قصة الطيران العماني بين الملكية والخسائر والتعافي يسردها خبير اقتصادي
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
أثير – ريما الشيخ
شهد أمس الأول الإثنين الإعلان عن خطة التحول نحو الاستدامة المالية لشركة الطيران العماني التي تضمنت تشكيل مجلس إدارة واحد لشركات قطاع الطيران الحكومية، وهي الطيران العماني، ومطارات عمان، وترانزوم، والسوق الحرة، بالإضافة إلى عدد من الإجراءات كشفها معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، رئيس مجلس إدارة الطيران العماني في مؤتمر صحفي.
حول هذا الجانب تواصلت “أثير” مع الدكتور أحمد بن سعيد كشوب، رئيس مركز المؤشر للاستشارات الاقتصادية والمالية، الذي أوضح بأن شركة الطيران العماني تأسست في 1981م وهي من أوائل الشركات التي أدرجت في بورصة مسقط “سوق مسقط للأوراق المالية سابقا”، وأصبحت تحت إدارة الحكومة كإدارة مباشرة، كشركة مساهمة عامة، لكن بسبب تراكم الخسائر وعدم تمكنها من توزيع الأرباح؛ اتجهت الحكومة إلى شراء حصص الأفراد الذين يملكون أسهمًا في الشركة بـ 3 ريالات عمانية للسهم في ذلك الوقت وتم إعادة دعم الشركة من وزارة المالية.
المجموعة العمانية للطيران
أشار الدكتور إلى أن الشركة انتقلت إلى مرحلة جديدة بعد ضمها إلى مجموعة الطيران؛ حيث كان من المتوقع من هذه المجموعة أن يكون لها دور في تقليص الخسائر وتعظيم الإيرادات لكن مع بداية عام 2021م وبسبب الأوضاع الاقتصادية ومع تبعية المجموعة لجهاز الاستثمار العماني، تم حل المجموعة، وإبقاء شركتين فقط هما الطيران العماني والشركة العمانية لإدارة المطارات.
وذكر: لم يتحقق المرجو بسبب جائحة كورونا التي شلت حركة الطيران وبالتالي توقف النقل الجوي، على الرغم من ذلك استمر قطاع الشحن الجوي وارتفع خلال عامي 2020- 2021م بنسبة 100٪ ، وفي عام 2022م ارتفع بنسبة 116٪، وفي الربع الأول من هذا العام 2023م ارتفع بنسبة 160٪ حيث يملك الطيران العماني 45 طائرة وعدد العاملين فيه 3575 موظفا منهم 2803 عمانيين.
تراكم الخسائر
أوضح الخبير الاقتصادي أحمد كشوب بأن خسائر الطيران العماني عبارة عن تراكمات من عدة سنوات؛ حيث بلغت الخسائر قرابة 1.3 مليار ريال عماني، وبالنظر إلى عامي 2021 و 2022، فقد تقلصت الخسائر بنسبة 25% وبدأت الإيرادات ترتفع بشكل تدريجي، وحسب الدراسة فإنه من المتوقع أن تتقلص الخسائر إلى قرابة 15% خلال العام الجاري ومع بداية العام القادم.
الطيران الوطني
أشار كشوب في حديثه الخاص لـ “أثير” إلى أن مفهوم الطيران العماني هو طيران وطني، والطيران الوطني عادة يعد إحدى الإستراتيجيات وخطط الرؤية في أي دولة من الدول. كما يعد محورا من المحاور الأساسية التي تسهم في تحقيق مستهدفات الرؤية، فرؤية عمان 2040 تعتمد أيضًا على توسعة القطاع السياحي، الذي يحتاج إلى تعزيز منظومة الطيران سواء من حيث الكفاءة، مثل كفاءة الأداء أو الكفاءة المالية أو الكفاءة البشرية والاستدامة والحوكمة، وكذلك إعادة الهيكلة فيما يتعلق بمنظومة الخطوط الجوية، والعمل على تقليص الخسائر ورفع وتعزيز الإيرادات للشركة وفق الهيكلة الجديدة.
