عادل الباز: الأفاعي بانتظار غودو
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
1 منذ الأمس، تلقيت أطناناً من الشتائم عبر كل الأسافير، وبقدر ما أسعدتني حيرتني، مصدر سعادتي أنني أصبت الهدف الذي وجهت له الرسالة، وهذه غاية كل كاتب، فبقدر ما يتعالى فحيح الأفاعي فإعلم أن سمها قد فسد أو أنه ارتجع في دماغها فأصابته في مقتل واتلفته، ولذا تتصرف بجنون وتلدغ بلا هدف. وهذا هو حال متاعيس الأفاعي بالأمس.
2
ما حيرني أنني لم أقل شيئاً جديداً في مقال الأمس (الرئيس وألاعيب المتاعيس) فقط طالبت الرئيس بأنه إذا كان لابد من الذهاب إلى جنيف فليذهب موفور الكرامة كحكومة، وأن تلتزم المليشيات قبل أي شيء بما وقعت عليه في اتفاق جدة، ترى ما الجديد في هذا الكلام لتثور كل تلك الضجة؟. لا شيء جديد ولكن يبدو أن المقال جاء في توقيت غير مناسب وهو توقيت الهرولة نحو جنيف بأسرع ما ينبغي ودفع الحكومة باتجاهها تحت أي ظرف وشرط، لأنهم لا يرغبون أن يُذكر أحد بتعهدات المليشيا لأن ذلك يعتبرونه تحريضاً للحكومة وقد يشكل رأياً عاماً يؤثر في مفاوضات جنيف. هكذا قدرتُ سبباً من أسباب العاصفة ولكن لا أظن أن ذلك كل شيء، فهؤلاء يطمعون لتحقيق أجندة تخصهم في مفاوضات جنيف. كيف؟.
3
كتائب الأفاعي خلف الكواليس التي تضرب الكواريك، تارة تحذرنا من مخاطر التقسيم ومرة أخرى تتوعدنا بالحرب الأهلية وأخيراً بالمجاعة، والآن يتعالى صياحها للضغط على الحكومة أن تذهب لجنيف وترضخ لشروط الأمريكان. لماذا؟.
هؤلاء يعلمون ألا مستقبل لهم في الوصول للسلطة إلا عبر تاتشرات الجنجويد، ولذا يريدون أي اتفاق يعيد الجنجويد بكامل قوتهم للساحة السياسية والعسكرية ويعتقدون أن مفاوضات جنيف يمكن أن تنتج صفقة مع الدعم السريع تسمح لهم باعتلاء التأشيرات للوصول إلى السلطة مردوفين معه.
ولكن خاب ظنهم .. كيف؟. إن أي اتفاق يعيد الجنجويد إلى الساحة السياسية أو العسكرية مستحيل، لن يقبل به الجيش ولا الشعب السوداني ولا أظن أن هناك قيادة في الجيش بإمكانها أن توقع على اتفاق يعيد الدعم السريع إلى الساحة العسكرية. مهما تعاظمت الضغوط، لن تجد شخصاً واحداً (ماعدا الجنجويد والعملاء) يقبل أن يعود الدعم السريع بأي شكل للسلطة في السودان ولا بمجرد وجود شكلي. إذا ظن هؤلاء المتعايس أن وفداً سيذهب لجنيف يوقع اتفاق وقف إطلاق نار بينما الجنجويد يحتلون منازل الناس ومستشفياتهم وطرقاتهم ويعود يسوق هذا الاتفاق المسخرة للشعب السوداني فذلك محض وهم. لا أعرف تحديداً يومها ماذا سيحدث، لكن الذي أعرفه أن اتفاقاً كهذا لن يمر ولو وصلت بوارج أمريكا بورتسودان.
4
الذين كانوا يعتمدون على الأمريكان في إرجاع الدعم السريع للمشهد السياسي والعسكري لابد أنهم أحبطوا من تصريحات السيد المبعوث الأمريكي توم بيريلو (لا مستقبل للدعم السريع في السودان)، اذا كان هذا رأي الأمريكان، فكيف يكون رأي الشعب السوداني الذي فعل فيه الجنجويد الأفاعيل؟.
5
كلما برق في الأفق مؤتمر أو لقاء أو مفاوضات، هرعوا إليها ممنين النفس بأحلام العودة للكراسي التي لم يحافظوا عليها وقت أن جاءتهم باردة، والآن يطمعون ويطمحون بالعودة إليها والبلاد تسبح في بحر من الدم بسببهم. ليس لديهم أي فعل يؤهلهم للعب دور سياسي.كل ما نضالهم الآن ينحصر في اقامة الندوات وعقد ورش العمل الفارغة وإصدار التوصيات والأوراق الهراء.. تحولت حركتهم وفعلهم السياسي إلى مجرد تغريدات في الأسافير وإصدار البيانات السخيفة كتلك التي يصدرها كل يوم المسحلب بكري الجاك… كل ذلك ضجيج بلا طحين..
