بايدن: إذا خسر ترامب الانتخابات.. لست واثقاً من انتقال سلمي للسلطة
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
الثورة نت/..
صرح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بعدم ثقته في حصول انتقالٍ سلمي للسلطة، في حال خسر منافسه السابق، والمرشح الرئاسي الحالي، دونالد ترامب، سباق الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها الولايات المتحدة، في نوفمبر المُقبل.
وقال بايدن، في مقابلةٍ أجرتها معه شبكة “سي بي أس نيوز” الأمريكية، وسيتم بثّها يوم الأحد 11 أغسطس الجاري في أحد برامجها: إنّه “إذا خسر ترامب، فلست واثقاً على الإطلاق من أن انتقال السلطة سيكون سلمياً في يناير 2025”.
وأضاف في حديثه مع مراسل الانتخابات والحملات الانتخابية في الشبكة، روبرت كوستا: إنّه “يعني ما يقول”.. مُشدّداً في حديثه بالقول: “نحن لا نأخذ ترامب على محمل الجد، إنّه يعني ذلك عندما يقول إذا خسرنا فسيكون هناك حمام دم”، وذلك في إشارةٍ إلى حديثٍ سابق لترامب.
وفي أول مقابلةٍ له منذ إعلان انسحابه من السباق الرئاسي المُقبل، وتأييده لنائبته، كامالا هاريس، لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي، كرّر بايدن مقولةً وصفتها الشبكة بـ”المألوفة عن الانتخابات والديمقراطية”.. قائلاً: “لا يمكنك أن تحب بلدك فقط عندما تفوز”.
واتّهم بايدن الرئيس السابق بالسعي لكي يتولى حلفاء له مناصب أساسية في لجان انتخابية في عدّة ولايات، للتلاعب بالفرز في حال تكرر سيناريو خسارة المرشح الجمهوري.. مُضيفاً في هذا الشأن: “انظروا إلى ما يحاولون فعله الآن في الدوائر الانتخابية المحلية، حيث يحصي الناس الأصوات”.
الجدير ذكره أنّ الرئيس الأمريكي، وخلال حملته التي أنهاها بخروجه من السباق، تطرّق مراراً إلى واقعة اقتحام مناصري ترامب مقر الكونغرس، في السادس من يناير 2021، بعد فوزه كمرشحٍ ديمقراطي في انتخابات 2020، وخسارة ترامب، الذي كان قد دعا إلى المسير نحو الكونغرس قبل بدء الأحداث حينها.
كما كرّر بايدن مراراً التذكير بتحذير ترامب الحرفي من “حمام دم”، سيقع في حال خسر الانتخابات، كما لطالما اعتبره “يشكّل تهديداً للديمقراطية الأمريكية”، خصوصاً وأنّ ترامب بقي مُصرّاً على اعتبار أن انتخابات 2020 سُرقت منه.
بدوره، أشار المتحدث باسم حملة بايدن، جيمس سينغر، إلى أنّ الأمر أظهر أن “ترامب يريد السادس من يناير آخر”.. متحدثاً عن أنّ الشعب الأميركي سوف يمنحه “هزيمة انتخابية أخرى في نوفمبر المقبل، لأنّ الأمريكيين يواصلون رفض تطرفه وحبه للعنف وتعطشه للانتقام”.
وفي سياق السجال المحتدم ذاته، قال ترامب من جهته، إنّه “قد يفوز بولاية نيويورك المعروفة تاريخياً بأنّها ديمقراطية”.
وفي لقاءٍ أجراه عبر الهاتف مع شبكة “فوكس نيوز” الأميركية، أضاف ترامب: إنّ قرار نائبة الرئيس، والمرشحة للانتخابات، كامالا هاريس، عدم اختيار حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو، اليهودي ليكون نائبها، “قد يكلفها أصوات اليهود المؤثرين على الانتخابات في نيويورك”.
واعتبر ترامب أن اختيار هاريس حاكم ولاية مينيسوتا، تيم والز، ليكون نائباً لها، “صادم ومهين للغاية لليهود وللأشخاص الذين يريدون الأمن”.. مُضيفاً أنّ “أي يهودي يصوت لصالح الحزب الديمقراطي، يجب أن يخضع إلى فحصٍ عقلي، لأن الديمقراطيين سيئون للغاية تجاه اليهود”.
وفي أول ظهور لهما معا، شنّت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية، ومرشحها لمنصب نائب الرئيس، هجوماً لاذعاً على ترامب، حيث قالت في تجمعٍ انتخابي قدمت فيه والز: إنّها تعرف “أمثال دونالد ترامب، وعملها سابقاً مدعيةً عامة مكنّها من متابعة أنواع مختلفة من المجرمين”.
من جهته، اتهم والز الرئيس السابق بأنّه “رجلٌ يبث الفُرقة، ولا همّ له إلا خدمة نفسه”.. مؤكّداً أنّ الانتخابات المقبلة ستحدد أي اتجاهٍ ستمضي فيه البلاد”.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ديمقراطية أميركا..من أيزنهاور إلى بايدن
هل باتت الديمقراطية الأمريكية في خطر من جراء مجمعين يكادان يطبقان عليها، لتخسر الولايات المتحدة، درَّة التاج، في تكوينها وجوهرها، منذ إعلان الاستقلال وحتى اليوم؟
لطالما فاخر وجاهر الأمريكيون بالنسق القيمي الليبرالي، الذي عُدَّت الديمقراطية فيه حجر الزاوية، وعليه قام هذا البناء الجمهوري الشاهق، غير أنه وخلال العقود الستة المنصرمة، بدت روح أمريكا في أزمة حقيقية، من جراء نشوء وارتقاء مجمعات أقل ما توصف به أنها ضد الديمقراطية.جاء خطاب وداع الرئيس جو بايدن ليعيد تذكير الأمة الأمريكية بالخطر الذي نبّه منه الرئيس دوايت أيزنهاور عام 1961، والمؤكد أن بايدن لم يذكّر الأمريكيين بالمجمع الصناعي العسكري، ذاك الذي لفت إليه أيزنهاور فحسب، بل وضعهم أمام استحقاقات مجمع جديد قادم بقوة كالتسونامي الهادر في الطريق، لا شيء يوقفه، وما من أحد قادر على التنبؤ بأبعاد سيطرته على مستقبل الديمقراطية في الداخل الأميركي.
