العلماء يحصلون على أعمق عينة صخرية من وشاح الأرض
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
صنع علماء، باستخدام سفينة حفر في المحيطات، أعمق حفرة حتى الآن في صخور وشاح الأرض، حيث توغلوا إلى عمق 1268 مترا تحت قاع المحيط الأطلسي وحصلوا على عينة كبيرة تقدم أدلة عن أكثر طبقات كوكبنا سمكا.
وقال الباحثون أمس الخميس إن هذه العينة الاسطوانية تطلعنا على تركيب الجزء العلوي من الوشاح والعمليات الكيميائية التي تحدث حين يتفاعل هذا الصخر مع مياه البحر في طائفة متنوعة من درجات الحرارة.
ويشكل الوشاح أكثر من 80% من حجم الكوكب، وهو عبارة عن طبقة من الصخور السيليكاتية تقع بين القشرة الخارجية للأرض ونواة شديدة الحرارة. وعادة ما يكون من الصعب الوصول إلى صخور الوشاح إلا حين تكون مكشوفة في مواقع من قاع البحر تمتد بين صفائح بطيئة الحركة بحجم قارات تشكل سطح الكوكب.
ومن بين هذه الأماكن كتلة "أتلانتس" الصخرية، وهي جبل تحت الماء حيث تظهر صخور الوشاح في قاع البحر. ويقع هذا الجبل في منتصف المحيط الأطلسي إلى الغرب مباشرة من سلسلة جبال منتصف المحيط الأطلسي الشاسعة التي تشكل الحدود بين الصفيحة الأميركية الشمالية والصفيحتين الأوراسية والأفريقية.
وباستخدام معدات على متن السفينة غوديز ريزليوشن، حفر الباحثون في صخور الوشاح تحت نحو 850 مترا من مياه المحيط من أبريل إلى يونيو 2023. وتتكون العينة الأساسية التي انتزعوها من أكثر من 70% من الصخور بطول 886 مترا من الحفرة التي صنعوها.
وقال عالم الجيولوجيا يوهان ليسنبرغ من جامعة كارديف في ويلز والمؤلف الرئيسي للدراسة التي نشرت في دورية ساينس "عملية الاستخراج هذه سجلت رقما قياسيا لأن المحاولات السابقة للحفر في صخور الوشاح صعبة، ولم يتجاوز الاختراق 200 متر وكانت عملية استخراج الصخور منخفضة نسبيا. في المقابل، اخترقنا 1268 مترا وانتزعنا أقساما كبيرة من صخور الوشاح المتواصلة".
وأضاف ليسنبرغ "في السابق، اقتصر الأمر إلى حد كبير على عينات الوشاح المستخرجة من قاع البحر".
ويبلغ قطر العينة الأساسية نحو 6.5 سنتيمتر.
وقال عالم الجيولوجيا آندرو مكيغ المشارك في الدراسة من جامعة ليدز في إنجلترا "واجهنا صعوبة كبيرة في بدء الحفر".
ورصد العلماء كيفية تفاعل الزبرجد في العينة الأساسية مع مياه البحر عند درجات حرارة مختلفة.
وقال ليسنبرغ "التفاعل بين مياه البحر وصخور الوشاح عند قاع البحر أو بالقرب منه يؤدي إلى إطلاق الهيدروجين الذي يشكل بدوره مركبات، مثل الميثان، تدعم حياة الكائنات الدقيقة. وهذه إحدى الفرضيات المتعلقة بأصل الحياة على الأرض".
وأضاف ليسنبرغ "انتزاع صخور من الوشاح تمكننا من دراسة هذه التفاعلات بتفصيل كبير وفي نطاق من درجات الحرارة المختلفة، وربطها بالملاحظات التي يجريها علماء الأحياء الدقيقة لدينا حول كم وأنواع الأحياء الدقيقة الموجودة في الصخور، والعمق الذي توجد فيه الأحياء الدقيقة تحت قاع المحيط".
ويقع موقع الحفر بالقرب من حقل المدينة المفقودة الهيدروحراري، وهي منطقة من الفتحات الحرارية المائية على قاع البحر تتدفق منها مياه شديدة السخونة. ويُعتقد أن العينة الأساسية تمثل صخور الوشاح الموجودة أسفل فتحات منطقة المدينة المفقودة.
