لجريدة عمان:
2024-09-10@03:41:32 GMT

تجفيف منابع الفتن

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

تجفيف منابع الفتن

يتقلب الأنسان اليوم في صنوف كثيرة من النعم لا تحد ولا تحصى، فقد فتحت الدنيا على مصراعيها، وأصبح الفقير من الناس في هذا العصر يتوفر لديه من المأكل والملبس والمشرب ما لم يكن يحلم به الملوك والأمراء في العصور السابقة، فصنوف الفواكه والأطعمة واللحوم أصبحت تعبر القارات وتجلب من خلف البحار البعيدة، فأنت إذا ذهبت إلى السوق ستجد أصناف اللحوم بأناعها تعرض عليك منها ما أتى من أستراليا التي كانت مجهولة في العالم القديم، ومنها ما جيئ به من دول أفريقيا، منها ما أحضر من نيوزلندا وتشتريها وتذهب بها إلى البيت، وإذا أتيت إلى أصناف الفاكهة فتجد في محل الخضار الذي في قريتك كل صنوف الفاكهة الطازجة نظيفة مغلفة وهذا ما كان صعب المنال عند الملوك في العصور السابقة، وأنت تركب سيارتك وتجلس في مقاعدها المريحة ويهب عليك نسيم جهاز التكييف البارد في فصل الصيف وعندما تنزل منها وتدخل بيتك المكيف المبرد تدرك أنك في زمن أصبح فيه المعيشة ممكنة ومتوفرة رغم تفاوتها بين البشر.

ولكن مع هذا النعيم الذي وفرته هذه الحياة العصرية، انفتحت معه أبواب الفتن، وأصبحت المجتمعات تطفوا على بحار من الشبهات والشهوات، وأصبح فيها المسلم القابض على دينه مثل القابض على الجمر، وهذا يتفق مع الأحاديث النبوية التي أخبرت بانتشار الفتن في نهاية الزمان، فالمسلم في هذا العصر يفتن في دينه ونفسه وماله وعرضه، ولكن يجب عليه أن يتحلى بالصبر ويغلق أبواب الشيطان ويستقيم على دينه فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صـلى الله عليه وسلم: "إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيها أجر خمسين ممن يعمل مثل عمله" قيل: يا رسول الله، أجر خمسين منهم؟ قال: " بل أجر خمسين منكم" وهذه بشارة للمؤمنين الذي استمسكوا بالعروة الوثقى من دينهم، فقد بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلـم بالفضل العظيم والثواب الجزيل، فمن يصبر يعطى من الأجر على العبادة والعمل أجر خمسين رجل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسـلم، وذلك لأن الرسول الكريم هو بين ظهرانيهم يعينهم على الطاعة يأمرهم بالمعروف وينهاههم عن المنكر ويوجههم لما فيه الخير، أما في عصر الفتن فقلما يجد المؤمن من يعينه على الخير، كما أنه يتعرض للفتن في كل لحضة من لحضات حياته.

وأبسط مظهر للفتنة الداعية إلى الغفلة هي فتنة الأجهزة العصرية الحديثة وما بها من برامج ووسائل للترفيه، وكثير من الناس يقضي سحابة يومه وليله في مطالعة هاتفه الذي لا يكاد يفتر عنه ساعة، فأصبح يفوته الكثير من الخير، وليت أنه يتابع من البرامج ما يعينه في الخير ويفيده في أمر دينه ودنياه، ولكن أكثر هذه البرامج تخرج من المباحات لتدخل في المحضورات، فتتراقص أمام ناضريه الفتن، وتدعوه الى الغفلة، وقسوة القلب لما يشاهده ويتابعه في برامج التواصل الإجتماعي التي أصبحت تموج بالمعاصي والمنكرات وأصبح فيها دعاة يدعون يأفعالهم وأقوالهم ومظاهرهم إلى النار كما اخبرنا الروسل صلى الله عليه وسلـم في الحديث الشريف عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صـلى الله عليه وسلم: "تكون فتن على أبوابها دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها".

ولكن يتسائل المسلم اليوم كيف ينجو من كل هذا، وكيف يستبرئ لدينه وعرضه، والجواب يتصل بصلاح القلب والحرص لعى أن لا تشوبه شائبة وذلك بتجفيف منابع الفتن وغض البصر، والإبتعاد عن الشبهات والحرام، فالحلال بين واضح والحرام بين واضح وكل ما ما يتشته عليه إجعله في خانة الحلال استبراء للذمة فقد قال صلى الله عليه وسلـم في الحديث المتفق على صحته: " إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ".

وصلاح القلب ونقائه وجلاؤه لا يكون إلا بتقوى الله أولا، ثم الإرتباط الوثيق بالقرآن الكريم تلاوة وحفظا واطلاعا وتطبيقا، فالقرآن يصلح القلب ويجلوه وهو ما أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلـم حيث قال: " إنَّ هذه القلوبَ تصدأُ كما يصدأُ الحديدُ، قيل: يا رسولَ اللهِ فما جلاؤُها ؟ قال: قراءةُ القرآنِ".

