قالت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، خلال مشاركتها اليوم الخميس في فعاليات الجلسة الافتتاحية للصالون الثقافي البيئي الذي تنظمه مجموعة «تريبل إم» للطاقة الجديدة والمتجددة، ورابطة الجامعات الإسلامية تحت عنوان: «العمارة البيئية المستدامة - رؤية مستقبلية في ظل التغيرات المناخية»: إن قضية التغيرات المناخية تشكّل واحدًا من أخطر التحديات التي تواجه البشرية في هذا العصر، فهي ليست مجرد تحذيرات علمية تلوح في الأفق، بل هي واقع مرير يؤثر على حياتنا اليومية، ويهدد استقرارنا البيئي والاقتصادي.

وأشار إلى أنّ الزيادة أو الانخفاض في درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، وارتفاع منسوب مستوى البحار وتأثيراته على المناطق الساحلية، وزيادة معدلات التصحر، وتدهور الإنتاج الزراعي وتأثر الأمن الغذائي، وزيادة معدلات شح المياه، وتدهور الصحة العامة من خلال العواصف والفيضانات - كل ذلك ينبئ بمستقبل قاتم إن لم نتحرك الآن، وعلينا أن ندرك أن الأرض ليست مجرد ملكية خاصة، بل هي أمانة في أعناقنا جميعًا، نعيش على ظهرها ونعتمد على مواردها، ومن ثم يجب أن نكون حراسًا أمناء على هذه النعمة الإلهية.

مستشار شيخ الأزهر تشارك في فعاليات الصالون الثقافي البيئي مستشارة شيخ الأزهر: لائحة جديدة لتفعيل برلمان الوافدين

وأضافت مستشار شيخ الأزهر أن عنوان الصالون: «العمارة البيئية المستدامة» خطوة مهمة على طريق التغلب على آثار التغيرات المناخية من خلال استحداث وسائل صحية للحد من الأسباب المؤدية إلى تغير المناخ وإيجاد فرص بديلة تقلل من الأضرار الناجمة المترتبة على التغيرات المناخية، مشيرةً إلى أن هذه الرؤية التي تشكل لنا صورة بديعة ومتكاملة تعبر عن مفهوم العمران الشامل الذي يحترم التوازن بين الإنسان والطبيعة، بين الروح والجسد، بين الماضي والمستقبل، بين العمق الروحي والبعد الأخلاقي.

وبينت الدكتورة نهلة الصعيدي أن الحضارة الإسلامية أبدعت على مر العصور في شتى مجالات الحياة، وكانت رائدة في مجال العمران والبناء، حيث تركت لنا إرثًا حضاريًّا ومعماريًّا عظيمًا، لا يزال شاهدًا على عظمة هذه الأمة وقدرتها على الجمع بين الجمال والوظيفة في تصميم المباني والمدن.

وتابعت: إن هذه الرؤية تستند إلى مبادئ راسخة تتجلى في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وتنبثق من قيم ومفاهيم تحترم البيئة، وتعزز من مسؤولية الإنسان تجاه الأرض وما عليها، والإسلام بوصفه منهج حياة شاملاً تضمن في طياته رؤية واضحة ومتكاملة للعمران والتنمية؛ رؤية تمتزج فيها القيم الروحية مع المبادئ العملية، وتنبثق من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

وأكدت مستشار شيخ الأزهر أن التنمية المستدامة في الإسلام تقوم على مبدأ الاستخلاف، حيث يعتبر الإنسان مسؤولاً عن عمارة الأرض بما يحقق النفع العام ويحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، هذا المفهوم يشجع على الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة في تطوير البنية التحتية، مع الحفاظ على البيئة وتجنب الإسراف والتبذير.

وأوضحت أن العدالة الاجتماعية تعتبر جزءًا أساسيًّا من الرؤية الإسلامية للعمران، فالمجتمعات الإسلامية كانت دائمًا تسعى لتحقيق التكافل والتضامن بين أفرادها، وضمان الحياة الكريمة للجميع دون تمييز، هذا المبدأ يظهر جليًّا في تخطيط المدن الإسلامية التي كانت تضم مرافق وخدمات تلبي احتياجات جميع الفئات، مع التركيز على الفقراء والمحتاجين.

وأشارت مستشار شيخ الأزهر إلى أنه من الجوانب المهمة في الرؤية الإسلامية للتنمية المستدامة احترام التنوع البيئي والحفاظ على التوازن بين مختلف عناصر البيئة، فالإسلام يؤكد أهمية الحفاظ على البيئة كجزء من خلق الله، ويحث على حماية الحياة البرية والنباتية، وعدم التعدي على حقوق الأجيال القادمة في موارد الطبيعة.

وأضافت أن الجمال في الإسلام ليس مجرد زخرفة خارجية، بل هو انعكاس للتناغم بين الشكل والمضمون، بين الوظيفة والقيمة الجمالية، وبالتالي فإن تحقيق الرؤية الإسلامية للتنمية المستدامة في العمران يتطلب تعاونًا وثيقًا بين مختلف الجهات والمؤسسات، سواء كانت دينية أو علمية أو حكومية، كما أن تكاتف الجهود والعمل المشترك هو السبيل الوحيد لتحقيق مستقبل مشرق ومستدام لأمتنا وللعالم بأسره.

وفي ختام كلمتها أشارت مستشار شيخ الأزهر إلى جملة من النتائج والتوصيات، منها:

أولًا تعزيز الوعي البيئي من خلال زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وتقديم تعليم بيئي متكامل للأطفال والشباب.

ثانيًا: تطوير سياسات وتشريعات صارمة تحمي البيئة وتدعم التنمية المستدامة، مع تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة.

