واصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعاته في السرايا، في إطار مراجعة جهوزية الوزارات والادارات اللبنانية والمؤسسات المعنية في حال حصول أي طارئ.

فرضت التطورات الأخيرة والتهديدات بتوسّع الحرب إعادة إحياء عمل لجنة إدارة الكوارث الوطنية التي كثّفت اجتماعاتها في اليومين الماضيين، وبحثت مع ممثلي المجتمع الدولي من منظمات وهيئات، سبل مواجهة سيناريوَين مُحتملين لتوسّع العدوان الإسرائيلي على لبنان.

الأول، وفق وزير البيئة ناصر ياسين الذي يرأس خطة الطوارئ، توسّع رقعة النار لتطاول قرى وبلدات تُعدّ حالياً خطوطاً خلفية وتستقبل نازحي قرى الحافة الأمامية، ما يؤدي إلى نزوحِ حوالي 150 ألف شخصٍ يُضافون إلى 100 ألف نازحٍ حالي. وفي حال افتراض استمرار الحرب مدى ثلاثة أشهر، ستبلغ كلفة عمليات الإغاثة وفق هذا السيناريو نحو 146 مليون دولار. أما السيناريو الثاني، الذي تتحسّب له الحكومة، فهو أن يشهد لبنان حرباً واسعة، شبيهة بحرب تموز 2006، تؤدي إلى نزوح قرابة مليون شخص، تتطلّب عملية إغاثتهم على مدى ثلاثة أشهر 307 ملايين دولار.التحدي الأساسي يكمن في التمويل، وسط انعدام الوعود الدولية بدعم لبنان. وفي السياق، يُشير ياسين إلى أنّ كلفة إغاثة 100 ألف نازحٍ حالي قُدّرت بـ72 مليون دولار، لكنّ المنظمات الدولية لم تُساهم إلا بـ27 مليوناً، أي إنّ الاستجابة طاولت 34% فقط من مجمل الحاجات. فيما اقتصرت مساهمة الدولة على 10 ملايين دولار، من أصل 72 مليوناً، وعلى اعتمادات وزارتَي الأشغال والصحة ومجلس الجنوب والدفاع المدني، كل ذلك يشكّل حوالي 5% فقط من مجمل ما تحتاج إليه عمليات الإغاثة في حال توسّع الحرب، نظراً إلى كون الاعتمادات عند إقرارها لم تأخذ في الحسبان حينها سيناريو الحرب الشاملة. هو ما يعكس برأي ياسين «عمق المشكلة، المتمثّلة بشح الأموال بشكلٍ أساسي، وبإدارة الأزمة بين الجهات المختلفة بالدرجة الثانية، كون لبنان للمرة الأولى يعمل على التحضير المُسبق للعدوان».

وكتبت" الاخبار": فيما تكمن المشكلة الأساسية في الإيواء، ترتكز خطة الطوارئ الحكومية على تحويل المدارس الرسمية والمجمعات الكشفية إلى مراكز إيواء للنازحين المحتملين من مناطق الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. ووفق ياسين قدّمت وزارة الشباب والرياضة جردةً بالمجمعات، وطلبت لجنة الكوارث من وزير التربية عباس الحلبي تقديم لائحةٍ بالمدارس الرسمية كافة في مناطق الشوف وعاليه والمتن والشمال وبيروت والبقاع الغربي، ولائحة أخرى بالمدارس التي يُفضّل تأجيل استخدامها، بعدما طلبت وزارة التربية أكثر من مرة استثناء مدرسة هنا ومدرسة هناك، إما بحجة أنّها مرمّمة حديثاً، أو تحتوي على ألواحٍ ذكية. إلا أنّ ياسين يؤكّد أنّه إذا استدعت الحاجة ستُفتح كل المدارس.

لكنّ تحويل المدارس إلى مراكز إيواء ليس بالأمر السهل. فالمباني المهترئة وبنيتها التحتية غير الصالحة، هي موضع معاناة وشكوى من التلامذة والكادر التعليمي، ما يجعلها غير صالحة لاستقبال العائلات النازحة. وعليه، يطمح ياسين أن تنجح الجهود في تجهيز المدارس قبل أي تطور، لجهة ترميم بنيتها التحتية، من مراحيض وخزانات مياه، واستحداث أماكن مخصّصة للاستحمام، والتمكن خلال 24 ساعة من بدء النزوح من تأمين الفرش والمواد الغذائية وغيرها من المستلزمات الأولية للسكن. لذلك، يُعد بند الإيواء من أكثر العناوين الحساسة التي يعتريها الضعف نظراً إلى واقع المدارس الرسمية، إذ يؤكّد ياسين أنّ 18 مدرسة جاهزة لوجستياً لاستقبال النازحين، في حين أن الحاجة ستكون إلى عشرة أضعاف هذا العدد.
ووفق معلومات «الأخبار»، طلب الحلبي من إدارات المدارس في نطاق النبطية وصور وصيدا التعاون مع لجنة تنسيق عمليات مواجهة الكوارث للقيام بما يلزم على صعيد التجهيزات، باعتبار أنّ تلك المدارس قد تكون في المرحلة الأولى وجهةً لمزيد من النازحين، إذا ما بقيت العمليات العسكرية محدودة جغرافياً.

