مفهوم الأمة الواحدة في بناء الحضارة الإسلامية
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق، أنه من مقتضيات بناء الحضارة تأصيل مفهوم الأمة الواحدة في العقول.
مفهوم الأمة الواحدة
أضاف جُمعة أن بناء مفهوم الأمة الواحدة يشمل القواعد الفكرية اللازمة لبناء الحضارة، مثل القدرة على ترتيب الأولويات، وفهم منهج التعامل مع الحياة الدنيا، وتحديد العلاقة مع الآخرين، ووضع برنامج عملي لعمارة الأرض، وعلى ذلك فإن إدراك مفهوم الأمة أمر أساسي إذا كان يمثل المنطلق لهذه القضايا وغيرها، وتفعيل ذلك الإدراك أمر أكثر أهمية من الإدراك المشار إليه.
وتابع جمعة أنه لابد علينا أن نتكلم بتوسع -وتحديد أيضا- عن مفهوم الأمة، ففي نظر المسلمين الأمة ممتدة عبر الزمان فيما يمكن أن نسميه «الدين الإلهي»، فالأمة تبدأ من آدم، وتشمل كل الرسل والأنبياء في موكبهم المقدس عبر التاريخ، والأمة بعد النبي ﷺ ممتدة عبر الزمان والمكان، وفى جميع الأحوال ولدى جميع الأشخاص، وهذا أمر غاية في الأهمية إذا اعتبرناه تأسيساً لما ندعو إليه من معاصرة وإصلاح وتجديد، قال الله تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) ، وقال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) .
وأشار جمعة إلى أهم صفات تلك الأمة الواحدة، وهي أن هناك مساواة بين البشر، فأصلهم واحد، ومصيرهم واحد، وهو الموت، والخطاب الإلهي إليهم واحد، قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـى وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيّ الأُمِّيّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) .
وأكد جمعة أن تم تحدد مفهوم الأمة بهذا المعنى فإن لدينا أمة الدعوة وهي الإنسانية كلها، وأمة الإجابة وهم من صدَّقوا بالنبي ﷺ ودينه ومنهجه في الحياة، وهم المسلمون الذين اختصوا بخطاب (يا أيها الذين آمنوا). وإذا رجعنا للمعنى الواسع الفسيح نجد مفهوم الأمة يشمل البشرية كلها، ويرى المسلمين مع غير المسلمين أمة دعوة يتوجه لهم جميعا الخطاب بـ(يا أيها الناس) وما أكثره في القرآن حين يخاطب النفس الإنسانية السوية التي تدرك أن لهذا الكون خالقا يدبر الأمر بحكمة بالغة في إطار من رحمته السابغة، حتى إنه في العقائد الإسلامية نرى شفاعة النبي ﷺ يوم القيامة لجميع الخلائق، حتى يصدق عليه قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) أي السابقين واللاحقين.
فإذا استقر هذا المفهوم الشامل في الوجدان كان من السهل أن يكون منطلقاً لبناء برنامج حضاري متكامل بمختلف مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليتواءم مع واقعنا ومشكلاتنا الآنية، ويمكن تطبيق ذلك البرنامج وترتيب أولوياتنا بأجندة تنبثق من واقعنا وحاجتنا دون النظر إلى ما يحاولونه من فرض الهيمنة من الخارج لمصالحهم ومنافعهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية الإسلام عضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق الحضارة الإسلامية الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء حضارة الإسلام صفات عباد الرحمن
إقرأ أيضاً:
الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي تسهم بمليون درهم في حملة "وقف الأب"
أعلنت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي عن مساهمتها بمبلغ مليون درهم دعماً لحملة "وقف الأب" التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بالتزامن مع شهر رمضان المبارك، بهدف تكريم الآباء في دولة الإمارات من خلال إنشاء صندوق وقفي يخصص ريعه لتوفير العلاج والرعاية الصحية للفقراء والمحتاجين وغير القادرين.
وأكد أحمد درويش المهيري، المدير العام للدائرة أن مساهمة الدائرة في حملة وقف الأب، تأتي انطلاقاً من التزامها الراسخ بدعم المبادرات المجتمعية والإنسانية التي تعزز قيم التكافل والعطاء.وقال إن "الأب هو الركيزة الأساسية في بناء الأسرة والمجتمع، ودوره في تنشئة الأجيال وإرساء القيم النبيلة لا يُقدّر بثمن وانطلاقاً من هذه المكانة السامية، تقدم الدائرة مساهمتها في الحملة، ليكون هذا الوقف باسم آباء موظفي الدائرة وآباء جميع المتبرعين، تكريماً لجهودهم وعطاءاتهم التي أسهمت في بناء أجيال قادرة على مواصلة مسيرة الخير والنماء".