إعادة النظر في الوجهات
يرى د.كشوب بأن إلغاء المنافذ أو الخطوط التي يتم العمل عليها في مسألة الهيكلة هو الحل الأفضل؛ فمن منظوره الخاص يعتقد بأن هذا التوجه سيكون جيدا، مضيفًا “لكن أحيانا قد تتخذ بعض الإجراءات تحت شعار تقليص الدين أو تخفيض التكاليف، وللأسف الشديد بعض هذه الإجراءات إذا اتخذت قد يكون لها تأثير سلبي أكثر من الإيجابي، على اعتبار أن النظر إليها من الشق المالي فقط وليس من الشق الاقتصادي والتجاري. ومن خلال تجاربنا مع بيوت الخبرة العالمية، فإنها تعمل على ما يريده طالب الخدمة، لكن ما الذي نستهدفه، هل تحقيق إيرادات أم تقليص الخسائر؟ أي إنه يمكن رفع الطاقة التشغيلية وتعزيز الموارد البشرية، وفي هذه الحالة يمكن أن نحقق الأهداف المعتمدة، لكن عملنا الحقيقي هو قطاع النقل أي قطاع خدمي، وفي حال لم يتم تطويره ورفده بالكفاءات المتخصصة وكذلك الرفد المادي لن يصل إلى مستوى الأداء المستهدف.
ما الذي يحتاج إليه الطيران؟
يرى كشوب بأنه يجب أن تتضمن إستراتيجية التوزان بين اعتباره ناقلا وطنيا وناقلا تجاريا، ويمكن أن تشمل إستراتيجية الشركة آلية التعاون والتكامل مع القطاع الخاص سواء في تخصيص بعض الخدمات أو مجال الطيران الاقتصادي، ولشركات الطيران المحلية أن يكون دورها على مستوى السوق المحلي مع توفر الدعم الحكومي.
هل أحيل الطيران إلى الحكومة؟
قال كشوب بأنه يرى بأن إحالة شركة الطيران العماني إلى وزارة المالية هو قرار إستراتيجي وربما مرحلي إلى حين التعافي، خصوصًا وأن القطاع يحتاج إلى ضخ بصورة مستمرة من قبل الحكومة، وجهاز الاستثمار العماني هو جهاز استثماري يُعنى بتعظيم الإيرادات.
تخفيض الديون
لا يعتقد كشوب أن خفض الديون من الممكن أن ينتهي خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة، وربما سيحتاج إلى خمس أو سبع سنوات، على اعتبار أن هناك منافسة شرسة من خطوط طيران خليجية وعالمية، وبتكاليف ربما تكون أقل بـ 5 إلى 10 ٪ عن الطيران العماني.
وفي ختام حديثه مع “أثير“، قال د.أحمد كشوب بأن مجلس الإدارة سيتشكل في تاريخ 19 من هذا الشهر، ويفترض أن يتم تسمية أعضاء مجلس الإدارة – ويتمنى أن يكون مجلسا من أفضل الكفاءات الوطنية والخبرات العالمية- ، ووفق تصريح لمعالي المهندس وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات رئيس مجلس إدارة الطيران العماني بأنه بنهاية هذا العام سيكون لديهم الاكتفاء الذاتي أو ربما لا يلجؤون للحكومة لأخذ أي تمويل، وإنما سيكون تمويلا ذاتيا من الشركة نفسها، وغالبا ما يحدث هذا مع الشركات عن طريق رهن بعض الأصول.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الطیران العمانی
إقرأ أيضاً:
وزير النقل: تقليص 200 مليون ريال من الخسائر .. والوصول إلى نقطة التعادل في 2027
- مطارات عمان تحقق أعلى أرباح منذ التأسيس بنسبة 43%
- نقل أكثر من 5.4 مليون مسافر في عام 2024
- تحقيق أعلى معدلات إشغال للمقاعد بنسبة 88%
نظّمت شركتا "مطارات عُمان" والطيران العُماني لقاءً صحفيا مشتركا يستعرض أبرز إنجازات عام 2024، وتسليط الضوء على خطة التحول الاستراتيجي والخطوات المستقبلية لنمو مستدام لقطاع الطيران في سلطنة عُمان، وأقيم اللقاء برعاية معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي، وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، ورئيس مجلس إدارة الشركتين، كما شهد اللقاء حضورا رسميا وإعلاميا بارزا، إلى جانب ممثلين عن الجهات المعنية والشركاء الاستراتيجيين.
