لجريدة عمان:
2025-02-05@09:08:31 GMT

بتغني لمين يا حمام؟

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

بتغني لمين يا حمام؟

كانت ابنة 11 عاما، حين حدث العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر، إثر قرار عبدالناصر بتأميم قناة السويس، ردا على سحب الولايات المتحدة تمويلها لبناء السد العالي.

رأت عيون الكاتبة المصرية المعروفة سكينة فؤاد الحياة في بور سعيد عام 1945، لتكتب ما اكتنزتها ذاكرتها تلك الأيام حين دخلت العشرينات من العمر، فكانت فؤاد من كاتبات الستينيات والسبعينيات، لكنها اشتهرت في حقبة الثمانينيات، ككاتبة ركزت على الأمن الغذائي بمصر، لكن شهرتها ظهرت بشكل خاص بعد تحويل قصتها «ليلة القبض على فاطمة» عام 1982 إلى مسلسل تلفزيوني من تمثيل فردوس عبدالحميد ويوسف شعبان وفاروق الفيشاوي، ومن إخراج محمد فاضل، وإلى فيلم من تمثيل فاتن حمامة وشكري سرحان وصلاح قابيل، ومن إخراج هنري بركات.

كنت ابن 15 عاما، يهمه من المسلسل ما كنا نتشوق له من أحداث، وما زلت وملايين العرب يتذكرون فاطمة، التي أدّت دورها فردوس عبدالحميد، التي اتهمها أخوها بالجنون، وهي تبوح بما كان من سرّ يتعلق بأخيها الذي ارتقى المناصب (والمال) على مجد صنعته فاطمة، حين غدر بالمقاومة المصرية في منطقة قناة السويس؛ فقد استلم ثمن السلاح على أن يوصله لهم، ليفكوا الطوق عن مقاومين هناك، والتي ما كان منها إلا حمل السلاح للمقاومين، مجتازة «المعدية» في عملية تهريب فدائية للمتفجرات.

هل هي الجينات؟

كان ما كان ويكون، نتيجة خلاص النخب الفردي، أكان نبتا شيطانيا أم صار كذلك؛ فتتبع حياة من قرون، وليس فقط من عقود، يؤشّر على ما سلكته منظومات الحكم من الاستئثار بقطف ثمار أي (نبت رحماني) أنبتته ماء السماء وسواعد الشعوب.

ترى ماذا قصدت سكينة فؤاد من قصتها غير التحولات في مجتمع منطقة قناة السويس، والمجتمع المصري التي حدثت في حقبتي الخمسينيات والستينيات، بعد فشل العدوان الثلاثي؟

لم تكد حلقات المسلسل تنتهي، حتى ذاعت شهرة أغنية المسلسل الشهيرة «بتغني لمين يا حمام» التي أدتها الفنانة فردوس عبد الحميد.

لا أدري كم هي عدد المرات التي شاهدنا فيها الأغنية من خلال التلفزيونات العربية، وفيما بعد من خلال منصة اليوتيوب.

من أجمل الأغاني التي تجمع تراث بورسعيد والإسماعيلية من خلال الآلات الموسيقية المحلية، والرقصات، وما زلنا نتذكر تلك القماشة التي كان يحركها أحد الفنانين، بما يجعلها تحاكي راقصة رقص شعبي. لقد اشتهر فريق الأغنية من الراقصين، الذين وجدوا فرصا في المشاهد الاستعراضية في الأعمال الدرامية فيما بعد. كان وجه فاطمة وهي تغني مشرقا، وكذلك خطيبها حسن الذي قام به يوسف شعبان، فيما اعتراه الكدر حين أطلّ أخوها المتسلق الفاسد الذي أدى دوره فاروق الفيشاوي.

كنت أدندن بكلمات الأغنية، فلمن تغني الطيور والعصافير والمغنين اليوم في ظل ما نعيشه من آلام؟ قلت لنفسي تلك روح سيّد حجاب. تأكدت من ذلك حين «جوجلت» العنوان.

