النادي الثقافي يستذكر حياة ومواقف السيد عبد الله بن حمد البوسعيدي
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
«عمان»: نظم النادي الثقافي جلسة حوارية تناولت سيرة السيد عبد الله بن حمد البوسعيدي -رحمه الله، وتجربة صالون الفراهيدي، أدارها الإعلامي خلفان الزيدي، بحضور عدد من المهتمين.
وأوضح الأديب أحمد بن عبد الله الفلاحي أن الحديث عن السيد عبد الله يمتد ويطول ويصعب علينا أن نفيه حقه، مضيفا: عرفناه عن قرب وكان صديقا التقيناه أوائل السبعينيات، وكان في صباه الأول، وكنا نزورهم في بيتهم بالحمرية في جوار بيت الشيخ أحمد بن عبد الله الحارثي، وكان والده الشيخ القاضي حمد بن سيف البوسعيدي ومعه أناس من القضاة والأعيان نعيش معهم التاريخ والشعر والأدب على مختلف أنواعه، وهو كان معنا بعمره الغض حيث كان أصغر منا سنا، ثم رأيناه في عمره ذاك موظفا في مكتب السيد محمد بن أحمد البوسعيدي وزير الإسكان وقتها، بمثابة سكرتير خاص له، يطبع رسائله وينسق شؤون مكتبه، وبعدها عمل في مكتب الشيخ أحمد بن عبدالله الحارثي رئيس هيئة المخطوطات، ومنها لوزارة العدل التي تدرج فيها حتى غدا مديرا عاما لها، وجاءنا إلى البحرين زائرا لنا في أوائل الثمانينيات لنمضي السهرات في أحاديث ممتعة شيقة.
ويتابع مسترسلا: لم يطل مُكثه في الوزارة حتى صدر قرار تعيينه مندوبا لسلطنة عمان في الجامعة العربية حين كان مقرها في تونس، وبعد فترة قصيرة أصبح سفيرا في تونس، وأتيح له هناك نسج علاقات متينة مع العديد من المسؤولين ومع نظرائه من السفراء. وجاءنا في القاهرة يومها مشاركا في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية المنعقد حينها في القاهرة. وعندما عادت مصر إلى الجامعة العربية، وعادت الجامعة العربية من تونس إلى القاهرة، تعين هو سفيرا في مصر، ومضت علاقتنا تتجدد وتتوطد.
وبدأت الوفود العمانية تتراسل على مصر وكان بيته في القاهرة ملتقى الجميع حيث الكرم الواسع، وفي أيام وجوده في القاهرة أسس صالون الفراهيدي الذي تواصلت ندواته الفكرية كل ثلاثة أشهر مرة، وفي كل دورة كان البحث مختلفا عما كان قبله، وتنوعت بين العلاقات العمانية المصرية، وقصائد المديح العماني في الشعر العماني والمصري، وعن علماء زاروا عمان وكتبوا عنها، وكان يتحدث في تلك الندوات أساتذة من مصر وسلطنة عمان. وكان هو من يلقي الكلمة التقديمية، ويحرص على اختيار نخبة من كتاب مصر ليستضيفهم في منزله باستمرار. كما كان يحرص على استضافتهم في منزله، ويلبي كل الدعوات التي تأتي إليه من أطياف الثقافة على اختلاف مشاربهم.
وفي أيام احتلال العراق للكويت في شدة التأزم، اجتمع في مجلسه سفير الكويت وسفير العراق، وكان مثل ذلك الموقف أشبه بالمستحيلات، لأنه من العجيب أن يحضر السفير العراقي والسفير الكويتي في مجلس واحد، وذلك لدوره وسماحة نفسه، وأذكر الصحف المصرية التي كتبت عن الموقف غير العادي.
وكان يحب حضور الفعاليات مهما كانت متواضعة، مستوعبا كل الأطياف، وكان يطلب مني رفقته أيام معرض الكتاب الدولي في مصر، فندخل أحيانا إلى ندوات المعرض، وكان محبا للقراءة ويسعى لاقتناء الكتب، ولديه قدرة على توزيع وقته، كما كانت لديه ثقافة متنوعة واسعة.
