جيش الإنقاذ العربي.. يوم عجزت الأنظمة عن مواجهة العصابات الصهيونية بفلسطين
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
جيش من المتطوعين العرب هبّ لمساعدة الفلسطينيين في صراعهم ضد الاستعمار والعصابات الصهيونية اللذين عملا على إقامة دولة يهودية في فلسطين، وأشرفت على تشكيل هذا الجيش الجامعة العربية في ديسمبر/كانون الأول عام 1947 تحت قيادة فوزي القاوقجي، وقد أطلق عليه في البداية اسم جيش التحرير ثم غيّر الاسم إلى جيش الإنقاذ.
وقد علق الفلسطينيون والعرب آمالا عريضة على هذا الجيش لطرد العصابات الصهيونية من أرض فلسطين، لكنه ذهب إلى المعركة بلا تنظيم ولا إدارة عسكرية سليمة ولا حتى أسلحة قادرة على الإيفاء بالغرض.
واستغرب كثير من المحللين والمتابعين كيف أن العرب بتعدادهم الكبير لم يدفعوا إلى معركة القدس التاريخية سوى بأقل من 3 آلاف مقاتل مقابل 10 آلاف مقاتل مدربين جيدا من العصابات الصهيونية.
مؤتمر جامعة الدول العربيةعندما شعرت بريطانيا أن الحركة الصهيونية أصبحت قادرة على شق طريقها دون مساعدتها وأن الظروف باتت مناسبة لتنفيذ وعد بلفور أرادت إلقاء تبعة قيام دولة يهودية في فلسطين على غيرها، لذلك أحالت في الثاني من أبريل/نيسان 1947 قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة للبت فيها في ضوء التطورات الجديدة، أي بعد أن أعلن الشعب العربي الفلسطيني رفضه الوجود الصهيوني الاستيطاني.
ولما اتضح للعرب ميل اللجان التي شكلتها الأمم المتحدة إلى تقسيم فلسطين دُعي مجلس جامعة الدول العربية إلى اجتماع في لبنان بين 7 و9 أكتوبر/تشرين الأول 1947، لدراسة التدابير الواجب اتخاذها للوقوف في وجه المؤامرة على عروبة فلسطين.
وكان من أهم القرارات المتحدة خلال ذلك المؤتمر تأليف لجنة عسكرية من ممثلين عن مختلف الدول العربية مهمتها دراسة الموقف من الناحية العسكرية ومساعدة أهل فلسطين في الدفاع عن أنفسهم ووطنهم.
وقد تألفت تلك اللجنة -التي سميت اللجنة العسكرية التابعة لجامعة الدول العربية- من اللواء الركن إسماعيل صفوت من العراق رئيسا، وعضوية كل من العقيد محمود الهندي من سوريا، والمقدم الركن شوكت شقير من لبنان، وصبحي الخضرا من فلسطين، ولم ترسل مصر والأردن والسعودية واليمن أحدا يمثلها فيها.
وكان من بين توصيات اللجنة فتح باب التطوع أمام الشبان العرب للمشاركة في الكفاح المسلح في فلسطين.
مقاتلون من عصابة البالماخ الصهيونية في حرب 1948 (غيتي إيميجز) تشكيلة جيش الإنقاذكانت الحماسة شديدة لدى الشبان العرب للمساهمة في القتال، ففي سوريا قدّم عدد كبير من الضباط طلبات الالتحاق بقوات المجاهدين وقدّم آخرون استقالتهم من الجيش ليتمكنوا من التطوع في تلك القوات.
وقد أفرزت رئاسة الأركان السورية 46 ضابطا وعددا كبيرا من صف الضباط والجنود، أما في العراق فقد تزعم كبار الضباط فكرة مماثلة، وانضم إليهم الكثير من الضباط الشبان الذين أحيلوا إلى التقاعد إثر ثورة رشيد عالي الكيلاني.
