طولكرم.. خاصرة إسرائيل الرخوة والحاضنة الشعبية للمقاومة
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ 10 أشهر، يواصل جيش الاحتلال تصعيد عملياته العسكرية في الضفة الغربية، مركزا على مخيمات النازحين، خاصة مدينة طولكرم ومخيميها نور شمس وطولكرم، والتي كان لها نصيب الأسد من الاقتحامات والاعتداءات الإسرائيلية خلال الشهرين الماضيين.
والسبت الماضي، اغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي 9 فلسطينيين في قصف جوي لمركبتين بطولكرم، أشفعهما بعملية عسكرية في المدينة، التي كان قد انسحب منها قبل أيام معدودة.
العملية الأخيرة تأتي ضمن سلسلة عمليات عسكرية نفذها الجيش الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها بالتزامن مع بدء حربه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأدت لاستشهاد 131 فلسطينيا وإصابة العشرات واعتقال المئات، وفق أرقام رسمية فلسطينية.
بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، بدت شوارع وأزقة مخيمي طولكرم مدمرة، رغم أعمال الترميم بعد انتهاء العمليات.
عن ذلك، قال سكان محليون إن مخيمي طولكرم تحولا إلى ما يشبه كومة من الأنقاض، وكأن زلزالا ضربهما.
ولفت هؤلاء السكان إلى أن الكثير من البيوت في المخيم تضررت أو هدمت كليا، فيما تبدو الشوارع مدمرة، ويعاني السكان من انقطاعات في خدمات المياه والكهرباء وشبكات الهاتف وتعطل الصرف الصحي.
جانب من الدمار الذي ألحقه جيش الاحتلال بمخيم نور شمس بطولكرم خلال أحد اقتحاماته الكثيرة (الجزيرة) خاصرة رخوةوعن أسباب الاقتحامات والاستهداف المتكرر من قبل الجيش الإسرائيلي لطولكرم، قال الباحث الفلسطيني رئيس مجلس إدارة جامعة خضوري في طولكرم سليمان الزهيري إن طولكرم تعد بمثابة الخاصرة الرخوة لإسرائيل.
وأوضح "تعد طولكرم ومخيماها الأقرب إلى العمق الإسرائيلي، فهي تقع بمحاذاة الجدار الفاصل مع إسرائيل، الأمر الذي جعلها دوما في حالة مقاومة".
وأضاف "من هنا بدأ الاحتلال ومستوطنوه بشيطنة طولكرم، حيث نسمع بين الحين والآخر دعوات لتحويل طولكرم إلى خراب ودمار".
وأشار الزهيري إلى أن السلطات الإسرائيلية تخشى تكرار ما حدث يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مدن ومستوطنات إسرائيلية أخرى انطلاقا من طولكرم، لذلك تسعى تل أبيب لقتل المقاومين هناك، في محاولة منها لوأد نضال سكانها ضد الاحتلال.
وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة هجوما على قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية قرب القطاع ضمن عملية أطلقت عليها اسم "طوفان الأقصى" بغية إنهاء الحصار الجائر على غزة وإفشال مخططات إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية وفرض سيادتها على المسجد الأقصى.
وأشار الزهيري إلى أن الحالة النضالية العسكرية للمقاومة، التي بدأت في مخيم جنين شمالي الضفة، وانتقلت إلى طولكرم -بالتزامن مع الحرب على غزة- تصاعدت بصورة كبيرة، حيث انخرطت فيها مجموعات شبابية وجيل لا يخشى المواجهة.
واعتبر أن السكان في طولكرم تربطهم روح الوحدة، ويشكلون حاضنة شعبية للمقاومة، التي تتكاتف كافة فصائلها معا.
وتابع "شكل السكان في مخيمي نور شمس وطولكرم حاضنة شعبية للمقاومة، الأمر الذي صعب على الاحتلال التخلص منها وإنهاء الحالة النضالية هناك".
منطقة عازلة
ويفصل جدار الفصل الإسرائيلي بين طولكرم وإسرائيل، حيث تنتشر في امتداده بوابات ونقاط عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي باتت هدفا لعمليات المقاومة من حين لآخر.
وبمواجهة ذلك، كما يقول الزهيري، بدأ الاحتلال بإنشاء منطقة عازلة بين طولكرم والجدار الفاصل بعمق 400 متر في بعض الأحيان يقتطعها من أراضي المواطنين الفلسطينيين.