في السابع عشر من يناير (كانون الثاني) من عام 1961 ألقى أيزنهاور خطاباً وداعيّاً متلفزاً من مكتبه الرسمي، وبطريقة لا تُنسى، حذَّر فيه من أن تتحول "الصناعة العسكرية المعقدة" في بلده إلى قوة عنيفة.
يومها قال جنرال السياسة الذي نجح في قيادة قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية إن "المؤسسة العسكرية الضخمة" مع "صناعة أسلحة هائلة" تعملان معاً سعياً وراء "نفوذ لا مبرر له" في "كل مدينة وكل مبنى تشريعي وكل مكتب عائد إلى الحكومة، مما قد يؤدي إلى كارثة تنبع من بروز قوة في غير محلها".
عبر ستة عقود ونيف بدا أن توقعات "الجنرال آيك" قد تحوّلت إلى واقعِ حال عبر تحالف ثلاثي الأطراف، اختصم في واقع الأمر الكثير من لمحات ومسحات الديمقراطية الأمريكية.
تمثلت أضلاع المثلث في أصحاب المصانع العسكرية الأمربكية، تلك التي تدرّ "لبناً وعسلاً وذهباً" على حَمَلة أسهمها، في السر والعلن، فيما الضلع الثاني مثَّله جنرالات وزارة الدفاع الأمريكية، الذين يقودون وعلى الدوام المعارك الأمريكية على الأرض، وغالباً ما يعودون لاحقاً بعد نهاية خدمتهم للعمل مستشارين برواتب هائلة في المؤسسات الصناعية العسكرية، بينما الجهة الثالثة يمثلها أعضاء الكونغرس، من الشيوخ والنواب، أولئك الذين يشرّعون قرارات الحروب، وعادةً ما يتلقون ملايين الدولارات تبرعات من الشركات العسكرية الكبرى، والعمل لها لاحقاً، بعد نهاية تمثيلهم التشريعي، أعضاء في مجالس إداراتها.
خلق هذا المجمع بلا شك روحاً جديدة في الداخل الأمريكي، باتت تمثل قوة ضاغطة على عملية صناعة القرار الأمريكي، وخصمت ولا شك من مساحات الديمقراطية الغنَّاء، وقدرة البروليتاريا الأمريكية العاملة المكافحة، وأقنان الأرض البؤساء، على تمثيل ذواتهم تمثيلاً عادلاً، فيما المحكمة العليا في البلاد أخفقت في حسم قضية التبرعات للمرشحين للمناصب الحكومية، من عند أصغر عمدة لمدينة أمريكية نائية على الحدود الجنوبية في تكساس، وصولاً إلى مقام الرئاسة.
جاء بايدن في خطاب تنصيبه ليشير إلى ما سمَّاه "المجمع الصناعي التقني"، الذي يبدو أنه لا يقل ضراوة عن العسكري، لا سيما أن بصماته تمتد عبر المحيطات إلى بقية أنحاء وأرجاء الكون الفسيح.
"بعد ستة عقود من الزمان ما زلت أشعر بنفس القدر من القلق إزاء الصعود المحتمل للمجمع الصناعي التكنولوجي الذي قد يشكل مخاطر حقيقية على بلدنا أيضاً"... هكذا تكلم بايدن.
بايدن لم يترك مجالاً للشك في أن الأمريكيين يُدفنون، وعلى حد تعبيره، تحت سيل من المعلومات المُضلّة والمضلِّلة، التي تُمكن من إساءة استخدام السلطة، فيما الصحافة الحرة تنهار، والمحررون يختفون، بينما وسائل التواصل الاجتماعي تتخلى عن التحقق من صحة الحقائق أو زيفها.
أظهر بايدن أن هناك مخاوف حقيقية تخيِّم فوق ديمقراطية أمريكا، من جراء تزاوج الثروة والسلطة، عبر أطراف المجمع الصناعي التقني، الذي بات يمثله رجالات من نوعية إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وجيف بيزوس، ومجالس إدارات شركات مثل أبل وغوغل، وأساطين رجال أعمال يتعاطون مع قرابة التريليون دولار، مما يجعل فكرة الديمقراطية المختطَفة من القلة أمراً قائماً وليس جديداً.
هل الديمقراطية الأمريكية في خطر حقيقي وليس وهمياً؟
تركيز السلطة والثروة يؤدي مباشرةً إلى تآكل الشعور بالوحدة والغرض المشترك، ويقود إلى انعدام الثقة، وحينها تصبح فكرة الديمقراطية مرهِقة ومخيِّبة للآمال، ولا يشعر الناس فيها بأنهم يتمتعون بفرصة عادلة.
يقول الراوي إن روما القديمة قد أفل نجمها حين غابت روح الديمقراطية عن حناياها ومن ثناياها... ماذا عن روما العصر؟