روسيا ومساعي تجاوز العُقد الكبيرة بين تركيا والنظام السوري
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
لا تتوقف روسيا عن محاولات استثمار الفرص لتحقيق هدفها القديم المتجدد في سوريا، والمتمثل بإنهاء القطيعة بالكامل بين تركيا والنظام السوري، خاصة بعد أن حققت تقدمًا ملموسًا في هذا المسار منذ أواخر عام 2022 إلى يومنا هذا، تمثل باستضافات لقاءات لمسؤولين أتراك ونظرائهم في النظام السوري.
وكان الهدف المعلن للقاء الأخير الذي جمع نوح يلماز نائب وزير الخارجية التركي مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف مطلع شهر أغسطس/آب الجاري في العاصمة هو التشاور حول سوريا.
شكّلت التطورات على الساحة السورية والدولية خلال الفترة الماضية حافزًا لروسيا للعمل مجددًا على إعطاء دفعة لوساطتها بين دمشق وأنقرة، حيث يبحث الجانب التركي عن معالجة المشاكل الأمنية القادمة من على الحدود السورية، والقلق المزمن الذي تسببت به "الإدارة الذاتية" وجناحها العسكري قوات سوريا الديمقراطية المصنف من قِبَل تركيا على أنه الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني.
ولعلاج هذه التهديدات تحافظ أنقرة دائما على اتصالاتها مع الجانب الروسي الذي أصبح له دور مؤثر في مناطق "قسد" بعد عملية إعادة الانتشار التي نفذتها القوات الأميركية شمال شرق سوريا وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أكتوبر/تشرين الأول 2019 إعادة انتشار لقوات بلاده في سوريا والإبقاء على عدد محدود منها قرب الحدود مع إسرائيل وحول حقول النفط.
وهو ما أتاح لروسيا تأسيس عدة نقاط عسكرية قرب الحدود التركية أبرزها قاعدة القامشلي الجوية التي أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تأسيسها في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
ودائمًا ما تستثمر موسكو الاتصالات التركية معها بخصوص سوريا للتشجيع على التطبيع بين أنقرة ودمشق، وفيما يبدو فإن الجانب الروسي يريد من خلال هذا النهج قطع الطريق على احتمالات عودة التصعيد مستقبلاً في سوريا من خلال الجمع بين أنقرة التي تحتضن فصائل المعارضة السورية وبين دمشق.
وأيضا، لا تخف أنقرة مخاوفها من اتساع رقعة الحرب واختلاط الأوراق بسبب التصعيد في غزة ولبنان والبحر الأحمر، حيث حذر المسؤولون الأتراك مرارا في الآونة الأخيرة من اندلاع حرب عالمية جديدة، وتزامن مع إعلان الهواجس التركية تحرك أنقرة لتصفير أكبر قدر ممكن من مشاكلها مع مختلف الجهات وفي مقدمتها أرمينيا وسوريا.
إذ ترسل تركيا مؤخرًا رسائل تؤكد فيها رغبتها على تطبيع العلاقات مع سوريا، كما جاء على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دعا نظيره السوري بشار الأسد في يوليو/تموز 2024 لعقد لقاء.
كما أكد خلال اتصال هاتفي سابق مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان عن عزم بلاده تطبيع العلاقات مع أرمينيا أيضا، وقد يهدف إلى تهدئة التوترات في محيط البلد تحسبا لتوسع التوتر على الساحة الدولية، خاصة مع تصعيد أنقرة لهجتها تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة، والتوتر السياسي المتزايد مع تل أبيب.
تسلسل زمني للجهود الروسيةوفي ديسمبر/كانون الأول 2022، نجحت روسيا باستضافة اجتماع بين مسؤولين أتراك ونظرائهم السوريين على مستوى وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات، ليكون هو الأول من نوعه كونه تم بشكل علني بين مسؤولين بارزين، بعد لقاءات أمنية كثيرة غير معلنة، وتم تخصيص اجتماع موسكو لنقاش قضايا مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وعودة اللاجئين السوريين.
وفي شهر مايو/أيار 2023 انتقلت اللقاءات بين دمشق وأنقرة إلى المستوى السياسي، واستضافت موسكو اجتماعا رباعيا حضره وزراء الخارجية من إيران وتركيا وروسيا وسوريا، وتم الاتفاق فيه على تكليف نواب وزراء الخارجية بإعداد خريطة طريق لاستعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة بالتنسيق مع وزارات الدفاع وأجهزة الاستخبارات.
