الداخل اللبناني منقسم في مقاربة الجبهات.. ماذا لو توسّعت الحرب؟!
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
عندما أنهى الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله خطابه الأخير في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد قائده العسكري فؤاد شكر، الذي توعّد فيه مرّة أخرى العدو الإسرائيلي بردٍّ من خارج سياق العمليات القائمة منذ الثامن من تشرين الأول، معتبرًا أنّ الانتظار هو "جزء من العقاب"، لم يكن يتوقّع على الأرجح أن تأتي الردود الأولى على الخطاب من الداخل اللبناني، ولو أنّه يدرك حجم "الانقسام" في مقاربة فتح "الجبهة" في المقام الأول.
فقبل أن يردّ الجيش الإسرائيلي على الخطاب، مدّعيًا أنّ اللبنانيين يقفون على "رِجل ونصف"، في إشارة إلى قول السيد نصر الله إنّ "كل إسرائيل تقف اليوم على رِجل ونصف" بانتظار ردّ إيران و"حزب الله"، خرج بعض أفرقاء الداخل لينتقدوا مرّة أخرى "توريط" الحزب للبنان في حربٍ لا علاقة له بها، وللقول إنّ نصر الله يخاطر بتدمير لبنان واقتصاده، والتسبّب بحالة من التوتر والقلق، من أجل إزعاج إسرائيل فقط، وكرمى لعيون إيران وأجندتها.
قد لا يكون مثل هذا الكلام بمُستغرَب، باعتبار أنّ اللبنانيين مختلفون في ما بينهم منذ اليوم الأول على أساس فتح "حزب الله" لجبهة الجنوب إسنادًا لغزة، في ظلّ اعتقاد شريحة واسعة من اللبنانيين بأنّ التضامن مع القضية الفلسطينية لا يبرّر أخذ البلاد إلى المجهول، لكن، هل بهذه الطريقة ينبغي أن يواجه لبنان سيناريو الحرب التي يعتقد كثيرون أنها باتت أقرب من أي وقت مضى، وهل الوقت مناسب فعلاً لهذا النوع من الخلافات وتصفية الحسابات؟
موقف "مبدئي"
على الرغم من أنّ موقف خصوم "حزب الله" قد يبدو في مكان ما بمثابة "هدية مجانية" للعدوّ، الذي لا يتردّد في استثمار أيّ انقسام لصالحه، وهو الذي يستند لمواقف بعض هؤلاء في سياق هجومه على الحزب، فإنّ خصوم الحزب يرفضون مثل هذه المقاربة، مشدّدين على أنّ ما يعبّرون عنه في الواقع هو موقف "مبدئي" يتناغم مع الثوابت التي ينادون بها دائمًا، وقوامها تغليب المصلحة اللبنانية، ورفض الالتفاف عليها بأيّ شكل من الأشكال.
وفي حين لا ينكر هؤلاء أنّ المشكلة مع العدو "مزمنة"، وهو الذي لا يخفي أطماعه في الساحة اللبنانية، ولا يوفّر فرصة لضرب لبنان من دون أن يستخدمها، فإنّ المشكلة لا تقلّ شأنًا برأيهم، مع من يوفّر له مثل هذه الفرصة، ويعطيه "الذريعة" للهجوم، كما يفعل "حزب الله" الذي "ورّط" لبنان بالحرب في الجنوب منذ عشرة أشهر، تحت عنوان التضامن مع الشعب الفلسطيني، علمًا أنّ هذا التضامن كان يمكن أن يكون معنويًا، من دون تدمير البلد وقتل ناسه.
بهذا المعنى، فإنّ الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، حتى لو كانت ذريعته باطلة إسرائيليًا، ولو لم يكن الحزب هو المسؤول عن حادثة مجدل شمس، يندرج في سياق المعارك القائمة منذ عشرة أشهر، بحسب ما يقول خصوم الحزب، الذين يشدّدون على أنّ الأخير هو الذي يتحمّل مسؤولية كل تبعات المعركة، وهو الذي يقول اليوم صراحةً إنّ المعركة لا تهدف لزوال إسرائيل، والذي "يحيّد" إيران وسوريا عنها، وكأنّ التضامن مفروض على لبنان حصرًا.
