د. زاهر الشقنقيري يكتب: خطوات عاجلة لتعزيز الاقتصاد
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
تعتبر التحديات فى الجانب الاقتصادى أضخم التحديات التى تواجه الحكومة الجديدة، ليس فقط لكونها تمس حياة المواطن بشكل مباشر ولا لكونها تنطوى على صعوبات بالغة التعقيد فحسب، ولكن لأنها المدخل لمواجهة التحديات الأخرى مثل الصحة والتعليم وما تقدمه الدولة من خدمات للمواطنين، وبشكل عام فإن أى إصلاح اقتصادى يجب أن يتضمن تحسين بيئة الاستثمار لزيادة الإنتاج الصناعى والزراعى والاستراتيجى.
وهناك خطوات عاجلة لا خلاف عليها يجب على الحكومة اتخاذ خطوات جادة وإعلان جدول زمنى لتنفيذها، ليس فقط لكونها بديهية فى تعزيز الاقتصاد ولكن لتكرار الحديث حولها فى أدبيات الحكومات السابقة والإجماع على ضرورتها، دون التصريح بأسباب عدم إنجازها حتى الآن، مثل توحيد جهة الولاية للمستثمر وإقرار نظام الشباك الواحد بشكل كامل وليس مرحلياً، فمتاهة التعامل مع جهات حكومية مختلفة عامل يحجم جذب الاستثمار، فضلاً عن تركيز المستثمر على المشروعات الاستهلاكية أو الريعية سريعة العائد واليسيرة فى خطوات الخروج من السوق، كما أن تعقيد الإجراءات يطرد المستثمر الصغير سواء المحلى أو الأجنبى.
وهذه أولى خطوات تحسين بيئة الاستثمار وإشارة للمستثمر فى جدية الحكومة لتسهيل الطريق أمامه، أما عن حوافز الصناعة والزراعة والقطاع المصرفى فذلك حديث آخر أرجو أن تعلن الحكومة عن خطتها الزمنية -والمحددة بخطاب التكليف من السيد الرئيس- فى أقرب وقت، وأن تكون معبرة عن تعهداتها فى بيان رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس النواب.
والحوار الوطنى أحدث حالة سياسية مميزة، وأتاح الفرصة لمختلف فئات المجتمع والقوى السياسية للتعبير عن آرائهم، والمرحلة الثانية من الحوار ستتبنى استكمال القضايا والموضوعات التى تتعلق باحتياجات المواطن المصرى، كما أن حزب الشعب الجمهورى يعكف حالياً على صياغة رؤيته التى سيقدمها إلى الحوار الوطنى فى مرحلته الثانية، فى ضوء فعاليات المرحلة الأولى ومخرجاتها وكذلك المستجدات، ورؤية الحزب ستتضمن محاور عمل فى كل المحاور التى يناقشها الحوار الوطنى، ومختلف أمانات الحزب تعد مشروعاتها ومقترحاتها للوصول إلى المقترح والرؤية النهائية على أن يتقدم بها الحزب للحوار الوطنى خلال الفترة المقبلة، والمشاركة فى الحوار الوطنى واجب على الجميع، خاصة أنه المنصة التى تجمع الآراء والرؤى المختلفة وتوحدها من أجل مصلحة الوطن والمواطن.
ونجاح خطة الحكومة مرهون بالتزامها بالأهداف المرحلية وتحديد مؤشرات الأداء تنفيذياً، بما يضمن البناء والحفاظ على العوامل والأسس التى بُنيت عليها الخطة، والتى من دونها ستكون ضرباً من التمنى، ورفع مستوى التواصل بين الحكومة والشعب، خاصةً فى أى أزمات أو تحديات قد تطرأ خلال فترة تطبيق برنامج الحكومة، وبيان الحكومة جاء فى إطار التكليفات التى حددها الرئيس فى خطاب تكليف الحكومة على عدة محاور، تتلخص فى الحفاظ على محددات الأمن القومى على رأس الأولويات، علاوة على ملف الأمن ومكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار، وبناء الإنسان المصرى من خلال تطوير الصحة والتعليم وبناء الوعى الوطنى لترسيخ مفهوم المواطنة والسلام المجتمعى، ومواصلة السير فى الإصلاح الاقتصادى، خاصة تحسين بيئة الاستثمار وتشجيع الاستثمار الأجنبى والمحلى وزيادة مساهمات القطاع الخاص بما يحقق تعظيم الاستثمارات، مع بذل أقصى الجهود للسيطرة على التضخم وزيادة الأسعار والرقابة على الأسواق، وتمنى الحزب التوفيق والسداد للحكومة، متعهداً بممارسة دوره السياسى والبرلمانى لمتابعة التزام الحكومة بتنفيذ برنامجها وصولاً لتحقيق تطلعات الشعب المصرى.