وبعد إعلان "الإدارة الذاتية" في يونيو/حزيران 2024 عزمها إجراء انتخابات محلية شمال شرق سوريا، تصاعد القلق التركي من إمكانية تكريس الانفصال في سوريا وفرض كيان كردي على حدودها الجنوبية مع سوريا.
ولذا عقد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لقاء مع بوتين على هامش القمة 24 لمنظمة دول شنغهاي، بعد فترة شهدت تراجعا ملحوظا في اتصالات الجانبين بخصوص سوريا، وناقش اللقاء آليات إحباط الانتخابات التي تعتزم "الإدارة الذاتية" المدعومة من أميركا إجراءها، لتتجدد بعدها الجهود الروسية لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
ففي منتصف يوليو/تموز 2024، توجه المبعوث الروسي الخاص لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف إلى دمشق والتقى الرئيس الأسد وناقش معه عودة العلاقات مع أنقرة ضمن مبادرة تشمل الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، بالإضافة إلى ضمان أمن وسلامة الحدود التركية، وصياغة مقاربة مشتركة لمكافحة الإرهاب، وبالمقابل تلتزم تركيا بالانسحاب من الأراضي السورية، ويتم العمل على حل قضية اللاجئين والقضية الكردية.
ومع أن النظام السوري يبدي مرونته تجاه المبادرة الروسية، ويؤكد الحرص على التعامل الإيجابي مع مختلف المبادرات التي يتم طرحها لتحسين العلاقات مع دول الجوار، فإنه يشترط عودة العلاقات مع أنقرة كما كانت قبل عام 2011 على أساس احترام السيادة والاستقلال ووحدة الأراضي، وفقا لبيان أصدرته وزارة الخارجية السورية في 17 يوليو/تموز 2024، ردا على الدعوات التركية لعقد لقاء بين أردوغان والأسد.
وتمسك بيان الخارجية أيضا بمطلب انسحاب القوات التركية من سوريا، وتراجع أنقرة عن التعامل مع أطراف سورية أخرى غير حكومية، في إشارة لرغبة واضحة لوقف الدعم التركي للمعارضة السورية.
وجاء رد تركيا على مطالب النظام السوري على لسان وزير الخارجية هاكان فيدان، الذي تحدث مطلع أغسطس/آب الجاري عن ضرورة إجراء مفاوضات بخصوص مطلب انسحاب قوات بلاده من الأراضي السورية، كما أوضح أنه يجب أولاً تسهيل عودة اللاجئين، وتدمير التنظيمات الإرهابية ثم تسحب تركيا جنودها.
كما أشار فيدان إلى عدم إمكانية الاتفاق مع النظام السوري وتجاهل المعارضة، وأكد أن تركيا تشجع على البدء بالتفاوض بين الجانبين من أجل التوصل إلى حل.
وفي إطار المساعي الروسية لضمان أمن وسلامة الحدود التركية، أعلن مركز المصالحة الروسي الموجود في قاعدة حميميم تأسيس القوات الروسية في 2 أغسطس/آب 2024 قاعدة عسكرية جديدة بمنطقة عين العرب (كوباني) التابعة لمحافظة حلب قرب الحدود التركية والخاضعة لسيطرة قوات "قسد".
وتدعم موسكو أيضا العودة إلى صيغة أستانا التي تشارك فيها إيران إلى جانب روسيا وتركيا بصفتهم دولاً ضامنة للنظام السوري والمعارضة، على أمل استكمال تنفيذ التفاهمات الخاصة بسوريا التي تشمل شمال شرق سوريا وشمالها الغربي أيضا.
ووقّعت أنقرة وموسكو مذكرتي تفاهم عامي 2019 و2020 بخصوص هذه المناطق تنص على مكافحة الإرهاب وإبعاد التنظيمات الإرهابية من على الحدود التركية، بالإضافة إلى تأسيس ممر أمني على جانبي الطريق "إم 4" الدولي الذي يمر من محافظة إدلب، لكن تعثر تنفيذهما بسبب التعقيدات في الملف السوري، وعدم قدرة موسكو على إرغام تنظيم "قسد" بالابتعاد عن الحدود التركية بسبب علاقة التنظيم مع الجانب الأميركي وقدرته الواسعة على المناورة في مواجهة الضغوط الروسية.