بتغني لمين يا حمام؟ يا ورد على فل وياسمين

يا عود ريحان زان البستان

بغني للناس الحلوين متجمعين أهل وخلان

بغني للي سنين البين ما علمتهوش النسيان

المُرّ.. مَرّ.. وع القلبين جاي الزمان صافي وحليان

يا سنين تمر.. تجر سنين يا مشتَّته شمل الإخوان

يا مين يلملم شملنا مين؟!

غنت إذن فردوس عبدالحميد، ما كتبه سيد حجاب الذي وجد ما وجد محمود درويش «ما يستحق الحياة»: الأوفياء، ثم ليكتفي محمد فاضل المخرج بهذه الفقرات، مختتما بالدعوة للمّ الشمل.

ثم لأقرأ باقي القصيدة الذي لم يحظ بالغناء:

مال تجيبه الريح.. يروح.. تاخده الزوابع

ياما فضة.. انفض سوقها في ثواني

يا زمان الغربة.. يا ملفلف خصورنا

ياللي بتدور فوق عششنا وفوق قصورنا

طول ما بنحب الحياة.. ونحب ناسها

لا الجدور ح تبور.. ولا تنهار جسورنا

ويتابع سيد حجاب:

الحقيقة نار تعيش تحت الرماد

في ضياها يا هندي لحلمي وخيالي

والمحبة تفجر الروح في الجماد

وبمحبة قلبي ح اقدر ع الليالي

دعوة للمحبة، بعد تجربة زمن الغربة، والتمسك بالأمل

يا زمان الغربة.. مهما ح تكاسرنا!

حلمنا ح نحققه.. مهما خسرنا!

طول ما خيرنا لغيرنا.. حتى لو رحلت

في الحياة ح نمد لينا جدور.. مسيرنا

من حنان الحب.. هل الغِلّ جانا!

من مرارة الغل.. جلجل صوت رجانا!

نبكى م الغل اللي بيزلزل حياتنا؟!

ولاّ م الحب اللي هدهدنا وشجانا؟!

يا زمان الغربة ليلك بيحاصرنا وف ظلامه المر طاوينا وعاصرنابس طول ما الحب بيرفرف علينا

الجدور ح نمدها ونصنع مصيرنا

دعوة رومانسية إنسانية للتمسك بالمحبة وسط التحولات العاصفة بالناس والمبادئ، لأن المحبة هي التي تضمن استمرار الحياة.

لم أستطع الوصول لنص قصة سكينة فؤاد، لكن من خلال الاطلاع عرفت أنه ليس بعيدا عن السيناريو والحوار؛ فقد تمحورت القصة على فاطمة التي توفي والداها فعاشت لترعى إخوتها الصغار، حيث يسافر خطيبها لتأمين دخل للإنفاق على أسرة خطيبته اليتيمة، أصبح أخوها كما قلت أحد الانتهازيين، يستغل قيامه المزعوم بعملية تهريب السلاح للمقاومين، والذي يودع فاطمة أخته مستشفى المجانين كونها تسيء إليه. خلال سردها لما كان وهي تهدد برمي نفسها من علو. تستدعي فاطمة ما كان من أحداث زمن الاحتلال البريطاني لبور سعيد، وبعد ذلك، وصولا لمقدمات سياسة الانفتاح.

اختارت الكاتبة سكينة فؤاد والمخرجان، مخرج المسلسل محمد فاضل ومخرج الفيلم بركات، بوح فاطمة الأسلوب المسرحي، المنبري؛ فقد دارت الأحداث الفعلية في ليلة واحدة في مدينة بورسعيد حين حاول رجلان القبض على فاطمة، حيث تستعيد فاطمة ما كان، لتكون شهادة على الفاسدين في كل الأوطان، أولئك الذين قطفوا ثمار أشجار لم يزرعوها.

وبعبارة منحتها فردوس عبدالحميد ما لديها من طاقة شعور وشجن وعتاب، خاطبت فاطمة الجيران الذين تجمعوا على محاولة القبض عليها:

«انتو دايما بتنسوا ولما جيت أفكركم قلت عني مجنونة».

وما زال النسيان داء الشعوب!

