فورين بوليسي: هكذا فسرت رواية أدبية أعمال الشغب البريطانية
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
بعض الروايات تتنبأ بأشياء قبل حدوثها. فهل ذلك مجرد صدفة، أم هو رؤية استشرافية وإعمال للخيال ومحاولة لسبر أغوار المجتمعات في فورة تفاعلاتها واضطراباتها؟
هذا ما حاولت كارولين دي غرويتر كاتبة العمود في مقالها بمجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن تجد له إجابة، مستلهمة رواية "في انتظار البرابرة" للأديب الجنوب أفريقي جيه إم كويتزي.
وجاء المقال عقب أعمال العنف التي عمّت بريطانيا بين أنصار أقصى اليمين والشرطة، على خلفية حادثة طعن 3 فتيات صغيرات على يد مهاجر مراهق قبل 10 أيام في مدينة ساوثبورت الساحلية شمال غربي البلاد، قيل زورا إن مرتكبها شاب مسلم.
وقالت دي غرويتر، إن أعمال العنف التي يرتكبها أقصى اليمين في بريطانيا تُذكِرها بتلك الرواية التي نُشرت في ثمانينيات القرن الـ20 والتي ذاع صيتها بعد حصول مؤلفها على جائزة نوبل في الأدب عام 2003.
في انتظار البرابرة (الجزيرة) التغذي بالأكاذيب والتحيزاتوأضافت أن كويتزي يشرح في روايته الصغيرة الحجم أسباب وكيفية اندلاع هذا النمط من العنف، وهي أن المجتمعات ظلت تتغذى بالأكاذيب والتحيزات العنصرية ردحا طويلا من الزمن لتتشكل بعدها في الأذهان صورة للغرباء (وهم في هذه الرواية من القبائل البدوية البربرية) لم تعد لها صلة بالواقع.
واقتبس المؤلف اسم روايته، التي تُعد من بين أهم الأعمال الأدبية في القرن الـ20، من قصيدة شهيرة للشاعر اليوناني المولود في الإسكندرية قسطنطين كفافيس (1863 – 1933) الذي يقول في ختامها "وصل بعض جنود الحدود وقالوا إنه ما عاد للبرابرة وجود.. والآن ودون البرابرة ما الذي سيحل بنا.. هؤلاء البرابرة كانوا حلا من الحلول".
والشخصية المركزية في رواية "في انتظار البرابرة" قاضٍ في منتصف العمر كان يدير لسنوات مستوطنة حدودية وادعة تابعة لإمبراطورية مجهولة الاسم. ولا تقع في القرية أحداث ذات شأن، فالكل فيها يعرف الكل.
وقد درج رعايا تلك الإمبراطورية والبرابرة الذين يعيشون على الجانب الآخر من الحدود التي يسهل اختراقها، على تجاهل القوانين تماما حتى يتمكنوا من ممارسة أعمالهم دون إزعاج الآخرين؛ فالبرابرة يأتون إلى القرية للحصول على الغذاء والدواء ثم يعودون أدراجهم بعد ذلك.
إنسانية تتسم بالكياسةورغم أن مهمة القاضي إنفاذ القانون، فإنه كان يحاول تطبيقه بطريقة إنسانية تتسم بالكياسة. فعندما تكون هناك إغارة لسرقة الماشية في بعض الأحيان، على سبيل المثال، فإنه يجري محادثات جادة مع من فعلوا ذلك. وهو قلما يسجن مرتكبي الحادث، وعندما يفعل ذلك، يتم إطعامهم والحفاظ على نظافتهم، وغالبا ما يُطلق سراحهم مبكرا. وفي ذلك يقول "لقد كنت أومِنُ طوال حياتي بالسلوك المتحضر".
ويرى أن الصراعات لا تفيد أحدا ويجب تجنبها. ومن المؤكد أن لا شيء مثاليًا في هذه الحياة، لكن نظرته هذه تصون السلام، وتجعل المجتمعات تعيش قدرا من الهدوء والتعايش.
قدوم الجنرالثم في أحد الأيام، زار وفد من المخابرات الإمبراطورية (التي يسميها المؤلف المكتب الثالث)، بقيادة الجنرال جول، القرية. وجول بيروقراطي عنيد، وعلى قناعة بأن القبائل البدوية تستعد سرا لشن هجوم على الإمبراطورية. ويعود إلى القرية بعد مهمة استكشافية بحثا عن متمردين ومتطرفين، مصطحبا معه العديد من المشتبه بهم وهم مكبلون بالأصفاد.
وتصف الرواية هؤلاء المشتبه بهم بأنهم مرعوبون. وفجأة يكتظ السجن بالنزلاء الذين يتعرضون للإذلال والتجويع والتعذيب. ويحاول القاضي إيقاف ذلك قائلا "هؤلاء صيادون، وليسوا متمردين!"، لكن الجنرال جول لا يعير لحديثه بالا، ويستمر في تعذيب البرابرة حتى "يعترف" الجميع بارتكاب الذنب.