وقال مكيغ "إحدى الفرضيات المتعلقة بأصل الحياة على الأرض هي أنها ربما حدثت في بيئة مماثلة لبيئة المدينة المفقودة".
ولا تزال العينة الأساسية قيد التحليل. وتوصل الباحثون إلى بعض النتائج الأولية حول تركيبها ووثقوا تاريخا أطول مما كان متوقعا لانصهار الصخور.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الوشاح بدء الحياة المحيط الأطلسي الهيدروجين المدينة المفقودة وشاح الأرض قاع المحيط الأطلسي المدينة المفقودة أخبار علمية الوشاح الوشاح بدء الحياة المحيط الأطلسي الهيدروجين المدينة المفقودة أخبار علمية قاع البحر
إقرأ أيضاً:
كشف لغز فضائي محير قبل 200 عام عن طريق الصدفة.. ما القصة؟
منذ آلاف السنين، كانت النجوم والحياة خارج كوكب الأرض مصدرًا للغموض والتساؤلات لدى البشرية، حيث عجز البشر عن فهم العديد من الظواهر الفلكية قبيل التقدم العلمي واستكشاف الفضاء، مما دفعهم لتفسيرها بطرق متعددة.
بينما ذهب بعض رجال الدين إلى الحديث عن الظواهر الخارقة، انقسم العلماء حول فهم ما يحصل في الفضاء الخارجي، وأبرزها ظاهرة النيزك وأحجاره.
النيازك وأحجارها: بداية الجدلمن بين الظواهر التي أثارت اهتمام العلماء على مر العصور، كانت النيازك وأحجار النيازك. منذ وقت بعيد، ساورت الشكوك العديد حول أصل هذه الأحجار، حيث تساءل الجميع عما إذا كانت تأتي من الفضاء الخارجي.
عام 1803 كان نقطة تحول حاسمة في هذا الجدل، حيث شهدت منطقة نورماندي في فرنسا حدثًا علميًا غير مسبوق.
في 26 أبريل 1803، اهتزت قرية ليغل (L'Aigle) بنورماندي بحدث فريد من نوعه. خلال وقت كانت فيه فرنسا تتعافى من التوترات السياسية عقب الثورة، سقط وابل من الشظايا النيزكية، ما يزيد عن 3000 شظية، على القرية. هذا الحدث كان عاملًا رئيسيًا في إعادة النظر في مفاهيم العلماء حول النيازك.
التحقيقات العلمية لسقوط النيزكبمجرد سماعهم عن هذا الحدث، أرسلت أكاديمية العلوم الفرنسية العالم الشاب جان باتيست بيو، المختص في الفيزياء والفلك والرياضيات، للتحقيق في الأمر.
قام بيو بجمع الشهادات من سكان القرية الذين شهدوا الحادث وتفحص الأحجار التي سقطت. وبعد جهد شاق، توصل جان باتيست بيو إلى استنتاج هام: الأحجار التي سقطت فوق قرية ليغل جاءت من الفضاء.
لدعم نظريته، أشار إلى أن العديد من الأحجار المتشابهة سقطت في وقت واحد، وأن شكل ونوع هذه الأحجار كان متوافقًا مع أحجار سقطت في مناطق أخرى. كما ركز على شهادات السكان المحليين، الذين تحدثوا عن أمطار من الأحجار التي ألقتها نيازك، والتي أطلق عليها لقب "نيزك ليغل" نسبةً للقرية.
التأثير على علم النيازكشكلت التجربة التي قام بها بيو ورقة ضغط على النظريات السابقة التي كانت ترى في النيازك أصولًا أرضية، وهي نظريات أرسطو على وجه الخصوص.
في تلك الفترة، أصبح تقرير جان باتيست بيو حجر الزاوية لفهم النيازك وأصولها، ليختبر العلماء بعدها تغييرًا جذريًا في طريقة رؤيتهم لهذه الظاهرة.
وبحسب العلماء فإن حدث ليغل في عام 1803 لم يكن مجرد ظاهرة طبيعية، بل كان نقطة تحول في تاريخ العلوم الفلكية. لقد أسهم في ولادة علم النيازك وصنع فهمًا جديدًا للعالم من حولنا، حيث بدأ العلماء في رؤية الفضاء كأكثر من مجرد ظاهرة غامضة.