تلك السيدة المبجلة تمثل مصدر إلهام بالنسبة لهن؛ وحملن كتابها في أيام رحلتهن، وكن في غاية الاعجاب والتأثر بقصة اعتناقها للإسلام. وكنت شخصياً في غاية التأثر بقصة دفنها، وأسال ما قرأته عن ذلك مدامعي. وكان ما كتبته عن ذلك في آخر فصول الرواية يماثل بلوغ الوجهة النهائية.
"حين توفيت الليدي ايفيلين في يناير من عام 1963م في إحدى دور رعاية المسنين بمدينة إنفرنيس اتصلت هاتفيا بالمسجد في مدينة ووكنغ. وكانت القصة التي سمعها إمام ذلك المسجد في غاية الغرابة: سيدة أسكتلندية ارستقراطية عمرها يفوق التسعين عاما قد وضعت في وصيتها شروطا عند دفنها، منها أن تدفن وفقاً لتعاليم دينها المختلف عن ديانة بقية أفراد عائلتها ومن حولها من الناس. وشملت وصيتها أن يؤم صلاة جنازتها إمام يقيم الصلاة عليها باللغة العربية. وكانت ترغب في أن تُعزف أيضا موسيقى القرب عند دفنها، وألا يشهد صلاة جنازتها أي قسيس مسيحي. وأوصت كذلك أن تدفن ووجهها مستقبل لمكة، وأن يكون قبرها في موقع يمكن فيه للأيائل الحمراء أن تقفز فيه. استقل الإمام الليلي القطار متجهاً نحو إنفرنيس القاصية جداً، وكما ذكر لاحقاً فتلك مسافة تعادل المسافة بين لاهور وكراتشي ..."

alibadreldin@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي: مراكز الإيواء كانت هدف الاحتلال خلال الشهر الأخير

وكالات:

أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن جيش الاحتلال استهدف 16 مدرسة تعتبر كـ”مراكز إيواء”، خلال شهر واحد، في سياق “جريمة الإبادة الجماعية”.

وفي تقرير جديد للمرصد وثق تصاعدا خطيرا في سياسة الاحتلال الممنهجة في استهداف المدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء للمدنيين النازحين قسرا في قطاع غزة دون إنذار مسبق، مما تسبب في قتل وإصابة المئات منهم، كـ”جزء من جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشر ين أول الماضي”.

وأشار إلى أن فريقه الميداني وثّق قصف الطائرات الإسرائيلية منتصف ليل السبت الموافق السابع من سبتمبر/ أيلول، مدرسة “حليمة السعدية”، التي تؤوي مئات النازحين قسرا في جباليا النزلة شمالي قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد أربعة منهم وإصابة آخرين بجروح.

وتطرق إلى حادثة قصفت الطائرات الإسرائيلية قبيل عصر السبت مدرسة “عمرو بن العاص”، التي تؤوي نازحين شمالي مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد أربعة فلسطينيين، أحدهم طفل، وإصابة آخرين بجروح، وأوضح أنه منذ بداية شهر أغسطس/ آب الماضي، قصف جيش الاحتلال 16 مدرسة تستخدم كمراكز إيواء في قطاع غزة، 15 منها في شمال وادي غزة، ما أدى إلى استشهاد 217 فلسطينيا، وإصابة المئات، عدد كبير منهم من النساء والأطفال.

وتطرق الأورومتوسطي إلى تصعيد جيش الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة استهداف المدنيين في الأسبوع الأخير بمحافظة غزة والشمال، عبر قصف المنازل السكنية والتجمعات والبسطات التجارية، إلى جانب مراكز الإيواء ومحيطها، وأوضح أن استهداف المدارس وتدميرها على رؤوس النازحين لا يستند إلى أي مبرر فعلي، “يشكل انتهاكا صارخا لمبادئ التمييز، والضرورة العسكرية، والتناسبية، وضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة”.

وأشار إلى أن جيش الاحتلال يحاول كل مرة تبرير هذه الهجمات بادعاءات استهداف “أهداف عسكرية”، دون تقديم أي دليل يثبت صحة تلك الادعاءات، مؤكدا أن تلك الاستهدافات تأتي كجزء من تنفيذ فعلي لـ”جريمة الإبادة الجماعية” في قطاع غزة، وتهدف إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من خلال القتل والتهجير القسري.

