سعت الدولة خلال الفترة الماضية إلى مواجهة الأزمات العالمية والإقليمية المتلاحقة وما فرضته من تحديات من خلال اتخاذ خطوات إصلاحية عميقة وحاسمة، لخفض التضخم، وتقليل نسبة الدين من إجمالى الناتج المحلى، ودعم مرونة الاقتصاد المصرى عبر زيادة تنوع هيكله الإنتاجى وزيادة الصادرات وترشيد الواردات، بالتوازى مع دعم قدرات القطاع الخاص فى إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة وإصدار قانون المنافسة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير الحماية للفئات محدودة الدخل، فضلاً عن توفير مناخ جاذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وتبنت الدولة خلال السنوات الماضية برامج للإصلاح الاقتصادى كان هدفها الرئيسى إصلاح الاختلالات الكبيرة التى عانى منها الاقتصاد المصرى على مدار العقود الماضية، والتى تفاقمت فى ظل الظروف الاستثنائية والأزمات الإقليمية والعالمية، وبالتوازى مع برامج الإصلاح الاقتصادى حرصت الدولة المصرية على تبنّى مجموعة من البرامج والمبادرات الاجتماعية، وهو ما جاء نتيجة لوعى الدولة بتأثير هذا البرنامج على بعض فئات المجتمع المصرى.

ومن بين المبادرات التى تبنتها الدولة، تلك الخاصة بالدعم النقدى المباشر كمبادرة برنامج «تكافل وكرامة»، كما نفّذت الدولة أيضاً العديد من برامج الحماية الاجتماعية والصحية المتنوعة فى إطار التعامل مع تداعيات برامج الإصلاح الاقتصادى، وتواصل الحكومة المصرية استكمال تنفيذ رؤيتها التنموية للسنوات المقبلة حتى 2030، على الرغم من التحديات الكبيرة التى تواجهها بما يُسهم فى رفع معدلات النمو الاقتصادى، وتحسين الأداء الاقتصادى للدولة، وتعزيز رفاهية الأفراد.

كما تواجه الحكومة تحديات جديدة خلّفتها الأزمة الاقتصادية العالمية التى ترتبت على الأزمة الروسية الأوكرانية، وما تبعها من تعطل لحركة الأسواق العالمية، وتسببت فى زيادة غير مسبوقة فى الأسعار وأثرت على مستوى العرض لسلع بعينها، وأدى هذا المشهد إلى صور من المعاناة بالنسبة للمواطن فى جميع دول العالم، وجاء عنوان برنامج الحكومة للفترة «2024/2027»، «معاً نبنى مستقبلاً مستداماً» ليقوم على استكمال البناء والتطوير ليضمن حاضراً أفضل ومستقبلاً مستداماً للأجيال الجديدة.

وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم تحديد مستهدفات برنامج الحكومة بالاستناد بشكل رئيسى إلى مستهدفات رؤية مصر 2030 وتوصيات جلسات الحوار الوطنى، ومستهدفات الوزارات والبرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية، ومختلف الاستراتيجيات الوطنية، وتضمن البرنامج 4 آليات تمويل رئيسية: «الشراكة مع القطاع الخاص، وتعزيز الاستثمارات الخاصة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز المسئولية المجتمعية»، وجاءت الممكنات الرئيسية التى تسهم فى تسريع تنفيذ برنامج الحكومة فى توفير التمويل، وإنتاج البيانات وإتاحتها، والتقدم التكنولوجى والابتكار، والتحول الرقمى، والبيئة المؤسسية والتشريعية الداعمة، ومنظومة قيم ثقافية مساندة، وضبط الزيادة السكانية.

ويهدف برنامج الحكومة الاقتصادى إلى خلق اقتصاد مرن وقادر على مواجهة التقلبات والتغيرات العالمية المتسارعة والانطلاق والنمو المستدام، وجاذب للمستثمر المحلى والأجنبى، وذلك من خلال توفير بيئة أعمال محفزة تدعم تحقيق معدلات مرتفعة من الإنتاجية، وتمكن من رفع قدرة الدولة التصديرية وتعزز إيراداتها وتضمن لها تحقيق معدلات مرتفعة من النمو المستدام وتوفير مزيد من فرص العمل الدائمة.

