زعزعة وأجندات.. إيران تنفخ على جمر العشائر في دير الزور السورية
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
لم يكن الهجوم الذي استهدف "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في دير الزور السورية يوم الأربعاء الأول في نوعه ولن يكون الأخير حسبما يتوقع خبراء ومراقبون، ورغم تنفيذه تحت "عباءة عشائرية" تشير الاتهامات والسياق العام إلى "أياد خفية" تحركها إيران بهدوء، بهدف "إحداث الزعزعة".
وانطلق الهجوم من الضفة الغربية لنهر الفرات الخاضعة لسيطرة النظام السوري والميليشيات المدعومة من إيران، وتمكن خلاله "مقاتلون عشائريون" من دخول عدة قرى وبلدات على الضفة الشرقية.
وبعدما استهدفوا مركبات ومواقع لـ"قسد" المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية ونشروا فيديوهات توثق ذلك انسحبوا إلى مواقعهم، بعدما استقدمت القوات الكردية تعزيزات، وأعلنت حالة استنفار وحظر كامل للتجول في المنطقة المستهدفة.
المواجهات التي لم تزد عن 4 ساعات أسفرت عن قتلى مدنيين، ودفعت "قسد" على الفور لإصدار بيان يتهم النظام السوري ورئيس "جهاز المخابرات العامة"، حسام لوقا، بتنسيق الهجوم المفاجئ.
ولم تتوقف مجريات الأحداث عند ذلك، إذ اتجهت "قسد" في مرحلة لاحقة إلى قطع الطرقات الواصلة إلى "المربع الأمني" التابع للنظام السوري في محافظة الحسكة، كما ورد في نشرة إخبارية للتلفزيون السوري الرسمي، صباح الخميس.
ويخضع جزء من محافظة دير الزور شرقي سوريا منذ سنوات لسيطرة "قسد"، التي تتركز مناطق انتشارها بشكل رئيسي على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتحظى بدعم من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة.
ويسيطر النظام السوري مع ميليشيات تتبع لـ"الحرس الثوري" الإيراني في المقابل على مدن وبلدات المحافظة الواقعة على الضفة الغربية.
وفي حين أن الهجمات التي تنطلق من الشرق إلى الغرب على ضفاف "الفرات" ليست جديدة تسلط الأحداث التي حصلت الأربعاء الضوء على "الورقة العشائرية" التي باتت تستغلها إيران بقوة في المنطقة المعروفة بطابعها العشائري العربي.
وجذور محاولات الاستغلال هذه نمت قبل عدة سنوات. وتفرعت على نحو أكبر بعد سبتمبر 2023، عندما دخلت "قسد" في صدام مع شيخ قبيلة العكيدات في دير الزور، إبراهيم الهفل، مما اضطر الأخير بعد مواجهات للفرار إلى مناطق سيطرة النظام السوري.
ما الذي تريده إيران؟ولإيران وميليشيات "الحرس الثوري" انتشار واسع في شرق سوريا، وبالتحديد في محافظة دير الزور، ومدينتي البوكمال والميادين.
ولأكثر من مرة كانت تلك الميليشيات تطلق الصواريخ والقذائف باتجاه القواعد الأميركية المتواجدة في المنطقة.
وبينما كانت واشنطن ترد ضمن مسار متواتر بدأت تبرز بالتدريج تشكيلات تحت غطاء "قوات العشائر العربية". وانخرط قسم منها في هجوم الأربعاء، وأبرزها "أسود العكيدات" التي يتزعمها، هاشم المسعود السطام.
ويرى الباحث السوري في مركز "عمران للدرسات الاستراتيجية"، سامر الأحمد، أن أحداث الأربعاء هي عبارة عن "هجوم من ميليشيات مدعومة من إيران تحت مسمى قوات العشائر".
ويشرح أنها عبرت نهر الفرات وحاولت التمركز، لكنها انسحبت في وقت لاحق، وسط توارد معلومات عن تدخل التحالف الدولي من خلال الطيران.