الموقف الوطنيّ المطلوب
لا يجد موقف خصوم "حزب الله" صداه لدى الكثير من اللبنانيين، بما في ذلك بعض من يتفقون "مبدئيًا" مع بعض طروحاته، ومن يختلفون مع "حزب الله" سياسيًا، إذ يقول العارفون إنّ اللحظة الحالية لا يمكن أن تكون لحظة تصفية حسابات وانقسامات، والمطلوب فيها هو على النقيض، الوقوف "وقفة رجل واحد" في مواجهة سيناريو الحرب الذي يتصاعد، علمًا أنّ الوحدة في مواجهة الحرب يمكن أن تفيد في منع حصولها، أكثر بكثير من إظهار الانقسام.
المُستغرَب وفق العارفين، أنّ "مبدئية" خصوم الحزب في الاعتراض على "مصادرته" لقرار الحرب والسلم، حتى مع من يُجمِع اللبنانيون على كونه "العدو"، لا تسري على الكثير من التفاصيل، ولو عُدّت نتائج لفتح الجبهة، فالعدوان على الضاحية لم يستنفر من يصفون أنفسهم بـ"السياديين"، وكذلك مرّ خرق إسرائيل المتكرّر لجدار الصوت، حتى فوق العاصمة بيروت، مرور الكرام، وهو ما لا يمكن أن يبرّره القول بأنّ إسرائيل لا تلتزم بأيّ قوانين.
يشدّد هؤلاء على أنّ هذا الخطاب غير مُجدٍ اليوم، خصوصًا في ظلّ تصاعد سيناريوهات الحرب، متسائلين: "هل هكذا يستعدّ خصوم حزب الله لخوض الحرب إذا ما اتّسع نطاقها أمام المجتمع الدولي، وهل يجوز أن يخرج لبنان أمام العالم منقسمًا حتى في مواجهة الحرب ضدّه؟". أكثر من ذلك، ثمّة من يسأل عمّا إذا كان المعترضون يعتقدون أنّ هناك من يمكن أن يرأف بلبنان في حال وقوع الحرب، إذا لم يكن اللبنانيون متضامنين في ما بينهم بالأساس.
لعلّ المشكلة الجوهرية في هذا الخطاب، يختصرها ردّ أحد خصوم "حزب الله" على سؤال عن "تموضعه" في حال اندلعت الحرب اليوم، بعيدًا عن تحميل المسؤوليات، وما إذا كان سيكون "مع لبنان أو مع إسرائيل"، ليجيب "نحن ضدّ إيران أولاً". لا يعني ذلك عدم وجود مشكلة، قد تكون استراتيجية مع إيران بالنسبة للكثير من اللبنانيين، لكنّ الأكيد أنّ ظرف الحرب يفرض مقاربات من نوع آخر، حتى لا يصبح لبنان نفسه سببًا لـ"ضعفه"! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هل يصمد وقف النار بين إسرائيل وحزب الله؟
تناول سيث جاي. فرانتزمان، زميل مساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحزب الله، والذي بدأ في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 بعد أكثر من عام من الصراع المكثف.
عودة حزب الله إلى المنطقة قد تقوض وقف إطلاق النار
وتم التوصل إلى وقف إطلاق النار، الذي تم تحديده في البداية لمدة ستين يوماً، في أعقاب العملية البرية التي شنتها إسرائيل في لبنان في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2024، والتي استهدفت قادة حزب الله ومستودعات الصواريخ.
وتهدف الاتفاقية إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي ظل غير مفعَّل منذ حرب إسرائيل وحزب الله عام 2006.
تحديات الحفاظ على وقف الناروسلط فرانتزمان، مؤلف كتاب "حرب السابع من أكتوبر: معركة إسرائيل من أجل الأمن في غزة" (2024)، الضوء على تحديات الحفاظ على وقف إطلاق النار والديناميكيات الجيوسياسية وإمكانية تجدد الصراع.
ويقضي اتفاق وقف إطلاق النار بانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في غضون 60 يوماً بينما من المتوقع أن ينتشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود لمنع عودة حزب الله.
Can The Israel-Hezbollah Ceasefire Hold? https://t.co/m1NzQB7I9a
by @sfrantzman via @TheNatlInterest
With a new administration in Washington and a renewed focus on the West Bank, it is in Israel’s interests to maintain the ceasefire in Lebanon.
وأوضح الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أن التأخير في انسحاب إسرائيل واستمرار وجود حزب الله في جنوب لبنان يعقد الوضع. وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار،
With a new administration in Washington and a renewed focus on the West Bank, it is in Israel’s interests to maintain the ceasefire in Lebanon, writes Seth J. Frantzman.https://t.co/Yal2uIO9GB
— Center for the National Interest (@CFTNI) January 29, 2025لكنه شدد على أن الأمن يظل أولوية غير قابلة للتفاوض. لذا، في الوقت نفسه، واصلت القوات الإسرائيلية عملياتها بالقرب من الحدود، وصادرت الأسلحة وفككت البنية التحتية لحزب الله.