ومن جهتها، تنظر تركيا إلى وجودها العسكري شمال سوريا على أنه الضمانة الرئيسية لحماية الحدود، حيث أكد وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال حوار مع موقع الجزيرة نت أواخر شهر يوليو/تموز 2024 أنهم استطاعوا عبر العمليات العسكرية في سوريا (درع الفرات – غصن الزيتون – نبع السلام) منع إنشاء "ممر إرهابي" وضمنوا أمن حدودهم.
وأكد غولر عزمهم إنشاء ممر آمن على الحدود مع سوريا والعراق، بالتالي فإن تركيا تبحث عن توسيع هامش التحرك التركي في الأراضي السورية لاستكمال تقويض سيطرة تنظيم "قسد" قرب الحدود.
ومن جهة أخرى، أسهم الانتشار العسكري على خطوط التماس بين النظام السوري وفصائل المعارضة في محافظة إدلب بوقف العمليات العسكرية بشكل شبه تام، مما أدى إلى انخفاض موجات النزوح السورية باتجاه الأراضي التركية، وهنا تظهر معضلة أخرى متعلقة بعدم رغبة الانسحاب من سوريا دون ضمانات حقيقية لعدم تجدد العمليات العسكرية في الشمال السوري، وبالتالي عودة تدفق اللاجئين باتجاه الأراضي التركية.
بالنظر إلى المعطيات السابقة، يمكن الاستنتاج إلى أننا أمام مسار طويل ومعقد وعلى الأرجح سيبقى عالقا لفترة من الزمن في أروقة اللجان التنقية التركية والروسية والسورية التي ستتحاور فيما بينها للتوصل إلى صيغة مرضية للجميع، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل المؤثرة على المسار مثل وصول إدارة أميركية جديدة إلى البيت الأبيض، وموقفها من شمال شرق سوريا والتنسيق مع أنقرة بخصوصه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأراضی السوریة الحدود الترکیة شمال شرق سوریا النظام السوری یولیو تموز 2024 العلاقات مع قرب الحدود على الحدود فی سوریا بین دمشق
إقرأ أيضاً:
دوغين: روسيا لن تسلم بشار الأسد للإدارة السورية الجديدة تحت أي ظرف (شاهد)
تناول الفيلسوف وعالم الاجتماع والسياسي الروسي ألكسندر دوغين، في لقاء خاص مع قناة الغد، العديد من القضايا الإقليمية والدولية، حيث سلط الضوء على عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأكد دوغين القريب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هذه العملية يجب أن تُفهم من منظور تاريخي، مشيرًا إلى أن الدوافع التي اعتمد عليها قادة حركة حماس لتنفيذ الهجوم على الاحتلال الإسرائيلي ما تزال "غير مفهومة تمامًا".
كما أشار إلى أن نتائج العملية أدت إلى تغيرات إقليمية واسعة، حيث تم تدمير غزة بالكامل، ووقعت خسائر فادحة في صفوف قادة حزب الله، بالإضافة إلى الإطاحة بنظام الأسد، وتعرض القوات الإيرانية لضربات قاسية، مما أدى إلى تقويض محور المقاومة في الشرق الأوسط بشكل شبه كامل.
إسرائيل فقدت التعاطف
واعتبر دوغين أن ما قام به الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة كان "عملاً وحشيًا"، مؤكدًا أن التعاطف العالمي مع إسرائيل قد تراجع بشكل كبير بسبب هذا العدوان، الذي استنزف الرصيد الأخلاقي الذي اكتسبه اليهود نتيجة المحرقة التي تعرضوا لها خلال حكم هتلر. ووصف هذا التراجع بأنه "أمر خطير للغاية" بالنسبة لليهود عمومًا ولإسرائيل على وجه الخصوص.
وأضاف دوغين أن الفلسطينيين، كقوة مقاومة، وجدوا أنفسهم في موقف الرهائن، معتبرًا أن ما حدث كان "ضربة هائلة" لفلسطين. وأكد أن النضال من أجل الحرية والعدالة وإقامة الدولة لا يتم بهذه الطريقة، مشيرًا إلى أن رد الفعل العربي كان ينبغي أن يكون موحدًا وقويًا، مع وقوف العالم العربي إلى جانب الفلسطينيين منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية في غزة، وتجاوز كل المحظورات لدعم الشعب الفلسطيني.