ويقول الأحمد لموقع "الحرة" إن لإيران "هدف واضح وهو العبور من ضفة الفرات الغربية إلى الشرقية، وخلق حالة من الفوضى والزعزعة"، مستغلة بذلك حالة "الغضب العشائري" على "قسد" في المنطقة.
"غسيل دماغ" وتجنيد إيراني في دير الزور.. تفاصيل دقيقة عن "كتيبة النساء" في أقصى الشرق السوري حيث تقع مدينة الميادين في ريف محافظة دير الزور السورية تواصل الميليشيات الإيرانية خطوات تثبيت النفوذ العسكري والاجتماعي.ومن جهته يعتقد مدير شبكة "دير الزور 24"، عمر أبو ليلى، أن هجوم الخلايا التابعة لإيران على قرى وبلدات الضفة الشرقية للفرات يبعث برسائل.
ويضيف لموقع "الحرة" أن "إيران تحاول الضغط على الولايات المتحدة الأميركية في هذه المرحلة بالتحديد"، والقول بأنها "تمتلك بديلا عن الميليشيات العراقية وقادرة على الدخول لمناطق نفوذ التحالف والضرب ومن ثم العودة".
يربط أبو ليلى ما حصل في دير الزور مع حالة الترقب الحاصلة بشأن الرد الإيراني المحتمل على إسرائيل.
ويشير من ناحية أخرى إلى أن هدف الهجوم يكمن أيضا "بإحداث نوع من التغطية على عمليات تهريب الأسلحة"، ولاسيما مع تواتر عبور القوافل العسكرية من معابر "الحشد الشعبي" العراقي، باتجاه مدينة البوكمال.
"إبقاء الصراع محليا"وفي مايو 2024 توصل تحليل نشرته "مجموعة الأزمات الدولية" إلى فكرة أن "إيران حولت تركيزها بعد الضربات الانتقامية الأميركية الأخيرة إلى تخفيف القبضة الهشة بالفعل لـ(قسد) التي يقودها الأكراد شرق نهر الفرات".
واستندت بذلك على "الميليشيات القبلية العربية"، وعلى الطابع العشائري الذي تعرف به المنطقة هناك.
التحليل توصل أيضا إلى أن "استهداف قسد له منطق استراتيجي واضح".
وأوضح أن مفاد ذلك المنطق يذهب باتجاه "إبقاء الصراع محليا، وبالتالي فرض خطر محدود من الانتقام الأميركي". ويصل كل ذلك إلى نقطة دفع واشنطن لتقليص وجودها هناك.
الولايات المتحدة الأميركية من جهتها كانت قد علّقت في السابق على محاولات الاستغلال التي تقوم بها إيران في المنطقة ذات الطابع العشائري.
وردا على سؤال يتعلق بموقفها من التحركات الإيرانية قال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بات رايدر، قبل ثلاثة أشهر إن ذلك "ليس سلوكا جديدا على إيران".
وأضاف أن الطريقة التي تدير فيها إيران أعمالها هي تدريب المجموعات الوكيلة والتأثير عليها، في إطار سياستها الخارجية الهادفة لطرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.
رايدر أشار أيضا إلى أن هدف طهران من إزاحة واشنطن من المنطقة هو إتاحة المجال لتنفيذ ما ترغب به إيران في المنطقة "دون رادع"، وأكد أن تلك المساعي هي مسار تواصل الولايات المتحدة مراقبته.
كما تابع أنه من المهم، من وجهة نظر الولايات المتحدة، وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، أن تحترم سيادة البلدان التي تعمل معها، على عكس بعض هذه المجموعات الوكيلة (الميليشيات الموالية لإيران)، التي دمجت نفسها في هذه الدول.
"النفخ على الجمر تحت الرماد"وكانت أحداث سبتمبر 2023 قد كشفت عن "شرخ" في العلاقة بين "قسد" وأبناء العشائر العربية، الذين يقيمون في مناطق سيطرتها على الضفة الشرقية للفرات.