فأهل القرآن همخ أهل الله وخاصته، فالقرآن كفيل بإصلاح القلوب، وتبديد قسوتها وجلاء صدئها، وجعلها مشكاة منيرة تصلح الجسد كله.

وقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلـم سبيل النجاة من الفتن بقوله في الحديث الشريف الذي رواه لنا علي بن أب طالب كرم الله وجهه حيث سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ ألا إنَّها ستَكونُ فتنةٌ. فقلتُ ما المخرجُ منها يا رسولَ اللَّهِ قالَ كتابُ اللَّهِ فيهِ نبأُ ما قبلَكُم وخبَرُ ما بعدَكُم وحُكْمُ ما بينَكُم وَهوَ الفصلُ ليسَ بالهزلِ من ترَكَهُ من جبَّارٍ قصَمَهُ اللَّهُ ومن ابتغَى الهدى في غيرِهِ أضلَّهُ اللَّهُ وَهوَ حبلُ اللَّهِ المتينُ وَهوَ الذِّكرُ الحَكيمُ وَهوَ الصِّراطُ المستقيمُ هوَ الَّذي لا تزيغُ بهِ الأهْواءُ ولا تلتبسُ بهِ الألسِنةُ ولا يشبَعُ منهُ العلماءُ ولا يخلَقُ عن كثرةِ الرَّدِّ ولا تنقَضي عجائبُهُ هوَ الَّذي لم تنتَهِ الجنُّ إذ سمعَتهُ حتَّى قالوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ من قالَ بهِ صدقَ ومن عمِلَ بهِ أُجِرَ ومن حَكَمَ بهِ عدلَ ومن دعا إليهِ هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيمٍ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلـم رسول الله رسول الل

إقرأ أيضاً:

المولد النبوي.. معلومات لابد أن تعرفها عن رسول الله

المولد النبوي الشريف.. معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب على كل مسلم، معرفة صفاته وأسمائة وميلادته ومسيرته، ويوجد في الأجيال الجديدة من لا يعرف حتى الملاح البسيطة من حياة النبي.
 

المولد النبوي.. كيف نرى رسول الله؟ المولد النبوي.. اعرف أوصاف وشمائل سيد الخلق بطاقة تعريفية لرسول الله 

ومع اقتراب مولد النبي في الخامس عشر من سبتمبر الجاري نشرت دار الإفتاء المصرية في سليلة احتفائها بذكرى سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم معلومات أساسية على كل مسلم أن يعلمها عن رسوله الكريم. 

 

الأسم: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هَاشم بن عبد مَنَاف

تاريخ الميلاد: يوم الاثنين ١٢ ربيع الأول (على المشهور) 

محل الميلاد: مكة المكرمة

الأب : عبد الله بن عبد المطلب 

الأم : آمنة بنت وهب 

بعثة النبي 

قال رسول الله وهو يحدث عن فترة الوحي: بينما أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ففرقت منه فرجعت فقلت: زملوني زملوني فدثروه فأنزل الله تعالى: يا أيها المدثر .. ثم تتابع الوحي.

دعوة النبي 

الدعوة المكية: استمرت ١٣ عاما، كان منها: أعوام سرا ١٠ أعوام جهزا 

الدعوة المدنية :بدأت بالهجرة إلى المدينة المنورة خفاء حتى وصلت إلى دخول الناس في دين الله أفواجا

وفاة النبي 

شعر رسول الله باقتراب أجله فودع المسلمين في حجة الوداع في قوله : لعلي لا القاكم بعد عامي هذا 

تاريخ الوفاة: يوم الاثنين ١٢ ربيع الأول عام ١١ هجريا (على المشهور) 

 


موعد المولد النبوي الشريف 

 كانت قد أعلنت دارُ الإفتاءِ المصريةُ أن الأربعاء الماضي الموافق الرابع من شهر سبتمبر لعام ألفين واربعة وعشرين ميلاديًّا هو أول أيام شهر ربيع الأول لعام ألف وأربعمائة وستة وأربعين هجريًّا، وبذلك يكون رسمياً المولد النبوي الشريف الأحد ١٢ ربيع الأول ١٤٤٦هـ الموافق ١٥سبتمبر٢٠٢٤م.

 

موعد أجازة المولد النبوي الشريف 


يوافق موعد المولد النبوي الشريف 2024، يوم الإثنين 15 سبتمبر 2024 الموافق 12 ربيع الأول 1446 هـ، ولكن من المتوقع ترحيل الإجازة، ليتم ضمها مع الإجازات الأسبوعية، وبذلك يكون موعد إجازة المولد النبوي الشريف يوم الخميس 19 سبتمبر 2024.

 

مقالات مشابهة

  • في رحاب الربيع المحمدي
  • كأنك تراه.. وصف الجسد الشريف لرسول الله
  • كأنك تراه.. رسم وتفاصيل وجه رسول الله
  • شذرات في رحاب المصطفى
  • أذكار المساء كما أمرنا بها رسول الله
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • 7 محطات يستعين بها الرسول في تعامله مع زوجاته
  • المولد النبوي: تعرف على مقتنيات رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • المولد النبوي.. معلومات لابد أن تعرفها عن رسول الله
  • علي جُمعة: علموا أولادكم حب النبي فهو سفينة النجاة