وأكد معالي المهندس سعيد المعولي أن الاستراتيجية الشاملة لعملية التحول في الطيران العُماني، حققت نتائج إيجابية في توسع شبكة الوجهات وزيادة الأرباح وعدد المسافرين المباشرين وتحسنًا في الوضع المالي؛ إذ تم تقليص نحو 200 مليون ريال عُماني من خسائر الشركة خلال العامين الماضيين وأن الشركة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق التوازن المالي متوقعًا الوصول إلى نقطة التعادل في عام 2027، مشيرًا إلى أن مطارات عُمان شرعت في مسار مماثل لتبسيط العمليات وتعزيز تجربة المسافرين وتحسين الأداء التجاري.
وأكد معاليه على أهمية التعاون المتكامل بين “مطارات عُمان” و”الطيران العُماني” في رفع جودة الخدمات وتحقيق التنافسية في السوقين الإقليمي والدولي، من خلال رؤية موحدة واستراتيجية تقوم على الابتكار والاستدامة والربط العالمي.
وفي إطار إعادة الهيكلة، أوضح معاليه بأن شركة مطارات عمان خفضت أسطولها بنسبة 33% من خلال التخلص من الطائرات القديمة، إلا أن نسبة تراجع عدد المسافرين على متن الطيران العُماني كانت أقل بكثير، إذ لم تتجاوز 13%. كما حققت الشركة أعلى معدلات إشغال للمقاعد في تاريخها بنسبة 88% خلال يناير وفبراير 2025، ما يدل على تحسن نوعية الإيرادات.
كما وأكد أن مطارات عُمان بدأت أول تجربة تشغيل خارجية من خلال اتفاق مرحلي مع مطار كربلاء في العراق، مما يعزز التوجه نحو التوسع الدولي المدروس كوسيلة لزيادة الإيرادات.
أما فيما يخص القوى العاملة، فقد كشف أن عدد الموظفين في الطيران العُماني تجاوز الحد الطبيعي مقارنة بحجم الأسطول في عام 2019، إذ بلغ 4300 موظف، بينما العدد المثالي يقدر بـ 2700. وضمن خطة الترشيد، جرى تخفيض العدد إلى 3300 موظف، مع منح خيار التقاعد الطوعي لنحو 310 موظفين عمانيين، تلقى معظمهم تعويضات تصل إلى 24 راتبًا شهريًا. وتمت إعادة توظيف عدد منهم في قطاعات أخرى، ويجري التفاوض مع المتبقين لضمان نقلهم إلى وظائف مناسبة في السوق المحلي.
وأضاف أن نسبة الموظفين المرتبطين مباشرة بالإيرادات كانت منخفضة بنسبة (55%) في 2019، مقارنة بالمعدل العالمي الذي يفترض أن يتجاوز 80%، وهي من النقاط الجوهرية التي جرى العمل على تصحيحها ضمن عملية إعادة الهيكلة الشاملة.
السوق الحرة
وقال المهندس حمود بن مصبح العلوي، الرئيس التنفيذي لشركة مطارات مسقط بالإنابة: إن العمل جارٍ حاليًا على مراجعة شاملة لمرافق السوق الحرة من حيث الخدمات المقدمة للمسافرين، بالتعاون مع خبرات عالمية متخصصة في تطوير تجارب البيع بالتجزئة في المطارات.
وأشار إلى أن هذه المراجعة تشمل نوعية المنتجات والخدمات والمنافذ التجارية بهدف تكييفها لتتناسب مع احتياجات شرائح المسافرين المختلفة، مع التركيز على تعزيز الهوية العُمانية، كما تم مؤخرًا إنشاء أركان مخصصة للمنتجات الوطنية في خطوة تسعى لإبراز الثقافة المحلية بشكل أوسع ضمن بيئة السوق الحرة.