أما المكرم الشيخ حمد بن هلال المعمري فأشار إلى أن هذا النادي جمعنا كثيرا، ويعود بذاكرته ليقول: عرفته مطلع الثمانينيات، عندما التحقت بوزارة الخارجية، وكنا نلتقي عبر أصدقاء مشتركين، وربطتني معه الكثير من العلاقات الجميلة، وكنت دائما أنظر إلى ابتسامته التي تسبقه. وأذكر بـأنه تولى الوزارة في أكتوبر عام 1986، وفي بداية 1987 التحقت بإدارة النادي وأخبرني السيد خالد بن هلال بن سعود بن حارب، بأن السيد عبد الله يريد أن يتحدث إليك، وذهبت إلى هناك ولا أعرف ماذا يريد؟ وقال لي: إنه يريد أن ينقل بعض الشباب العمانيين إلى وزارة الإسكان، ووقع اختياره علي، واعتذرت بكل محبة وتفهم موقفي. وفي عام 1986، وكنت سفيرا بالسعودية كلما أعود من الرياض أمر عليه ونتحدث، وأذكر تشاركنا الغداء في المنطقة الممتازة، وبعدها بيوم صدر مرسوم بنقله سفيرا ومندوبا دائما لدى الجامعة العربية في تونس، وكان مدعوا لعقد قران في إبراء أصر أن يحضره تلبية للدعوة، وبعدها سافر إلى تونس.
كما أنني أذكر موقفه يوم غزو العراق للكويت، حيث اجتمعنا في مصر وكان حاضرا لمؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية المنعقد في القاهرة وقتها، وكنا نتبادل الأحاديث والهموم العربية، وبعد عودتنا لغرفنا في الثالثة صباحا وقع الغزو، وأعلن الفندق بأن عملة الكويت غير مقبولة وكانت فاجعة للكويتيين الموجودين حينها، فما كان من السيد عبد الله إلا مبادرته بمواساة إخوتنا الكويتيين وتقديم الدعم المعنوي لهم، في موقف إنساني يعكس سماحته ودماثة أخلاقه.
وعندما كنت أنزل إلى القاهرة بعد نقله سفيرا هناك، كنت أرى اهتمامه الأدبي، ولمست هذا الشغف لديه، وكان يريد أن ينقل الفكر والثقافة العمانية وينشرها للآخرين، وهناك سفيرين آخرين في مصر اقتديا بفكرته، وهي سنة حميدة وأنا شخصيا اقتديت به، ففي الرياض كانت هناك مجموعة من الصالونات الثقافية، وعندما انتقلت من الرياض إلى عمّان، وجدت الساحة جيدة ولدي العديد من الطلاب ففكرت بإقامة صالون العوتبي في 1987 واستمر، وكانت اقتداء بشخصية المغفور له. ولم يغادر السيد عبد الله البوسعيدي عالمنا إلا بعد مساهمته في إنشاء صرح علمي كبير وهو «جامعة الشرقية» حيث كان همه إرساء الثقافة ونشر المعرفة، وبناء جامعة في منطقة كانت بحاجة إليها، وكان نتاج ذلك توافد آلاف الطلاب إليها، حيث حصد ثمرة جهده وفكره وتوجهه.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجامعة العربیة السید عبد الله فی القاهرة حمد بن فی مصر
إقرأ أيضاً:
عُمان ضيف شرف "معرض القاهرة للكتاب".. وبرنامج ثقافي ضمن روزنامة الفعاليات لتسليط الضوء على الإرث الثقافي العُماني
◄ سعيد بن سلطان: المشاركة تجسِّد الروابط التاريخية والعلاقات الأخوية بين عُمان ومصر
مسقط- العُمانية
تحل سلطنة عُمان ضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ56 التي تقام خلال الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل؛ إذ تشارك في هذه التظاهرة بعدد من الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والأهلية، وهي وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ووزارة الإعلام، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وزارة التراث والسياحة، وجامعة السُّلطان قابوس، والنادي الثقافي، والجمعية العُمانية للكُتّاب والأدباء، ومركز ذاكرة عُمان، وبيت الزبير، بالإضافة إلى مشاركة 13 من المكتبات ودور النشر العُمانية التي ستقدم إصداراتها للقُراء ومرتادي المعرض.
وقال سعادة السّيد سعيد بن سُلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، إن هذه المشاركة تأتي تجسيدا للروابط التاريخية والعلاقات الأخوية المتينة التي تربط بين كل من سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية، وتعكس عمق التبادل الثقافي والتعاون المعرفي بين البلدين الشقيقين، إلى جانب ما يتمتع به معرض القاهرة الدولي للكتاب من أهمية كبيرة لدى القُراء العرب والدول الصديقة، وما يحظى به من مكانة مرموقة بين المعارض الإقليمية والعربية.
