الصراع في السودان.. حرب بـالوكالة تغذيها الأطراف الخارجية المتنافسة
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
يعمل لاعبون من الخارج على تغذية الصراع الدائر في السودان بين الجيش وقوات الدعم الدعم السريع، وذلك على وقع اشتداد المعارك التي شردت 10 ملايين سوداني في ظل استعصاء الحل بسبب التدخلات الخارجية بالوكالة والأهداف المتشابكة، حسب ما ذكره محرر شؤون أفريقيا في صحيفة "فايننشال تايمز"، لديفيد بيلينغ.
وقال بيلينغ في مقال رأي نشره عبر "فايننشال تايمز" وترجمته "عربي21"، إن الحرب في السودان عندما يعيد الواحد النظر فيها يتخيل أنها نزاع بين جنرالين يتقاتلان على حطام بلد، وهذا صحيح إلى حد ما، مع أن النزاع الذي شرد الملايين وأدى لوصول 25 مليون نسمة إلى حافة الجوع الحاد وأطلق العنان لجرائم انتهاك حقوق الإنسان مخيفة، هي حرب بالوكالة أيضا.
وأضاف أن الرعاة المختلفين للحرب التي اندلعت في الخرطوم في نيسان /أبريل من العام الماضي، هم قوى متوسطة صاعدة في المنطقة الأوسع، بما في ذلك دول الخليج.
وعليه فمعركة الظل التي تخوضها هذه الأطراف والتي تتكرر من خلال شبكة من جهود الوساطة المتنافسة تجعل من "الأهداف" المتشابكة للنزاع أمرا عصيا على الفهم وحلها أكثر صعوبة، حسب المقال.
وأشار الكاتب إلى تقرير نشرته قبل فترة منظمة العفو الدولية "أمنستي"، وجد زيادة في الأسلحة والمعدات العسكرية التي انتشرت في المعارك ومصدرها من الإمارات العربية المتحدة وتركيا والصين وروسيا. وكان المدنيون هم الضحية الأولى لها.
وفي هذا الشهر، أعلنت منظمة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي مجموعة مستقلة من الخبراء، أن ظروف المجاعة تؤثر على نصف السكان في مخيم زمزم، شمال دار فور. وقد فر السكان من الفاشر التي كانت نفسها ملجأ، لكنها تعرضت خلال الأشهر الماضية لقصف لا يرحم. وذكرت منظمة أطباء بلا حدود في الأسبوع الماضي أن مستشفى قصف للمرة العاشرة ولم يسمح لقوافل الطعام والأدوية بالمرور.
وقال الكاتب إن دول السودان السبعة تقريبا تستخدم كنقطة مرور للمواد الفتاكة. وقالت أمنستي إن "هذا النزاع يتغذي في معظمه على إمدادات غير محدودة من السلاح". وعندما اندلع القتال بين أقوى جنرالين في السودان، كانا حليفين في عام 2019 للإطاحة بنظام عمر حسن البشير الذي حكم السودان 30 عاما، كان الخوف هو أن تتورط الدول الإقليمية في النزاع.
وقد ثبتت صحة التوقع وبشكل قاتل. ورغم وضع السودان الاقتصادي المتآكل وعلى مدى العقود الماضية، لكن كانت لديه المصادر التي تتوق إليها بقية الدول: الذهب والأراضي الصالحة للزراعة ورحلة طويلة لنهر النيل عبر أرضيه والأهم من ذلك ساحل طويل على البحر الأحمر يمتد على طول 750 كيلومترا، وفقا للكاتب.
وذكر معد المقال، أن الوكلاء لا يصطفون على جانبي الصراع بشكل مرتب، وعادة ما ينفون أي علاقة بالحرب. ولكنهم يعملون بهذه الطريقة. فخلف قائد القوات السودانية المسلحة، عبد الرحمن البرهان تقف مصر والسعودية، أما الإمارات وروسيا فتدعمان قائد الدعم السريع، وهي جماعة شبه مسلحة نشأت من جماعات الجنجويد في دار فور وبقيادة محمد حمدان دقلو، تاجر الجمال السابق والمعروف بحميدتي. أما بقية الدول الأجنبية الراعية فيتفاوت دعمها.