لدى لبنان موادّ غذائية تكفي لمدة أربعة أشهر، واتُّخذ في اليومين الماضيين قرار بإفراغ المخزون الموجود في مرفأ بيروت وتقسيمه على مخازن في المناطق بهدف تسهيل عملية توزيعها، لكن المشكلة هي في ضمان إيصالها في حال لجأ العدو إلى تقطيع أوصال المناطق بعضها عن بعض، سيّما أن أصحاب السوبرماركت أبلغوا أن قدرتهم التخزينية لا تتعدى الأسبوعين. وهنا يلفت ياسين إلى أن لدى وزارة الأشغال تصوراً لتجهيز طرقات بديلة، كما أنّ برنامج الأغذية العالمي تعهّد بالمساعدة.
خمسة أسابيع فقط هي المدة التي يتم فيها تخزين المحروقات في لبنان بشكل عام. أما المستشفيات فتراوح قدرتها على التخزين بين أسبوع وثلاثة، في حين أن قدرة الأفران على تخزين المحروقات أقل من ذلك، ما يشكل وفق ياسين، تحدياً إضافياً لضمان تزويد المستشفيات وسنترالات «أوجيرو» ومحطات الوقود والأفران بالوقود بشكل دائم.

في السياق ذاته، أكّد ياسين أنّ وزارة الصحة عملت بالتعاون مع المستشفيات الحكومية والخاصة، على علاج الجرحى وفق معادلات أخذت في الاعتبار التسعيرة الجديدة التي وافقت عليها المستشفيات الخاصة. يبقى لافتاً في هذا المجال، حسب المعطيات أنّ مفوّضية شؤون اللاجئين، لم تتجاوب مع طلب وزير الصحة فراس الأبيض تغطية علاج الجرحى السوريين المحتملين، متذرّعةً بشح القدرات المالية.
ورأى وزير الاقتصاد أمين سلام أن «الحرب الحالية تضع الحكومة أمام اختبار جدي، هو تحقيق الأمن الغذائي ووصول السلع التموينية والمواد الأولية إلى لبنان الذي يستورد أكثر من 90 في المائة من حاجاته، ولا يغطي إنتاجه منها سوى 10 في المائة»، مؤكداً أن «وزارة الاقتصاد تعمل في حال طوارئ منذ 3 أعوام، لهذا نحن نطمئن الناس على الأمن الغذائي».

وأشار إلى أن «ثمة اجتماعات كثيفة منذ أسبوع مع مختلف النقابات المعنية بالأمن الغذائي والمخزون الاستراتيجي من السلع والمواد الأولية». وقال إن «النقابات طمأنتني أن السلع الغذائية والمواد الأولية تكفي لمدة 3 أشهر مقبلة، وثمة شحنات مقبلة إلى مرفأ بيروت تصل خلال الأسابيع الآتية أيضاً تكفي لشهرين إضافيين، أي أنه لدينا مواد غذائية واستهلاكية تكفي استهلاك البلاد لمدة 5 أشهر مقبلة».

من جهته، قال نقيب مستوردي المواد الغذائية، هاني بحصلي، بعد لقائه ميقاتي: «ليس هناك من تهافت على الأصناف»، وأن «هناك بضاعة متوافرة للجميع». ونقل عن رئيس الحكومة «استمرار الجهود الدبلوماسية لعدم اتساع الحرب».
بري
كما اجتمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية واطلع منه على الاجراءات والخطوات التي اتخذتها الوزارة وأجهزتها لتأمين استمرار العمل في المرافق العامة لا سيما في مطار رفيق الحريري والمرافئ البحرية والبرية.


كما ان محافظ بيروت مروان عبود عقد اجتماعاً في غرفة عمليات خلية متابعة مخاطر الكوارث والأزمات في بيروت المنبثقة عن الهيئة التنظيمية لإدارة مخاطر الكوارث والأزمات الوطنية، بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني وانضم إلى الاجتماع النائبان ابراهيم منيكنة وملحم خلف.
وأفادت دائرة العلاقات العامة في بلدية بيروت بأن "منيمنة وخلف حضرا للإطمئنان إلى حسن سير العمل ووضع خبراتهما وامكاناتهما في تصرف اللجنة"، وأشارت إلى أنه "تم الاطلاع على الاطار العام الذي يتم وضعه لخطة الاستجابة والآلية اللازمة لإدارة الكوارث، في حال حصولها والبقاء على جهوزية عالية لمواجهة أي مخاطر قد تنتج في حال شن العدو الإسرائيلي حرباً على مدن آمنة أو قريبة من العاصمة بيروت.