وفي مصر، اتصل الضباط الأحرار برئيس الهيئة العربية العليا لفلسطين الحاج أمين الحسيني، وطلبوا منه التوسط لدى الحكومة المصرية للسماح لهم بالتطوع.
وفي الأردن، التحق عدد كبير من رجال الشرطة بالمجاهدين، وهكذا بدأ تكوين "جيش التحرير" الذي سمي فيما بعد "جيش الإنقاذ"، وأسندت قيادته إلى فوزي القاوقجي اعتبارا من مطلع ديسمبر/كانون الأول 1947.
وهكذا شُكّل جيش الإنقاذ من متطوعين سوريين ولبنانيين وعراقيين وأردنيين ومصريين وسعوديين ويمنيين وعدد قليل من جنسيات غير عربية (من تركيا ويوغسلافيا وألمانيا وإنجلترا)، فجاء تركيبه غير متجانس من حيث الأفراد أو التسليح أو التدريب أو أسلوب العمل.
وقد بلغ عدد الذين تقدموا للتطوع في جيش الإنقاذ نحو 10 آلاف شخص، لكن من سار منهم فعلا إلى فلسطين لم يزد على 4630 متطوعا، وزعوا على 8 أفواج.
دُعيت الأفواج الأول والثاني والثالث منها باسم "اليرموك"، والرابع باسم "القادسية"، والخامس باسم "حطين"، والسادس باسم "أجنادين"، والسابع باسم "العراق"، والثامن باسم "جبل العرب".
وقد دخلت هذه الأفواج الواحد بعد الآخر إلى فلسطين بعد أن تم تدريب أفرادها لفترة وجيزة في معسكرات قطنا قرب دمشق بإشراف عسكريين سوريين.
دور جيش الإنقاذكلفت اللجنة العسكرية من قبل مجلس الجامعة العربية بوضع الخطط والمقترحات العسكرية "الرامية إلى الحيلولة دون تشكيل حكومة يهودية في فلسطين، وإرغام اليهود على القبول بالمطالب العربية"، وكان جيش الإنقاذ -كما هو مفروض- أداة اللجنة العسكرية لتحقيق ذلك.
وقد حدد فوزي القاوقجي الغاية من دخول جيش الإنقاذ إلى فلسطين في خطبة له في بلدية جبع بالضفة الغربية، فقال "هدفنا واحد، وهو إلغاء قرار هيئة الأمم المتحدة بالتقسيم، ودك معالم الصهيونية وتصفيتها نهائيا، وتنفيذ قرارات الجامعة العربية، وتثبيت عروبة فلسطين".
لكن قائد قطعات الإنقاذ في منطقة الجليل المقدم أديب الشيشكلي كان يحمل مفهوما آخر، وكان يرى أن مهام قواته هي "تقوية معنويات الأهل في فلسطين، ومعرفة مقدرة القوات الصهيونية المسلحة هناك، واختبار موقف سلطات الانتداب البريطاني بالنسبة إلى الأعمال العسكرية التي تحدث بين العرب واليهود".
توزيع قوات جيش الإنقاذ في فلسطينومع تزايد صرخات الاستنجاد من عرب فلسطين وتزايد حماسة الجماهير العربية اعتبر فوج اليرموك الثاني بقيادة المقدم أديب الشيشكلي جاهزا للحركة يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 1947 على الرغم من كل ما كان يشكوه من نواقص.
وفي مساء ذلك اليوم تحرك الفوج من معسكر قطنا باتجاه بلدة بنت جبيل في جنوب لبنان، ثم دخل الأراضي الفلسطينية في اليوم التالي، أي في الوقت الذي كانت تدور فيه في ناحيتي الزاوية والقنيطرة ضد بعض مستعمرات الحولة رحى معركة رتبت خصيصا لجلب انتباه العصابات الصهيونية إليها وتحويل أنظارها عن الفوج.
