بغداد- تشهد الساحة السياسية في العراق جدلا حادا حول مشروع تعديل قانون العفو العام، حيث تتباين مواقف القوى السياسية والشعبية بين مؤيد ومعارض.

ورغم استكمال القراءة الأولى لمسودة القانون داخل قبة البرلمان، الأحد الماضي، إلا أنها لم تخل من سجالات ومساومات انتقلت إلى الشارع ما بين دموع أمهات تناشد عودة الأبناء وتحذيرات من تكرار سياسة "تبييض السجون التي اتبعها النظام السابق".

ويقول المحامي والخبير القانوني أسامة عدنان خضير إن الجميع ينتظر قانون العفو العام المعروض داخل أروقة البرلمان، وإن الخلاف الأساسي اليوم على المادة الرابعة منه والمتعلقة بتعريف الانتماء للتنظيمات الإرهابية.

جوهر الخلاف

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح خضير أن التنظيمات الإرهابية انقسمت إلى نوعين: أولهما قبل عام 2007 وهو تنظيم القاعدة، والثاني بعد 2024 وهو تنظيم "داعش (الدولة الإسلامية) الإرهابي".

وبالتالي، كما يقول، كانت هنا نقطة الخلاف، لافتا إلى أنه ضمن عملهم بالمحاماة توجد العديد من القضايا بشأن أبرياء وآخرين "متلطخة أيديهم بالدماء ولا يمكن السماح بالإفراج عنهم".

وأضاف خضير أن بعض السجناء صدرت بحقهم أحكام وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب لأسباب "بسيطة" من بينها وجود اسمهم ضمن أوراق أو قوائم التنظيمات الإرهابية، أو تم القبض عليهم من خلال معلومات المخبر السري دون وجود قرينة قانونية تثبت عملهم الإرهابي.

ووفق المحامي، كانت هناك -زمن النظام السابق- قوانين تُصدر عفوا عاما و"تُبيض السجون سواء كان السجناء قتلة أو غيرهم، لكن اليوم تم وضع آلية للفرز بينهم، ونتمنى من مجلس النواب التصويت على القانون بالصيغة الصحيحة بعيدا عن الخلافات لأنه مهم".

من جانبه، أكد المواطن كرار عباس (مهندس) أن ضرورات المجتمع كبيرة وهنالك حاجة لوضع خطط لدمج السجناء فيه في ظل تحديات البطالة وعدم وجود فرص عمل. وقال -للجزيرة نت- إنه يدعم قانون العفو العام والإفراج عن "الأبرياء" ومن كانت لهم سلوكيات حسنة خلال فترة محكوميتهم مع استثناء الإرهابيين ومن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، لافتا إلى "ضرورة أن يكون هنالك برنامج تأهيلي لمن سيشملهم هذا القانون".

وبرأي العراقية آمال فخري خلف، هناك أطياف كثيرة من أبناء الشعب العراقي بانتظار تشريع هذا القانون "لوجود العديد من المظلومين في السجون وعوائلهم تعيش ظروفا صعبة" مشددة على "أهمية إطلاق سراح جميع الأبرياء".

وصرحت المواطنة -للجزيرة نت- بأن العديد من السجناء "من أصحاب الكفاءات وتم زجهم بالسجون بوشاية أو اعترافات قسرية مما دمر مستقبلهم" داعية البرلمان والحكومة إلى "الإسراع بتشريع القانون وإعادة الحياة للعديد من الشباب والأُسر العراقية".

مظاهرات سابقة في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد للمطالبة بإقرار العفو العام (غيتي) سلبيات وإيجابيات

أما المواطن علي بشار فأكد -للجزيرة نت- أن قانون العفو العام يحمل جوانب إيجابية من حيث إطلاق جميع الأبرياء وتقليل المصاريف والتكاليف المالية التي توفَّر للسجناء، مستدركا "لكنه في الوقت نفسه، سيسمح بإطلاق سراح مجرمين يستحقون الإعدام".