وتمثلت تلك الحالة بخروج مظاهرات، وانخراط العديد من أبناء العشائر في مواجهات ضدها، دعما لشيخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، الذي فر من معقله في بلدة ذيبان باتجاه مناطق سيطرة النظام السوري.
وفي أعقاب تلك المواجهات الأولى في نوعها اتخذت "قسد" بالصورة العامة خطا جديدا، لكنه لم يخرج عن نطاق اللقاءات التي جمعت قائدها، مظلوم عبدي، مع شيوخ عشائر دير الزور.
ورغم أن عبدي أكد في تصريحات سابقة له أن "العشائر هم الضمانة الأساسية لحماية المنطقة من كل التهديدات التي تتعرض لها" يعتبر مراقبون أنه لم تكن هناك أي إجراءات حاسمة وفعلية من جانبه على الأرض.
ويقول الباحث السوري الأحمد إن "قسد" تتحمل مسؤولية كبيرة عما يحصل في مناطق سيطرتها بدير الزور.
ويوضح أنها قدمت عدة وعود في الأشهر الماضية بشأن مطالب تحسين الواقع الخدمي والاقتصادي والسياسي والحريات "ولم تلبي منها إلا جزء يسير".
الأحمد يعتبر أن "حالة العناد من قبل (قسد) تجاه أبناء العشائر وإصرارها على تعيين كوادر من حزب العمال الكردستاني في دير الزور تثير غضب الأهالي، وتدفعهم لكي يكونوا وقودا لتنفيذ استراتيجية إيران في المنطقة".
ويتابع قائلا: "الأهالي في دير الزور يرفضون إيران ويقولون إن (قسد) أفضل الأسوأ لكن الوضع قد لا يدوم طويلا ومن المحتمل أن يزداد سوءا على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي".
خارطة الانتشار الإيراني بسوريا.. "عاصمة ميليشيات الحرس الثوري" والمناطق الأخرى عندما يتردد اسم إيران عسكريا في سوريا دائما ما تتجه الأنظار إلى شرقي البلاد حيث محافظة دير الزور ومدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق، ورغم أن هذه المنطقة يصفها خبراء ومراقبون باسم "عاصمة ميليشيات الحرس الثوري" لا يقتصر الانتشار فيها فحسب، بل ينسحب إلى مناطق أخرى على كامل الجغرافيا السورية.ويعتقد الأكاديمي والناشط السياسي المقيم في القامشلي، فريد سعدون، أن هجمات يوم الأربعاء "تحمل رسائل سياسية أكثر منها عسكرية".
ويقول لموقع "الحرة" إن "الدليل على ذلك أن ما جرى في سبتمبر 2023 كان شبه انتفاضة عشائرية، لكن بسبب عدم التنظيم وامتلاك الخطط والتكتيكات العسكرية لم تتكلل الأمور بنتيجة".
"أسباب دولية ومحلية"وترتبط "قسد" بالنظام السوري بعلاقة ملتبسة منذ سنوات.
ورغم أنها تتهمه بالقيام بعمليات "تخريب" في دير الزور كانت قد فتحت الباب أمامه في 2019، حيث أدخل قوات وتعزيزات إلى طول المناطق الحدودية مع تركيا وإلى الرقة وريف حلب.
وقبل خمسة أيام فقط من الهجوم في دير الزور سمحت له وللقوات الروسية بتأسيس قاعدة في منطقة عين العرب (كوباني)، حسبما ذكرت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية.
ويرجع الأكاديمي سعدون ما يجري في دير الزور إلى أسباب "دولية ومصالح متباينة ومتناقضة"، ومنها ما يتعلق بـ"الإدارة الذاتية" الكردية في شمال شرق سوريا.
ويوضح حديثه بالقول إن "الإدارة الذاتية لم تتمكن من كسب العشائر في دير الزور وتعاطف الشعب في المناطق الكردية، التي تشكل حاضنتها الشعبية".