كما جرى شرح موسّع لخطة الاستجابة، التي سيتم العمل بها من أجل تحديد نقاط التجمع الآمنة للنازحين باتجاه العاصمة وتأمين وتجهيز مراكز الايواء في مدينة بيروت، بالتنسيق مع الجهات المعنية وتأمين كل الحاجات من قبل المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية الفاعلة".
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إلى أن فی حال

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء لبنان: نعول على دعم العرب للتعافي مع آثار العدوان الإسرائيلي

هنأ رئيس وزراء لبنان، نجيب ميقاتي، الرئيس عبد الفتاح السيسي على المنشآت العظيمة التي تحتضن القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي.

وتطرق «ميقاتي» إلى الأوضاع في بلاده، موضحًا أن لبنان، الصامدة بالصبر والإيمان، تتطلع إلى مستقبل أفضل، ولم يكن ليتحمل التحديات الكبيرة لولا جهود الدول العربية ومحبتها، التي كانت الداعم الرئيسي في مواجهة الأزمات.

وأكد «ميقاتي» في الكلمة التي تم بثتها عبر قناة «إكسترا نيوز»، أن لبنان يعتمد كثيرًا على دعم الدول العربية لتخطي محنته، والانتقال إلى مرحلة التعافي من تداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير.

 القمة تحمل رسالة أمل للبنان

وأضاف أن القمة تحمل رسالة أمل للبنان، الذي يظل شريكًا فاعلًا في اللقاءات الدولية لمناقشة القضايا المشتركة، والبحث عن حلول للأزمات المتفاقمة، متسائلًا: «هل سيستمر العدوان الإسرائيلي على لبنان وسوريا وغزة، في وقت بلغ فيه عدد الشهداء والجرحى في كافة الدول أرقاماً غير مسبوقة؟». 

العدوان الإسرائيلي لم يوقف عجلة التنمية

وأكد أن الحديث عن التنمية لا يمكن أن يستقيم في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للأراضي والسيادة اللبنانية، داعيًا إلى احترام الشرعية الدولية وتطبيق القوانين المعنية، بدءًا بالقانون الدولي الإنساني والضغط على إسرائيل، مشيرًا إلى أن العدوان الإسرائيلي لم يوقف عجلة التنمية في لبنان فحسب، بل عكست تأثيراته تراجعًا كبيرًا في العديد من القطاعات.

العدوان أدى إلى تهجير أكثر من مليون لبناني

وكشف عن حصيلة العدوان التي أسفرت عن مقتل أكثر من 4 آلاف شخص، بينهم 290 طفلاً و790 امرأة، إلى جانب إصابة أكثر من 14 ألف شخص، مضيفًا أن العدوان أدى إلى تهجير أكثر من مليون لبناني، موضحًا أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن تكلفة إعادة الإعمار ستتجاوز 5 مليارات دولار لتأهيل المنشآت الحيوية، مثل محطات ضخ المياه والمدارس وأبراج الاتصالات.

 لبنان بدأت في مسح الأضرار الاقتصادية

وأوضح أن لبنان بدأت بالفعل في مسح الأضرار الاقتصادية والبيئية والزراعية، حيث دمر العدوان آلاف الهكتارات الزراعية، وأدى إلى تدمير سبل العيش لمئات الآلاف من اللبنانيين، ما خلق أكبر حالة تهجير في تاريخ البلاد، مؤكدًا أن التنمية لا تتحقق إلا بوقف الحروب المدمرة، وضرورة انسحاب الجيوش المحتلة، وتحقيق العدالة للشعوب، ما يتيح لها تحديد مصيرها واكتساب سيادتها على أراضيها، متابعًا أن التنمية تقوم على التعاون والعمل المشترك، معرباً عن أمله في أن يسهم المؤتمر في دعم لبنان لتجاوز محنته وإعادة بناء مسار التنمية المستدامة.

في ختام كلمته، أشار «ميقاتي» إلى تأكيد الرئيس السيسي موقف مصر الثابت في دعم لبنان، ورفض المساس بأمنه واستقراره وسيادته، مشدداً على أن هذا الموقف يعكس العلاقات الصادقة بين مصر ولبنان.

مقالات مشابهة

  • بعثة الأمم المتحدة تزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • زيارة أممية لمواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • ياسين والحلبي التقيا فليتشر وبحثا في دعم المتضررين من العدوان الإسرائيليّ
  • اجتماعات حكومية مع الهيئات الدولية لدعم لبنان في اعادة الإعمار
  • القاهرة الإخبارية: القطاع الصحي في لبنان الأكثر تضررًا من العدوان الإسرائيلي
  • القصبي يرأس وفدًا من 20 جهة حكومية لبحث التوجهات الجديدة في قانون التجارة الرقمية مع (الأونسيترال)
  • «القاهرة الإخبارية»: القطاع الصحي في لبنان الأكثر تضررا من العدوان الإسرائيلي
  • حماس: أسوأ الكوارث الإنسانية تحدث بغزة الآن
  • الهيئة الدولية لدعم فلسطين: نثمن الجهود المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة
  • رئيس وزراء لبنان: نعول على دعم العرب للتعافي مع آثار العدوان الإسرائيلي