جنيف : الحذر من فخ (1593) آخر..
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
(1) فى يوم 31 مارس 2005م اتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا هو الأول من نوعه وهو القرار (1593) و قضى قرار مجلس الأمن و( بعد تلقي تقرير من لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور)،( إحالة الوضع في إقليم دارفور بالسودان إلى المحكمة الجنائية الدولية وطالب السودان بالتعاون بشكل كامل).. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحيل فيها المجلس قضية ما إلى المحكمة).
والان تتسارع ذات المخططات والاجندة إلى ذات الهدف والغاية ، وبذات الوسائل والتحشيد وتعبئة الراي العام ومنظمات اممية وتحريض ، وتغافل العالم عن كل جرائم المليشيا من قتل ونهب وابادة جماعية وتطهير عرقي وركز على الحالة الإنسانية ومعسكر (أدري) ، كأنما جنيف هى الخلاص والنهاية للمآسي..
على الحكومة التعامل مع هذه القضية بوعي وبصيرة..
(2)
الذهاب إلى المفاوضات وعدم الذهاب سيان فى معادلة أصحاب الغرض ، لإن ما يسمونه خارطة الطريق معدة سلفا ، فإما القبول بها أو سوق ذات الإتهامات (الحالة الإنسانية والتجويع) إلى ضغوط دبلوماسية أكثر واصدار قرارات ، ونلاحظ هنا أنهم دائما يناقشون النتائج والآثار وليس الأسباب ، لأن نقاش الأسباب سيكون بمثابة لف الحبل على رقاب دول ومنظمات هى الممولة للمليشيا بالسلاح والعتاد ووفرت الملاذ لقادتها وانشأت المنصات والمنابر الاعلامية ومجموعات اللوبي والضغوط وحتى تحييد قادة دول ، ولذلك الأمر يتطلب تدابير وليس مجرد قرار..
(3)
فالأمر أكبر من مجرد موقف ، وإنما عملية تفاوض متطورة ومتغيرة ، هى بذات أهمية مركز القيادة والتحكم العسكري ، ومن خلال عدد كبير من الخبراء والمستشارين وعدد أكبر من الفاعلين على مستويات مختلفة ودرجات متعددة لمواجهة ذات الألاعيب ولإن 90% من التفاوض يكون خارج القاعات ، وقد وزعت المليشيا وخاضنتها مهامهم ، الأولى زيادة عمليات الترويع والاستهداف للمدنيين وشمل امس الشريط النيلي شمال أمدرمان ، مع تواصل القصف على الفاشر ، بينما (تقدم) فى اسنادها الاعلامي تتحدث عن المجاعة والوضع الإنساني مع تصريحات دول اقليمية ومنظمات..
فما هى خيارات الحكومة ، وترتيباتها لمواجهة هذا المخطط..؟
(4)
هناك بالتأكيد متغيرات كثيرة على المسرح الدولى والاقليمي ما بين عام 2005م وما بين العام 2024م ، وهناك فارق بين طبيعة الأطراف ، ولكن الهدف واحد هو (الإرغام) ، فكيف تحسبت الحكومة لكلا هذه الخيارات..
– من الجيد أن الحكومة تدخلت لتحديد الأطراف وطبيعة الحوار وتلقت ضمانات بذلك ، ولكن ذلك غير كاف ، لان ما يقوله وليام بيرللو المبعوث الأمريكي تعارضه ليندا غريس مندوبة امريكا فى مجلس الأمن..
– ويقتضي ذلك بناء تحالف دولي ، وما دام الولايات المتحدة اقترحت اطراف للمشاركة فى الحوار كمراقبين لماذا لا تقترح الحكومة اطراف اخري مثل روسيا والجزائر وقطر مثلا.. ؟
– وبما أن القضية انسانية ، فلابد من مشاركة كبيرة لمنظمات انسانية تتناول كافة القضايا وعقد مؤتمرات على مدار اليوم عن النساء المغتصبات وعن الفتيات المختطفات وعن التهجير فى كل ولايات السودان وتركيزا على دارفور وعن التجويع وسرقة المحاصيل فى الجزيرة وعن استهداف المستشفيات فى الفاشر ومنع الغذاء والدواء ، لابد من تبيان ذلك ، هذا ميدان ومسرح ضغوط واجندة ، ما يصرف على بعض (الافندية) يمكن توظيفه لمهام كبيرة ..
– و على الحكومة إرسال فريق عمل متكامل ، وليس مجرد مفاوضين فى غرف باردة واوراق واحاديث ماكرة..