ولفت إلى أن الاحتلال جرف مناطق واسعة في تلك الأراضي، ويطلق النار على من يقترب منها، حيث لا يسمح للمزارعين بالوصول إلى أراضيهم.
وأرجع ذلك إلى محاولة إسرائيل منع أي هجوم أو تنفيذ عمليات إطلاق نار ضد مدنها ومستوطناتها القريبة من طولكرم.
وقال إن الاحتلال الإسرائيلي بات يعيش حالة خوف من تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
مقاومة لا تخشى المواجهة
ورغم التنكيل الإسرائيلي في طولكرم، فإن المقاومين من شتى الفصائل الفلسطينية الذين ينشطون هناك لا يخشون مواجهة الاحتلال.
وعن ذلك، قال مقاوم من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ينشط في مخيم طولكرم، إن "العمل الجهادي متواصل ما دام الاحتلال موجودا، وعندما يُقتل منا قائد يأتي من يكمل الطريق، وهذا واجب علينا".
المقاوم، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لاعتبارات أمنية، أضاف "نعد للاحتلال كل ما يمكن من العبوات الناسفة المستخدمة في الكمائن، والقنابل اليدوية المحلية الصنع، والاشتباك المباشر مع القوات".
ورغم قلة الإمكانيات، يؤكد المقاوم "نحن ننتصر أو نستشهد، كلنا على هذا الطريق، لا تخيفنا المسيرات الإسرائيلية أو غيرها، نتربص بالعدو بين الزقاق وفي كل مكان لا يتوقعه".
وأشار إلى أن سر قوتهم تكمن في الحاضنة الشعبية في المخيمات التي تحتضنهم وتوفر لهم الملجأ.
وفي المخيم ذاته، قال مقاوم من سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي يُدعى غيث رضوان "لا يمكن لهذا الجيش أن يقتحم المخيمات دون آليات مدرعة وبغطاء جوي، ورغم ذلك فإن العبوات تنتظرهم، ونحقق إصابات مباشرة في الآليات وفي صفوف القوات".
وأضاف "يعتمد الاحتلال سياسة القصف الجوي، وضرب الحاضنة الشعبية عبر تجريف البنية التحتية والمنازل، لكنه يفشل في كل مرة ونزداد قوة".
وتابع "نمضي على قاعدة ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
وعن استهداف طولكرم، قال رضوان إن طولكرم ومخيماتها كانت دائما شوكة في حلق الاحتلال.
وأكد أن "المقاوم لا يخشى المواجهة، فكلما ذهب شهيد أتى مكانه آخرون، وكلنا مشاريع شهداء".
والشهر الماضي، بثت كتائب القسام مقطع فيديو يوثق تنفيذ 3 عمليات إطلاق نار وتفجير ضد مركبات وحافلات إسرائيلية في محيط طولكرم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أکتوبر تشرین الأول فی طولکرم إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير جنوب أفريقي سابق: الصهيونية تحتضر والمستقبل للمقاومة
رسم وزير الاستخبارات السابق في جنوب أفريقيا روني كاسريلس مشهدا قاتما لمعاناة الفلسطينيين بقطاع غزة في ظل جرائم الاحتلال الإسرائيلي، لكنه أكد أن الصورة لا تقل قتامة بشأن مستقبل إسرائيل ومآل الصهيونية.
وفي مقال بموقع "فلسطين كرونيكل" قال كاسريلس إنه "لا يمكن استدعاء كلمات كافية لوصف رعب الظمأ الدموي الفاشي للنظام الإسرائيلي والمجتمع الذي يدعمه" في ظل الأرقام القادمة من غزة، ومن بينها مقتل أكثر من 17 ألف طفل ضمن نحو 42 ألف شهيد ضحايا العدوان المستمر منذ السابع أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وذكر كاسريلس أن دراسة أجرتها صوفيا ستاماتوبولو روبينز من جامعة براون الأميركية، نُشرت في 7 أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام، أظهرت أن 90% من الناس في غزة مشردون، و96% لا يملكون ما يكفي من الطعام والماء، ولا توجد كهرباء، ونحو 90% من المستشفيات تم تدميرها، ويعاني 4 من كل 5 أطفال من الاكتئاب والحزن والخوف.
