جابر بن عبد الله الحافظ الفقيه والصحابي الإمام.. نموذج العالم الملهم
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
هو الإمام الكبير، والمجتهد الحافظ، صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو عبد الله، وأبو عبد الرحمن، الأنصاري الخزرجي السلمي المدني الفقيه، من فضلاء الصحابة المتحَفين بحبِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
اسمه ونسبه ونشأته:
هو الإمام الكبير، المجتهد الحافظ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، الأنصاري السلمي، وأمه أنيسة، أو نسيبة بنت عقبة بن عدي، وتجتمع هي وأبوه في حرام، وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام، الصحابي الجليل الذي استشهد في غزوة أُحد، وهو من السابقين في الإسلام،، شهد بيعة الرضوان، وشهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صبي، وكان من المكثرين الحفاظ للسنن، وأحد المكثرين عن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، وروى عن النبي وأبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وروى عنه جماعة من الصّحابة، وأولاده محمد وعقيل، وله ألف وخمسمائة وأربعون حديثًا اتفقا على ثمانية وخمسين، وانفرد البخاري بستة وعشرين، ومسلم بمائة وستة وعشرين، وكانت له حلقة في المسجد النبوي يعلم فيها الناس ويفقههم في دينهم.
علمه وروايته:
كان جابر رضي الله عنه أحد السابقين إلى الإسلام من أهل المدينة المنورة، ومن الملازمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والآخذين عنه وعن المكرمين من صحابته، وقد اجتهد جَابِرٌ في جمعِ الحديثِ بشكلٍ متفرِّدٍ، ويكفي للدلالةِ على جهدِه في جمعِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ أَنْ نذكر أنَّه ارتحل مِنَ المدينةِ إلى الشَّامِ مِنْ أجلِ تحصيلِ حديثٍ واحدٍ لرسولِ اللهِ ﷺ! يقول جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا، حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ. فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ فَاعْتَنَقَنِي، وَاعْتَنَقْتُهُ، فَقُلْتُ: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْقِصَاصِ، فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ، أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...".
وذكر حديثًا في القصاص يوم القيامة، وقد عاش جَابِرٌ رضي الله عنه جُلَّ حياتِه بالمدينةِ، وكان ـ إلى جوار عَائِشَةَ، وابْنِ عُمَرَ، وكان رضي الله عنه مِنْ كبارِ المُفْتِين بها؛ لذا قدَّم الذَّهَبِيُّ ترجمتَه بقولِه: "الإمامُ الكبيرُ، المجتهدُ، الحافظُ"، ونَقَلَ جَابِرٌ رضي الله عنه السُّنَّةَ إلى كثيرٍ مِنَ التَّابعين، ورحل جَابِرٌ رضي الله عنه في آخرِ عمرِه إلى مكَّةَ لبعضِ الأحاديثِ، وهناك نقل علمَه لعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فسَاعَدَ ذلك على اتِّساعِ دائرةِ فائدتِه.
ولقد كان طبيعياً أن يكون قد أخذ الكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ روى رضي الله عنه 1540 حديثاً عن رسول الله، وهي أحاديث في شتى موضوعات الإسلام، كما روى عن أصحابه، وروي عنه أيضاً، وكان يحرص رضي الله عنه على نشر العلم الذي تعلمه وإذاعته في الناس، وكان إذا سئل عن شيء أجاب وأسند جوابه، كما أنه كان مجتهداً ومن المتوسطين في الإفتاء.
جهاده:
أقبل جابر بن عبد الله رضي الله عنه على الجهاد من أول فرصة واتته، فقد شهد كلَّ غزواتِ الرَّسولِ ﷺ خلا غزوةَ أُحُدٍ، ولم يُقاتل في بدرٍ إنَّما كان يعمل في سقايةِ الجيشِ، ولقد منعه أبوه من الخروج، ولما استشهد أبوه في غزوة أُحد بادر إلى الخروج إلى الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن جابر قال: "فَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةٍ قَطُّ، وقد كان لجابر رضي الله عنه باع طويل في الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقيل: أنه غزا اثنتا عشرة غزوة، وقيل: ست عشرة غزوة، وقيل: غزا ثماني عشرة غزوة، ولكن الصحيح ما ذكره مسلم عن جابر أنه قال: "غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً"، هذا. وذُكر أن جابر شهد صفين مع علي رضي الله عنه.
وفاته:
كُفّ بصره رضي الله عنه في آخر عمره ومات بالمدينة، وقيل بمكة وقيل بقباء سنة ثمان وسبعين، وقيل سنة تسع، وقيل سبع، وقيل أربع، وقيل ثلاث، وقيل اثنتين، وقيل: مات سنة ثمان وستين، وهو يومئذ ابن أربع وتسعين سنة، وقيل: صلى عليه أبان بن عثمان.
المراجع:
1 ـ ابن عساكر: تاريخ دمشق، 11/ 233، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، 1/ 546.
2 ـ ابن الأثير أبو الحسن: أسد الغابة، 1/492.
3 ـ جابر بن عبد الله، وهبي غاوجي، دار القلم، دمشق، ط2، 1988م، ص90
4 ـ ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 1/ 220.
5 ـ الدينوري: المعارف، ص307، والطبري: تاريخ الطبري، 11/526، وابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 1/ 220، وابن عساكر: تاريخ دمشق، 11/ 238، وابن الأثير: أسد الغابة،1/ 492.
*الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الصحابة تاريخ رسالة اسلام تاريخ صحابة سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رسول الله صلى الله علیه وسلم ه صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه ه علیه وسلم د الله
إقرأ أيضاً:
عقوبة عقوق الوالدين معجّلة في الدنيا
قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان -في خطبة الجمعة-: احذر عبدالله من عقوبة الله نتيجة العقوق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلاّ عقوق الوالدين فإن الله تعالى يعجله لصاحب به في الحياة قبل الممات”، وبعد عباد الله فبر الوالدين حق يجب أداؤه ودين يجب قضاؤه، وباب من أبواب الجنة، فلا تفرطوا فيه، ولا تستكثروا ما تبذلوا فيه، فهما سبب الوجود، والله تعالى يقول: “هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان”.
وأضاف: عقوق الوالدين ذنب عظيم، شؤمه وخيم، وعاقبته عذاب الجحيم، ولا يدخل الجنة عاق لوالديه، ولا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولعن الله من عق والديه، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا بلى يا رسول لله؟ قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت”. وشدّد على أنه بلغ من تأكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حق الوالدين أن جعله مقدماً على الجهاد في سبيل الله، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال: أحي والداك، قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد. وتابع: بر الوالدين لا ينقطع بموتهما، بل يستمر بالوفاء بعهدهما وقضاء الدين عنهما، والصدقة والدعاء لهما والإحسان والود ووصل صلتهما، فعن أبي أسيد رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قالنعم، خصال أربعة: الصلاة عليهما أي الدعاء لهما، وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلاّ من قبلهما، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما”، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن العبد ليموت والداه أو أحدهما وإنه لهما لعاق، فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتبه الله بارا
صالح التويجري