بلدة القسطل أحد الأماكن التي شهدت معركة فاصلة في حرب 1948 (الصحافة الفلسطينية)وكان لدخول فوج اليرموك إلى فلسطين أثر كبير في ارتفاع معنويات العرب فيها، ثم توالى دخول الأفواج على الشكل التالي:
فوج اليرموك الأول بقيادة المقدم محمد صفا (سوري)، وقد دخل فلسطين يوم 22 يناير/كانون الثاني 1948، واتخذ مواقعه في منطقة جنين-بيسان. فوج القادسية بقيادة المقدم مهدي صالح العاني (عراقي)، وقد دخل فلسطين في فبراير/شباط 1948، وكان تحت تصرف قيادة جيش الإنقاذ في قرية جبع. فوج حطين بقيادة النقيب مدلول عباس (عراقي)، وقد دخل فلسطين في مارس/آذار 1948، وتمركز في منطقة طوباس. فوج اليرموك الثالث بقيادة الرائد عبد الحميد الراوي (عراقي)، وقد دخل فلسطين في أبريل/نيسان 1948، وتمركز في القدس ورام الله. فوج أجنادين بقيادة النقيب ميشيل عيسى (فلسطيني)، وقد تولى الدفاع عن يافا وباب الواد. فوج العراق بقيادة المقدم عادل نجم الدين (عراقي) وقد دخل يافا في 16 فبراير/شباط 1948 وتولى قائده قيادة حاميتها، إضافة إلى وحداته. فوج جبل العرب بقيادة الرائد شكيب وهاب (سوري)، وقد تمركز في منطقة شفا عمرو قرب الناصرة.وكانت هذه الأفواج (باستثناء فوج جبل العرب) تشكل مجموعة المنطقة الوسطى التي يقودها القائد فوزي القاوقجي بنفسه.
وقد رابطت في هذه المنطقة إضافة إلى هذه الأفواج سرايا مستقلة، منها السرية اللبنانية بقيادة النقيب حكمت علي، وسرية الفراتين بقيادة النقيب خالد مطرجي.
العدة والإعدادكان هذا الجيش مزودا بخليط من البنادق الإنجليزية والفرنسية والبلجيكية وبعدد قليل من مدافع الهاون المختلفة العيارات وبعض الرشاشات، كما أن سلاح الفوج الواحد لم يكن متجانسا، مما خلق صعوبات جمة في التمرين بالذخائر التي كانت أصلا قليلة جدا.
فقد صَعُب أو استحال الحصول عليها، إذ فرضت الدول الغربية حظرا على بيع العتاد الحربي لدول منطقة الشرق الأوسط، وإن كانت لم تبخل على القوات الصهيونية بالأسلحة والذخيرة، خاصة عن طريق قوات الانتداب البريطاني.
ولم يتوفر لعناصر جيش الإنقاذ الوقت الكافي للتدريب، فكان القسم الأعظم من المتطوعين مدنيين يفتقرون إلى التدريب العسكري الجيد، وفي الوقت نفسه كان الجيش يفتقر إلى العدد الكافي من الأجهزة القيادية والتنظيمية والإدارية، إذ لم يكن لديه في أحسن الحالات سوى نصف العدد المطلوب من الضباط.
أما شؤون الإدارة والتموين فقد أشرف عليها شبان غير عسكريين، معظمهم من الذين عملوا بالميدان الوطني في سوريا.
وكلفت اللجنة العسكرية الدكتور أمين رويحة بالإشراف على الجانب الصحي، فأسس مشفى نابلس الذي ضم 200 سرير، وبقي هذا المشفى يستقبل الجرحى حتى انسحاب جيش الإنقاذ إلى الشمال، فسلّم إلى الجيش العراقي.