وما إن يغادر الجنرال القرية، حتى يبدأ القاضي بإطعام السجناء ويفرج عن معظمهم. ومن ضمن هؤلاء فتاة بدوية يداوي جراحها، ويغسل قدميها وينام معها. وفي النهاية، يعيدها إلى قبيلتها. وعندما يقفل راجعا إلى منزله بعد رحلة طويلة، يجد أن جول قد عاد، ويتهم القاضي بالخيانة "لتواطئه مع العدو"، ويلقي به في نفس السجن الذي يقبع فيه البرابرة.
تطبيع البربريةلكن لا أحد يهب لنجدة القاضي؛ فالعديد من القرويين باتوا في حالة هستيرية مثل الجنرال، أما الباقون فقد آثروا التواري عن الأنظار. وبدا لهم، الآن، أن كل بربري كأنه إرهابي، وكل سلوك كانوا يرونه طبيعيا في السابق، أصبح مشبوها. وفي نهاية المطاف، تدمر القرية نفسها دون أن تتعرض لهجوم بربري واحد.
وأضحت القرية أطلالا بعد أن هجرها معظم سكانها، حتى الجنرال ورجاله. وبقي فيها القاضي، الذي لم يجد ملاذا يلجأ إليه. وما إن حل الشتاء القارس حتى بدأ يحس كم هو غبي "مثل رجل ضل طريقه منذ زمن ولكنه يواصل السير على طريق لا يدري إلى أين سيقوده".
وتعتقد كاتبة المقال دي غرويتر أن الرواية تكتسب أهمية كبيرة خاصة في عصرنا الحاضر رغم أنها نُشرت عام 1980. وفي روايته، التي تتحدث عن بلده جنوب أفريقيا إبان هيمنة النظام العنصري، يكشف كويتزي إلى أي مدى يسهل على قلة من المتعصبين قلب الأوضاع في المجتمعات التي طالما ظلت تعيش في سلام بعضها مع بعض. فكل ما عليهم فعله هو زرع شائعات كاذبة ومخيفة عن مجموعة معينة ودمجها في سردية أكبر حول تعرض السيادة والأمة والأمن للخطر، ثم الشروع في ضخ هذه القصة. فإذا كان المواطنون يرتعدون خوفا، فإنهم سيكونون على استعداد لتصديق كل شيء، وفق كاتبة المقال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
مخدرات وفـ جور.. دوسة راقصة الملاهي ما بين السجن وقرار القاضي
دوسة ما بين السوشيال ميديا إلى حياة البلوجرز إلى نقله أخري للعملة كراقصة إلى اتهامات نشر الفسوق والفجر إلي المخدرات ثم قسم الشرط ومباحث الأداب إلى النيابة العامة ثم قفص الاتهام فى المحكمة وجلسات
وفي السطور التالية نرصد تفاصيل القضية من البداية بعدما قضت محكمة جنايات الجيزة، ببراءة الراقصة سومة رضا الشهيرة بـ"دوسة" من اتهامها بالتحريض على الفسق والفجور وتعاطي المواد المخدرة.
الراقصة سومةكشفت تحقيقات النيابة العامة بالجيزة عن التفاصيل الكاملة في تقديم الراقصة "دوسة" إلى محكمة الجنايات حيث تضمنت مذكرة الإحالة عدة اتهامات أبرزها التحريض على الفسق والفجور، وتعاطي المواد المخدرة.
وذكرت مذكرة الإحالة أن المتهمة، بتاريخ 4 يونيو 2024 حازت مواد مخدرة بغرض التعاطي، دون أي سند قانوني، و استنادًا إلى أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989، وضبط بحوزتها مواد مخدرة من نوع "ترامادول - حشيش" بغرض التعاطي.
وفقا لأمر الإحالة فإن الراقصة ارتكبت أفعالًا تمثل انتهاكًا للمبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري، من خلال التحريض على الفجور والدعارة باستخدام الإغراء، وأنشأت وأدارت حسابًا إلكترونيًا على شبكة الإنترنت بهدف ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون.
وألقت الأجهزة الامنية القبض على "س . ر. م"، في منطقة حدائق الأهرام، حيث كشفت التحقيقات أنها تدير حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتوى من شأنه إثارة الغرائز وهدم القيم المجتمعية.
وكشفت تحقيقات النيابة، عن أن المتهمة أنشأت حسابات على "تيك توك" و"فيسبوك" و"إنستجرام" لبث مقاطع مرئية مسيئة، بهدف جذب أكبر عدد من المتابعين وتحقيق أرباح مادية من خلال المشاهدات والبث المباشر.
وأفادت التحريات التي أجراها ضابط بالإدارة العامة لمباحث الآداب بأن "دوسة" استخدمت تلك المنصات للترويج لمحتوى يتضمن إيحاءات جنسية واستعراضًا لمفاتنها بشكل متعمد.
وأقرت المتهمة في التحقيقات أنها تستخدم تطبيقات التواصل لإجراء محادثات مع متابعين راغبي المتعة المحرمة، وتصور مقاطع خاصة مع رجال مختلفين مقابل مبالغ مالية، لزيادة دخلها من هذه الأنشطة غير المشروعة.
وبرأت محكمة جنايات الجيزة الراقصة سومة رضا الشهيرة بـ"دوسة" من اتهامها بالتحريض على الفسق والفجور وتعاطي المواد المخدرة.