وما يزال حزب الله، على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها خلال الصراع، قوة فعالة. فقد استغلت الجماعة تاريخياً فراغ السلطة في جنوب لبنان، كما رأينا بعد انسحاب إسرائيل في عامي 2000 و2006.
عودة حزب الله تقوض وقف إطلاق الناروحذر فرانتزمان من أن عودة حزب الله إلى المنطقة قد تقوض وقف إطلاق النار.
بالإضافة إلى ذلك، واجه دعم إيران لحزب الله انتكاسات بسبب سقوط نظام الأسد في سوريا، والذي سهّل في السابق نقل الأسلحة إلى الجماعة.
اختراق للهدنة.. الجيش الإسرائيلي يقصف معدات هندسية تابعة لحزب الله - موقع 24قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ غارة جوية الليلة الماضية في جنوب لبنان على معدات هندسية يستخدمها حزب الله لإعادة بناء "البنية التحتية العسكرية" في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.وتعهد نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، بمواصلة المقاومة ضد إسرائيل، نافياً السيطرة المباشرة على حزب الله لكنه أكد على الدعم الأيديولوجي لإيران.
تحديات تواجه لبنانوتناول فرانتزمان أيضاً السياق الإقليمي الأوسع، بما في ذلك جهود الحكومة اللبنانية الجديدة لتحقيق الاستقرار في البلاد.
اختراق للهدنة.. الجيش الإسرائيلي يقصف معدات هندسية تابعة لحزب الله - موقع 24قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ غارة جوية الليلة الماضية في جنوب لبنان على معدات هندسية يستخدمها حزب الله لإعادة بناء "البنية التحتية العسكرية" في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.وقال إن الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام يواجهان التحدي الفوري المتمثل في نشر الجيش اللبناني على الحدود ومنع عودة حزب الله.
ومع ذلك، فإن نفوذ حزب الله الراسخ في لبنان يشكل عقبة كبيرة أمام هذه الجهود.
ويشكل الانتشار الأخير للجيش اللبناني في كفر شوبا في جنوب لبنان خطوة إلى الأمام، لكن قدرة الجماعة على إعادة التجمع تظل مصدر قلق.
اتفاق غزةعلى الجانب الإسرائيلي، يتزامن وقف إطلاق النار مع حزب الله مع هدنة مؤقتة مع حماس في غزة، والتي بدأت في 19 يناير (كانون الثاني) 2025. وتبدي الحكومة الإسرائيلية اهتماماً بتحويل انتباهها إلى مكافحة الجماعات الإرهابية في الضفة الغربية، كما يتضح من إطلاق "عملية الجدار الحديدي".
وصاغ وزير الدفاع يسرائيل كاتس العملية على أنها رد على التهديدات المدعومة من إيران، مما يشير إلى تصميم إسرائيل على معالجة التحديات الأمنية على جبهات متعددة.
مقتل 10 فلسطينيين بقصف إسرائيلي في الضفة الغربية - موقع 24قتل 10 فلسطينيين مساء اليوم (الأربعاء) بقصف إسرائيلي في بلدة طمون جنوب مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، بحسب مصادر فلسطينية.وأوضح الكاتب أن الحفاظ على وقف إطلاق النار في لبنان يتماشى مع المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، خاصة وأن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس ترامب تسعى إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي وتعزيز جهود التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
مدى نجاح وقف إطلاق النارومع ذلك، يرى الكاتب أن نجاح وقف إطلاق النار يتوقف على قدرة الحكومة اللبنانية على فرض سيطرتها على جنوب لبنان ومنع إعادة تسليح حزب الله. إن سقوط نظام الأسد وتولي قيادة لبنانية جديدة ووقف إطلاق النار في غزة كلها عوامل تخلق مجتمعةً فرصةً لاستمرار وقف إطلاق النار في لبنان إلى ما بعد فترة الستين يوماً الأولية.
ولفت الكاتب النظر إلى الطبيعة الهشة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، مشيراً إلى التفاعل المعقد بين العوامل العسكرية والسياسية والإقليمية.
وفي حين يوفر وقف إطلاق النار هدنة مؤقتة من الصراع، فإن قابليته للاستمرار على المدى الطويل يعتمد على قدرة كل من إسرائيل ولبنان على معالجة المخاوف الأمنية الأساسية ومنع عودة حزب الله إلى الظهور.