الضابط السوري فوزي القاوقجي قائد جيش الإنقاذ خلال حرب 1948 (الفرنسية) معارك جيش الإنقاذكانت معركة جِدّين أولى المعارك التي خاضها جيش الإنقاذ في فلسطين، ففي ليلة 22/21 يناير/كانون الثاني 1948 وبغية الإلهاء عن عملية عبور فوج اليرموك الأول إلى فلسطين شن فوج اليرموك الثاني بقيادة المقدم أديب الشيشكلي هجوما مفاجئا على مستعمرة صهيونية في جدين قرب ترشيحا بالمنطقة الشمالية.
وكان من نتائجها تمكين قوات الإنقاذ من الحصول على أولى المعلومات المؤكدة عن المستعمرات الصهيونية وأساليب الدفاع عنها.
وقد رفعت المعركة معنويات الفلسطينيين، وتبين لقوات الإنقاذ أن قوات العصابات الصهيونية تدافع عن مستعمراتها بضراوة وتعتمد على تحصينات قوية، خلافا للعرب الذين كانوا يقاتلون في أراض مكشوفة.
فالنجدات التي جاءت لمساعدة القوات الصهيونية في جدين واشتبكت مع القوات العربية الأقل منها عددا وعدة لم تظهر ثباتا في القتال، فهزمها العرب بعد أن كبدوها عددا من القتلى والجرحى، في حين أن القوات الصهيونية المدافعة عن المستعمرة رغم خسارتها المواقع الأمامية واشتعال النيران في بعض مبانيها التجأت إلى القلعة، واستمرت في القتال حتى وصلت قوة بريطانية أنقذتها، مما اضطر قوات الشيشكلي إلى التراجع وفقا للتعليمات التي لديها بعدم الاشتباك مع البريطانيين.
وكانت معركة الزراعة هي التالية في سلسلة معارك جيش الإنقاذ، وقد خاضها فوج اليرموك الأول ليلة 17/16 فبراير/شباط 1948 على الرغم من صعوبة الأحوال الجوية والقيود التي تفرضها الأراضي الزراعية المغطاة بمياه الأمطار على التحركات.
وقد تمكنت قوات الفوج من المرور عبر الأسلاك الشائكة المحيطة بالمستعمرة تحت نيران غزيرة صبتها القوات الصهيونية، وتوغلت وخاضت قتال شوارع عنيفا، وقد تمكنت وحدات عربية تمركزت على مشارف المستعمرة أن تقطع الطريق على النجدات المرسلة لدعم حاميتها.
وظهرت بوضوح خلال تلك المعركة رداءة أنواع الأسلحة التي يحملها المقاتلون العرب، إذ تعطل نصفها على الأقل، مما أضعف القدرة النارية للهجوم، وأدى إلى وقوع خسائر كبيرة نسبيا (37 شهيدا وأكثر منهم جرحى) في القوات العربية المهاجمة.
ثم توالت المعارك، ومنها في المنطقتين الشمالية والوسطى معارك مشمار هاعميك والنبي يعقوب وباب الواد والقسطل والقدس وحيفا ويافا والمطلة والمنارة والنبي يوشع والشجرة ورامات يوحانان وطبرية وصفد وعكا والمالكية، وكان جيش الإنقاذ يتّبع في قتاله تكتيكا هو مزيج من القتال النظامي وحرب العصابات تبعا للموقف.
أسباب الهزيمةيذكر قائد جيش الإنقاذ فوزي القاوقجي أنه استعلم من المفتش العام لجيش الإنقاذ اللواء نور الدين محمود عن مهمة هذا الجيش بعد يوم 15 مايو/أيار 1948 المحدد لدخول الجيوش العربية النظامية إلى فلسطين، فأجابه أن "هذا الجيش مرتبط بجامعة الدول العربية، ويحسن بقائده أن يسأل الأمين العام للجامعة"، مضيفا "إذا كنت تريد البقاء بجيشك حيث هو فلا بأس، ولكن مهمتكم تنتهي بعد دخول الجيوش النظامية".
ومع دخول الجيوش العربية النظامية وردت برقيات إلى قيادة جيش الإنقاذ من دمشق وعمّان تلح على سرعة انسحاب الجيش، في الوقت الذي شعر قائده من تصريحات الملك عبد الله الأول أن هذا الجيش سيحل قريبا، فوضع القاوقجي خطة للانسحاب تبدأ يوم 17 مايو/أيار 1948 وتنتهي خلال 3 أيام، وهو ما تم.
وقد كانت الهدنة التي فرضها مجلس الأمن الدولي من أسباب الهزيمة وقلب الموازين لصالح إسرائيل بعد أن كان الوضع الإستراتيجي والعسكري لصالح العرب، إذ ساعدت الهدنة العصابات الصهيونية في ترتيب أوراقها وإعادة تنظيم قواتها وتقوية استعدادها وعتادها العسكري.
ومن جانب آخر، فإن القوات العربية النظامية المشاركة في المعركة تفاعلت من منطلق مصالح بلادها الوطنية، وافتقدت الأنظمة المشاركة الثقة في بعضها البعض، ورفضت كل منها وضع قواتها تحت قيادة دولة أخرى، وهو ما انعكس على ضعف إدارة المعركة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العصابات الصهیونیة القوات الصهیونیة اللجنة العسکریة الدول العربیة الإنقاذ فی إلى فلسطین فلسطین فی فی فلسطین هذا الجیش فی منطقة بعد أن
إقرأ أيضاً:
حقيقة الصهيونية
بقلم:سالم البادي "أبومعن"
من أين أتت فكرة الصهيونية؟؟
تعود فكرة تأسيس الكيان الصهيوني (إسرائيل) إلى المؤتمر الصهيوني الأول، الذي عقد في مدينة بازل السويسرية سنة ١٨٩٧ ، وهو المؤتمر الذي تبنى تأسيس وطن معترف به للشعب اليهودي على "أرض الميعاد"
والذي أسسه (ثيودور هرتزل) الذي يعتبر المؤسس الحقيقي لدولة اليهود رغم أنه لم يزر فلسطين في حياته ولم يتعلم العبرية.
*دورالاعلام الصهيوني* :
وظفت الحركة الصهيونية مفهوم «أرض الميعاد» التوراتي في الترويج لإقامة وطن لليهود في فلسطين التي لم تكن بداية هي الوطن المختار للمشروع بسبب الكثافة السكانية العالية فيها لكنها كانت واحدة من ثلاثة أماكن مقترحه (فلسطين أو الأرجنتين أو أوغندا )، إلا أن فلسطين كانت الأكثر جاذبية للمهاجرين وللممولين لإمكانية ربط المشروع بهدف ديني.
ثم جاءت اتفاقية سايس بيكو في عام ١٩١٦ لتعزز ما أوصى به المؤتمر الصهيوني ، فتعهدت بإنشاء دولة للصهاينة اليهود.
*ما هي الصهيونيه؟؟*
الصهيونية هي فكر أيديولوجي وطني سياسي يدعو إلى إنشاء وطن قومي لمجموعة دينية اجتماعية هي الشعب اليهودي.
ويعتبر اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل مؤسس أو "أبا" الصهيونية السياسية.
بعد تأسيس الصهيونيه في أواخر القرن ١٩ وسط تزايد العداء للساميه في أوروبا استطاعت الحركة تأمين الدعم لها من قبل الحكومات الأوروبية الغربية، وخاصة بعد أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض عربية هي أرض فلسطين التاريخية.
كان هدف الصهاينة الأساسي الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أرض فلسطين التاريخية بأقل عدد ممكن من أهلها الفلسطينيين وما زال الهدف كما هو إلى اليوم .
"الدعاية الصهيونية"
تُركِّز الدعاية اليهودية الصهيونية على أن الفلسطينيين هم الذين باعوا أرضهم لليهود، وأن اليهود إنما اشتروها "بالحلال" من أموالهم ، فلا ينبغي للفلسطينيين أن يطالبوا بعد ذلك بها! .