وتعود أسباب ذلك إلى "ضعف الخدمات والغلاء والضرائب والأسعار، وفرض التبرعات الخاصة بحزب العمال الكردستاني، ومحاولة تنظيم مسيرات مؤيدة للأخير بشكل يومي".
يريدون الصغار.. خفايا أداة إيران الناعمة بدير الزور السورية بعيدا عن العسكرة وتشكيل الميليشيات ونشرها والمناورة بها على الأرض تقود إيران في مناطق شرق سوريا وبالتحديد في محافظة دير الزور "سياسة ناعمة"، كما يراها مراقبون، وهي "أشد خطرا" من بقية الممارسات والخطوات المعلنة، حسب تعبيرهم كونها تستهدف أفراد المجتمع هناك بهدوء.ويضيف الأكاديمي أن هناك أسباب أخرى تتعلق بـ"الخلخلة الحاصلة في محاكم الشعب والفساد"، وأن كل ذلك "يؤدي إلى ضعف الإدارة الذاتية في التأثير على الشعب واستملاك تعاطفه".
وفي دير الزور الزور بالتحديد يشعر أبناء العشائر "بالمظلومية" بأن الإدارة في قمة الهرم ومتحكمة كرديا بينما المنطقة عربية، وهذا الشعور يخلق على حد تعبير سعدون "رد فعل بأن المنطقة خاصة بالعشائر بينما يتحكم بها الآخرون".
ويضاف إلى ما سبق فقدان الطاقة والوقود وغياب التوزيع العادل للثروات.
ويتابع الأكاديمي: "الإدارة الذاتية كانت مطالبة بتحقيق هذه المطالب الشعبية والاجتماعية والمعيشية وإلى الآن لم تفلح في تحقيق ذلك".
"الأهالي يرفضون إيران"ولا تعتبر المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري وإيران في دير الزور أفضل حالا من الواقعة على الضفة الشرقية للفرات، وخاصة على المستوى الخدمي والاقتصادي.
وعلى مدى السنوات الماضية تحولت تلك المناطق لما هو أشبه بالمنطقة العسكرية، التي تنتشر فيها ميليشيات إيرانية وعناصر غير سوريي الجنسية.
وفي غضون ذلك وثقت عدة تقارير غربية ومحلية المساعي التي تقودها إيران للتغلغل في المجتمع هناك، عن طريق وسطاء ومغريات مالية.
شرق سوريا.. "أيادي إيران" تحرك "عباءة العشائر" على ضفتي الفرات ما إن أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في شرق سوريا عن لقاء جمع قائدها مظلوم عبدي مع شيوخ ووجهاء عشائر في محافظة دير الزور قبل أسبوع حتى خرجت صورة متشابهة ومتناقضة في آن واحد من الضفة الأخرى لنهر الفرات (الغربية).ويرى مدير شبكة "دير الزور 24" أبو ليلى أنه "توجد مظلومية واسعة في المنطقة ضد (قسد) وأن الأخيرة ما تزال تدور بنفس الدائرة ولا تعمل على تحقيق مطالب الناس".
لكنه في المقابل يشير إلى أن "مئات الآلاف من أهالي دير الزور لم يطبعوا مع النظام السوري وما يزالون يرفضون الانضمام لقواته وقوات العشائر التي تستغلها إيران".
ويوضح الباحث الأحمد من جانب آخر أن إيران ومن خلال هجوم الأربعاء تكون قد غيّرت استراتيجيتها من القصف والتفجير عن بعد إلى الزج بقادة محللين يتبعون لها، مثل هاشم المسعود السطام.
ويعتبر أن "الهجوم انعكس سلبا على أبناء المنطقة"، وأن "قسد استقدمت تعزيزات وأصبحت تلقي التهم باتجاه بعض أبناء العشائر بأنهم عملاء لإيران".
"زعزعة وأجندات"ولم يتمكن المهاجمون الذين انطلقوا من ضفة الفرات الغربية من التثبت في المناطق التي تقع تحت نفوذ "قسد".
ومع ذلك يعتقد الباحث السوري الأحمد أنه قد تكون هناك "حالة تصاعد في الفوضى الأمنية وعمليات إيران المستقبلية في المنطقة".
