يعمل لاعبون من الخارج على تغذية الصراع الدائر في السودان بين الجيش وقوات الدعم الدعم السريع، وذلك على وقع اشتداد المعارك التي شردت 10 ملايين سوداني في ظل استعصاء الحل بسبب التدخلات الخارجية بالوكالة والأهداف المتشابكة، حسب ما ذكره محرر شؤون أفريقيا في صحيفة "فايننشال تايمز"، لديفيد بيلينغ.

وقال بيلينغ في مقال رأي نشره عبر "فايننشال تايمز" وترجمته "عربي21"، إن الحرب في السودان عندما يعيد الواحد النظر فيها يتخيل أنها نزاع بين جنرالين يتقاتلان على حطام بلد، وهذا صحيح إلى حد ما، مع أن النزاع الذي شرد الملايين وأدى لوصول 25 مليون نسمة إلى حافة الجوع الحاد وأطلق العنان لجرائم انتهاك حقوق الإنسان مخيفة، هي حرب بالوكالة أيضا.

 

وأضاف أن الرعاة المختلفين للحرب التي اندلعت في الخرطوم في نيسان /أبريل من العام الماضي، هم قوى متوسطة صاعدة في المنطقة الأوسع، بما في ذلك دول الخليج.  

وعليه فمعركة الظل التي تخوضها هذه الأطراف والتي تتكرر من خلال شبكة من جهود الوساطة المتنافسة تجعل من "الأهداف" المتشابكة للنزاع أمرا عصيا على الفهم وحلها أكثر صعوبة، حسب المقال.


وأشار الكاتب إلى تقرير نشرته قبل فترة منظمة العفو الدولية "أمنستي"، وجد زيادة في الأسلحة والمعدات العسكرية التي انتشرت في المعارك ومصدرها من الإمارات العربية المتحدة وتركيا والصين وروسيا. وكان المدنيون هم الضحية الأولى لها.  

وفي هذا الشهر، أعلنت منظمة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي مجموعة مستقلة من الخبراء، أن ظروف المجاعة تؤثر على نصف السكان في مخيم زمزم، شمال دار فور. وقد فر السكان من الفاشر التي كانت نفسها ملجأ، لكنها تعرضت خلال الأشهر الماضية لقصف لا يرحم. وذكرت منظمة أطباء بلا حدود في الأسبوع الماضي أن مستشفى قصف للمرة العاشرة ولم يسمح لقوافل الطعام والأدوية بالمرور.  

وقال الكاتب إن دول السودان السبعة تقريبا تستخدم كنقطة مرور للمواد الفتاكة. وقالت أمنستي إن "هذا النزاع يتغذي في معظمه على إمدادات غير محدودة من السلاح". وعندما اندلع القتال بين أقوى جنرالين في السودان، كانا حليفين في عام 2019 للإطاحة بنظام عمر حسن البشير الذي حكم السودان 30 عاما، كان الخوف هو أن تتورط الدول الإقليمية في النزاع.  

وقد ثبتت صحة التوقع وبشكل قاتل. ورغم وضع السودان الاقتصادي المتآكل وعلى مدى العقود الماضية، لكن كانت  لديه المصادر التي تتوق إليها بقية الدول: الذهب والأراضي الصالحة للزراعة ورحلة طويلة لنهر النيل عبر أرضيه والأهم من ذلك ساحل طويل على البحر الأحمر يمتد على طول 750 كيلومترا، وفقا للكاتب.

وذكر معد المقال، أن الوكلاء لا يصطفون على جانبي الصراع بشكل مرتب، وعادة ما ينفون أي علاقة بالحرب. ولكنهم يعملون بهذه الطريقة. فخلف قائد القوات السودانية المسلحة، عبد الرحمن البرهان تقف مصر والسعودية، أما الإمارات وروسيا فتدعمان قائد الدعم السريع، وهي جماعة شبه مسلحة نشأت من جماعات الجنجويد في دار فور وبقيادة محمد حمدان دقلو، تاجر الجمال السابق والمعروف بحميدتي. أما بقية الدول الأجنبية الراعية فيتفاوت دعمها.  


ويمثل البرهان الدولة السودانية، مع أن جماعات الإغاثة الإنسانية تقول إنه تخلى عن هذا الزعم من خلال منعه وصول المواد الإنسانية إلى المناطق الواقعة تحت قوات الدعم السريع. كما واتهمت "أمنستي" وغيرها قوات البرهان باستخدام التجويع كسلاح وارتكاب انتهاكات حقوق إنسان صارخة.  
وبحسب المقال، فإن قوات الدعم السريع تظل أسوأ بكثير، ووصفها الخبير في السودان بجامعة تافتس، أليكس دي وال بأنها "آلة نهب وسلب".

وأضاف أن انتصار الدعم السريع التي تعاملت ولسنوات مع مجموعة المرتزقة الروس التي كانت تعرف بفاغنر سيحول السودان إلى "كيان تابع مملوك كليا من شركة مرتزقة عابرة للحدود".  

