جدار الصوت أم غارة؟.. حين يصبح الأطفال في لبنان خبراء عسكريين
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
جنوب لبنان- في الاتجاه من بيروت نحو أحد مراكز إيواء النازحين من القرى والبلدات الحدودية مع إسرائيل بقضاء صور جنوبي لبنان حيث أسفرت الحرب عن تدمير عشرات القرى الحدودية كانت المسيّرات تكاد لا تغادر السماء، والطريق الذي عادة ما يشهد اختناقات مرورية سالك وحركة السير فيه خفيفة.
حين وصلنا مركز الإيواء وجدنا أطفاله في جلسة تعليمية تنظمها إحدى الجمعيات غير الحكومية بعنوان "مهارات الحياة" وطريقة التعامل بإيجابية مع الأحداث المحيطة، وضرورة التمسك بالأحلام والعمل على تحقيقها.
كان الطفل أحمد يحضر الجلسة دون مشاركة أو تفاعل، ويعزو السبب في ذلك إلى التأقلم مع الأحداث.
ويقول أحمد للجزيرة نت "تأقلمنا مع هذا الوضع المستمر منذ أشهر، ولم نعد نهاب شيئا".
خبراء صغارويتابع أحمد أنه اعتاد ورفاقه حتى على جدار الصوت الذي تخترقه الطائرات الإسرائيلية، وأصبحوا يفرقون بينه وبين الغارة الفعلية.
وأوضح أن جدار الصوت يختلف عن الغارة في أمرين، فالأول لا يؤذي والأخرى تقتل أو تدمر، والأول يكون على مرحلتين ثم تُسمع أصوات هدير محركات الطائرة والغارة نسمع صوتا واحدا قويا.
وجدار أو حاجز الصوت هو السرعة التي تنتقل بها الموجات الصوتية في الهواء والتي تبلغ 1235 كيلومترا في الساعة، وعندما تحلق الطائرة بهذه السرعة أو أكثر يقال إن خرقا لجدار الصوت حصل، وينتج عن هذا صوت قوي يعرف بـ"الدوي الصوتي" وهو ظاهرة فيزيائية.
من جانبه، يبدي الطفل حسن استعداده للحديث، وشرح الفرق بين جدار الصوت والغارة الفعلية.
يقول حسن للجزيرة نت "عندما أسمع صوتا قويا أنتظر لثوان، فإذا سمعت دويا ثانيا وبعدها أصوات محركات الطائرة أقول لأفراد عائلتي لا تخافوا، أما إذا كان صوتا واحدا فهذا يعني أنها غارة".
وذهب حسن أكثر من ذلك، وقال لنا "أعلم أين الغارة أو عملية الاغتيال، إذا كانت من جهة بيروت أو صور أو القرى الحدودية لا أخاف من الاثنتين لأنني تأقلمت معهما".
بدورها، أسيل ذات التسعة أعوام أكدت أنها لم تعد تخاف من الصوت، وقالت "لم يعد أي شيء يخيفني لأن الله معنا".
ويضم مركز الإيواء 160 شخصا نزحوا من القرى الحدودية، حالتهم الاقتصادية صعبة، ويعيشون على المساعدات و"الكراتين التي تأتيهم من الجمعيات وفاعلي الخير"، حسب مدير المركز.
أطفال #بلدة_عرمتى جنوب لبنان
أثناء الغارة الإسرائيلية على محيط البلدة.....هولي أطفال الجنوب اللبناني pic.twitter.com/oHpeSQbbSb
— بلدة عرمتى???????? (@baldataramta) August 8, 2024
آثار مزعجةأن يعتاد أطفال بهذا العمر على هذه الأصوات المرعبة وأن يتحدثوا عنها بهذه الثقة ويحللوها وكأنهم خبراء عسكريون تبدو ظاهرة يجب التوقف عندها وسؤال علم النفس عنها.
وحسب الطبيب النفسي أحمد عياش، فإن فهم الحدث والتعامل معه يختلفان بحسب أعمار الأطفال، فمن يدرك معنى الطائرة الحربية ومعنى الحرب يستطيع التمييز بين جدار الصوت والغارة.
