الوطن:
2025-01-31@00:06:21 GMT

د. محمود السعيد يكتب: ثلاثة تحديات أمام الحكومة

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

د. محمود السعيد يكتب: ثلاثة تحديات أمام الحكومة

فى 3 يوليو 2024 أدت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بعد ما يقرب من شهر من استقالة حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، وجاء تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى وتغيير نحو ثلثى عدد الوزراء من الوزارة المستقيلة. وضمت المجموعة الاقتصادية القسم الأكبر من التعديل الحكومى، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر منذ فترة ليست بالقليلة.

والحكومة المصرية الجديدة، خصوصاً المجموعة الاقتصادية فيها، تواجه تحديات كبيرة، حيث تفاقمت الأزمة الاقتصادية بسبب عوامل وصدمات خارجية بدأت بتداعيات جائحة كورونا، وهى أزمة اقتصادية أكثر من كونها أزمة صحية، وتلتها أزمة الحرب الروسية الأوكرانية التى أدت لانفجار أسعار الغذاء والطاقة، وأخيراً الصراع فى غزة وتداعياته الاقتصادية على مصر.

وبالنظر إلى حجم هذه التحديات الاقتصادية فإن على المجموعة الاقتصادية أن تتبنى استراتيجيات شاملة وأن تبذل جهوداً مستمرة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى. وفى هذا المقال سنحدد أهم وأبرز ثلاثة تحديات اقتصادية أمام الحكومة المصرية وبعض المقترحات التى يمكن تبنيها حتى يشعر المواطن بجهود التنمية.

التحدى الأول، وهو الأهم والأصعب، هو ارتفاع معدلات التضخم غير المسبوقة والتى أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين، مما زاد من حدة الفقر ووسَّع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. والسبب المباشر فى ارتفاع الأسعار بهذا الشكل هو تعرُّض مصر للصدمات الخارجية مثل جائحة كورونا وأزمة روسيا وأوكرانيا والحرب فى غزة واستقبال النازحين من الدول المجاورة بسبب الحروب الأهلية فى السودان واليمن وسوريا، والذى أثر على أسعار السلع والخدمات نتيجة زيادة الطلب عليها.

ومصر تتعرض لهذه الصدمات لأن اقتصادها يعانى اختلالات هيكلية منذ ما يزيد على ستين عاماً بسبب عدم الاهتمام بالإنتاج فى قطاعات الصناعة والزراعة والاعتماد على سد الاحتياجات بالاستيراد من الخارج، ما أدى إلى تأثر مصر بشدة بالأزمات الاقتصادية العالمية.

أما التحدى الاقتصادى الثانى فهو ضرورة توفير العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، حيث عانت مصر خلال العامين الماضيين من نقص حاد فى العملات الأجنبية نتيجة تراجع إيرادات السياحة والصادرات وتحويلات المصريين فى الخارج ومؤخراً قناة السويس، ما أثر على استيراد السلع الأساسية وساهم بشكل كبير فى ارتفاع معدلات التضخم.

ونعود هنا أيضاً للحديث عن اختلال هيكل الاقتصاد المصرى الذى تحول تدريجياً خلال الستين عاماً الأخيرة إلى اقتصاد أقرب للاقتصاد الريعى لا يعتمد على الإنتاج والتشغيل والتصدير، بل يعتمد على موارد ريعية مثل موارد السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج وقناة السويس، وهى موارد تمثل النسبة الأكبر من الدخل القومى المصرى، ولذلك تأثر هذا الدخل كثيراً بالأزمات العالمية.

والتحدى الثالث هو زيادة معدلات البطالة، حيث أدت الأزمات الاقتصادية إلى ارتفاع معدلاتها، وهو ما يفرض على الحكومة الجديدة تبنِّى سياسات فعالة من أجل توفير فرص عمل للشباب، خصوصاً مع الزيادات غير المسبوقة فى أعداد السكان وزيادة الطلب على فرص العمل.

بالطبع هناك تحديات أخرى كثيرة تواجه الحكومة الجديدة، مثل: الانتهاء من سياسة تخفيف الأحمال، زيادة الرقعة الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية، تطبيق المبادئ المعلنة فى وثيقة ملكية الدولة، العمل على تصحيح الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى وتحويله إلى اقتصاد منتج، تغيير الثقافة السائدة منذ سبعينات القرن الماضى، وهى ثقافة الاستهلاك، إلى ثقافة الإنتاج.. إلخ، ولكن فى رأيى أن التحديات الثلاثة المشار إليها هى الأبرز ويجب أن توليها الحكومة الجديدة الأولوية القصوى.

ولمواجهة هذه التحديات، يجب أن تتبنى الحكومة الجديدة استراتيجيات ناجعة، ومنها على سبيل المثال: تبنى سياسات اقتصادية تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار، مثل تسهيل الإجراءات الجمركية والضريبية وتحفيز الصناعات المحلية من أجل توفير البديل المحلى للمنتج الأجنبى. أيضاً هناك ضرورة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تُعتبر قاطرة التنمية فى الدول النامية وأحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادى، ولذا يجب أن تعمل الحكومة الجديدة على توفير التمويل والدعم الفنى لهذه المشروعات.

كما يجب على الحكومة الاستمرار فى سياسات الدعم وتحسين الخدمات الاجتماعية عن طريق تعزيز برامج الدعم الاجتماعى مثل تكافل وكرامة وغيرها من البرامج، وذلك لتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتخفيف الأعباء عن كاهل الأسر المصرية التى تأثرت بشدة من الأزمة الاقتصادية. أيضاً يجب أن يكون هناك استراتيجية لجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال توفير بيئة استثمارية مستقرة وآمنة، وخاصة ما يتعلق باستقرار سعر صرف الجنيه المصرى فى مقابل العملات الأجنبية، مما يسهم فى تعزيز النمو الاقتصادى وتوفير فرص عمل جديدة.