من جهتها، تقول المواطنة حمدية حسن (لديها ابن محكوم بـ91 عاما في السجن) إنه في حال ثبتت براءة الأبناء فهي (وأولياء الأمور يطالبون) بأن يشملهم القانون. وأضافت -للجزيرة نت- أنها أنفقت مبالغ طائلة لكشف مصير ابنها النهائي "حتى دخل اليأس والملل إلى قلوبهم" وطالبت الجهات المعنية بإنصافهم.

من جانبه، أفاد المواطن عدنان خضير حمود بأنهم يترقبون تشريع هذا القانون لأنه "مُنصف ويختلف عن قوانين النظام السابق التي كانت تشمل جميع السجناء دون تمييز بين مجرم ومظلوم". وأوضح -للجزيرة نت- أنهم لا يريدون أن يشمل هذا القانون "الإرهابيين والمجرمين، بل إنصاف من انتُزعت منهم الاعترافات قسرا أو بوشاية".

بينما ناشدت المواطنة أم مرتضى (فضلت عدم الإفصاح عن اسمها) مجلس النواب أن يشمل القانون أبناء العوائل "لأنهم ليسوا مجرمين أو مختلسين" وأوضحت -للجزيرة نت- أن ابنها محكوم بالسجن غيابيا 20 عاما في قضية سحب قرض مالي وأن "شخصية حزبية متنفذة تقف خلف القضية".

بدورها، ناشدت المواطنة فاطمة جبر شاطي رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ومجلس النواب "بتشريع قانون العفو العام" مشيرة إلى أن "ابنها مسجون دون ذنب وتعذب في السجون وبحاجة إلى شموله بالعفو لأن زوجته وبناته وأمه مرضى نفسيا نتيجة وضع رب عائلتهم".

وقالت -للجزيرة نت- إنها حاولت مرارا لقاء السوداني لكن لم يسعفها الحظ، وإن ابنها مسجون منذ 9 سنوات ومحكوم بـ91 عاما سجنا، مطالبة بإعادة محاكمته.

حوار وتشاور

لم تختلف رؤية السلطة التشريعية عن الشارع، حيث كان هنالك تباين في وجهات النظر بين مؤيد ومعارض أو متحفظ على صياغة مشروع القانون.

وبرأي زينب جمعة النائبة عن تحالف "الفتح" فإن تأخر موعد قانون العفو العام أو تقدمه، فسيتم إقراره لا محالة" مبينة أن "هنالك العديد من السجناء الأبرياء خلف القضبان وقد حان الوقت لإخراجهم".

وأضافت أنهم يسعون إلى زف البشرى للسجناء وعوائلهم خلال الأيام المقبلة بتشريع القانون، لافتة إلى أن البرلمان استكمل قراءته الأولى وسيعملون على دراسته بشكل جيد بالتشاور مع خبراء قانونيين مختصين تمهيدا لعرضه للقراءة الثانية والمناقشة. وأكدت أنه "سيتم التصويت على القانون بكل رحابة صدر بعد استكماله وبما يخدم مصلحة الشعب العراقي".

من ناحيته، قال النائب عن المكون السني وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أحمد المشهداني إن القانون سيشمل الأبرياء فقط ولن يتمكن من "تلطخت أيديهم بدماء العراقيين من الانتفاع منه".

وأكد -للجزيرة نت- أنه على المشككين والرافضين للقانون الاطمئنان، لأن النواب أيضا "متضررون من الجماعات الإرهابية ولن يسمحوا بالدفاع عن مجرمين" مشيرا إلى وجود أبرياء في السجون جراء وشاية أو -لأسباب شخصية- تم الادعاء عليهم بانتمائهم إلى جماعات إرهابية أو انتزاع الاعترافات بالضغط والإكراه.

وشدد على أن القانون بحاجة إلى جلسة حوارية بين جميع الأطراف، وأن اللجنة ستستمع إلى جميع الآراء وتناقشها للخروج بقانون يحقق الهدف المنشود منه.