ويمثل البرهان الدولة السودانية، مع أن جماعات الإغاثة الإنسانية تقول إنه تخلى عن هذا الزعم من خلال منعه وصول المواد الإنسانية إلى المناطق الواقعة تحت قوات الدعم السريع. كما واتهمت "أمنستي" وغيرها قوات البرهان باستخدام التجويع كسلاح وارتكاب انتهاكات حقوق إنسان صارخة.
وبحسب المقال، فإن قوات الدعم السريع تظل أسوأ بكثير، ووصفها الخبير في السودان بجامعة تافتس، أليكس دي وال بأنها "آلة نهب وسلب".
وأضاف أن انتصار الدعم السريع التي تعاملت ولسنوات مع مجموعة المرتزقة الروس التي كانت تعرف بفاغنر سيحول السودان إلى "كيان تابع مملوك كليا من شركة مرتزقة عابرة للحدود".
وتنفي الإمارات أي دعم للدعم السريع، مع أن الخبراء المستقلين، بمن فيهم لجنة في الأمم المتحدة قدمت أدلة وصور أقمار اصطناعية تظهر غير هذا، وفقا للمقال.
وذكر الكاتب، أن من يزعمون أنهم يتفهمون دوافع الإمارات، يقولون إن البرهان على علاقة قريبة من الإسلاميين، في وقت قدم فيه حميدتي نفسه بأنه المدافع عن الديمقراطية رغم ما خلفه من سلسلة من جرائم الإبادة الجماعية.
ويظل هذا النزاع من النزاعات التي من الصعب فيه تحميل الغرب مسؤولية تحريك خيوطه، مع أنه مذنب بعدم الاهتمام الكافي، حسب الكاتب.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه الحروب بغزة وأوكرانيا صراعات أخلاقية واستراتيجية وجودية، فقد أصبح من الصعب تحديد مكان العدالة في الانقسام بين برهان وحميدتي.
ولا يبدو أن أحدا من الجانبين قادر على تحقيق نصر حاسم. فقد تراجعت قوات البرهان من الخرطوم إلى بورتسودان. وتحصنت قوات حميدتي في محيط دارفور. والخرطوم باتت منطقة متنازع عليها. والسودان، الذي خسر بالفعل جنوب السودان بسبب الاستقلال في عام 2011، قد ينقسم أكثر.
وحتى الآن، لم تسفر مبادرات الوساطة المتنافسة عن أكثر من وقف إطلاق نار هش. مع أن هناك بصيص أمل بعد أن وافقت الحكومة السودانية الشهر الماضي مؤقتا على حضور محادثات السلام الشاملة التي ترعاها الولايات المتحدة في جنيف. إلا أنه من الصعب وقف الحروب التي تدار بالوكالة، وبخاصة عندما يكون الرعاة هم تحالفات من قوى متوسطة، وفقا للمقال.
وتقول كومفورت إرو، مديرة مجموعة الأزمات الدولية، إن "السودان واقع وسط صراع سياسي هائل"، وهذا يعني بشكل مأساوي أن الحرب قد تستمر لأشهر أو سنوات، والمأساة الأخرى هي أن هذه الحرب لن تكون الأخيرة من هذا النوع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السودان الدعم السريع الإمارات البرهان حميدتي السودان الإمارات حميدتي الدعم السريع البرهان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
معارك عنيفة قرب الخرطوم والنائب العام يتعهد بمحاكمة الدعم السريع
الخرطوم- قال مصدر عسكري للجزيرة إن مدينة بحري شمال الخرطوم شهدت -اليوم الاثنين- اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، في حين تعهد النائب العام مولانا الفاتح محمد عيسى طيفور بمحاكمة مسلحي قوات الدعم أمام المحاكم الوطنية بالبلاد.