وهناك أهداف استراتيجية لبناء اقتصاد تنافسى جاذب للاستثمارات تعتمد عليها الحكومة فى برنامجها، من بينها ترسيخ دعائم النهوض الاقتصادى، لتعظيم المقدرات الاقتصادية الوطنية وتحقيق معدلات نمو قوية ومستدامة وشاملة ومتوازنة فتسعى الحكومة إلى تعزيز القدرة الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، كما يتضمن البرنامج الرئيسى تحقيق معدلات نمو قوية ومستدامة تتضافر معاً لخلق اقتصاد احتوائى قادر على توفير المزيد من فرص العمل اللائقة، بالإضافة إلى تصحيح اختلالات جانبى العرض والطلب الكليين، وكذلك ضمان التمكين الاقتصادى، كما يستهدف زيادة مساهمة الاقتصاد الأخضر فى الناتج المحلى الإجمالى، وخلق اقتصاد تنافسى قائم على المعرفة وزيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية، إلى جانب تعظيم تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وتوفير المزيد من فرص العمل مع مواصلة الحكومة جهودها فى تقديم البرامج المختلفة لتوفير فرص العمل وتقليل نسبة البطالة، وذلك سواء بخلق فرص جديدة أو بتعزيز فرص العمل الحرة ودمجها فى الاقتصاد الرسمى.

كما يهدف البرنامج إلى تحقيق نمو احتوائى شامل، من خلال رفع معدل النمو السنوى للناتج المحلى الإجمالى إلى نحو 5.5% فى عام 2026-2027، وتبنى برنامج قومى للتشغيل لتوفير المزيد من فرص العمل فى القطاعات الرائدة، وخفض معدلات البطالة لأدنى مستوياتها، من خلال عدد من المسارات تضم تشجيع القطاع الخاص، توفير التمويل الميسر للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، تكثيف الاستثمارات فى المشروعات كثيفة العمل، توسيع نطاق مُشاركة المرأة فى سوق العمل، التوسع فى برامج التأهيل للانضمام لسوق العمل.

كما تولى الحكومة اهتماماً خاصاً بتعزيز برنامج المساندة التصديرية، بهدف تشجيع المصدرين وبالتالى زيادة الصادرات المصرية، كما تشمل الجهود توجيه المساندة نحو القطاعات ذات الأولوية، وكذلك السداد الفورى للمساندة، كما تسعى الحكومة إلى زيادة معدلات التصدير فى قطاعات واعدة، مثل البترول والزراعة والصناعات التحويلية والإلكترونيات.

وتركز الحكومة على تحسين منظومة التصدير وكذلك تيسير الإجراءات، علاوة على دعم نفاذ المنتجات المصرية إلى الأسواق العالمية من خلال تطوير الخدمات اللوجيستية والترويجية وتعزيز الاتفاقيات التجارية، ويتضح ذلك من خلال زيادة متوسط قيمة الصادرات المصرية إلى 130 مليار دولار خلال فى عام 2026-2027، واستمرار العمل على تحديث الأنشطة التصديرية المستهدفة ومراجعة الفجوة التصديرية بعد كل تغيير فى سعر صرف الدولار، واستمرار التباحث مع المجالس التصديرية حول إعادة هيكلة منظومة دعم الصادرات، ورد الأعباء التصديرية والأسواق التى تستهدفها، والمتطلبات التى يمكن دعمها من خلالها، والاستمرار فى تنفيذ برنامج رد الأعباء التصديرية للشركات المصدرة لتحفيزها على التوسع فى الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى يشهدها الاقتصاد العالمى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحكومة الاقتصاد المصري الاقتصاد برنامج الحکومة القطاع الخاص تحقیق معدلات من فرص العمل من خلال

إقرأ أيضاً:

مدبولي يشهد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين الحكومة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار

شهد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم الاربعاء، مراسم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين الحكومة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية «EBRD»، وذلك لتعزيز الجهود الوطنية في توسيع نطاق الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص (PPP)، في الجهود المستقبلية.

وقع مذكرة التفاهم الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والدكتور مارك ديفيس، المدير الإقليمي لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.

وأكد مدبولي أن مذكرة التفاهم تهدف إلى وضع الإطار العام للدعم الفني المقدم من البنك للحكومة في تقديم الدعم المؤسسي وبناء القدرات لكافة الأطراف ذات الصلة، وأيضاً تقديم الدعم الفني لتنفيذ وإعداد مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودراسة تمويلها وتشغيلها وطرحها والتعاقد عليها بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مصر في مختلف القطاعات، مع التركيز على قطاعات النقل والموانئ، والرعاية الصحية، والكهرباء والطاقة، ومعالجة وتحلية المياه، وغيرها من القطاعات ذات الأولوية.

ومن جانبها، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الوزارة عملت منذ عام 2020 على تعزيز منهج الدبلوماسية الاقتصادية، وتحفيز الشراكة مع المؤسسات الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف، لدفع أولويات الدولة التنموية وتوسيع نطاق الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، لتحفيز الحلول المبتكرة لسد فجوات التنمية، من خلال تطوير نماذج شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص لما يمتلكه القطاع الخاص من الخبرات الفنية والتكنولوجيا والخبرات الحديثة التي تمكنه من تنفيذ المشروعات القومية الكبرى في مختلف المجالات بشكل فعال ومستدام.