وأكد سعادة السّيد أن سلطنة عُمان تولي أهمية كبيرة لهذه المشاركة، وتبذل كافة المساعي الممكنة لإظهارها في المستوى الذي يلبّي طموحات كلا البلدين، ويقدم رؤية واقعية عن المشهد الثقافي العُماني للجمهور المصري الشقيق، مشيرًا إلى أن الوزارة قد سعت منذ فترة مبكرة للاستعداد للمشاركة في هذا الحدث الثقافي المهم، حرصًا منها على ضرورة إنجاح هذه المشاركة في تقديم الصورة المثلى للثقافة العُمانية في مختلف مجالاتها وتجلياتها.
وبين سعادتُه أن الجناح العُماني الموحد سيشتمل على عدة مفردات تتمثل في معرض المخطوطات العُمانية النادرة، ومعرض الفنون التشكيلية، والعروض الفنية والموسيقية، إلى جانب شاشة لعرض أفلام ترويجية وسياحية قصيرة عن سلطنة عُمان، ومجلس لتقديم الضيافة العُمانية، وركن خاص لتقنية (VR).
وفيما يتعلق بالفعاليات الثقافية، قال سعادتُه إنه قد تم إعداد برنامج ثقافي شامل، يغطّي طيلة أيام عقد معرض القاهرة الدولي للكتاب، ويشتمل على مختلف المجالات والمفردات الثقافية من المحاضرات الفكرية والتاريخية، والأمسيات الشعرية والموسيقية والفنون الشعبية، والندوات وحلقات العمل والجلسات الحوارية والنقاشات حول الرواية وغيرها من الموضوعات الاجتماعية والأدبية.
وأضاف سعادتُه أن البرنامج الثقافي يشتمل على عدة ندوات، ومنها ندوة "العلاقات العُمانية المصرية الحديثة.. مُرتكزات ومواقف" وندوة "الخطاب الثقافيّ.. ومُتغيّر العصر"، وندوة "عباقرة عُمانيون.. من الفراهيدي إلى ابن ماجد"، وندوة عن "التراث العُماني المخطوط"، وندوة "عُمان ومصر.. الوئام الأزلي"، وندوة "الدور العُماني والمصري في دعم الثقافة والإنتاج الفكري بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية"، كما يضم برنامج الندوات كذلك ندوة موسيقية بعنوان "فهارس المقامات والألحان: موسيقيون مصريون في عُمان".
وأشار سعادة السّيد وكيل الوزارة للثقافة إلى أن البرنامج الثقافي سيشهد جلسات حوارية، منها جلسة حوارية بعنوان "جامعة السُّلطان قابوس في عيون الأكاديميين المصريين"، وجلسة حول "واقع صناعة النشر في سلطنة عُمان"، وأخرى حول "أثر الثقافة العُمانية في الشرق الأفريقي"، كما يشتمل البرنامج على جلسة حوارية بعنوان "من القاهرة، هنا مسقط: الفضاءات الثقافية العُمانية في القاهرة"، وجلسة بعنوان "صعودًا على السفن المُبحرة: الثقافة العُمانية في تجلياتها المعاصرة"، موضحًا أن البرنامج يشتمل كذلك على أمسيات شعرية مشتركة وعدد من المحاضرات الفكرية التي تُقدمها نخبة من المتخصصين، من بينها محاضرة عن "البيئة والإنسان في عُمان عبر العصور: قراءة في السجل الأثري".
وأكد سعادتُه أن الوزارة حرصت على مشاركة الجانب المصري في البرنامج الثقافي من خلال مشاركة نخبة من الكُتّاب والأدباء والشعراء والمفكرين المصريين البارزين، الذين سيشاركون المنصة جنبا إلى جنب مع أشقائهم من الجانب العُماني، مُبينًا أن التعاون الثقافي بين البلدين يقوم على رؤية وأهداف مشتركة يسعى الجانبان لتعزيزها وتطويرها، مُشيدًا بالتعاون البناء الذي يبذله الأشقاء في جمهورية مصر العربية لتحقيق الأهداف والغايات المرجوة من هذه المشاركة.