ويوضح عياش أن الأطفال دون الخامسة يصعب عليهم إدراك الفرق، ولكنهم قد يقلدون ذويهم أو إخوتهم في الهدوء أو الخوف.
ويتابع المتخصص ذاته في حديث مع الجزيرة نت أن العنف والخوف يتركان أثرا مزعجا في الذاكرة، بما فيها الهزات الأرضية الطبيعية، وكلما ترافق حدث الخوف مع أخبار الموت كان وقع الأنباء أعمق في الذاكرة وأسّس لاضطراب نفسي في المستقبل.
والآثار السلبية على الأطفال ليست فقط نفسية، إذ ممكن أن تكون عضوية بحسب الدكتور عياش الذي أشار إلى أن الخوف يمكن أن يأخذ أشكالا متعددة، منها التأتأة والخوف المرضي إنما ليس محسوما، إذ إن قابلية الجهازين العصبي والنفسي للاضطراب تختلف من طفل إلى آخر، كما أن بيئة الطفل وعائلته تؤديان دورا اساسيا في امتصاص الصدمات وتجاوزها مستقبلا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جدار الصوت
إقرأ أيضاً:
الجيش اللبناني يعلن تفكيك جهاز تجسس إسرائيلي بإحدى قرى الجنوب
أعلن الجيش اللبناني، الأحد، تفكيك جهاز تجسس إسرائيلي في بلدة كفر شوبا بجنوب لبنان.
وقال الجيش في بيان إنه "بتاريخ 8/ 3/ 2025، وفي سياق متابعة عمليات المسح الهندسي في المناطق الجنوبية، وبعدما اكتشف الجيش جهازَي تجسس عائدَين للعدو الإسرائيلي في خراج بلدة كفر شوبا بتاريخ 26/2/2025، عثرت وحدة عسكرية مختصة على جهاز مماثل في المنطقة نفسها، وعملت على تفكيكه".
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان الذي تم التوصل إليه في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية، الأحد، مقتل عسكري لبناني وإصابة شخصين آخرين، أحدهما بحالة "حرجة"، جراء اعتداءات إسرائيلية على بلدة كفركلا (جنوب).
جاء ذلك في بيان للوزارة نقلته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وأفادت الوزارة، بأن "اعتداءات العدو الإسرائيلي على المواطنين في بلدة كفر كلا أدت إلى استشهاد عسكري وإصابة شخصين آخرين بجروح، أحدهما بحالة حرجة".
ومساء السبت، شن الطيران الحربي الإسرائيلي أكثر من 20 غارة على جنوب لبنان.
ونقلت الوكالة عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، أن "غارة بمسيرة إسرائيلية معادية على سيارة في خربة سلم (من قرى قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية) أدت إلى استشهاد مواطن وإصابة آخر بجروح".
وبينما لم تكشف الوكالة أي تفاصيل بشأن الهجوم أو المستهدف به، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان بأنه نفذ غارة بمُسيرة على جنوب لبنان، بذريعة استهداف أحد عناصر "حزب الله".
وقال: "هاجمنا بطائرة مسيرة قبل وقت قصير أحد عناصر حزب الله"، مدعيا أن العنصر المستهدف "كان يعمل على إعادة تأهيل بنية تحتية إرهابية وتوجيه عمليات لحزب الله في جنوب لبنان".
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من ألف انتهاك للاتفاق، ما خلّف 85 شهيدا و285 جريحا على الأقل، وفق بيانات رسمية لبنانية.
وبدأ عدوان "إسرائيل" على لبنان في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتحول لحرب واسعة في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، ما خلّف 4 آلاف و115 قتيلا و16 ألفا و909 جرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
وتنصلت "إسرائيل" من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 شباط/ فبراير الماضي، كما نص عليه الاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 نقاط لبنانية رئيسية، دون أن تعلن عن موعد رسمي للانسحاب منها.