الجزيرة:
2024-09-10@03:35:49 GMT

البطة العرجاء التي تشعل المنطقة

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

البطة العرجاء التي تشعل المنطقة

في أقلّ من أسبوعين، قامت إسرائيل بثلاث عمليات عسكرية نوعية. الأولى هي استهداف ميناء الحُديدة في اليمن عبر طائرات "إف-16″و "إف-35" التي طارت لمسافة تقرب من 1900 كيلومتر من صحراء النقب، مما أدى إلى تفجير خزان للنفط ومحطة كهرباء. والعملية الثانية هي اغتيال القائد العسكري الرفيع في حزب الله "فؤاد شُكر" في الضاحية الجنوبية ببيروت، والتي تعد حسب معايير حزب الله أحد الخطوط الحمراء في الصراع مع الكيان الصهيوني.

والعملية الثالثة والأخطر هي اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب العاصمة الإيرانية طهران.

تهدف العمليات الإسرائيلية الثلاث إلى تحقيق ثلاثة أمور:

محاولة استعادة جزء من هيبتها وصورتها التي سقطت يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين فشلت أجهزتها العسكرية والأمنية والاستخباراتية في التنبؤ بهجوم الفصائل الفلسطينية، خاصةً حركة حماس، وفي التصدي له، مما شكل فشلًا أمنيًا وعسكريًا غير مسبوق في تاريخ الكيان. محاولة إعادة بناء معادلة الردع الإقليمية مع الخصوم، خاصة إيران وحلفاءَها في المنطقة العربية، وأهمهم حزب الله في لبنان، والتي تغيرت بشكل كبير لغير صالح الكيان منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحقيق صورة إنجاز يهرب بها من فشله الذريع في حربه على قطاع غزة.

في هذه العمليات الثلاث، كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حاضرة وبقوة ليس فقط من خلال علمها ومعرفتها بهذه العمليات مسبقًا، بل أيضًا من خلال الدعم العسكري والاستخباراتي واللوجيستي. فلا يُتخيل أن تُقدم إسرائيل أو يتجرأ نتنياهو على القيام بهذه العمليات دون وجود موافقة أميركية مسبقة عليها، وذلك ليس فقط بهدف التنسيق، وإنما أيضًا لحماية ظهرها في حال حدوث أي ردود أفعال على ما قامت به، وتحسبًا لأي عواقب قد تنجم عن القيام بهذه العمليات.

ولكن السؤال المهم هو: لماذا تبدو واشنطن مستسلمة لمنطق نتنياهو الذي يسعى، على ما يبدو، لتوسيع دائرة الصراع في المنطقة بما قد يؤدي إلى اشتعال حرب إقليمية واسعة قد تدفع الولايات المتحدة فاتورتها، وتؤثر سلبًا على مصالحها في المنطقة؟ عدة عوامل تقف خلف هذا الموقف الأميركي:

تتفق الإدارة الأميركية الحالية مع إسرائيل في السعي لاستعادة معادلة الردع التي سقطت قبل عشرة شهور، والتي أثّرت سلبًا على صورة أميركا باعتبارها الحليف والداعم الأساسي للكيان الصهيونيّ، وبالتالي هناك مصلحة مشتركة مع تل أبيب في هذا الصدد. تحاول واشنطن معاقبة إيران وحلفائها في المنطقة؛ انتقامًا منهم لإفشالهم مخطط التطبيع الذي كان يسير على قدم وساق قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكان يعوّل عليه الرئيس بايدن باعتباره أحد إنجازاته في السياسة الخارجية، خاصة في ظل فشله في كافة الملفات الأخرى، مثل: ملف الحرب الروسية على أوكرانيا، وملف العلاقة مع الصين، وكذلك ليصبح جزءًا من إرثه بعد اعتزاله العمل السياسي. رغبة الإدارة في تدشين نظام إقليمي جديد يسعى لدمج إسرائيل في المنطقة عبر تحالف مع بعض الدول العربية في مواجهة إيران، بحيث تلعب تل أبيب فيه دور رأس الحربة، في ظل سعي واشنطن لإعادة التموضع في المنطقة من أجل التركيز على ملفَي الصين وروسيا. تعد الإدارة الحالية من أضعف الإدارات الأميركية التي مرت على العلاقة مع تل أبيب خلال آخر ثلاثة عقود، إلى الدرجة التي جعلت نتنياهو يبتزّها بشكل غير مسبوق للحصول على الدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي. والأكثر أهمية أن الحرب تأتي في موسم انتخابي ساخن، وفي ظل أجواء استقطابية وانقسامية غير مسبوقة في الساحة الداخلية الأميركية، وهو ما يستغله نتنياهو بشكل ذكي، ليس فقط لإبقاء الحرب في غزة، بل لتوسعتها خارجيًا أيضًا. لا يمتلك الرئيس أو الكونغرس الأميركي رفاهية الضغط على إسرائيل حاليًا، خاصة قبل شهور قليلة من انتخابات حاسمة سواء على مستوى الرئاسة أو الكونغرس، حيث يسمّى فيها الرئيس بالبطة العرجاء، أي أنّ كليهما لا يستطيع الإقدام على اتخاذ قرارات مصيرية بشأن العلاقة مع الكيان في هذا الوقت الحساس.