وتذهب مجريات الأمور كما ينظر أبو ليلى لها باتجاه "إرسال الرسائل المبطنة من قبل النظام السوري وإيران بأن لدينا أياد خفية من أبناء المنطقة وقادرون على الضغط (على الولايات المتحدة الأميركية)".
بعد إعلان "قسد".. هل انتهت مواجهات دير الزور؟ وماذا عن "الهفل"؟ بعد 11 يوما من المواجهات في محافظة دير الزور السورية أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) السيطرة على ذيبان آخر بلدة تمركز فيها مقاتلو العشائر العربية، وشيخ قبيلة العكيدات الذي كان يقودهم، إبراهيم الهفل.
ويقول مدير الشبكة الإخبارية (دير الزور 24): "إيران تريد الزعزعة في المنطقة وتنفيذ الأجندات".
ولا يمكن لمثل الهجوم الأخير أن يغير خطوط التماس ويكسر قواعد الاشتباك، كما يضيف الأكاديمي المقيم في القامشلي، فريد سعدون.
ويوضح أن "القوات العشائرية صغيرة وليست كبيرة عدديا ولا تمتلك القوة الكافية على مستوى السلاح والتنظيم والقيادة من أجل اختراق تحصينات (قسد)".
ويشير إلى أن "قسد مدربة وتمتلك أسلحة نوعية وخبرة طويلة في القتال، كما أنها تتلقى دعما لا متناهيا من التحالف الدولي، وخاصة عن طريق الجو".
ومن ناحية أخرى يعتقد سعدون أنه "ما دام الحل السياسي غائب ستظل الهجمات مستمرة".
ويقول إن "العمليات الجراحية الموضعية التي تقوم بها قسد لا تحل المشكلة، وسيبقى أبناء العشائر يطالبون بحقوقهم"، وخاصة في الملف الأكبر والمتعلق بأبنائهم المعتقلين، بتهمة الانضمام لتنظيم داعش في السابق.
وكانت "الإدارة الذاتية" قد أصدرت عفوا عاما، قبل أسبوعين، وأفرجت بموجبه عن مئات المعتقلين في السجون والمشمولين بقانون مكافحة الإرهاب. وجاء ذلك بحسب وسائل إعلام مقربة منها بعد "مطالبات عشائرية" للعفو عن المحكومين بجنايات "الإرهاب".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمیرکیة فی محافظة دیر الزور على الضفة الشرقیة دیر الزور السوریة الإدارة الذاتیة أبناء العشائر النظام السوری قوات العشائر الحرس الثوری فی دیر الزور فی المنطقة شرق سوریا أبو لیلى إیران فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
FP: لماذا لم يدعم النظام السوري غزة وتجنّب دخول الحرب المستمرة بالمنطقة؟
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقريرا، للمراسلة المتخصصة في السياسة الخارجية، أنشال فوهرا، تساءلت فيه عن سبب تجنّب النظام السوري الدخول في الحرب المستمرة بالمنطقة.
وقالت فوهرا، في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إنّ: "أسوأ أسرار الحكومة السورية التي تحتفظ بها هي استغلالها للقضية الفلسطينية. ففي بداية الحرب الإسرائيلية على غزة بداية تشرين الأول/ أكتوبر، شكّك البعض في قدرة سوريا على الانضمام إلى الحرب، ضد إسرائيل، وفتح جبهة أخرى".
وأضافت: "لم يكن أحد من السوريين الذين كنت على اتصال بهم يعتقد أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، سوف يصبح طرفا في الصراع، وخاصة بالنيابة عن حماس".
ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي، قوله: "تصور الحكومة نفسها وكأنها تحارب إسرائيل، لكن كانت هذه كذبة؛ فإن لدى بشار ووالده من قبله، معاهدة صامتة، لإبقاء الهدوء على الحدود مع إسرائيل. ولهذا السبب لن تتورط سوريا في النزاع في غزة".