وأخيراً يجب التركيز على دور القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية، حيث إنه من المفترض أن يلعب القطاع الخاص دوراً محورياً فى تعزيز النمو الاقتصادى ومواجهة التحديات الحالية. فيجب التركيز على السياسات التى تدعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتوفير التسهيلات اللازمة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فى مشروعات البنية التحتية والصناعات التحويلية، واستغلال المبادئ الأساسية فى وثيقة ملكية الدولة من أجل تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار والمساهمة فى عملية التنمية.

وأخيراً فإنه على الرغم من التحديات الكبيرة التى تواجه الحكومة بتشكيلها الجديد، يبقى هناك الأمل الكبير والتفاؤل فى قدرتها على تجاوز هذه الأزمات إذا ما بذلت الجهود المستمرة لتعزيز الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، فالتحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر يمكن أن نعالج أسبابها من خلال الجهود المخلصة والمتواصلة واستراتيجيات جريئة وفعالة من الحكومة الجديدة تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل الاعتبارات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحكومة الاقتصاد المصري الاقتصاد الحکومة الجدیدة القطاع الخاص یجب أن

إقرأ أيضاً:

«الشائعات وخطورتها علي الأمن القومي».. ندوة توعوية لإعلام المحلة

نظم مركز إعلام المحلة الكبرى، ندوة تثقيفية بعنوان "الشائعات وأثرها علي الأمن القومي" فى ختام فعاليات حملة " إتحقق قبل ما تصدق " التى ينظمها قطاع الإعلام الداخلى بالهيئة العامة للإستعلامات لمواجهة الشائعات والحملات الإعلامية التى تستهدف تماسك الدولة ومؤسساتها الوطنية بتوجيهات د.أحمد يحيي رئيس القطاع.

حاضر في الندوة الدكتورة أميرة صابر أستاذ الإعلام بكلية تربية نوعية جامعة طنطا، وأدارتها نهى العشماوى الإعلامية بالمركز وبحضور محمود السمرى مدير المركز.

وبدأت" العشماوى" اللقاء بالتعريف بدور الهيئة فى رفع وعى المواطنين بخطورة المؤامرات التى تهدف لإثارة البلبة داخل صفوف المجتمع المصرى، وتوضيح الجهود التى يقوم بها قطاع الإعلام الداخلى فى نشر الوعى وتصحيح المفاهيم بمختلف القضايا الهامة التى تؤثر على المجتمع.

وأوضحت الدكتورة أميرة صابر، الفرق بين الإشاعة التى تعد تضخيم لحدث صغير فى الأصل أو ذكر جزء من الحقيقة فى سياق مشوش، وبين الشائعة التى تعد إختلاقا لأكاذيب غير موجودة أصلا على أرض الواقع، وكلاهما يتم للوصول لأغراض مشبوهة من بعض الأفراد أو الجهات.

وذكرت أن البيئة الهزيلة التى تفتقر إلى المعلومات الصحيحة والوعى الكافى هى الأنسب لإنتشار الشائعات ومضاعفة تأثيرها، ويكون المستهدف دائما من هذه الشائعات الشخصيات الهامة المؤثرة أو المؤسسات المنتجة أو الدول التى تتميز بالإستقرار الداخلى.

وعن آثار الشائعات على الأمن القومى أشارت "صابر" إلى أنها تتسبب فى فقدان الثقة بين الحكومة والشعب وتهدف إلى تضليل الرأى العام وخلق التفتت بين فئات المجتمع وزعزعة الأمن الداخلى وزيادة التوتر الطائفى وإنتشار الصراعات والفتن بين الأفراد والمؤسسات.

و أكدت على أهمية مواجهة أخطار الشائعات وذلك عن طريق وجود إعلام قوى مستنير يقدم الحقائق والمعلومات الموثقة ويخلق المزيد من المصداقية بين الشعب ومؤسسات الدولة، كما يمكن مواجهة الشائعات عن طريق تعزيز الوعى وتعليم الشباب وتوجيههم لكيفية التحقق من دقة المعلومات ومصدرها.

وأشار محمود السمرى مدير المركز، أن على المواطن الاصطفاف لمواجهة التحديات الراهنة التى تواجه الدولة المصرية وعلى رأسها حملات التشكيك ونشر الفتن لإضعاف الولاء والإنتماء للوطن.

حضر اللقاء لفيف من المثقفين ورواد المكتبة العامة و مكلفات الخدمة العامة وأئمة من الأوقاف و عاملين بمجلس مدينة المحلة الكبرى وأشرف على اللقاء محمود السمرى مدير المركز.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • مسلم.. يطرح أغنيته الجديدة "مش قادر انسى"
  • مسلم يطرح أغنيته الجديدة "مش قادر أنسى"
  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • توفير حافلات لجماهير الاتحاد السكندري لمؤازرة الفريق أمام بتروجت
  • رئيس الوزراء: الحكومة حريصة على نجاح المبادرة الاقتصادية مع القطاع الخاص
  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
  • «الشائعات وخطورتها علي الأمن القومي».. ندوة توعوية لإعلام المحلة
  • كهربا يقاضى فندقا شهيرا ويطالبه بـ35 مليون جنيه أمام الاقتصادية
  • ابوالغيط يفتتح المنتدي الاقتصادي العربي الايطالي بهدف تعزيز الروابط الاقتصادية بين الجانبين