قال ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، في كلمته خلال جلسة الإحاطة المفتوحة لمناقشة الوضع الإنساني في السودان بمجلس الأمن، إن الوضع الإنساني الكارثي في السودان يزداد سوءا بمرور الوقت

التغيير: وكالات

دعت الجزائر، الأطراف المتنازعة في السودان إلى وقف إنساني لإطلاق النار، بما يمكن من الإجلاء الآمن للأشخاص إلى المناطق الخالية من النزاع.

وقال ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، في كلمته خلال جلسة الإحاطة المفتوحة لمناقشة الوضع الإنساني في السودان بمجلس الأمن، إن الوضع الإنساني الكارثي في السودان يزداد سوءا بمرور الوقت.

واستند السفير –ووفقا لـ”القدس العربي”- على ما ورد في التقرير الأخير الصادر عن لجنة استعراض المجاعة التابعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، الذي أعطى فكرة واضحة عن الوضع في منطقة زمزم وأبو شوك والسلام، حيث توجد مخيمات النازحين داخليا.

ويُبين هذا التقرير، وفق المتحدث، أن “مخيم زمزم سيشهد المرحلة الخامسة من مراحل التصنيف المتكامل الغذائي، مشيرا إلى احتمال وجود ظروف مماثلة في مواقع أخرى بمنطقة الفاشر، حيث يوجد النازحون داخليا”.

وأشار في هذا السياق إلى أن “مناطق أخرى كثيرة في السودان عرضة لخطر المجاعة، إذا ما استمر النزاع واستمر تقييد الوصول الإنساني”، مشددا على “الحاجة الماسة للوصول الإنساني دون عائق وضرورة أن تقوم كل الأطراف بما عليها من مسؤوليات، لتيسير وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود وعبر خطوط النزاع”.

كما شدّد بن جامع على ضرورة أن يرافق الوصول الإنساني موارد هائلة وتمويل بقدر كاف لتقليل معاناة السودانيين، مجددا دعوته للمجتمع الدولي لمضاعفة جهوده بغية التمويل الإنساني وتعزيز الاستجابة الإقليمية، وملتمسا بشكل خاص من دول الجوار لدعم النازحين إليها بسبب النزاع.

ودعا السفير الأطراف المتنازعة لتغليب مصلحة الشعب السوداني، مشددا على ضرورة وقف إنساني لإطلاق النار، بما يمكن من الإجلاء الآمن للأشخاص إلى المناطق الخالية من النزاع.

وأثنى على جهود الوساطة واعتبرها خطوة أخرى إضافية على الطريق السليم، مشددا على أن “التدخلات الخارجية تأجج الأزمة وتحول دون التقدم نحو السلام ولابد أن تدان علنا وبشدة”.

وأضاف مخاطبا أعضاء مجلس الأمن: “لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي، بينما نرى أمة كاملة على شفير الانهيار، حان وقت العمل، التأخير ولو للحظة تكلفته أرواح ثمينة، فلنوحد صفوفنا بعزم لا يتوانى لنأتي لشعب السودان بالأمل والسلام والاستقرار الدائم”.

يذكر أن وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة، هو من يشرف على المناقشات مع طرفي الصراع، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بشأن إيصال المساعدات الإنسانية في السودان.

وكان لعمامرة قد أجرى مباحثات بشكل منفصل في جنيف مع وفدين من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لإيصال المساعدات الإنسانية، بين 11 ـ 19 يوليو الماضي، التي أعرب في ختامها عن “التفاؤل إزاء استعداد الجانبين للانخراط معه بشأن عدد من المسائل المهمة، والتعهدات التي قطعاها حول مطالب محددة قدمها إليهما في المناقشات”.

 

الوسومالجزائر السودان المجاعة في السودان مجلس الأمن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجزائر السودان المجاعة في السودان مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

ذريعة التدخل الدولي الإنساني والهيمنة على الدول: انتقاص سيادة السودان

أضحى جدل الهوية في السودان بين العروبة والأفريقانية والإسلام من قبل الاستقلال وحتى تاريخه، سمة ملازمة للدولة القُطرية مما ألقى بظلاله على المشهد السياسي المعقد الذى تأثر بتداعيات فشل مشروع الدولة الوطنية بعد الاستقلال، وعدم قدرتها على تحقيق الاندماج القومي، كما أدى تفاقم سوء إدارة الاقتصاد والبلاد، وعدم عدالة تقسيم الثروة والموارد إلى تعقيد أزمات البلاد ما قاد إلى نشوء حركات مطلبية تحول بعضها إلى صراعات دامية، فضلا عن دور المتغير الخارجي في دعم وتغذية تلك الصراعات والتدخل في تفاعلاتها المختلفة كما هو الحال في جنوب البلاد (سابقا) وشرقها (ولايات شرق السودان) وغربها في دارفور والحرب المستمرة منذ أبريل 2023م والتي تكاد تكون آثارها عمت معظم ولايات البلاد، لعب المتغير الخارجي بقيادة أمريكا والدول الغربية وبعض دول الجوار دورا محوريا في تزكية تلك الصراعات على النحو التالي:

ملامح عامة من تاريخ ذريعة التدخل الدولي الإنساني في شؤون السودانية الداخلية 1955-2019م:

– التدخل في جنوب السودان: بدأ التمهيد لفكرة إشعال الحرب في السودان عبر محاولات فصل الشمال عن جنوب منذ عام 1898م حيث وُضعت اللبنات التي تكفل القطيعة التدريجية بين أبناء الوطن الواحد حينما تبنت الإدارة البريطانية الاستعمارية في السودان قانون سياسة المناطق المقفولة في عام 1904م، واستمرت الإدارة الاستعمارية في صنع عقبات لزرع الفتنة حتى عام 1955م، أي قبل الاستقلال بعام واحد عندما اندلع تمرد حركة أنانيا الانفصالية التي تشير بعض الكتابات إلى أنها كانت بدعم من الكنيسة الكاثوليكية بالمنطقة الاستوائية بالجنوب، ثم اندلعت الحرب في الجنوب، واستمرت من 1959 حتى 1972م بتوقيع اتفاقية أديس أبابا للسلام التي كان للمجلس العالمي للكنائس دور محوري فيها تحت ذريعة الغوث الإنساني الذي اضطلعت به منظمات الإغاثة الغربية مثل
World Vision and Christian Aid
انهار اتفاق أديس أبابا في عام 1972م لثلاثة أسباب رئيسية هي: معارضة القوى الجنوبية لاتفاقية قناة جونقلي، الخلاف حول منطقة أبيي، والخلاف حول استخراج النفط في الجنوب، ثم شكل تطبيق الشريعة في عام 1983م ذريعة أخرى لانطلاق الحرب بين الشمال والجنوب ليبدأ معها التدخل تحت ذريعة الإنسانية منذ عام 1989م، ففي عهد إدارة الرئيس بوش الأب الذي اقتصرت إداراته على الاهتمام بأعمال الإغاثة أصبحت الولايات المتحدة من أكبر المساهمين في برنامج “شريان الحياة” الذي انطلق في عام 1989م، ثم تدخلت الإدارة الأمريكية عبر ما أسمته كذبا “لائحة الدول الراعية للإرهاب” في أغسطس 1993 وبعده قدمت الإدارة الأمريكية مبلغ عشرين مليون دولار إلى جيران السودان الثلاثة إثيوبيا وإريتريا وأوغندا لدعم تجهيزاتهم العسكرية في مواجهة السودان؛ بسبب توتر علاقاتهم مع الخرطوم، وفي عام 1997م فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية أحادية على السودان، وفي 1998م ضربت مصنع الشفاء للأدوية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ثم في أكتوبر 2001م أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قانون سلام السودان للضغط على حكومة السودان والحركة الشعبية للدخول في مفاوضات سلام بصورة جدية، وبعد كل تلك الذرائع تبنت أمريكا على عهد الرئيس بوش الابن في عام 2001م وساطة لتعيد الحيوية إلى وساطة دول الإيقاد لحل النزاع في الجنوب، زاعمة كذبا بأن تلك الوساطة ستفتح الباب إلى تحقيق السلام وتدعم التحول الديمقراطي والتوجه نحو التنمية مدعومة بالعائدات النفطية.

استغلالا للأوضاع الإنسانية في جنوب السودان حينها أطلقت الأمم المتحدة عملية قوس قزح للغوث الإنساني في عام 1986م تحت رعاية برنامج الغذاء العالمي، إلا أنها فشلت ثم أطلقت عملية أخرى في عام 1989م -وبضغط من أمريكا والدول الغربية- عرفت بعملية “شريان الحياة” التي شارك فيها برنامج الغذاء العالمي وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الأمومة والطفولة و35 منظمة طوعية (بدعم سخي من أمريكا) لتقديم الإغاثة للمناطق المتأثرة بالحرب في جنوب السودان وتحت هذه الظروف تكثفت الضغوط على حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان للدخول في مفاوضات للسلام.