أبرز نتائج 2024
وتمكنت "مطارات عُمان" من تحقيق 12.9 مليون مسافر عبر مطار مسقط الدولي بنسبة نمو بلغت (+3%) في عام 2024، كما حققت نموا 17.3% في حركة مطار صلالة مقارنة بعام 2019، فيما بلغت الإيرادات التشغيلية 114.5 مليون ريال، وإجمالية للمجموعة 142.6 مليون ريال.
وحققت الشركة أعلى أرباح تشغيلية منذ التأسيس بنسبة 43%، وبلغ صافي الأرباح 23.5 مليون ريال بنسبة نمو (15%)، كما حققت زيادة في عوائد المساهمين بنسبة 33%.
وفي إطار دعم الكفاءات الوطنية، فقد تم توظيف 357 عمانيا ضمن خطط التعمين، واستيعاب 227 موظفا من مزودي خدمات سابقين، حيث تم طرح 71 فرصة عمل للموظفين المتأثرين بإعادة هيكلة الطيران العُماني.
وحصلت الشركة على جوائز إقليمية مرموقة لمطاري مسقط وصلالة، ووقّعت اتفاقية استراتيجية لتشغيل مطار كربلاء الدولي، مؤكدة توسّعها الإقليمي.
نتائج التحول المالي
واستعرض الطيران العُماني أبرز نتائج التحول المالي والتشغيلي خلال 2024، حيث قلّص التكاليف التشغيلية بنسبة 19%، بالإضافة إلى تحقيق نسبة نموا بلغت 51% في الأرباح التشغيلية (وتمكن الطيران العماني من نقل أكثر من 5.4 مليون مسافر في عام 2024، وتسجيل 19.4 مليار كيلومتر مقعد متاح، وتمكن الطيران العماني من رفع معدل المسافرين على الرحلات المباشرة لتصل إلى 40% من إجمالي حركة المسافرين وبزيادة تصل إلى 27% مقارنة بعام 2019.
وحققت شركة الطيران العماني إنجازا بارزا في جمع التمويل من دون ضمانات سيادية، وهو ما يؤكد الثقة المتزايدة في توجهها.
وأضاف الطيران العماني وجهة جديدة لرحلاته إلى روما في إيطاليا، وأعاد تصميم مقصورات الدرجة الأولى إلى “استوديو الأعمال”، مما رفع الإشغال من 15% إلى 42%. وحققت شركة الطيران العماني، تصنيفات عالمية بارزة من مؤسسات مثل وإلى جانب حصولها على جوائز مرموقة مثل وعن أفضل طاقم طيران و أكثر المقاعد راحة.
ولضمان توازن مسيرتها نحو الربحية على المدى الطويل مع التزامها الراسخ برعاية موظفيها، استثمرت الشركة 15 مليون ريال عُماني لدعم المتضررين وتوفير الأمن المالي لهم، وفي الوقت نفسه، ونظرا لتقليص القوى العاملة الوافدة بمقدار 487 موظفا ليحل محلهم موظفين عمانيين، رفعت الشركة نسبة التعمين إلى 79.4% مقارنةً بـ 74.8% في عام 2023، مما يعكس التزامها بتطوير الكفاءات العُمانية والسعي نحو تمكينها وضمان استمرار دورها في رسم مستقبل الشركة.
خطة تحول خمسية
وأعلنت الشركتان عن بدء تنفيذ خطة تحول خمسية في يناير 2025، تركز على زيادة الإيرادات وتحسين الأداء التجاري، ودعم الناقل الوطني وتوسيع شبكة الوجهات، وترشيد التكاليف التشغيلية عبر كفاءة العقود والوظائف، وتتضمن الخطة إطلاق مبادرات مثل، برنامج “لدعم الابتكار والشركات الناشئة، وتطوير الخدمات الرقمية وتبني التوأم الرقمي وتعزيز الشراكات الجوية ورفع كفاءة تجربة المسافر.
وأكد مسؤولو “مطارات عُمان” و”الطيران العُماني” التزامهم التام بتنفيذ التحول الاستراتيجي وفق رؤية “عُمان 2040”، والعمل المشترك على تمكين الكفاءات الوطنية، وتعزيز تنافسية سلطنة عمان كمركز عالمي متكامل للنقل الجوي.