وقال أيضا "الصهاينة وحلفاؤهم الليبراليون" يبررون هذا السيل من القتل باعتباره ردا مشروعا على عملية طوفان الأقصى، رغم وجود حق معترف به دوليا بالمقاومة المسلحة ضد الاحتلال، بينما لا يوجد حق معترف به دوليا للدفاع عن القوة المحتلة.
وأشار الوزير السابق إلى أن من يطالب بإدانة المقاومة عليه أن يدرك السياق الذي جاءت خلاله عملية طوفان الأقصى، وذلك عبر 75 عاما من الاستيلاء الاستعماري والتطهير العرقي في جميع أنحاء فلسطين، إضافة إلى حصار خانق على قطاع غزة منذ 17 عاما، وآلاف الأسرى في سجون الاحتلال الذين يسعى الفلسطينيون لمبادلتهم بالإسرائيليين المحتجزين في غزة.
وأكد الكاتب الناشط في دعم الفلسطينيين أن كل من يعرف تاريخ الثورات ضد العبودية والاستعمار يعلم أن الفظائع تحدث عندما ينهض المظلومون، وقال إن التحليل الجاد للسياق التاريخي يؤكد أن القمع مصدر العنف وأن إنهاء القمع طريق إلى السلام.
وتحدث كاسريلس عن ازدواجية المعايير عند التعامل مع أخبار الضحايا من الجانين الفلسطيني والإسرائيلي، وقال "من المفترض أن نقبل أن الأرواح الإسرائيلية مقدسة بينما الفلسطينيون بشر من درجة أدنى. وهذه الفلسفة لنزع الإنسانية كانت دائمًا منطق الفاشية والاستعمار، وجميع الأشخاص الطيبون مدعوون لمقاومتها".
وأشار إلى أن الإبادة في غزة لم تكن لتصل إلى هذا الحد دون دعم من الولايات المتحدة التي أنفقت خلال العام الماضي نحو 22 مليار دولار على المساعدات العسكرية لإسرائيل والعمليات الأميركية ذات الصلة في المنطقة.
غير أن ذلك لم يحم الولايات المتحدة من حراك جارف عبر الجامعات في جميع أنحاء البلاد حين وقف الشباب -كثير منهم يهود- بشجاعة من أجل العدالة.
وأضاف كاسريلس "تُظهر الاستطلاعات أن 40% من اليهود بالولايات المتحدة تحت سن 35 عاما يعارضون الصهيونية ويدعمون الفلسطينيين. إنهم يفهمون أن اليهودية وجدت لآلاف السنين قبل تشكيل دولة إسرائيل، وأنها ستستمر بالوجود حتى بعد زوال إسرائيل في شكلها الحالي".
وقال الوزير الجنوب أفريقي إن غرور إسرائيل، وشعورها بحقها في القتل والسيطرة، يخفي ضعفها المتزايد. ومع توسع هجماتها لدول مختلفة في المنطقة هناك فهم متزايد بأن فاشيتها تهدد السلام العالمي.
وذكر أن الجيش الإسرائيلي يتفاخر بانتصارات تكتيكية لكنه يعاني من هزائم إستراتيجية "ومن خلال توسيع جبهة القتال، يرهقون أنفسهم، ومع تصاعد الحرب سيتوقفون" مشيرا إلى أن إسرائيل ليست دولة مستقرة، في ظل تزايد الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي.
كما لا يمكن لإسرائيل أن تستمر إلى الأبد في حرب استنزاف مطولة، فالاقتصاد في أزمة، مع هروب رأس المال، وتراجع الاستثمار الأجنبي، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي بسرعة. وكان هناك خسارة قدرها 64 مليار دولار العام الماضي، وسيكون هذا العام أسوأ مع فرار نصف مليون مواطن، وفقا لكاسريلس.
وفي المقابل، يرى الكاتب أنه ورغم الوضع المأساوي في جبهات الحرب، فإن المقاومة قائمة ومستمرة، وتجلى ذلك في صمود رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار حتى أنفاسه الأخيرة، وفي شجاعة الفتاة الصغيرة التي كانت تحمل شقيقتها الصغرى المصابة على ظهرها عبر أكوام الأنقاض والموت.
وختم كاسريلس مقاله بالقول إن "الصهيونية لم تمت، لكنها بالتأكيد تحتضر. وستكون التكلفة باهظة للغاية، ولا يمكن قياسها، لكن أولئك الذين نبكي عليهم سيفوزون بالحرب".