الموت المعلن لود ميرغني ورفيقه: إحداثيات الإفناء
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
خالد فضل
يا لهف قلبي وانفطار الفؤاد , البنيات الصبايا والطفلات والولد اليتيم , وعائلة مكلومة وأسرة مثلومة , جيران وأصحاب متوجسين , مرتجفين , خائفين , يزعمون تماسكا ودواخلهم مثل حبات الرمل لا تتماسك أبدا , فقط يوحدها الهاجس المقيم , متين تنقشع غمة الحرب اللئيمة , الخطوات واجفة , الأعين زائغة النظرات , ربنا استر من الجاي , الدمع حبيس المآقي , فتر الدمع فتر الدمع يا مولاي , تعب الطين تعب الطين .
السخيلات يتقافزن ببهجة وحبور , ذاك عتود يتواثب في مرح , وثغاء أمهات عنزات ساعة المغيب فرحا بمعانقة الجنا , الذي يلثم الضرع بشهوة وجوع في منظر بديع يسر سعاة البهائم , ويغيظ الحاسدين , والحسبة في الرأس تدور , بكرة شايل السوق ؛ ساشتري لك لبسة العيد , ولن أنسى الشبشب الجديد , أما التوب فواجبا شديد , شان ما تنكسفي يوم لو جاراتنا جن ماشات لصفاح أو بيريك نجاح ده الواجب إذن !
يا زول الصعيد مطر , مراحي قدامي شان المرعى الخصيب , شهر شهرين بالكتير وأعاود الديار , هذه منتهى الآمال , ومن عنزة عنزتين , وشقاوة ومعافرا بدأ القطيع يزيد , أحمد ود ميرغني يا المكتول غلط , إذ أنّك لست مخبرا في الجيش ؛ العدو المتوهم , لست استخباراتيا تخبئ الإحداثيات , كل استخباراتك : الشارع الممشي بوين حتى تلحق بالمراح , كل ما يمكن أن تخبئه شوية جنيهات لا تساوي بانهيار العملة عشرات الدولارات , مصاريف للبنيات المزلزلات بالتهجير والنزوح وين وعلى وين ؟ وأنت لا تعرف الفلول وهنّ كذلك !
إنها من الجراح الغائرة عميقا في القلوب , مقتل ود ميرغني ورفيق له كانا عائدين للتو من القرية المكلومة بالنزوح القسري للقرويين الذين لسان حالهم زي الحال ده ما شافوه يوم , تقول الرواية المتطابقة , المنقولة محدثا عن محدث , حاول الفرار خوف السلب , ولكن كان الرصاص أسرع ؛ رصاص الخوف من الإبلاغ عن موقع التمركز , وكان الرصاص سريعا كما هو مسمى الجند في القوات التي تحمله وتطلقه عشوائيا في عديد المرات , إنها الحرب , مقتلة الوليدات واغتصاب البنيات وإذلال الآباء والأمهات ومصارع الأطفال بالجوع سوء التغذية والأمراض المعديات . إنها الإنتهاكات , لحق الحياة مبتدأ ولكل حق يلي ذاك , وقصة الموت المعلن لود ميرغني ورفيقه الذي لا أعرف اسمه تغوّر الندوب على خاطر الحس الإنساني فيرفع الصوت عاليا , كفاية كفاية , ينهض فصيل المعلمين السودانيين بقيادة لجنتهم الوقورة ( المعلمون دعاة سلام _ المعلمون بناة حضارة ) , يتنادى الصحفيون السودانيون بنقابتهم المهيبة : ( لا تنسواالسودان ) تتضامن الحارسات ويناصرن المتضررين ( لا تغمضوا أعينكم عن المجاعة في السودان ) , وتكشف (همّة) عن همة عالية إحساسا ب ( قدح الخير ) لدعم الأطفال الجوعى في السودان . وكل فعل مدني رشيد , المطابخ الجماعية المجانية , غرف الطوارئ , تشكيلات الأطباء , محامو الطوارئ , المغتربون , المهاجرون , المسعفون , المدافعون عن حقوق الإنسان, النساء , الشباب , الأطفال , النازحون , اللاجئون , المرضى , المعاقون , العالقون , الواصلون , المفقودون , الخائفون من حمم الطائرات والمسيرات والراجمات والكلاشات والدوشكات , ومن جور الإتهامات بالباطل ؛ مؤيد للدعم السريع مقابل عنصر استخبارات الجيش , الكل متهم ونادرا ما تثبت البراءة ؛ أحيانا كثيرة تكون البراءة بعد تنفيذ (حكم قراقوش) القتل والسحل والتمثيل بالجثمان وبقر البطون ومضغ الكباد يا لبشاعة الحرب . لازم تقيف . والرحمة والمغفرة لود ميرغني ورفيقه ولكل الضحايا الذين هم أرقام بلا حصر دقيق , تبا لدعاة الحرب تبا .
الوسومخالد فضلالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: خالد فضل
إقرأ أيضاً:
للسياسيين فى (قراند بورتسودان).. السودان لم يعد كما كان
لا ادري هل تدرك قوانا السياسية فى الحكومة والمعارضة ان هنالك ثمة واقع جديد شكلته الحرب ام لا، ولكن عليهم ان يدركوا ان السودان بعد الحرب لن يحكم بالطرق القديمة وان هنالك (ماكيت جديد لنج)، انتجته ديناميكية المعركة سيكون ناظما للحراك المستقبلي فى اي مسعى لترتيب مشهد الحكم فى البلاد.