وأشار دوغين إلى أن أفعال حماس أدت إلى خلق وضع دولي جديد، حيث أصبح التهجير الكامل للفلسطينيين من قطاع غزة خيارًا مطروحًا للنقاش، على غرار ما يفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومع ذلك، لفت إلى أن هذا التوجه يواجه معارضة من روسيا ومعظم دول العالم.
العالم الإسلامي تفكك أكثر
وانتقد دوغين العالم الإسلامي، قائلاً إنه "لم يحقق أي درجة من التماسك أو الوحدة أو التنسيق المشترك"، مما يجعله غير قادر على التأثير بشكل حقيقي على الساحة الدولية. وأضاف أن روسيا، من أجل إثبات وجودها كقوة عالمية، خاضت حربًا مروعة في أوكرانيا، بينما فرضت الصين قوتها الاقتصادية، وتعزز الهند نفوذها السياسي.
وأكد دوغين أن الاستعمار لم يتوقف، بل كان قاسيًا في بعض الأحيان، ولم يكن مجرد استغلال ناعم أو مقنع. في بعض الحالات، كان استعمارًا مباشرًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لكنه كان مغلفًا بمفاهيم إنسانية لإخفاء طبيعته الحقيقية.
وأشار إلى أن روسيا تدعم نظامًا عالميًا متعدد الأقطاب يسوده السلام، وتلتزم بموقفها الداعم لحل الدولتين، كما تدعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل حريته واستقلاله وكرامته. وأكد أن روسيا ستعارض بشدة أي محاولات للتطهير العرقي في غزة أو الضفة الغربية.
سوريا.. الأسوأ لم يأتِ بعد
كما تحدث الفيلسوف الروسي عن التطورات في سوريا، معربًا عن اعتقاده بأن الرئيس الأمريكي لن يقع فيما أسماه "الفخ السوري"، لأن ذلك سيشير إلى ضعف روسيا وعجزها عن دعم حلفائها في المنطقة.
وأوضح أن مسار الأحداث في سوريا سيؤدي إلى تصعيد جديد، حيث ستكون البلاد ممزقة بين عدة أطراف: الأكراد من جهة، والقوى الموالية لتركيا من جهة أخرى، بالإضافة إلى القوى العربية. وتوقع دوغين أن تشهد سوريا مواجهات خطيرة بين هذه الأطراف قريبًا، مؤكدًا أن "الأسوأ لم يأتِ بعد".
وأضاف أن القواعد العسكرية الروسية في سوريا قد تبقى كما هي، أو يتم نقلها إلى دول مثل السودان أو إيران. وأكد أن روسيا لن تغادر المنطقة، لكنها غير قادرة حاليًا على اتخاذ إجراءات قوية، قائلًا: "نحن قادرون على تقديم الدعم السياسي وحتى الاقتصادي للدول العربية، لكننا لا نستطيع تحمل مسؤولية الشرق الأوسط في هذه المرحلة. قد يكون ذلك ممكنًا في مرحلة لاحقة".
وبخصوص رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، الذي يقيم في روسيا ويطالب بعض السوريين بتسليمه، أكد دوغين أن روسيا "لن تسلم بشار الأسد تحت أي ظرف من الظروف".
أمريكا ستدعم دولة للأكراد
أشار دوغين إلى أن الولايات المتحدة ستدعم استقلال الأكراد، باعتبار ذلك جزءًا من السياسة الإسرائيلية الرامية إلى إقامة دولة كردية. وذكر أن روسيا ستخبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنها "ليس لديها علاقة بالأمر"، معتبرة أن تركيا "خذلتها في لحظة حرجة"، ولن تقدم لها أي دعم حقيقي.
واتهم دوغين أردوغان باستغلال ضعف روسيا والوقوع في الفخ الذي نصبته له إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قائلًا: "لقد ضحى بالاتفاقات مع روسيا من أجل مصالح قصيرة الأجل". وتوقع أن تشهد سوريا صراعًا وشيكًا بين القوى الموالية لتركيا والقوى العربية، بسبب تضارب المصالح، متوقعًا أن تزداد تأثيرات دول مثل السعودية وقطر، بينما يتراجع نفوذ تركيا تدريجيًّا.