من جانبه، أكد معين الكاظمي النائب عن كتلة "بدر" أن مسودة القانون التي وصلت من الحكومة "لا تتعدى كونها تعريفا فقط للشخصيات المنتمية إلى التنظيمات الإرهابية". وأوضح -للجزيرة نت- أن رؤيتهم التي تم طرحها داخل قبة البرلمان أن يتم إدراج هذا التعريف ضمن قانون مكافحة الإرهاب وليس ضمن قانون العفو العام.

واتفق معه علاء صباح الحيدري النائب عن تحالف "الفتح" مؤكدا تحفظهم على مسودة مشروع القانون، وموضحا للجزيرة نت أنها لم تتضمن أية فئة باستثناء التنظيمات الإرهابية "والحقيقة أنه لا يمكن الفرز بين أفراد تنظيمات متطرفة كهذه".

وبحال المضي في تشريع القانون، يتابع النائب "فإن الأمر خطير وسيصبح سُنّة مستقبلية في صورة تشكيل تنظيمات إرهابية تعمل ضد الدولة، ويمكن أن يتم تكرار سيناريو إطلاق سراح المنتمين إليها" داعيا إلى ضرورة الانتباه إلى هذه النقطة من قبل أعضاء البرلمان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التنظیمات الإرهابیة قانون العفو العام هذا القانون للجزیرة نت العدید من

إقرأ أيضاً:

القانون يوضح عقوبة النصب بعد واقعة مستريحين الأدوية

تضمن قانون العقوبات فى المادة رقم 336 عقوبات رادعة لمرتكب جرائم النصب والاحتيال على المواطنين، على أن يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور وإما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكًا له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.

 

أما من شرع في النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة ويجوز جعل الجاني في حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر".


فيما تنص المادة 338 على أن كل من انتهز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى نفس شخص لم يبلغ سنه الحادية والعشرين سنة كاملة أو حكم بامتداد الوصاية عليه من الجهة ذات الاختصاص وتحصل منه إضرارا به على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بإقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملزمة التمسكية يعاقب أيا كانت طريقة الاحتيال التي استعملها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري، وإذا كان الخائن مأمورا بالولاية أو بالوصاية على الشخص المغدور فتكون العقوبة السجن من ثلاث سنين إلى سبع".


ونصت المادة 339 على أن "كل من انتهز فرصة ضعف أو هوى نفس شخص وأقرضه نقودًا بأي طريقة كانت بفائدة تزيد عن الحد الأقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانونًا يعاقب بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه، فإذا ارتكب المقرض جريمة مماثلة للجريمة الأولى في الخمس السنوات التالية للحكم الأول تكون العقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز سنتين وغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين فقط، وكل من اعتاد على إقراض نقود بأي طريقة كانت بفائدة تزيد عن الحد الأقصى للفائدة الممكن الاتفاق عليها قانونًا يعاقب بالعقوبات المقررة بالفقرة السابقة".

مقالات مشابهة

  • دستور جديد
  • القانون يوضح عقوبة النصب بعد واقعة مستريحين الأدوية
  • التعديل المنتظر: الإطار منقسم حول مستقبل قانون الانتخابات
  • 5 مزايا للعمال في قانون العمل الجديد.. تعرف عليها
  • الفرق بين الجناية والجنحة في قانون الجنايات المصري
  • دستورية النواب: أنهينا أكثر من 500 مادة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية
  • حقائق.. تعديل قانون الأحوال الشخصية يثير ثورة نسائية
  • نائب:الحكومة والبرلمان يشجعان على سرقة المال العام من خلال قوانين العفو
  • قانون الإيجار القديم على مائدة البرلمان.. اعرف التفاصيل
  • برلماني: قانون العفو يمنح سرّاق المال العام الحق بارتكاب جرائمهم دون عقاب