ووفقا للتقرير نفسه، "قد تردد صدى هذا الكلام بين السوريين والفلسطينيين الذين تحدثت الكاتبة معهم، على مدار السنين الماضية. وفي المرات الماضية عندما اندلعت الحرب على غزة، شجّعت الحكومة السورية التظاهرات الكبرى لإظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني، إلا أن التظاهرات في هذه المرة كانت صغيرة وكان الدعم للمقاومة صامتا".
ويقول بربندي: "لم تسمح الحكومة بأي احتجاجات كبرى ضد إسرائيل، ولم تسمح بأي دعوات لدعم رفاق في محور المقاومة"، مضيفا أن هذه: "علامة على أن سوريا لا تريد فقط البقاء بعيدا عن الصراع، بل تريد أيضا أن ينظر إليها بوضوح على أنها بعيدة عنه".
وتابع التقرير: "على الرغم من القصف الإسرائيلي المنتظم على سوريا، ووعد الحكومة السورية بالوقوف إلى جنب الشعب الفلسطيني، إلا أن النظام السوري وقف متفرّجا على الحرب التي اندلعت منذ أكثر من عام على غزة".
ويقول الخبراء والمراقبون أن أهم أولوية للأسد هي نجاة نظامه والبقاء متحكما في الجماهير السورية. ورغم سحقه للمقاومة، إلا أن نسبة 40 في المئة من الأراضي السورية خارجة عن سيطرة الحكومة، وفقا لذات التقرير،
وبحسب دبلوماسي غربي، نقلت عنه وكالة "فرانس برس" فقد حذّرت دولة الاحتلال الإسرائيلي، الأسد، بأنها سوف تدمّر نظامه لو استخدمت سوريا ضدها. وأشار تقرير إلى أنّ: "منزل شقيق الأسد قد تعرض للقصف من قبل إسرائيليين، رغم عدم وجود تأكيد من حدوث هذا".
وقال النائب السابق لمدير مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، عيران ليرمان: "لو ارتكب خطأ وانضم لمحور المقاومة بنشاط فستكون العواقب سريعة"، مضيفا: "في الوقت الحالي، أعتقد أن الأسد متردد للإنخراط، ورغم أن الحكومة السورية هي قومية عربية، إلا أن فلسطين تقع في أسفل قائمة الأولويات. فعلى رأسها النجاة".
وتقول فوهرا، في تقريرها: "هناك عوامل أخرى وراء ابتعاد الأسد عن النزاع، فهو يأمل بأن يكافئه الغرب على ضبط نفسه وتخفيف العقوبات المفروضة على نظامه". مضيفة: "قد وضع نفسه إلى جانب الإمارات العربية التي تعدّ لاعبا رئيسيا في إعادة تأهيل الحكومة السورية".
وبعد أيام من عملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها حركة حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2023، على الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ حذّرت الإمارات، الأسد، من عدم التورط في الحرب، وذلك حسب موقع "أكسيوس" الأمريكي.
ويضيف التقرير: "أما العامل الآخر، فيتعلق بعلاقة الأسد مع حماس، فهو ليس في مزاج من يرغب العفو عن الحركة الفلسطينية، التي وقفت إلى جانب المعارضة المسلحة بعد اندلاع الانتفاضة عام 2011".
وأضاف: "لم تقدم سوريا عزاء طويلا بعد اغتيال المسؤول السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، رغم المصالحة مع الحركة التي جرت خلال عام 2022".
وفي مقابلة العام الماضي، قال الأسد، إنه "من الباكر لأوانه عودة الأمور لما كانت عليه مع حماس". مشيرا إلى أن هذا ينطبق على دول عربية مثل السعودية والإمارات اللتان يعول عليهما لتمويل إعادة إعمار سوريا.
ووفقا لتقرير الصحيفة الأمريكية، فإن الأسد يأمل في تحقيق نقاط إيجابية مع الغرب، وبخاصة مع تنامي الدعوات لترحيل السوريين في أوروبا. وتسعى ثماني دول أوروبية بقيادة إيطاليا، إلى إقامة نوع من التعاون مع دمشق لضمان عودة السوريين إلى بلادهم.