وتنفي الإمارات أي دعم للدعم السريع، مع أن الخبراء المستقلين، بمن فيهم لجنة في الأمم المتحدة قدمت أدلة وصور أقمار اصطناعية تظهر غير هذا، وفقا للمقال.

وذكر الكاتب، أن من يزعمون أنهم يتفهمون دوافع الإمارات، يقولون إن البرهان على علاقة قريبة من الإسلاميين، في وقت قدم فيه حميدتي نفسه بأنه المدافع عن الديمقراطية رغم  ما خلفه من سلسلة من جرائم الإبادة الجماعية.  

ويظل هذا النزاع من النزاعات التي من الصعب فيه تحميل الغرب مسؤولية تحريك خيوطه، مع أنه مذنب بعدم الاهتمام الكافي، حسب الكاتب. 


وفي الوقت الذي تعتبر فيه الحروب بغزة وأوكرانيا صراعات أخلاقية واستراتيجية وجودية، فقد أصبح من الصعب تحديد مكان العدالة في الانقسام بين برهان وحميدتي.

ولا يبدو أن أحدا من الجانبين قادر على تحقيق نصر حاسم. فقد تراجعت قوات البرهان من الخرطوم إلى بورتسودان. وتحصنت قوات حميدتي في محيط دارفور. والخرطوم باتت منطقة متنازع عليها. والسودان، الذي خسر بالفعل جنوب السودان بسبب الاستقلال في عام 2011، قد ينقسم أكثر.

وحتى الآن، لم تسفر مبادرات الوساطة المتنافسة عن أكثر من وقف إطلاق نار هش. مع أن هناك بصيص أمل بعد أن وافقت الحكومة السودانية الشهر الماضي مؤقتا على حضور محادثات السلام الشاملة التي ترعاها الولايات المتحدة في جنيف. إلا أنه من الصعب وقف الحروب التي تدار بالوكالة، وبخاصة عندما يكون الرعاة هم تحالفات من قوى متوسطة، وفقا للمقال.

وتقول كومفورت إرو، مديرة مجموعة الأزمات الدولية، إن "السودان واقع وسط صراع سياسي هائل"، وهذا يعني بشكل مأساوي أن الحرب قد تستمر لأشهر أو سنوات، والمأساة الأخرى هي أن هذه الحرب لن تكون الأخيرة من هذا النوع. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السودان الدعم السريع الإمارات البرهان حميدتي السودان الإمارات حميدتي الدعم السريع البرهان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

استشهاد 40 شخصا جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان

قال مصدر طبي  لوكالات وصحف دولية، من قرية بوسط السودان إن هجوما شنته قوات شبه عسكرية بدأ مساء الثلاثاء أسفر عن استشهاد 40 شخصا، بعد شهر من تصاعد العنف في ولاية الجزيرة.

ذكر الطبيب من مستشفى ود راوة شمال قرية ود أوشيب، والذي طلب عدم الكشف، إن "جميع الأشخاص البالغ عددهم 40 شخصًا أصيبوا بطلقات نارية مباشرة".


وقال شهود عيان إن قوات الدعم السريع المتمردة التي تخوض حرباً ضد البلاد منذ منتصف أبريل 2023، هاجمت أولاً القرية الواقعة على بعد 100 كيلومتر شمال مدينة ود مدني عاصمة الجزيرة، مساء الثلاثاء.

أضاف شاهد عيان الأربعاء إن "الهجوم استؤنف صباح اليوم"، مضيفا أن المقاتلين "نهبوا الممتلكات".

يعد هذا هو الأحدث في سلسلة من الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع على قرى الجزيرة على مدى شهر بعد انشقاق قائد شبه عسكري وانضمامه إلى جانب الجيش الشهر الماضي.

وبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من 340 ألف شخص من منازلهم في الولاية، وهي منطقة زراعية رئيسية كانت تعتبر في السابق سلة الخبز للسودان.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الجمعة إن أعمال العنف في الجزيرة "تعرض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر".

مقالات مشابهة

  • السودان.. (القوة المشتركة) تحبط عملية تهريب أسلحة وعتاد لـ(الدعم السريع) من تشاد
  • مشروع قرار في مجلس النواب الأمريكي لحظر بيع الأسلحة للإمارات بسبب الدعم السريع
  • الإمارات دربت الدعم السريع بذريعة القتال في اليمن.. هذه تفاصيل زيارة حميدتي
  • عمليات قتل تطال العشرات في ود عشيب السودانية.. واتهامات للدعم السريع بالوقوف وراءها
  • عشرات القتلى في ود عشيب السودانية.. واتهامات لـالدعم السريع بالوقوف وراءها
  • نشطاء يكشفون مقتل العشرات رمياً بالرصاص على يد قوات الدعم السريع في السودان
  • 40 قتيلا بهجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة بوسط السودان  
  • السودان.. قوات الدعم السريع تهاجم قرية وتقتل 40 مدنياً
  • 40 قتيلاً بهجوم لقوات الدعم السريع في وسط السودان
  • استشهاد 40 شخصا جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان