نظرية المؤامرة.. لماذا لا تمر الطائرات أعلى القارة القطبية الجنوبية؟
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
واحدة من أشهر الادعاءات انتشارا في العالم حاليا هي الزَّعم بأن القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) هي المكان المحرم والذي لا يمكن لأي أحد دخوله أو حتى المرور أعلاه بالطائرات.
وفي هذه الحالة تشترك خرافة "الأرض المسطحة" مع خرافة "الأرض المجوفة"، فيفترض مروجو الأولى أن القارة القطبية الجنوبية تحتوي على سور الأرض المسطحه، ويفترض مروجو الثانية أنها تحتوي على الثقب أو الباب الذي يمكن من خلاله أن تسافر إلى داخل الأرض، حيث توجد عوالم أخرى، وفي هذا السياق تظهر نظريات مؤامرة تقول إن هناك مجموعة خاصة من البشر تحاول التحكم في كل الكوكب.
وفي هذا السياق عادة ما يسأل البعض: ولم إذن لا تمر الطائرات التجارية أعلى القارة القطبية الجنوبية؟ والإجابة ببساطة أن هناك أسبابا عدة تجعل غالبية خطوط الطيران تتجنب القارة القطبية الجنوبية، تأتي على رأسها الأحوال الجوية، حيث تتمتع القارة بمناخ متطرف سواء في درجات الحرارة أو العواصف الثلجية.
هذه الظروف تجعل من الصعب والمكلف إزالة الجليد وتسخين الطائرات وبشكل خاص الوقود، وكذلك الحفاظ على الرؤية المستمرة والاتصالات، والنقطة الأخيرة مهمة حيث إنه من الخطير للغاية أن تسافر الطائرات أثناء تساقط الثلوج، ليس فقط بسبب ضعف الرؤية ولكن لأن هذا الطقس البارد يمكن أن يعطل الاتصالات.
وبشكل عام يعد التنقل جوا في المناطق القطبية (شمالا أو جنوبا) معقدًا بشكل خاص بسبب المخاوف من المجالات المغناطيسية التي تكون مضطربة أعلى القطبين، بحيث يمكن أن تتداخل الأقطاب المغناطيسية مع البوصلات وأنظمة تحديد المواقع العالمية الخاصة بالطائرات، مما يجعل من الصعب تحديد الموقع الدقيق واتجاه الرحلة.
أضف إلى ذلك أن القارة نفسها مكان شاسع، حيث تمثل خامس أكبر قارات العالم في المساحة، وهي أكبر من قارة أوروبا بالكامل، وعلى كل هذه المساحة فإنها غير مضيافة وليس من السهل بناء عدد كاف من مطارات الطوارئ.
الأمر ذاته يجري على أماكن عدة حول العالم وليس القارة القطبية الجنوبية فقط، فمثلا لا تمر الطائرات التجارية أعلى التبت، لأن ارتفاع هضبة التبت كبير، يصل إلى 4500 متر فوق سطح البحر وهذا يجعل من الصعب على الطائرات النزول إلى ارتفاع آمن في حالات الطوارئ.
أضف لذلك أن التبت منطقة جبلية يمكن أن تسبب اضطرابًا بحركة التيارات الهوائية وهو ما قد يشكل خطرا على الطائرات، خاصة وأن هذه الاضطرابات يمكن أن تؤثر على أنظمة الاتصالات والملاحة للطائرات، مما يجعل من الصعب على الطيارين التحكم في الرحلة. لكن هل سمعت أحدهم من قبل يسأل: لم لا تمر الطائرات أعلى هضبة التبت؟ ربما حينما تظهر لها نظرية مؤامرة جديدة تقول إن هناك من يتحكم في العالم ولا يريدنا أن نصل إلى السور الكبير.
لكن كل ما سبق لا يعني أن خطوط الطيران ممنوعة تماما من المرور أعلى القارة القطبية الجنوبية، فبعض شركات الطيران بالفعل تتخذ مسارات تمر أعلى الحواف الخارجية للقارة، لكن ذلك غير شائع.
أضف لذلك أن بعض الشركات تقدم رحلات سياحية للقارة، وتنطلق تلك الرحلات في المقام الأول من أستراليا ونيوزيلندا، ولا تهبط على القارة ولكنها توفر للركاب مشاهدةً جوية للمناظر الطبيعية الجليدية.
كما تحلق الطائرات التابعة لمهام البحث العلمي فوق القارة القطبية الجنوبية، وفي بعض الأحيان قد تحلق الطائرات العسكرية فوق القارة للدعم اللوجستي أو للمساعدة في مهام البحث.
ليست مكانًا مغلقًامن جانب آخر، فالقارة ليست خالية تماما من البشر، بل مسكونة بالكثير من العلماء.
كانت أنتاركتيكا بالفعل موطئًا لأقدام البشر منذ اكتشافها سنة 1820، وبحلول سنة 1959 كانت هناك 7 مطالبات من دول عدة بملكية أنتاركتيكا، ولكن مع تطور الحرب الباردة وانشغال العالم بالصراع بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، تم توقيع "معاهدة أنتاركتيكا" لأول مرة من قبل 12 دولة، لإنهاء الخلافات حول حكم القارة.