للسودان قضية كبيرة وحق ظاهر لا يمكن إغفاله وعلينا توظيف كل ذلك إلى صالح شعبنا وأمتنا..
إذن القضية ليست الذهاب إلى جنيف أو عدمه ، وإنما كيف نتعامل مع الواقع بقبحه وظلاميته ، لا يكفى أن تكون على حق..
حفظ الله البلاد والعباد
د.ابراهيم الصديق على
8 اغسطس 2024م
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الدور المصري الذي لا غنى عنه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كعادتها، لا تحتاج مصر إلى أن ترفع صوتها أو تستعرض قوتها، فهي تمارس نفوذها بصمت، ولكن بفعالية لا تخطئها عين. الدور المصري في تسليم الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس لم يكن مجرد "وساطة"، بل كان بمثابة العمود الفقري لعملية التبادل بين الجانبين. القاهرة لم تكن مجرد ممر آمن للرهائن المفرج عنهم، بل كانت الضامن الأساسي لتنفيذ الاتفاق، بما تمتلكه من ثقل سياسي وعلاقات متشابكة مع كل الأطراف المعنية.
بحسب المعلومات، فإن الاتفاق تضمن تسليم قوائم الرهائن الإسرائيليين عبر الوسطاء، وعلى رأسهم الجانب المصري، الذي تكفل بنقلهم إلى الأراضي المصرية، حيث تسلمهم الصليب الأحمر الدولي قبل عبورهم إلى إسرائيل عبر معبر العوجا. وهذا السيناريو ليس جديدًا، بل هو امتداد لدور مصري تاريخي في هذا الملف، فلطالما كانت القاهرة لاعبًا لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات تتعلق بقطاع غزة.
ما يلفت الانتباه أن العلم المصري كان حاضرًا في مراسم التسليم في خان يونس، وهو ليس مجرد تفصيل بروتوكولي، بل رسالة واضحة بأن مصر هي ركيزة الاستقرار في المنطقة، وصاحبة اليد الطولى في هندسة التوازنات الدقيقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
لكن رغم هذه الجهود، تظل الأوضاع متوترة على الأرض.. إسرائيل، كعادتها، تتعامل بمنطق القوة، مهددةً باستئناف العمليات العسكرية إذا لم تلتزم حماس بشروط التهدئة، فيما تشترط الأخيرة إدخال شاحنات المساعدات إلى شمال القطاع قبل الإفراج عن دفعات جديدة من الرهائن. وفي هذه المعادلة المعقدة، تتواصل جهود مصر وقطر لمنع انهيار الهدنة، وسط مراوغات إسرائيلية وابتزاز سياسي واضح.
القاهرة، التي تقود المشهد بهدوء، قدمت رؤية متكاملة للخروج من الأزمة، تبدأ بوقف إطلاق النار، مرورًا بتبادل الأسرى والرهائن، وانتهاءً بفتح ملف إعادة الإعمار. هذه المفاوضات الشاقة امتدت لأكثر من 15 شهرًا، وأسفرت في النهاية عن هذا الاتفاق.
وفيما تواصل إسرائيل محاولاتها للتمسك بمحور فيلادلفيا (صلاح الدين) حتى نهاية العام، تزداد المخاوف من أن تكون هذه مجرد خطوة ضمن مخطط أوسع للسيطرة على القطاع بالكامل. كل هذا يجري وسط تصعيد خطير في الضفة الغربية، حيث تسير إسرائيل على خطى ممنهجة لتعزيز احتلالها، غير عابئة بأي جهود دولية لإحلال السلام.
وسط هذا المشهد المعقد، يترقب الجميع القمة العربية الطارئة التى تُعقد اليوم بالقاهرة، فى انتظار الإعلان عن موقف عربي موحد وحاسم. أما الولايات المتحدة، فتمارس ازدواجية معتادة، حيث يتحدث ترامب عن أن قرار وقف إطلاق النار "شأن إسرائيلي"، وكأن الفلسطينيين ليسوا جزءًا من المعادلة!
ما هو واضح أن الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد، فالإسرائيليون لا يزالون يتعاملون بعقلية القوة الغاشمة، والفلسطينيون يدفعون الثمن، فيما يعمل العرب، وعلى رأسهم مصر، على أن يحافظوا على الحد الأدنى من الاستقرار وسط بحر هائج من الصراعات والمصالح المتضاربة. لكن إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ هذا هو السؤال الذي لا يملك أحد الإجابة عليه حتى الآن فى ظل الدعم الأمريكى غير المحدود للعنجهية الإسرائيلية!