ترامب ضد إيران ولا يحب الإسلام
اعتبر دوغين أن ترامب سيستمر في دعم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مواجهة إيران، لكنه لن يرغب في أن يُذكر في التاريخ كشخص بدأ ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وأكد أن ترامب، إذا كان هدفه تحقيق السلام، قد يدعم نتنياهو في صراع ضد إيران، لكنه لن يسمح بضرب المنشآت النووية، لأن ذلك لا يتماشى مع أسلوبه.
وأضاف أن ترامب يعتقد بوجود طرق أخرى لإجبار إيران على اتباع مسار يتوافق مع خططه. كما أشار إلى الفرق بين التطهير العرقي في غزة والضربات الجوية على القواعد العسكرية، معتبرًا أن التطهير العرقي قد يكون مقبولاً من وجهة نظر ترامب، مع اقتراح تعويضات اقتصادية للفلسطينيين.
وأوضح دوغين أن ترامب "ضد إيران ولا يحب الإسلام"، مشيرًا إلى تعيينه لشخصيات مثل مارك إسبر، الذي وصفه بأنه "أحد منظري الإسلاموفوبيا". وحذر العالم الإسلامي من أن "من يكرهكم بشدة الآن هو وزير الدفاع الأمريكي"، مؤكدًا أن الشروط التي يفرضها ترامب ستكون قاسية للغاية.
ترامب يريد إنهاء الحرب الأوكرانية
تحدث دوغين عن رؤية روسيا لموقف ترامب من الأزمة الأوكرانية، خاصة في ظل مساعي الإدارة الأمريكية لإنهاء الحرب. وأشار إلى وجود "عدم ثقة كبير" بترمب في روسيا، رغم أن المشاعر العامة يمكن وصفها بأنها "مزيج من الحذر والتفاؤل الحذر".
وأضاف أن ترامب يرغب في إنهاء الحرب الأوكرانية بسرعة وإلقاء اللوم على الإدارة السابقة، وقد يكون مستعدًا لتقديم تنازلات لروسيا، لكن هذه التنازلات ستكون أقل بكثير من الحد الأدنى المقبول لروسيا.
وتوقع أن يدرك ترامب مع مرور الوقت أن الاحتفاظ بأوكرانيا في وضعها الحالي ليس في مصلحته، وأن الصورة التي روجت لها العولمة عن أوكرانيا كـ"دولة شجاعة تحارب الغزو الروسي" ستتلاشى.
لا مستقبل للناتو
أعرب دوغين عن اعتقاده بأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيُلغى تمامًا، لأنه "لم يعد له معنى". وانتقد وجود دول صغيرة داخل الناتو، مثل إستونيا، التي تطالب ببدء حرب مع روسيا، معتبرًا أن الوضع أصبح "غير منطقي".وتوقع أن يعيد ترامب النظر في هذا الحلف، خاصة بعد انسحابه من منظمة الصحة العالمية والاتفاقات المناخية.
استبعد دوغين أن يؤثر التقارب الأمريكي الروسي على علاقات روسيا مع الصين وإيران، مؤكدًا أن روسيا لن تبتعد عن الصين، التي وصفها بأنها "من أنصار النظام العالمي متعدد الأقطاب".
وأضاف أن روسيا والصين لا تعتمدان على بعضهما بشكل مطلق، مما يمنع أي استغلال محتمل.
وبالنسبة لإيران، أكد دوغين أنها "شريك ثابت" لروسيا، وأن موسكو ملتزمة بالاتفاق الشامل الموقع بين البلدين. وأكد أن روسيا ستبذل كل ما في وسعها لمنع أي ضربات عسكرية أمريكية أو إسرائيلية ضد إيران، معتبرًا أن ذلك قد يؤدي إلى تصعيد جديد.
واختتم دوغين بالإشارة إلى تعقيدات مشروع "إسرائيل الكبرى"، متسائلاً عن مدى تورط ترامب في هذه الاستراتيجية التي قد تتضمن "موجات جديدة من الإبادة الجماعية"، مؤكدًا أن الإجابة على هذا السؤال ما تزال غير واضحة في الوقت الحالي.