كذلك، تدرس المفوضية الأوروبية، فكرة ترشيح مبعوث خاص جديد إلى سوريا. وتمت إعادة تأهيل الأسد في الجامعة العربية ورحبت به كل الدول في المنطقة إلا دولة قطر.
وتقول المتخصصة في السياسة الخارجية، أنشال فوهرا: "في الوقت الذي لا يستطيع فيه طرد الإيرانيين من سوريا، وإلا بدا كناكر للجميل بسبب ما قدموه له من دعم عسكري ومالي أثناء الحرب، يبدو أن إسرائيل تلعب بحرية في المجال الجوي السوري وتستهدف الأرصدة الإيرانية وتقتل الجنرالات في داخل سوريا".
بدوره، يقول ليرمان:" لدينا تفاهم مع روسيا لكي نفعل ما يجب علينا فعله من داخل المجال الجوي السوري". فيما تشير تقارير إلى أن إيران سحبت قواتها من جنوب سوريا التي تعتبر مركز نشاط للجماعات الوكيلة لها، وبخاصة حزب الله.
وفي محاولة للتقليل من خسائرها وعودة القوات الروسية إلى المنطقة؛ تم إنشاء مواقع عسكرية روسية بعد اغتيال الجنرالات الإيرانيين في نيسان/ أبريل بسوريا. وهو ما أثار المخاوف من انتشار الحرب داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى سوريا.
ويقول بربندي: إن "روسيا قد تغضّ النظر عن الهجمات الإسرائيلية على جنوب سوريا، مع أنها خرقا للمجال الجوي السوري". وفسر بربندي سبب بناء مواقع روسية على خط المواجهة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي: "عندما بدأ حزب الله في الذهاب إلى الجولان لمهاجمة إسرائيل، كانت رسالة الأسد هي: أنا لا أسيطر عليهم، وأن الجيش السوري لن يشارك".
وتابع: "لكن تطهير جنوب الجولان من حزب الله في صالح إسرائيل والروس، لأن إيران ستكون ضعيفة. وعندما ينتهي الإسرائيليون، ربما كانت روسيا ضامنا ولكي يتركوا الأراضي السورية".
وأضاف: "قد تحرك الأسد نحو موضع جعل كلا من إيران وحزب الله يجدان له الذريعة والبقاء بعيدا عن الحرب. وقد منحه زعيم حزب الله، حسن نصر الله، قبل اغتياله، العذر، في خطاب ألقاه في تشرين الثاني/ نوفمبر: لا يمكننا أن نطلب المزيد من سوريا، وعلينا أن نكون واقعيين، فالبلد يعيش حربا منذ 12 عاما. ورغم ظروفه الصعبة لا يزال يدعم المقاومة ويتحمل العواقب".
إلى ذلك، ظلت سوريا خارج النزاع وحاولت ألا تستفز دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكنها حاولت استرضاء إيران وسمحت لها بمواصلة استخدام أراضيها، ونقل السلاح إلى حزب الله.
ويقول رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، جوشوا لانديس، إنّ: "الأسد استمر في مساعدة حزب الله في تسليحه ونقل الأسلحة إلى لبنان من إيران"، مضيفا: "هذا هو السبب وراء قصف الاحتلال الإسرائيلي لسوريا وتدمير مصانع الصواريخ، واغتيال الجنرالات الإيرانيين، وتفجير قوافل الأسلحة".
وتعلق الصحيفة: "غياب سوريا عن الصراع الحالي هو دليل واضح على فشل استراتيجية إيران الرامية إلى -وحدة الساحات-، والتي تفترض استجابة منسقة من جانب جميع شركائها في محور المقاومة. ويكشف هذا عن أن البقاء السياسي للأسد يتقدّم على الموقف الإيديولوجي، وأن سوريا في وضعها الحالي لن تشكّل مشكلة بالنسبة لإسرائيل".