ويجب أن نهتم بالاقتصاد التنافسى، الذى يعنى القدرة على إنتاج سلع وخدمات لها القدرة على المنافسة فى الأسواق الدولية (جودة وسعراً)، وتؤدى على المدى الطويل لزيادة الدخل الحقيقى للمواطن، وهو ما يتطلب استغلال المميزات التى تتمتع بها الدولة (عمالة - موقع جغرافى - موارد)، وتحسين بيئة الاستثمار، ولا بد من رؤية واضحة وعمل كبير يتسم بالإرادة، ففى مجال تحسين بيئة الاستثمار يجب توحيد جهة الولاية وزيادة حوافز الاستثمار فى الصناعة والزراعة وحل شواغل المستثمر، خاصة صغار المستثمرين سواء فى المعاملات الضريبية أو المصرفية أو توحيد جهة الولاية.
ويجب على الحكومة أيضاً العمل على تأهيل العمالة وتحويلها من عمالة الوفرة إلى عمالة الندرة، سواء ببرامج حكومية أو بالاشتراك مع المجتمع المدنى، من خلال خطة شاملة تراعى احتياجات سوق العمل، والتوسع فى البنوك المتخصصة لدعم قطاعى الصناعة والزراعة، وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة وتوفير البيئة الآمنة للمستثمر والاستغلال الأمثل للمتاح من الموارد بأنواعها هما بوابة التنافسية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحكومة الاقتصاد المصري الاقتصاد تحسین بیئة الاستثمار الحوار الوطنى
إقرأ أيضاً:
عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
روشته في كتاب ضخم كتبها سادة العقل في العالم.. وحكمة مشاع مثل الهواء والجمال والنظر إلى السماء
لو كان رجل الدولة سياسيًا تدرب على الصمت فإن الاقتصادي هو الخبير الذى يعرف لماذا لم يحدث اليوم ما تنبأ به أمس؟
ولو كان الرجل المغرور هو مثل ديك يظن أن الشمس لن تشرق إلا إذا سمعت صياحه فإن الدبلوماسي هو شخص يستطيع أن يحدثك بالساعات عن «البطاطا» الساخنة حتى تبرد.
ولو كان الحب هو المرض الوحيد الذى لا نتمنى الشفاء منه فإن الهموم هى السلعة الوحيدة التى يزيد فيها العرض عن الطلب.
ولو كانت التجاعيد هى توقيع الزمن على الوجوه ليثبت وجوده فإن خاتم الزواج هو أغلى خاتم فى الدنيا لأنه يكلف صاحبه أقساطا شهرية طوال حياته.
ولو كان التثاؤب هو الفرصة الوحيدة للزوج كى يفتح فمه فى حضور زوجته فإن الحياة هى رحلة يفسد الآباء علينا نصفها ويفسد الأبناء النصف الثانى.
لا أحد منا لا يحب مثل هذه العبارات الرشيقة الساخرة التى تلخص الحياة فى «برشامة».
إنها مثل قطيع من النجوم نجمعه من رغوة السحاب.. من احتكاك رؤوسنا بالشمس.. من حبات عرق الفلاسفة والصعاليك.. إن اللقمة والنكتة هما غذاء صحى يطيل العمر.
هذه خلاصة «روشتة» من سبعمائة صفحة حصلت عليها صدفة منذ سنوات من مطار «بيروت» وأنا عائد إلى «القاهرة».روشتة في كتاب ضخم كتبها سادة العقل مثل «تولستوى» و«أفلاطون» و«شكسبير» و«هيمنجواى» و«أرسطو» و«سارتر» و«نجيب محفوظ» وجمعها «منير عبود».