وأوضحت الوزيرة، أن البنك الأوروبي، أحد أكبر بنوك التنمية متعددة الأطراف التي تمول القطاع الخاص في مصر، وتعمل الوزارة على تنفيذ الاستراتيجية القطرية المشتركة للفترة 2022-2027، والتي تعد إحدى ركائزها الرئيسية وهي تعزيز التنافسية وزيادة معدلات النمو وتعزيز دور القطاع الخاص، لافتة إلى أن ذلك يعد استمرارًا للدور المحوري للبنك في دعم جهود التنمية وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، وهو ما شهدناه جليا خلال عام 2024، حيث قام البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بضخ استثمارات بقيمة 1.5 مليار يورو في السوق المصرية، لإجمالي 26 مشروعًا، 98% منها في القطاع الخاص.

وأضافت الدكتورة رانيا المشاط، أن البنك ساهم أيضاً من خلال دوره كشريك تنمية رئيسي بمحور الطاقة ضمن برنامج "نُوفّي"، في حشد تمويلات ميسرة للقطاع الخاص بقيمة 3.2 مليار دولار لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة.

وأشارت وزيرة التخطيط، إلى أن تلك الجهود تتكامل مع البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية الذي تعمل الحكومة على تنفيذه من خلال سياسات وإجراءات من شأنها تحسين بيئة الأعمال وتوسيع مظلة الشراكة مع القطاع الخاص لقيادة جهود التنمية.

ولفتت الوزيرة، إلى أن الوثائق التي تم توقيعها اليوم تعد استمرارًا للشراكة الوثيقة بين الحكومة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، حيث تُعد مصر عضوًا مؤسسًا، وقد جاءت على رأس ترتيب دول منطقة جنوب وشرق المتوسط كأكبر دولة عمليات للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية خلال العام الماضي، وذلك للعام السابع على التوالي، بينما جاء ترتيب مصر في المركز الثالث عالميًا على مستوى الدول أعضاء البنك، وهو ما يعكس الدور المحوري للدبلوماسية الاقتصادية في دفع التمويل من أجل التنمية.

وأشارت المشاط، إلى أنه خلال العام الماضي قام البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بضخ استثمارات بقيمة 1.5 مليار يورو في السوق المصرية، لإجمالي 26 مشروعًا، 98% منها في القطاع الخاص و50% في التمويل الأخضر، موزعة بنسبة 40% لتمويل التجارة، 26% البنية التحتية، 20% القطاع المالي، 13% تمويل الشركات.

وأضافت أنه منذ تحول مصر إلى دولة عمليات للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية عام 2012 قام البنك بضخ استثمارات بقيمة 13.8 مليار يورو لـ 194 مشروعًا تنمويًا حيث تم توجيه 80% من التمويلات للقطاع الخاص.

ولفتت الوزيرة، إلى أنه من المقرر أن تستضيف مصر الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لعام 2027، بعد موافقة مجلس المحافظين، وذلك في إطار الدور الاستراتيجي الذي تمثله مصر في البنك خاصةً كونها واحدة من أوائل الدول المؤسسة للبنك، وتعد واحدة من أكبر دول العمليات على مستوى العالم.

اقرأ أيضاًمدبولي يؤكد استمرار الحكومة في تعظيم عائد الأصول المملوكة للدولة لتحقيق التنمية

مدبولي: حريصون على متابعة الخطوات التنفيذية للمجموعة الوزارية لريادة الأعمال

مدبولي يتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء

مقالات مشابهة

  • عبد المنعم سعيد: القطاع الخاص محرك رئيسي للنمو الاقتصادي والتنمية
  • الحكومة تقول إن نسبة الاستجابة للإضراب العام بلغت 1,4 بالمائة في القطاع العام و32 بالمائة في القطاع الخاص
  • نحن شركاء.. وزير العمل: سنشارك القطاع الخاص في تدريب العمالة المصرية
  • تشجيع التعاون الاقتصادي بين القطاع الخاص المصري والأوكراني
  • بتكلفة ٥٣,٩ مليار جنيه.. الحكومة تطرح 9 مشروعات للشراكة مع القطاع الخاص
  • مدبولي يشهد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين الحكومة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار
  • الحكومة: اتفاقية تعاون بين وزارة المالية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار
  • الحكومة: البنك الأوروبي لإعادة الإعمار ضخ استثمارات بـ1.5 مليار يورو في مصر
  • المشاط: النمو الاقتصادي المستدام لن يتحقق دون شراكة فعالة مع القطاع الخاص
  • المشاط: النمو الاقتصادي المستدام لن يتحقق بدون شراكة فعالة مع القطاع الخاص