مفاجئًا لكثيرين، بل ربما صادمًا، جاء خبر تعيين رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي في الحركة خلفًا لاسماعيل هنية، عقب اغتياله في طهران، ولا سيما أنّ السنوار الذي سيكون عليه بمقتضى منصبه الجديد، "الإشراف" على الملف السياسي، وتحديدًا مفاوضات وقف إطلاق النار، يُعَدّ "المطلوب الرقم واحد" لإسرائيل، وهو المتَّهم بأنه "العقل المدبّر" لعملية "طوفان الأقصى"، أو هجوم السابع من أكتوبر.


 
جاء قرار تعيين السنوار، بعد أقلّ من أسبوع على اغتيال هنية، وبعد أيام من "التكهّنات" حول هوية رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة "حماس"، طُرِحت خلالها العديد من الأسماء المرشحة للمنصب، التي لم يكن بينها السنوار للمفارقة، ولو قيل إنّ صوته قد يكون "مرجّحًا"، لتأتي المفاجأة بالنهاية باختياره "بالإجماع"، في رسالةٍ أخذت أبعادًا مختلفة تفاوتت ما بين "تحدّي" الإسرائيلي، وتأكيد "وحدة" الحركة، خلافًا لكلّ ما يثار عن خلافات وتباينات.
 
وفي وقتٍ كان "حزب الله" بين أوائل من رحّبوا بقرار حركة حماس، حيث بارك في بيان له اختيار السنوار الذي رأى فيه "تأكيدًا أنّ الأهداف التي يتوخّاها العدو من قتل القادة والمسؤولين فشلت في تحقيق مبتغاها، وأن الراية تنتقل من يد إلى يد، مضرجة بدماء الشهداء"، فإنّ السؤال الذي فرض نفسه يبقى عن انعكاسات القرار على مسار المفاوضات، وبالتالي على واقع الحرب المتواصلة على غزة، وتلقائيًا على سائر الجبهات، بما في ذلك تلك اللبنانية.
 
رسائل ودلالات
 
ليس خافيًا على أحد أنّ اختيار السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس شكّل مفاجأة "غير سارة" للعدو الإسرائيلي إلى حدّ بعيد، وهو ما عبّر عنه الإعلام الإسرائيلي بالدرجة الأولى، حتى إنّ هناك من علّق على الأمر ساخرًا، بالقول إنّ إسرائيل لو كانت تعلم أنّ السنوار، الأسير السابق في سجونها والمطلوب الأول لديها، هو من سيخلف هنيّة، الذي كان معروفًا بمرونته، لما أقدمت على اغتياله، بل على العكس من ذلك، لوفّرت له الحماية، حفاظًا على حياته.
 
انطلاقًا من ذلك، يتحدّث العارفون عن العديد من الرسائل والدلالات خلف اختيار السنوار تحديدًا لقيادة المكتب السياسي لحركة حماس، وهو القرار الذي وُصِف في بعض الأوساط بـ"الخطة الذكية" التي أجهضت بشكل أو بآخر الأهداف الإسرائيلية من عملية اغتيال هنية، فهو أكّد في مكانٍ ما، أنّ قيادة حركة "حماس" لا تزال متماسكة وقوية رغم كلّ شيء، والأهم من ذلك، أنّ الحرب لم تنجح في القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تحديدًا.
 
بهذا المعنى، ثمّة من يرى أنّ اختيار رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" من غزة، شكّل رسالة "تحدّ" استراتيجية لإسرائيل، التي تحاول أن تصدّر صورة "انتصار" في حربٍ كان هدفها المُعلَن، إنهاء المقاومة في غزة، علمًا أنّ أهمية القرار تكمن أيضًا في تأكيد "وحدة" الحركة وثباتها رغم كل الظروف والتحديات، وهو ما تجلّى بشكل خاص بالحديث عن الإجماع على القرار، بعيدًا عن كلّ الإشاعات عن انقسامات وجناحات مختلفة في صفوفها.
 
أي انعكاسات على الحرب؟
 
بمعزل عن الرسائل والدلالات، والأبعاد التي تنطوي على خطوة تعيين السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس خلفًا لهنية، وجلّها تتقاطع على "تحدّي" الاحتلال، وضرب أهدافه حربه المُعلَنة، إلا أنّ هناك من توجّس من الخطوة، باعتبار أنّ اختيار السنوار قد "يعقّد" مسار المفاوضات أكثر ممّا هو معقّد، فاستبدال هنية الذي كان مصنَّفًا من "المعتدلين" في الحركة، بالسنوار تحديدًا، قد يُفهَم على أنه "تصعيد" في السياسة، وعلى خط المفاوضات.
 
في هذا السياق، يلفت العارفون إلى وجهتي نظر قد تبدوان متناقضتين، فصحيح أنّ ثمّة انطباعًا بأنّ التوصّل إلى اتفاق قد يكون أكثر صعوبة بقيادة السنوار، كما أنّ شروط المقاومة قد تصبح أكبر بعد الاغتيالات الأخيرة، إلا أنّ هناك من يرى أنّ العكس هو الصحيح، فالسنوار الموجود في قلب قطاع غزة المُحاصَر، وفي صلب الحرب المتواصلة منذ عشرة أشهر، قد يجد الفرصة "مثالية" اليوم لإنهاء القتال، بما يتيح له التفرّغ لمهامه الجديدة في المرحلة المقبلة.
 