وضعت الكتاب إلى جانب فراشى ليهدئ مما جرى فى يومى قبل نومى ولا مانع لدى أن أمنحك بعضا منه لو شئت التخلص من الحبوب المنومة.
أنا هنا مجرد ناقل عطر. حامل زهور. ساعى بريد يأتى إليك بثروة من الحكمة خفيفة الظل التى ليس من حق أحد احتكارها أو مصادرتها أو بيعها فى السوق السوداء.
إنها حكمة مشاع مثل الهواء والجمال والنظر إلى السماء.
ولنبدأ بالجمال الذى يلخصه «يوسف إدريس» بأنه توقيع الله على مخلوقاته.
لنكمل بلا توقف: الأزهار هى أفكار تنبتها الأرض. القبلة توقيع مزور على عقد اتفاق. الرجل الشهم هو الذى يحمى المرأة الضعيفة من كل الرجال إلا هو. الزوجة: الباب الأول فى ميزانية البيت.. الحب العذرى: بندقية لا يعرف حاملها أنها مليئة بالرصاص. الحب الخالد: حب المرء لنفسه.. الإنسان: الزوجة المخلصة هي التى ترفأ جورب زوجها كلما اشترت لنفسها ثوبا جديدا.
الرأسمالي: رجل يملك من المال أكثر مما تستطيع زوجته إنفاقه. المهادنة: استسلام بالتقسيط. السياسة: تجارة دون رأسمال.. الزواج: عقد العمل الوحيد الذى يبيح للمرأة استخدام الرجل أربعة وعشرين ساعة فى اليوم. الصمت: أرخص أركان الحكمة، الخبرة: حلول الأمس لمشاكل اليوم.
الجيش: مجموعة رجال مهمتهم إصلاح الأخطاء التى يرتكبها الدبلوماسيون..ولو كنت تتصور أن الفلاسفة أشخاص يجرى في عروقهم الأسمنت فأنت لست على صواب. إن التجهم الشديد التى يسيطر عليهم سرعان ما ينقلب إلى سخرية أشد.
الفيلسوف الوجودى الفرنسى «سارتر» يشبه الحياة ببصلة تنتزع قشورها طبقة بعد أخرى وهو ما يجعلنا نبكى أحيانا.
و«برنارد شو» الكاتب الإنجليزى الحاد يعتقد أن الطفولة هى فترة من العمر يعيش فيها الإنسان على حساب غيره. ويصف الشخص الذى توفى أو المرحوم بأنه إنسان عاش طوال حياته وهو يعتقد أن الدنيا لا تمشى ولا تصلح بدونه. ويعرف الأمانة بأنها خوفك من أن تضبط متلبسا بالخيانة.
أما الممثل الأمريكى الراحل «جون واين» فيصف الدنيا بأنها كالماء المالح كلما شربت منه ازددت عطشا. ويصف الخطوبة بأنها عملية استطلاع قبل الحرب البرية. أما الأحمق فى رأيه فهو الشخص الوحيد الذى يحرمك من الوحدة دون أن يمتعك بالصحبة.
وفى المكتبة العربية كتاب شهير عنوانه «قالوا» كتبه «أنيس منصور» فى عبارات سريعة رشيقة كان بعضها شوكا مر به على جلد النساء لكنه لم يجرحه لذلك كانت المرأة الزبون الأول للكتاب فهى تريد أن تقرأ عن سطوتها بكل اللغات.
والحقيقة أن المرأة هى الأكثر قراءة للأدب.. الرجل على حد وصف مخلوق غير شعرى. الرجل يابس ومالح وغليظ. ما إن يتخرج فى الجامعة حتى يفك الارتباط بينه وبين الأدب.. فلا يقرأ إلا جريدته اليومية، ولا يهتم إلا بجدول أسعار البورصة، الرجل يأكل القصيدة بأسنانه فى حين أن المرأة تتكحل بها وتعلقها كحلق من الزمرد فى أذنيها.