عرفت مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بمفاوضات نيفاشا التي انطلقت في مايو 2002م، واستمرت حتى ديسمبر 2004م لِتَوَقَّعَ اتفاقية سلام نيفاشا في عام 2005م والتي كان أهم بنودها السماح لجنوب السودان باستفتاء حول حق تحديد المصير الذي أجري بالفعل في عام 2011م وانتهى بفصل الجنوب عن السودان مكونا جمهورية جنوب السودان في يوليو 2011م وعاصمتها جوبا، يُشارُ إلى أن اتفاقية نيفاشا حوت من ضمن بنودها كذلك قنابل ملغومة ستظل قابلة للانفجار عاجلاً أو آجلاً وهي: اتفاقية المناطق الثلاث (أبيي، جنوب كردفان والنيل الأزرق) وترسيم الحدود بين الشمال ودولة جنوب السودان الجديدة.
يلاحظ أن كل تحركات الإدارة الأمريكية والدول الغربية (مستغلة منظمة الإيقاد) كانت تحت ذرائع مختلفة ومُختَلقة منها الإنسانية عبر شريان الحياة والسياسية عبر ما عرف بقانون سلام السودان ولائحة ما سمي بقائمة الدول الراعية للإرهاب وكانت تهدف كلها إلى تحقيق المصالح الأمريكية والغربية بفصل جنوب السودان لوقف المد الإسلامي في إفريقيا وتجميل صورة أمريكا في العالم الإسلامي التي تشوهت بانتهاكاتها لحقوق الإنسان تحت ذريعة مكافحة الإرهاب خاصة في العراق وفضائح سجن أبو غريب على وجه الخصوص.

– التدخل في دار فور: يعود أصل النزاع في دارفور ربما إلى أيام سلطنة دارفور الإسلامية التي امتدت في الفترة ما بين 1445-1874م حينما كانت ضمن سلطنات وممالك إسلامية في الحزام السوداني، وأصبحت دارفور جزءا مما عرف استعماريا بالسودان المصري العثماني منذ 1874م، كانت دارفور من قواعد الانطلاقة الكبرى للثورة المهدية، وكافحت الاستعمار البريطاني في عهد سلطانها على دينار إبان الحرب العالمية الأولى، ثم انضمت إلى السودان سنة 1916م، كانت قضية الحرب في دارفور نتاجاً طبيعياً لتراكم مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تداخلت فيما بينها، واُستغلت من قبل قوى خارجية لها استراتيجيات تهدف إلى تطبيقها من خلال فرض وجودها في معالجة الأزمة تحت عدة ذرائع منها التدخل الدولي الإنساني الذي يهدف في حقيقته إلى تحقيق مصالح أمريكا والدول الغربية في دارفور.
صعدت القوى الغربية أزمة دارفور مستخدمة سلاح الإعلام مدعية أنها أسوأ كارثة إنسانية في مطلع القرن الحادي والعشرين، وعمل الإعلام الغربي على تضخيمها وعرضها بالصورة التي تخدم مصالحه مستغلا الترويج للتدخل الإنساني تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان وتوصيل الغوث الإنساني في دارفور ولو على حساب انتقاص سيادة الدولة السودانية مع العلم أن الهدف الرئيسي هو الطمع فيما يزخر به إقليم دارفور من ثروات طبيعية ومتنوعة أهمها الثروة المعدنية الهائلة وكذلك التخوف الغربي بشكل عام من امتداد التأثير الإسلامي في جنوب القارة حيث يعد ذلك تهديدا لمصالحه.
يتواصل

د. أحمد عبد الباقي
المحقق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السودان: الأمطار الغزيرة والفيضانات تفاقم الوضع الإنساني المتدهور بالفعل
  • الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعو إلى احترام قرارات الدول الأعضاء بما في ذلك روسيا
  • كيف ساهمت مصر في تخفيف حدة الوضع الإنساني في السودان؟.. متحدث الصحة يوضح
  • الصحة العالمية: السودان بحاجة لمساعدات عاجلة لأكثر من 14.7 مليون شخص بتكلفة 2.7 مليار دولار
  • وزير الصحة: مصر تحرص على تقديم الخدمات الطبية لتخفيف حدة الوضع الإنساني بالسودان
  • «بنشيل بعض» ترصد تداعيات الوضع الإنساني والاقتصادي في الأبيض
  • محقق الأمم المتحدة يتهم إسرائيل بحملة تجويع ضد سكان غزة
  • BBC ترفض إطلاق نداء إنساني من أجل غزة خوفا من أنصار إسرائيل
  • ذريعة التدخل الدولي الإنساني والهيمنة على الدول: انتقاص سيادة السودان
  • حشد الشعب السوداني لوقف الحرب نحو دعوة للسلام والاستقرار