أما على مستوى انعكاسات القرار على سائر جبهات الإسناد، ولا سيما الجبهة اللبنانية، يقول العارفون إنّ شيئًا لن يتغيّر على هذا المستوى، فما كان قائمًا في السابق يبقى قائمًا اليوم، خصوصًا بالنسبة للترابط بين الجبهات، بمعنى أنّ وقف إطلاق النار على خط الجبهة اللبنانية مثلاً، خارج سياق الرد على ضربة الضاحية الجنوبية، يحصل فقط عند التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، علمًا أنّ "حزب الله" يوافق على ما توافق عليه "حماس" بهذا الصدد.
 
في النتيجة، قد تكون "رسائل" اختيار يحيى السنوار تحديدًا لقيادة المكتب السياسي في حركة "حماس"، مع "الرمزية" التي يعبّر عنها على مستوى المواجهة مع الإسرائيلي، وعلى مستوى قطاع غزة، أكثر من الانعكاسات على المسارين السياسي والعسكري، حيث تبقى المقاومة وفق ما يقول العارفون، على ثوابتها المُعلَنة، وخطوطها الحمراء المعروفة، وعلى شرطها الأول لأيّ اتفاق، وهو انسحاب الاحتلال من غزة، ووقف دائم لإطلاق النار! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المکتب السیاسی اختیار السنوار السنوار رئیس ا السیاسی لحرکة حرکة حماس قطاع غزة تحدید ا

إقرأ أيضاً:

تكاد تمسك به في 5 مناسبات..كيف أفلت السنوار من إسرائيل عاماً كاملاً

كشفت مصادر من حركة حماس الفلسطينية، لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن إسرائيل كادت تمسك بزعيم الحركة يحيى السنوار في 5 مرات على الأقل، قبل مقتله بالصدفة، في عملية عسكرية اعتيادية في حي تل السلطان، برفح جنوب قطاع غزة، في الشهر الماضي.

وحسب المصادر كاد السنوار يقع في الفخ في العملية العسكرية الإسرائيلية في خان يونس، في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث فشلت إسرائيل في الوصول إليه في أنفاق خان يونس، وفوقها. 

وقالت المصادر أيضاً إن القوات الإسرائيلية كانت على بعد أمتار من منزل كان السنوار  فيه في خان يونس، كان فيه مع حارسه الشخصي الذي كان يساعده على التخفي.

ووفقاً للمصادر، كان السنوار مسلحاً ومستعداً لاقتحام إسرائيلي محتمل من القوات الإسرائيلية للمنزل، لكن تحركات مقاتلي حماس من منزل إلى آخر وهدم الأسوار بينها لقتال الشوارع، كشف لها وجود السنوار داخل المنزل، ولكن السنوار تمكن من الإفلات عبر الثغرات التي أحدثها مقاتلو حماس في المنازل المجاورة، والذين نقلوه إلى منزل آمن يبعد نحو كيلو متر واحد. 

تقرير: مقتل السنوار لا ينهي حرب غزةhttps://t.co/PpxnMmGiss pic.twitter.com/Onxb0ZPapo

— 24.ae (@20fourMedia) October 21, 2024 الانتقال إلى رفح

وأوضحت المصادر أن السنوار اضْطُر إلى الخروج من خان يونس إلى رفح في فبراير (شباط) الماضي، بعد سيطرة إسرائيل على خان يونس. 

وكشفت المصادر أن السنوار بقي في رفح أشهراً عدة، وكان يتنقل بين مناطقها، منذ نهاية مايو (أيار) الماضي، وكان يتحرك تحت الأرض وفوقها.



وأضافت المصادر "في كثير من المرات كانت قوات الاحتلال تقترب من أماكن وجود السنوار، ويمكن إحصاء ذلك في 5 مرات على الأقل، بينها 3  فوق الأرض، ومرتان تحتها، وفي كل مرة كان لظروف مختلفة ينقل لمناطق أخرى رغم أنه كان يصر على المشاركة في الاشتباكات، فعل ذلك مرات عدة قبل إخراجه من أماكن الاشتباكات".

دبابة أصابته ومسيّرة اكتشفت هويته.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة #يحيى_السنوار

لمشاهدة المزيد من الفيديوهات:https://t.co/XKZstSvtfW pic.twitter.com/w5m6Rrw8WR

— 24.ae | فيديو (@24Media_Video) October 17, 2024

 

 

مقالات مشابهة

  • السامرائي: وجهة نظرنا هي الذهاب مع الفريق السياسي الذي يحقق النجاح لجمهورنا
  • السياسيّ البريطانيّ المخضرم جورج غالاوي: “السنوار مات محاربًا وسيُصبِح مشهورًا أكثر من جيفارا”
  • الاحتلال يزعم استهداف 100 هدف لحماس وحزب الله خلال الـ24 ساعة الماضية
  • نتنياهو يقدم عرضا لحماس: ملايين الدولارات وممر آمن.. ما المقابل؟
  • "البوابة نيوز" تجري حوارا مع رئيس شبكة قنوات معا الفلسطينية عن أهمية المبادرة المصرية للمصالحة الفلسطينية
  • تفاصيل مثيرة عن محاولات اعتقال السنوار قبل اغتياله
  • رسالة متأخرة من السنوار إلى عائلته!
  • أصداء الحرب.. رسالة وداع السنوار وتفاصيل مقتل رفيقه في غزة
  • تكاد تمسك به في 5 مناسبات..كيف أفلت السنوار من إسرائيل عاماً كاملاً
  • خرق أمني وتسريب معلومات| فضيحة داخل حكومة الاحتلال تهز عرش نتنياهو.. وعلاقتها بـ يحيى السنوار