إن الدعاية الصهيونية في بداياتها ومنذ القرن التاسع عشر ارتكزت على فكرة ("أرض بلا شعب لشعب بلا أرض") ، مُعتبرةً أنه لا يوجد شعب في فلسطين، وأن من حق اليهود الذي لا يملكون أرضاً أن تكون هذه الأرض لهم.
لكنهم ومنذ بوادر الاستيطان الأولى وجدوها عامرة بالحيوية والنشاط يعيش فيها شعب كادح متجذر في أرضه.
ومن الطريف أنه في العقد الأخير من القرن التاسع عشر بعث ماركس نوردو أحد كبار قادة الحركة الصهيونية المقربين إلى هرتزل( مؤسس الصهيونيه ) بحاخامين اثنين ليرفعا تقريراً إلى المؤتمر الصهيوني عن الإمكانية العملية للهجرة إلى فلسطين، وبعد أن رجعا، كتبا تقريراً جاء فيه:
"إن فلسطين عروس جميلة وهي مستوفية لجميع الشروط، ولكنها متزوجة فعلاً"، أي أن هناك شعباً يسكنها وليست أرضاً بلا شعب.
"*الخيانة والغدر والفساد* "
بالرغم أن السلطان عبدالحميد والسلطات المركزية المحليه في فلسطين أصدرت تعليماتها بمقاومة الهجرة والاستيطان اليهودي، إلا أن الخونه والعملاء والفاسدين بالجهاز الإداري العثماني حال دون تنفيذها، واستطاع اليهود من خلال الرشاوى شراء الكثير من الأراضي، ثم إن سيطرة حزب الاتحاد والترقي على الدولة العثمانية وإسقاطهم السلطان عبد الحميد ١٩٠٩ في تلك الفترة ، والنفوذ اليهودي الكبير بداخله، قد سهل استملاك اليهود للأرض وهجرتهم لفلسطين.
ومع نهاية الدولة العثمانية ١٩١٨م كان اليهود قد حصلوا على أراضي واسعه من فلسطين .
"*بريطانيا ودورها القذر*"
عندما وقعت فلسطين تحت الاحتلال البريطاني ١٩١٧ – ١٩٤٨، كان من الواضح أن هذه الدولة جاءت لتنفيذ المشروع الصهيوني وإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وقد استثمرت كل صلاحيات الحكم الاستعماري وقهره لفرض هذا الواقع.
وقد قاومت الحركة الوطنية الفلسطينية الاستيطان اليهودي بكل ما تملك من وسائل سياسية وإعلامية واحتجاجية، وخاضت الكثير من الثورات والمجابهات. وقد تمكن اليهود من الاستيلاء على أراضي واسعه خلال فترة الاحتلال البريطاني.
فقد منحت السلطات البريطانية لليهود من الأراضي الأميرية دون مقابل ،ففي عهد هربرت صموئيل أول مندوب سام بريطاني على فلسطين (١٩٢٠ - ١٩٢٥) وهو يهودي صهيوني ، قام بمنح ١٧٥ ألف دونم من أخصب أراضي الدولة على الساحل بين حيفا وقيسارية لليهود، وتكررت هباته الضخمة من الأراضي الساحلية الأخرى وفي النقب وعلى ساحل البحر الميت.
وكان هناك أملاك إقطاعية ضخمة لعائلات حصلت على هذه الأراضي، خصوصاً سنة ١٨٦٩ عندما اضطرت الدولة العثمانية لبيع أراض أميرية لتوفير بعض الأموال لخزينتها.
وقد حصل اليهود على هذه الأراضي بسبب الظروف القاسية التي وضعت حكومة الاستعمار البريطاني الجائر الفلاحين الفلسطينيين فيها، ونتيجة لاستخدام البريطانيين لأسلوب نزع الملكية العربية لصالح اليهود وفق مواد من صك الانتداب البريطاني على فلسطين، والتي تخول المندوب السامي هذا الحق.