صعدت اثناء هذه الحرب قوى سياسية ومجتمعية، لم تدخل ميدان المعركة عبر اللافتات السياسية ولا المنصات الحزبية، باتت جزءا من تشكيل النسيج المؤثر فى تحريك خيوط الترتيب للمشهد القادم، وفي المقابل سقطت قوى اخرى من وجدان الشارع والناس لانها ابدت تماهيا مع انتهاكات المليشيا وفشلت فى امتحان الوطنية المكشوف وسقطت وسقطت وخسرت قلب المواطن الذى بحث عنها فى عز محنته فلم يجدها..
لا اعتقد ان بيئة مابعد الحرب ستكون مناسبة لحكم الأحزاب ووجودها على سدة الحكم، الاجدي ان تكون هنالك فترة انتقالية طويلة تعتمد التكنوقراط بوجود الجيش بعيدة عن عبث الممارسات القديمة، مرحلة يتعافى فيها الوطن من جراح الحرب، تعده الى مرحلة الانتخابات بعد تعقيمه وعلاجه من امراض الفساد السياسي والتسلط على رقاب الناس.
والافضل للاحزاب خلال هذه المرحلة ان تعود الى دورها وتنظم قواعدها – ان وجدت- وتقدم برامج حقيقية بعيدا عن الاكلشيهات المرحلية والهتافات والشعارات الزائفة، واستدعاء البطولات من كتب التاريخ.
الواقع السياسي القادم لن يتجاوز باي حال من الاحوال القوى الجديدة وتيار الشباب الثائر المرابط فى الخنادق والممسك بالبنادق، فهم يمثلون سلطة الشعب ، لم يستاذنوه ولم يقدمهم ولكنه علم باخلاصهم ووطنيتهم واعتمدهم زادا لمقبل الايام فى سودان ما بعد الحرب.
غير الممسكين بالزناد- الذين تدافعوا لتحرير السودان شبرا شبرا – هنالك ايقونات مدنية وتنظيمات شبابية صعدت مع الحرب عبر رافعة الافعال لا الاقوال ، وصارت معتمدة لدى الشارع وسيكون لها دور تاريخي مؤثر بعد الحرب ، فقد وجدهم الناس فى تنظيم التكايا وتقديم العلاج وتبني المبادرات الخيرة يهشون عنه الجوع والمسغبة ويطردون المرض عن جسده المنكوب ويحفظون حقه فى العيش بعزة وكرامة.
على قوانا السياسبة التى تجتمع فى بورتسودان الان ضمن مبادرة الحوار السوداني لتشكيل مرحلة مابعد الحرب بالتزامن مع اعلان تعديلات الوثيقة الدستورية، وتشكيل الحكومة الجديدة عليهم ادراك ان السودان الجديد فى مرحلة ما بعد الحرب لن يحكم بذات الادوات القديمة التى اورثتنا ما نحن عليه من دمار وحرب هددت وجود الدولة السودانية ووضعتها امام اصعب امتحانات البقاء على قيد الحياة..
الذين يحاولون اختطاف سلطة ما بعد الحرب ليتهم سجلوا زيارات الى المناطق المحررة ، واستمعوا لحماس الشباب الثأئر فى الخطوط الامامية ووقفوا على فيوض الوطنية التى تتدفق من الحناجر والخنادق، وعايشوا رهق اللحظات العصيبة للمشاركين من المجاهدين والمستنفرين وبراؤون وحتى منسوبي ثورة التغيير السودانية، هذا الامر عبر عنه الفريق اول ياسر العطا عضو مجلس السيادة ، مساعد القائد العام للجيش بقوله (كيزان يقاتلوا معانا فوق راسنا شباب غاضبون يقاتلوا معانا فوق راسنا شباب المقاومة يقاتلوا معانا وفوق راسنا)، وربما التقطه الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، القائد العام للحيش في تاكيده خلال لقائه بالرموز المجتمعية فى ام درمان مؤخرا بوجود تشكيلات شبابية صاعدة.
لو كنت مكان القائمين على امر الدولة لاستصحبت السياسيين المرابطين فى (فندق القراند) ببورتسودان الي مناطق العمليات والمواقع المحررة ليروا بام اعينهم ويدركوا ان امر السلطة فى السودان لن يعود مثلما كان ، وان زمن المحاصصات وعهد الانقياد الاعمى للولاءات القديمة قد انقضى وان زمان ( حيكورة) السلطة لفلان او علان قد مضى الى غير رجعة..
رأينا شباب القوى الجديدة فى الخطوط الامامية وفي المواقع المحررة ، يتدفقون كما السيول الجارفة يجمعهم حب الوطن ويؤلف بينهم الكاكي، شرف الجيش والوطن، يقبلون على حب البلد بافئدة خالية من ( كلسترول السياسة)، همهم بقاء السودان واحد موحدا وعزيزا كريما.. رايناهم فادركنا ان قوى حديثة تنهض متجاوزة الاحزاب المتكلسة وفشلها التاريخي..
لن نقول ان من يوجدون فى الخنادق الان ويمسكون بالبنادق يريدون السلطة، ولن ندعو كذلك لمحاصصة تاتي حسب مستوى المشاركة فى الحرب ولو قلنا ذلك سنكون محقين ، ولكن نوصي قوانا السياسية بان تستصحب الواقع الجديد فى سعيها للحفاظ على نفوذها السلطوي وحصتها فى كعكة الامتيازات.. فالسودان لم يعد كما كان… والشعب كذلك..
*محمد عبدالقادر*
صحيفة الكرامة
إنضم لقناة النيلين على واتساب