وقال المصدر إن الجيش استخدم القصف الجوي والمدفعي على مواقع الدعم السريع ببحري أعقبه هجوم بري تمكن الجيش خلاله من استعادة عدة أحياء بضاحية شمبات وسط مدينة بحري واستعادة عدد من المباني من بينها مستشفى البراحة ومصانع الدقيق، وأشار المصدر إلى أن الجيش عازم على استعادة مدينة بحري بالكامل خلال الفترة القادمة.
ويسعى الجيش السوداني لفك الحصار عن قيادته العامة بوسط الخرطوم من خلال التوغل عبر شمال بحري. وتسيطر قوات الدعم السريع على مركز العاصمة الخرطوم وتحاصر قيادة الجيش وتسيطر على القصر الرئاسي منذ مايو/أيار من العام الماضي.
وفي دارفور غربي السودان قالت مصادر بقيادة الجيش بالفاشر للجزيرة نت إنهم قصفوا بالمدفعية الثقيلة مواقع الدعم السريع في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، وكشفت المصادر عن تنفيذ سلاح الجو سلسلة ضربات جوية على المحور الجنوبي مما أدى لتصاعد الدخان.
وتشهد الفاشر معارك عنيفة ومستمرة بين الجيش والقوة المتحالفة معه من حركات دارفور المسلحة وقوات الدعم السريع، حيث تسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على آخر معاقل الجيش في اقليم دارفور.
إعلانفي الأثناء ذكرت مصادر للجزيرة أن الطيران الحربي شن ضربات جوية على مواقع تتبع لقوة الدعم السريع بمدينة نيالا جنوب دارفور غربي البلاد، وبحسب المصادر استهدف الجيش بالضربات مواقع للسلاح وقاعدة دفاع جوي تستخدمها قوات الدعم السريع لإطلاق المسيرات الطويلة المدى فضلا عن ضرب مواقع لتنقيب الذهب بمنطقة سانقو بجنوب دارفور. وأشارت مصادر محلية بنيالا إلى وقوع ضحايا مدنيين جراء القصف الجوي.
محاكمةمن جانب آخر، قال مولانا الفاتح محمد عيسى طيفور النائب العام، رئيس اللجنة الوطنية لجرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني، إن قوات الدعم السريع "ارتكبت جرائم بشعة يندى لها جبين الإنسانية، أبرزها جريمة الإبادة الجماعية ضد شعب المساليت بمدينة الجنينة بولاية شمال دارفور، فضلا عن استهداف المدنيين في نفس الولاية من خلال قتل الرجال واغتصاب النساء".
وقال مولانا طيفور في تصريحات -اليوم الاثنين- ببورتسودان إن السلطات السودانية ستحاكم مسلحي قوات الدعم أمام المحاكم الوطنية بالبلاد، مشيدا بكفاءة السلطة القضائية الوطنية والمؤسسات العدلية قائلا "لدينا بالبلاد سلطة قضائية راسخة وعادلة ونيابة عامة فاعلة قادرة على إنجاز كل المهام المنوطة بها".
وكشف النائب العام عن تواصل مع بعض الدول بخصوص تسليم المتهمين، مبينا أنه إذا لم يتم تسليمهم فستمضي الإجراءات وستتم محاكمتهم غيابيا.
وتطرق مولانا طيفور لجرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني في ولاية الجزيرة، مستعرضا تفاصيل جرائم القتل والاغتصاب والتهجير وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم في المنطقة.
وتحدث النائب العام عن ارتكاب قوات الدعم جرائم اغتصاب بشكل واسع يتجاوز 966 حالة اغتصاب موثقة، مشيرا إلى وجود حالات لم يتم الإبلاغ عنها وتوثيقها.
إعلانومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية، ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداما حادا في الأمن الغذائي، وفقا للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجددا -الخميس- بشأن الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.