وليس هناك كاتب على وجه الأرض لم يضع خطا تحت كلمة مأثورة وربما أخذها من مكانها وحبسها فى درج مكتبه ولا تصدق «أرنست هيمنجواي» حين قال: «إن الكلمات المأثورة توابيت لا يجب البقاء فيها» أو «هى مثل أكياس الماء الساخن وأدوية الروماتيزم ومشروب البابونج لا يتعاطاه إلا الذين يعيشون فى بيوت رطبة».
ولكن صدق «أحمد بهاء الدين» الذى قال ذات مرة: «إن الكلمات المأثورة تخترق الهدف لتجعلك دائخا بعض الوقت قبل أن تواصل مسيرة الحياة الرتيبة».
وتحتل علاقة الرجل بالمرأة الكمية الكبيرة من هذه الطلقات الموجهة. فعندما يغير الرجل رأيه كثيرا كما تفعل المرأة فالغالبًا أنه متزوج منها. وعلى المرأة أن ترتدى من الثياب ما يكفى لجعل الرجل دافئا. ولا سبيل للرجل كى ينتصر على المرأة إلا الفرار منها. ولا تطلب الفتاة من الدنيا إلا زوجا فإذا جاء الزوج طلبت منه كل شيء، والرجل رجل فى بعض الأوقات والمرأة امرأة فى كل الأوقات.
وفى الأمور العظيمة يتظاهر الرجال كما يحلو لهم وفى الأمور التافهة يبدون على حقيقتهم. والرجل الحاذق يقول للمرأة إنه يفهمها والرجل الغبى يحاول أن يثبت ذلك، وأغلب الظن أن عشاق المرأة الغبية دائما أذكياء، فلا تنسى أن «آرثر ميللر» تزوج «مارلين مونرو» بعد ربع ساعة من لقائهما الأول.
ولو كان الرجل يريد من المرأة أن تفهمه فإنها تريد منه أن يحبها، أما أكثر ما يؤلم المرأة أن تضغط على لسانها، والجمال للمرأة كالمال للرجل كلاهما قوة، الجمال سلطة مثل الثروة وجماعات الضغط، لذلك فإن همس المرأة الساحرة أعلى من صوت الضمير، ولو كانت المرأة أسطورة يصدقها الرجل فإن الرجل أسطورة تتخيلها المرأة.
ولولا النهر ودموع النساء لحاصرنا الجفاف وقتلنا العطش، والمرأة والحب هما سبب استمرار لكون، إن ذلك جعل الكاتبة الفرنسية المتمردة «فرانسوا ساجان» تؤكد أن مشاكل الرجل أكثر من مشاكل المرأة وأولها مشكلة كيفية معاملة المرأة.
وهناك علاقة متينة بين المرأة والسياسة، علاقة حقيقية فيها مكر ودهاء والذهاب بالرجل إلى النهر دون أن يشرب منه نقطة مياه، فهل كان «نابليون» يدرك ذلك عندما قال: إن الدولة تموت من سوء الهضم، ولاحظ «ـوماس مور» أن لرجل الحكومة أنوفًا طويلة ولكنه أضاف: أنهم لا يرون أبعد منها، أما المهاتما «غاندى» فيؤمن بأن الأمة لا تنهض دون أن تكتوى بنيران الألم، وقبل أن يغادر «جيرالد فورد» البيت الأبيض قال: «صاحب السلطة يصدق التملق بسهولة وينسى النفاق بسرعة».
وأجمل ما قيل فى السياسة: إنها فن منع الناس من التدخل فيما يعنيهم، ولكن المثل الأمريكى الذى تسمعه من سائق التاكسى يقول: إن السياسة هى فن الفوز بالمال من الأغنياء والتأييد من الفقراء بحجة حماية أحدهم من الآخر.
أما «شارل ديجول» فيقول: «لأن رجل السياسة لا يعتقد فينا يقول فإنه يتعجب كثيرا عندما يصدقه الناس». وهو ما جعل الملك «فاروق» يقول: إن السياسة هى المهنة الوحيدة التى لا تحتاج إلى إعداد.
كل المطلوب من السياسى أن يكون مراوغا. عندما يقول «نعم» فإنه يعنى «ربما» وعندما يقول «ربما» فهو يعنى «لا» وعندما يقول «لا» فهو ليس سياسيا.