في ضوء هذه الاعتبارات، يصبح منطقيًا أن تتورط الإدارة الأميركية في الحرب الحالية وتطوراتها. ولكنها أيضًا نفس الحسابات التي من شأنها تهديد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة وخارجها على المديين: المتوسط والبعيد.

فمن جهة أولى، فإن اتساع نطاق الحرب وخروجها عن السيطرة يعنيان تورطًا أميركيًا أكبر في المنطقة، في الوقت الذي تحاول فيه الالتفات إلى صراعات أخرى أكثر خطورة وأهمية كالصراع مع روسيا والصين.

ومن جهة ثانية، ثمة احتمالات أن يتحول دور أميركا من مجرد الدفاع عن إسرائيل إلى التورط في حرب هجومية ضد إيران وحلفائها، وهو ما قد يؤدي إلى اشتعال المنطقة فعليًا وارتفاع احتمالات سقوط خسائر في الأرواح، وبالتالي ارتفاع التكلفة السياسية داخليًا في أميركا.

ومن جهة ثالثة، فإن انصياع الإدارة الأميركية لمنطق نتنياهو يضعف صورة أميركا أمام حلفائها الآخرين ويظهرها دولة ضعيفة لا تستطيع فرض رؤيتها على هؤلاء الحلفاء في ظل تمنع ورفض نتنياهو للمطالبات المختلفة بضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب.

بكلمات أخرى، فإن واشنطن التي تبدو تابعة ومستسلمة بشكل كبير لمغامرات نتنياهو، تتحمل جزءًا أساسيًا من اشتعال المنطقة وتدحرج كرة اللهب إقليميًا، بشكل يجعلها تدفع ثمن ذلك إن آجلًا أو عاجلًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

تقدم تسعي للسلام عن طريق مفاوضات تقصي الجهة التي تحارب

تقدم تسعي للسلام عن طريق مفاوضات تقصي الجهة التي تحارب:
بالله شوف الزول ده. الناس دي ما بتفكر وقدر ما تشرح ليها ما بتفهم. شوف الزول ده بيقول في شنو…..بيحذر من تفاقم الصراع المسلح وفي نفس الوقت بيقول “الطريقة الأمثل التي يمكن من خلالها وقف الانتهاكات هي وقف وإنهاء القتال الدائر عبر عملية سياسية شاملة يشارك فيها جميع السودانيين عدا “الإسلامويين” الذين أشعلوا هذه الحرب ويعملون على استمرارها”.

شوف الزول ده داير ينهي الحرب في حفلة يشترك فيها الجميع ما عدا “الجهة التي أشعلت الحرب وتعمل علي إستمرارها. ”

لكن البرير ما براهو، ياهو ده سلام “تقدم” الدايرة تصل ليهو في تفاوض مع أي جهة أجنبية أو سودانية عدا الجهة التي “أشعلت الحرب وتعمل علي إستمرارها.”

تعبنا. ناس “تقدم” ديل نختلف معاهم في التقدير السياسي أم في أبجديات منطق أي طفل يجب أن يعرفه؟ وهو أن السلام يحدث عبر التفاوض مع الأعداء وليس مع الأجانب والاصدقاء.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تقدم تسعي للسلام عن طريق مفاوضات تقصي الجهة التي تحارب
  • بعد إطلاق صواريخ منها..إسرائيل تأمر بإخلاء مناطق في شمال غزة
  • كاميرا الجزيرة ترصد الوضع على معبر اللنبي
  • باحث سياسي: نتنياهو يضغط على أمريكا ولا يريد إنهاء الحرب خوفا من السجن
  • إسرائيل تزعزع أمن المنطقة
  • الرئاسة الفلسطينية: عمليات نتنياهو العسكرية لن تحقق الأمن والاستقرار بل ستزيد اشتعال المنطقة
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل السبب الرئيسي للأزمات التي تشهدها المنطقة (فيديو)
  • أستاذ في العلوم السياسية: نتنياهو يريد إشعال المنطقة واستمرار الحرب على غزة
  • ميقاتي: إسرائيل تشعل نار جرائمها ضد لبنان
  • أهالي المحتجزين في غزة: كان من الممكن إنقاذ حياة الرهائن بالصفقات التي نسفها نتنياهو