ولكن ثمة ضوء من هناك يُطل، يتبعه قرص الشمس لا محالة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فردوس عبدالحمید من خلال ما کان

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط: يجب إيجاد حل لمشكلة المكان الذي سيذهب إليه سكان غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط، يوم الثلاثاء، على ضرورة إيجاد حل للمشكلة الكبرى المتعلقة بالمكان الذي سيذهب إليه سكان غزة.
وأشار ويتكوف إلى أن الرئيس ترامب، عند حديثه عن "تنظيف غزة" يقصد جعلها صالحة للسكن، مضيفا أن الجدول الزمني لإعادة إعمار غزة قد يستغرق ما بين 10 إلى 15 عاما.

كما أكد المبعوث الأمريكي على أهمية النظر بواقعية إلى هذا الإطار الزمني، ودعا الحلفاء والشركاء في المنطقة إلى المساعدة في إيجاد أماكن للنازحين من غزة خلال فترة إعادة الإعمار.

ومساء يوم الثلاثاء، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الفلسطينيين لا يمتلكون خيارا بديلا عن مغادرة قطاع غزة، مشيرا إلى رغبته برؤية الأردن ومصر تستقبلان سكان القطاع.

وأشار ترامب إلى أنه "إذا تمكنا من العثور على أرض مناسبة لنقل سكان من غزة إليها سيكون ذلك أفضل لهم كثيرا من العودة إلى القطاع، أعتقد أن سكان غزة يجب أن يحصلوا على أرض جيدة وجديدة وجميلة"، مشددا على أن "الأرض التي يجب أن يحصل عليها سكان غزة يمكن أن تكون في مصر أو الأردن".

وسبق أن اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل فلسطينيي قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، متذرعا بـ"عدم وجود أماكن صالحة للسكن في قطاع غزة"، جراء الحرب الإسرائيلية التي تواصلت أكثر من 15 شهرا.

وواجهت عمان والقاهرة ذلك الاقتراح برفضه، وذلك عبر بيانات وتصريحات رسمية صدرت عن عدد من مسؤوليها. وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن "ترحيل أو تهجير الشعب الفلسطيني هو ظلم لا يمكن أن نشارك فيه".

وشدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على موقف الأردن الثابت بضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم، وأكد أهمية دعم صمود الفلسطينيين ورفض أي محاولات لتهجيرهم.

وفي سياق متصل، أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 545 ألف نازح فلسطيني، عادوا إلى شمالي قطاع غزة خلال الأسبوع الماضي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن هناك توقعات بأن عدد العائدين إلى شمال غزة خلال الأسبوع الماضي، تجاوز 545 ألف فلسطيني، مضيفا خلال مؤتمر صحفي، أنه في المقابل عبر أكثر من 36 ألف فلسطيني من الشمال إلى جنوب غزة.

مقالات مشابهة

  • سيكتب التاريخ ان الصياد هو المتحرك الذي أفترس متمردي الدعم السريع وسلبهم الحياة
  • المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط: يجب إيجاد حل لمشكلة المكان الذي سيذهب إليه سكان غزة
  • قصاصة ورقية في سلة مهملات داخل حمام تكشف عن شبكة سرية لـحزب الله في ألمانيا
  • فاطمة المعدول: قدمت 10 عروض بقصر ثقافة الطفل في التسعينات وألفت 10 كتب عن ذوي الإعاقة
  • الدش الأخير.. ماذا حدث لـ طالبة المدرسة الأجنبية في الشروق؟
  • الترام يجهز بدلاء الأتحاد ويعطي قبلة الحياة للشباب .
  • أمانة الرياض تعزز جهودها للارتقاء بجودة الحياة
  • محمد فؤاد يعلن موعد طرح ألبومه الجديد: «أحلى ألبوم ممكن أعمله»
  • لا شبهة جنائية.. أسرة طالبة الشروق تكشف كواليس وفاتها بالحمام
  • أبو الغيط: الذكاء الاصطناعي يعيد شكل الحياة وعلى العرب مواكبته