وأكد أن التحقيقات الأولية التي أجراها فريقه الميداني تشير إلى تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي تدمير ما تبقى من مراكز الإيواء في القطاع، بما فيها المدارس والمنشآت العامة، بهدف خلق بيئة قسرية تكره السكان المدنيين على ترك مناطق سكناهم والنزوح قسرا نحو وسط وجنوب القطاع.

وأشار إلى الخطة التي كشفت عنها صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، والتي تفيد بأن جيش الاحتلال يدرس حاليا خيارات “طرد وتهجير ما تبقى من الفلسطينيين في شمال وادي غزة” تحت ما يُعرف بـ”خطة الجنرالات”، وقال إن ذلك يمثل “دليلا آخر” على نية الاحتلال تفريغ غزة من ساكنيها.

وأكد أن تواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية في الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين، وبخاصة في قطاع غزة، في ظل الصمت الدولي والفشل في اتخاذ أي تدابير فاعلة لوقف جريمة الإبادة الجماعية هناك، “يشجع الاحتلال على استكمال مخططاته في إبادة الفلسطينيين جماعيا والقضاء عليهم بالقتل المباشر وغير المباشر والتهجير القسري”.

وقال المرصد الأورومتوسطي إنه من ومن خلال تتبع منهجية القصف الإسرائيلي، يتضح وجود “سياسة واضحة” ترمي إلى استهداف المدنيين الفلسطينيين في كل مكان في قطاع غزة، وبث الذعر بينهم، وحرمانهم من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيا، ودفعهم للنزوح مرارا وتكرارا، وإهلاكهم وإخضاعهم لظروف معيشية قاتلة، مع استمرار القصف على امتداد القطاع واستهداف المناطق المعلنة كـ”مناطق إنسانية”، والتركيز على استهداف مراكز الإيواء، بما في ذلك تلك المقامة في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.

وطالب جميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بوقف “جريمة الإبادة الجماعية”، وحماية المدنيين هناك، وضمان امتثال الاحتلال لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، كما دعا إلى مساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع الاحتلال في ارتكاب الجرائم، وطالب بتفعيل كافة مسارات المساءلة والمحاسبة المتاحة، وحث المحكمة الجنائية الدولية على الإسراع في إصدار مذكرات إلقاء القبض ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت، وتوسيع دائرة التحقيق في المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم المرتكبة في قطاع غزة لتشمل جميع المسؤولين عنها.

إغلاق المدارس

بدورها، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، إن “لديها ما يقرب من 200 مدرسة في قطاع غزة تم إغلاقها جميعًا منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، واستخدمت العديد منها كمراكز إيواء للنازحين طوال الحرب”.

وأشارت الوكالة الأممية، في منشور على حسابها عبر منصة “إكس” (تويتر سابقا)، اليوم السبت، إلى أنه “في بعض هذه المدارس، تعمل فرق الأونروا على إعادة آلاف الأطفال إلى التعلم من خلال الأنشطة الترفيهية والدعم النفسي والاجتماعي”.

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد أكثر من 40 ألفا و939 شهيدا، وإصابة 94 ألفا و616 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

 

مقالات مشابهة

  • النعامة.. العثور على فتاة قاصر كانت مختفية في ظروف غامضة
  • كانت بتدافع عن أبوها.. محاكمة «ممرضة المقطم» غدًا
  • كانت في السيارة إلى جانب خطيبها.. الشابة ريتا خسرت حياتها في حادث سير مروّع
  • كيف كانت الزراعة في مصر القديمة؟.. قامت عليها أسس الحضارة
  • الأورومتوسطي: مراكز الإيواء كانت هدف الاحتلال خلال الشهر الأخير
  • أسباب الحريق الهائل في ناقلة نفط كانت في طريقها إلى عدن
  • نجل الفنان فؤاد المهندس: والدي تزوج أمي لأنها كانت تشبه أم كلثوم
  • مرغم: ثورة فبراير كانت من أجل الحرية لا من أجل السلطة ولا الثراء والثوار أثبتوا ذلك
  • المترشح الحر تبون: الحملة الانتخابية كانت نظيفة.. الجزائر في مرحلة مفصلية
  • المرشح تبون: الحملة الإنتخابية كانت نظيف.. الجزائر في مرحلة مفصلية