*"الخسارة الحقيقية"*
إن الخسارة الحقيقية لأرض فلسطين لم تكن بسبب بيع الفلسطينيين لأراضيهم وإنما بسبب هزيمة الجيوش العربية في حرب ١٩٤٨م ، وإنشاء الكيان الصهيوني – إثر ذلك – على ٧٧% من أرض فلسطين، وقيامه مباشرة وبقوة السلاح بطرد أبناء فلسطين، والاستيلاء على أراضيهم بالقوة ، ثم باحتلال باقي أرض فلسطين إثر حرب ١٩٦٧ مع الجيوش العربية، وقيامه بمصادرة الأراضي تحت مختلف الذرائع.
*اهداف الصهيونيه الاستراتيجيه* :
حددت دراسة بعنوان "إسرائيل على مشارف القرن الـ21" الصادرة عام 1988م عن معهد "فان لير" الإسرائيلي في القدس الأهداف القومية لدولة الكيان الصهيوني(إسرائيل) على النحو الآتي:
اولا : إقامة إسرائيل الكبري ذات الهوية اليهودية النقية، كقوة إقليمية عظمي مهيمنة، في منطقة الشرق الأوسط
ثانيا : ضمان بقاء الدولة العبرية في الشرق الأوسط داخل حدود آمنة معترف بها دولياً ، وبما يؤمن سيادة إسرائيل على المنطقة سياسياً واقتصادياً، ويمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وفاعلة
ثالثا : احتفاظ إسرائيل بتفوق عسكري كمي ونوعي في المجالين التقليدي وفوق التقليدي على جميع الدول العربية، وبما يمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية
رابعا : استقرار وتنمية الاقتصاد الإسرائيلي باستثمار الإمكانات الذاتية والمساعدات الخارجية على الوجه الأمثل، مع بسط السيطرة على اقتصاديات دول المنطقة بأساليب مباشرة وغير مباشرة، وفتح أسواق جديدة لإسرائيل في جميع دول العالم
خامسا : استمرار البقاء القومي بدرجة عالية من الصلابة ونقاء الجنس اليهودي، وذلك بزيادة حجم القوة البشرية وتحسين نوعيتها من خلال استكمال هجرة يهود العالم لإسرائيل
سادسا : إحياء الحضارة اليهودية بإعادة بعث الروح اليهودية الدينية في المجتمع الإسرائيلي، وتقوية التقاليد اليهودية بين الشباب، وإثراء فكرة الصهيونية كمبدأ أساسي عنصري، وإعادة بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى باعتباره الهدف الأسمى ليهود العالم.
سابعا: تطوير البنية الأساسية القومية المقامة في مجالات العلوم والاتصالات والتقنية الآلية، والصناعات كثيفة العلوم.
ثامنا : تنشيط حركة الهجرة إلى إسرائيل، وبما يؤمن زيادة تعدادها السكاني
الثوابت الأمنية للكيان الصهيوني (إسرائيل) تتمثل من خلال إستراتيجية تطلق عليها (اللاءات العشر) وهي الآتي:
١_ لا للانسحاب الكامل إلى حدود 1967.
٢_ لا لتقسيم القدس.
٣_ لا لسيادة عربية كاملة على جبل الهيكل (المسجد الأقصى).
٤_ لا لدولة فلسطينية ذات استقلال كامل.
٥_ لا لإيقاف علميات الاستيطان أو تفكيك المستوطنات.
٦_ لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين.
٧_ لا لتحالف إستراتيجي عربي يضم بعض أو كل دول المواجهة والعمق العربي.
٨_ لا لامتلاك أي دولة عربية برنامج نووي.
٩_ لا لأي خلل في الميزان العسكري القائم حالياً بين العرب وإسرائيل.
١٠_ لا لحرمان إسرائيل من مطالبها المائية في الأنهار العربية.