فعلهم الحقيقي هو الانتظار.. انتظار الدعم السريع لينتصر لهم.. انتظار الاتحاد الأفريقي ليعقد لهم مؤتمراً.. انتظار الأمريكان ليضغطوا على الحكومة… انتظار تمويل الإمارات.. انتظار ماتسفر عنه مفاوضات جنيف… سينتظرون طويلاً.. وسيصبح انتظارهم مثل انتظار فلاديمير” و”إستراجون بطلا مسرحية (في انتظار غودو) للكاتب الإيرلندي “صموئيل بيكيت..”لغودو” الذي لا يأتي أبداً.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: مفاوضات جنیف الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
ويتكوف يكشف عن “عقبة صعبة” تهدد مفاوضات ثاني مراحل اتفاق غزة
غزة – كشف المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، امس الخميس، عن “عقبة صعبة” تهدد مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكنه أبدى رغم ذلك تفاؤلا حذرا.
وفي كلمة خلال مؤتمر ينظمه “معهد مبادرة مستقبل الاستثمار” السعودي في ولاية ميامي الأمريكية، اعترف ويتكوف بأن المرحلة القادمة من الاتفاق ستكون “أكثر صعوبة”، لكنه اعتبر أن هناك “فرصة حقيقية للنجاح إذا بذل الجميع جهدا كافيا”.
وأضاف ويتكوف، الذي كان يتحدث إلى جانب جاريد كوشنر، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن جميع الأطراف متفقون على ضرورة استمرار عمليات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة الفصائل الفلسطينية، واصفا ذلك بأنه “أمر إيجابي ويجب أن يستمر”، وفق ما نقلت عنه صحيفة “هآرتس” العبرية.
لكنه لفت إلى أن نقطة الخلاف الرئيسية تكمن في رفض إسرائيل أي دور لحركة الفصائل في حكم غزة مستقبلا، قائلا: “من الصعب إيجاد حل لهذه المشكلة، لكننا نحقق تقدما ملحوظا”.
ولم يكشف ويتكوف عن طبيعة هذا التقدم، بينما يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المماطلة في بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، التي كان من المفترض أن تنطلق في 3 فبراير/ شباط الجاري.
وتتحدث وسائل إعلام عبرية عن أن نتنياهو وعد حزب “الصهيونية الدينية” برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بغزة لإقناعه بالبقاء في الائتلاف الحكومي، ومن ثم منع انهياره.
ومع ذلك، أعرب ويتكوف عن أمله استمرار ما وصفه بـ”النوايا الحسنة” التي ظهرت في المرحلة الأولى من الاتفاق.
والثلاثاء الماضي، اعتبر الناطق باسم حركة الفصائل حازم قاسم، أن “اشتراط الاحتلال إبعاد حركة الفصائل عن القطاع حرب نفسية سخيفة، وخروج المقاومة أو نزع سلاحها من غزة أمر مرفوض”.
وشدد قاسم عبر بيان، على أن “أي ترتيبات لمستقبل غزة ستكون بتوافق وطني” فلسطيني.
ويتكوف واصل في كلمته أيضا، التناقضات الأمريكية بشأن المخطط الذي طرحه ترامب، في 4 فبراير الجاري، التي يقوم على استيلاء بلاده على غزة بعد تهجير الفلسطينيين منها، وهو ما قوبل برفض واسع فلسطينا وعربيا ودوليا.
ومتحدثا عن طريقة إعادة إعمار غزة، قال ويتكوف: “ستستغرق العملية الكثير من التنظيف والخيال وخطة رئيسية عظيمة”.
وأضاف: “هذا لا يعني أننا يجب أن نأتي بخطة إخلاء. عندما يتحدث الرئيس عن هذا، فهذا يعني أنه يريد أن يهز أفكار الجميع للتفكير فيما هو مقنع لهذه المنطقة وما هو أفضل حل للشعب الفلسطيني وسكان غزة الذين يعيشون هناك”.
وسافر ويتكوف إلى غزة في يناير/ كانون الثاني الماضي، وعاد لإبلاغ ترامب بنطاق الدمار الواسع هناك. وهذا، جزئيا، ما ألهم ترامب ليعلن مخططه لتحويل غزة إلى ملكية الولايات المتحدة وتهجير الفلسطينيين منها بشكل دائم.
الأناضول