وأقرت المعاهدة أن القارة لا تنتمي لأحد. في هذه الأثناء استغلت فرق من العلماء حول العالم هذا الموقف المحايد للحصول على دعم واسع للبرامج العلمية في القارة، وبالفعل نجح الأمر ونشأت مؤسسات دولية رسمية مختصة بتنسيق الأبحاث العلمية في القطب الجنوبي، فأصبحت القارة القطبية الجنوبية مركزا علميا عالميا.
بل إن إحدى أكبر التجارب العلمية في العالم توجد الآن في قارة أنتاركتيكا، وهي تجربة مكعب الثلج "آيس كيوب"، ومن الاسم يبدو شكل التجربة فهي مكعب ثلج عملاق بطول وعرض كيلومتر كامل، مع أقصى عمق عند 2.5 كيلومتر تحت سطح القارة القطبية الجنوبية، وهي ببساطة محاولة لاستغلال طبيعة القارة الثلجية لخدمة العلم. حيث تستهدف التجربة دراسة أحد أكثر أنواع الجسيمات مراوغة في عالم الفيزياء وهو النيوترينو عالي الطاقة، والذي يأتي إلى الأرض من مصادر مجرية عميقة جدا مثل بقايا المستعرات الأعظمية أو النوى المجرية النشطة وانفجارات أشعة غاما.
وقد التقطت أول اشارات النيوترينو عالي الطاقة في عام 2017 واكتشف العلماء أن المصدر هو مركز متوهج لمجرة ضخمة اسمها "تي إكس إس 0506+056" تقع على مسافة حوالي 5.7 مليارات سنة ضوئية، وتوالت الاكتشافات منذ ذلك الحين.
ويعد آيس كيوب مجرد مثال واحد. في الواقع، فإن التجارب البحثية في القارة القطبية الجنوبية كثيرة بحيث لا توجد إجابة محددة لعدد التجارب العلمية هناك، لأن العدد يتغير كل شهر. لكن في المتوسط، يتراوح عدد الأشخاص الذين يقومون بالبحث العلمي في القارة والجزر القريبة من حوالي 4800 شخص خلال موسم الصيف إلى 1200 شخص خلال الشتاء.
ولذلك توصف القارة القطبية الجنوبية أحيانًا بأنها "قارة العلوم"، وهناك عدد من الأسباب التي تدفع العلماء من نطاقات أخرى غير الفلك والكونيات إلى الذهاب إلى القارة القطبية الجنوبية لدراسة جوانب مختلفة من العلوم، مثل نظامها البيئي الفريد وسجل بياناتها المناخية.
في هذا السياق فإن القارة القطبية الجنوبية مهمة لفهم كيفية عمل الأرض كنظام، وكيف تتكيف الحياة مع البيئات القاسية، وكيف يؤثر البشر على البيئة، وكيف يؤثر تغير المناخ على الكوكب. ووفقًا للمسح البريطاني للقارة القطبية الجنوبية، يلعب مجتمع أبحاث القطب الجنوبي النابض بالحياة دورًا رائدًا في الجهود الدولية للتحقيق في التغير البيئي ومراقبته في المناطق القطبية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی القارة أن القارة من الصعب یمکن أن
إقرأ أيضاً:
الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية: أزمة البحر الأحمر لا يمكن السيطرة عليها
يمن مونيتور/ خاص:
قال الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينغيز، يوم الخميس، إن المنظمة تواصل التواصل مع كافة الدول فيما يتعلق بأي أزمة في جميع أنحاء العالم، رغم أنه قال إن قضية البحر الأحمر “جيوسياسية” لا يمكن السيطرة عليها.
وقال دومينغيز في مؤتمر صحفي في مؤتمر الشحن الأخضر 2025: “… الجغرافيا السياسية، لا يمكننا السيطرة عليها. والبحر الأحمر هو جغرافيا سياسية. نحن نتأثر بها. ما نقوم به هو التعامل مع جميع الجهات الفاعلة الضرورية من أجل ضمان سلامة وأمن الأشخاص على متن السفن والسفن أولاً”.
وقال إن منظمته تسهل المحادثات بين اللاعبين الرئيسيين، إما بشكل مباشر في المنظمة البحرية الدولية أو مع وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأضاف دومينغيز “وأنا أواصل التواصل مع جميع البلدان في المنظمة البحرية الدولية فيما يتعلق بأزمة البحر الأحمر وأي أزمة في جميع أنحاء العالم”.
وأكد أن الدول يمكن أن تلعب دورا (في حل مثل هذه القضايا)، وقال: “لقد سألت الهند والعديد من الدول الأخرى عما إذا كان لديكم اتصالات لأن العالم يدور حول الاتصالات، إذا كان بإمكانكم التواصل مع بعض الدول، فأرسلوا رسالة”.
وتابع: “إن ما يتعلق بالقرصنة والسطو ليس بالأمر الجديد. لقد حققنا تحسناً كبيراً مقارنة بما كنا عليه قبل أكثر من عشر سنوات فيما يتصل بالقرصنة قبالة سواحل الصومال. ونحن ندعم بشكل خاص تنفيذ المشاريع في المناطق الأكثر عرضة للقرصنة في مختلف أنحاء العالم، وتعزيز حوكمة الدول الأعضاء”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق اخترنا لكمضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...
ذهب غالي جدا...
نعم يؤثر...
ان لله وان اليه راجعون...
اخي عمره ٢٠ عاما كان بنفس اليوم الذي تم فيه المنشور ومختي من...