ثالثًا: تشجيع الابتكار في العمارة البيئيةمن خلال دعم البحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا الخضراء والعمارة البيئية المستدامة، والاستفادة من التجارب الدولية الرائدة.

رابعًا: تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والشركات الخاصة للعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

خامسًا: توفير الموارد المالية اللازمة لدعم المشروعات البيئية المستدامة، من خلال الشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية.


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: شيخ الأزهر مستشار شيخ الأزهر الطلاب الوافدين مركز تطوير تعليم الطلاب التغيرات المناخية البیئیة المستدامة التغیرات المناخیة مستشار شیخ الأزهر من خلال

إقرأ أيضاً:

أبواليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية .. وتهديد اقتصادي وأخلاقي

نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "العملات الرقمية والمراهنات الإلكترونية .. رؤية شرعية وقراءة اقتصادية"، حاضر فيها د. فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق،  د.أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، وأدار الندوة الإعلامي القدير حسن الشاذلي.  

قال د. فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، أن البيتكوين والعملات الرقمية المشفرة من الظواهر الاقتصادية الحديثة التي تحمل العديد من المخاطر، ورغم الفرص التي قد توفرها، فإنها تفتقر إلى الرقابة المركزية، مما يجعلها عرضة للمضاربات وتقلبات حادة تهدد استقرار الاقتصاد، كما تساهم في تعزيز الأنشطة غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتشكل خطرًا على الأفراد بسبب غياب الضمانات التقليدية، مبينًا أنه من الضروري التعامل مع هذه العملات بحذر وتنظيمها لضمان حماية الأفراد والاقتصاد، لأنها باتت تشكل تحديات معقدة على الصعيدين الشرعي والاقتصادي، ويترتب عليها نتائج اقتصادية سلبية، حيث تساهم في زيادة القمار وتعميق الفقر لدى بعض الأفراد.

ومن الناحية الشرعية، أوضح الدكتور فياض أن المعاملات الرقمية المشفرة، يجب أن تدرس بعناية وفقًا للضوابط الشرعية، خاصةً فيما يتعلق بالربا والتعاملات التي قد تتعارض مع مبادئ الإسلام، مثل المراهنات الإلكترونية، معتبرًا أنها تتعارض بشكل صريح مع الشريعة الإسلامية التي تحظر القمار بكل أنواعه، وهو ما يتطلب ضرورة تبني ضوابط صارمة في التعامل مع هذه القضايا لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد الاقتصادية والالتزام بالمبادئ الشرعية.


من جانبه أوضح د. أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، أن العالم شهد في الآونة الأخيرة تطورًا واسعًا في استخدام العملات المشفرة والمنتجات المالية الرقمية، وشهد ثورات تكنولوجية غيرت وجه التاريخ، مما يتطلب من الجميع مواكبة التطورات والتعامل معها، ويفرض العديد من التحديات الجديدة، نظرًا لأن هذه التعاملات الرقمية الجديدة، تأتي مع قواعد معقدة ومتعددة، وهناك خطر من تعارض المصالح الخاصة والعامة في استخدامها، حيث تُستثمر أموال ضخمة يصعب مراقبتها والتحكم فيها، بالإضافة إلى أن منصات التداول الخاصة بها غالبًا ما تكون خارج النظام الرسمي، ويترتب على ذلك أن التداول بهذه العملات يرتبط بأنشطة مضاربات ومراهنات، تهدد المدخرات الشخصية وتساهم في إهدارها.

وأكد مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، في سياق حديثه عن العملات الرقمية  المشفرة والممارسات المرتبطة بها مثل البيتكوين، أن هذه العملات لا يعلم مصدرها ولا قيمتها على وجه اليقين والتي من الممكن في أي لحظة أن تذهب بمال الإنسان ومدخراته، ولذلك لا يجوز التعامل بهذه العملة حتى توضع لها الضوابط المحكمة التي تجعلها عملة موثوق فيها، موضحًا أن المؤسسات الدينية في مصر تحرم التعامل مع هذه العملات، نظرًا للمخاطر والمضاربات التي تتضمنها، والتي لا تتوافق مع شروط التعامل النقدي الطبيعي، كما نبه إلى أن هذه العملات تمثل تهديدًا للاقتصاد الوطني، وتؤثر سلبًا على العملة المحلية، والاستثمار في هذه المعاملات الرقمية عالي المخاطر، محذرًا من خطورة التداول بالعملات المشفرة والمراهنات الإلكترونية، ليس فقط لكونها مخالفة للشريعة الإسلامية، ولكن أيضًا لأنها تمثل تهديد اقتصادي وأخلاقي يستدعي التدخل العاجل. 
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام، ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

مقالات مشابهة

  • الجامع الأزهر يعلن أسماء المقبولين برواق الخط العربي والزخرفة الإسلامية
  • الجامع الأزهر يعلن قبول 500 دارس للالتحاق برواق الخط العربي والزخرفة الإسلامية
  • أبواليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية .. وتهديد اقتصادي وأخلاقي
  • مفتي الجمهورية: الحوار والوحدة الإسلامية السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها ومكانتها
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: العداوة والبغضاء سبب عدم إقامة العدل والمساواة بين الناس
  • خالد الجندي: العلم والدين يشكلان أساس نهضة الأمة الإسلامية
  • مفتي الجمهورية: الحوار والوحدة الإسلامية السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها
  • المدير الأكاديمي للمركز الإسلامي المسيحي في زيارة لجناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
  • شركة النفط بذمار تنظم فعالية ثقافية بذكرى جمعة رجب
  • خلال الاحتفال بيوم البيئة الوطني 2025.. وزيرة البيئة تكرم 3 فئات من شركاء العمل البيئي