عربي21:
2025-04-30@10:39:33 GMT

الشيعة والمقاومة الإسلامية.. وتشغيبات لا تنتهي!!

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

يبدو أنه أصبح أمرا لازما في الحديث، كلما تم ذكر الشيعة، والمقاومة الفلسطينية الإسلامية، أن تثار نفس الكلمات، ونفس الاتهامات، ونفس الرؤى والتوجهات، دون مراعاة لسياق، أو أحداث، أو ما يستدعيه الموقف، ومهما أتت التوضيحات والردود، تظل التوجهات لا تراوح موضعها، وكأن الحياة لا تتحرك، وكأن الأحداث والمواقف لا يحدث من جرائها أي حراك أو تطور في المواقف أو الأفهام.



ومن آخر هذه المواقف: وقت استشهاد إسماعيل هنية، فكانت فرصة اغتنمها أصحاب توجه ورأي معين ـ نحترمه ونقدره في إطاره بلا شك ـ لطرح الموضوع، وبدل أن يحصر الحديث في وفاة الرجل بهذه الطريقة المجرمة، يتحول النقاش لمساحات أخرى تبتعد كثيرا عن جوهر الموضوع، ومهما كانت الذريعة التي يرفعها من أثاروا النقاش، فهي ذريعة زائدة عن الحد المعقول، وغير مناسبة تماما للحديث، أو السياق.

فراح البعض يناقش قضية الصلاة عليه في إيران، وكيف يصلي عليه مخالفون للرجل في المذهب، رغم أنه نقاش كان يمكن أن يؤجل لوقت آخر، وهو نفس ما يحدث في مواقف مماثلة، نترك جريمة الاحتلال ونمسك بقضايا فرعية، وتحتمل التأجيل، كما حدث من قبل مع وفاة الإعلامية شيرين أبو عاقلة، تركت جريمة قتل صحفية، وسيدة، وراح النقاش حول ديانتها، وهي معارك تفتعل مع كل قضية مهمة، تحت ذريعة الحفاظ على العقيدة.

فبعض من أثاروا الموضوع، في علاقة الشيعة بالمقاومة، ومن مارس دور التركيز والتنبيه على ضرورة النقاء العقدي، فظلوا يرددون أنهم كثيرا ما نصحوا المقاومة بقطع علاقتهم مع إيران وحلفائها، لأنه لا يمكن أن يأتي الخير من قوم تختلف عقيدتهم عن عقيدتك، وتصورهم عن تصورك، كما يلح المعترضون، وكان منهم أشخاص صمتوا تماما عندما تقاربت حكوماتهم من الشيعة، ولم ينبسوا ببنت شفة.

في مصر هاجم برهامي هذا التوجه، تعليقا منه على استشهاد هنية، بينما لم ينبس ببنت شفة لا هو ولا المداخلة في السعودية أو مصر، عندما تقاربت السعودية مع إيران الشيعية، بوساطة من الصين الشيوعية، وعندما تقارب السيسي مع طائفة (البهرة) الشيعية، وقبل منهم تبرعا، ومساهمات في تطوير مساجد آل البيت في مصر، لم نجد أي اعتراض، أو نصح من هذه الجهات التي ما تركت أي فرصة للهجوم على حماس، في علاقتها بالشيعة.

بعض من أثاروا الموضوع، في علاقة الشيعة بالمقاومة، ومن مارس دور التركيز والتنبيه على ضرورة النقاء العقدي، فظلوا يرددون أنهم كثيرا ما نصحوا المقاومة بقطع علاقتهم مع إيران وحلفائها، لأنه لا يمكن أن يأتي الخير من قوم تختلف عقيدتهم عن عقيدتك، وتصورهم عن تصورك، كما يلح المعترضون، وكان منهم أشخاص صمتوا تماما عندما تقاربت حكوماتهم من الشيعة، ولم ينبسوا ببنت شفة.وعلى مستوى الإخوة السوريين رأينا بعضا من هذه الممارسات أيضا، مع كل من مارس لونا من العمل السياسي، أو الدبلوماسية السياسية مع إيران، منذ بضع أسابيع عندما توفي الرئيس الإيراني، وكتب الإخوان المسلمون المصريون رسالة تعزية نشروها على الإنترنت، وقد هوجموا عليها من بعض الإخوة السوريين، وكان أحدهم حادا وشديدا في الهجوم، وكلمني أحد قيادات الإخوان يشكو من مثل هذه النبرات الحادة، قلت له: انتظر، وتمهل على هذا الأخ الكاتب، فقريبا سوف تفتح السعودية سفارة لها في سوريا بشار، وسترى صمته المطبق، وكيانات أخرى إسلامية، ولن تجد حرفا واحدا يكتب إنكارا لذلك، وهو ما حدث بالفعل بعد حادثة كتابة عزاء في الرئيس الإيراني بأسبوع، ولم نجد كيانا إسلاميا سوريا واحدا يستنكر، ولا الأخ الكاتب الذي سلق إخوانه المصريين بقلمه لكتابة تعزية على موقعهم!!

وأكثر ما نتعجب منه، هو ما يريده بعض المعلقين على هذه الحالة، وكأنها حالة جديدة في التاريخ الإسلامي، أو ليست لها سوابق تاريخية، يمكن أن نتعامل معها من خلالها، أو في تراثنا الإسلامي والفقهي، فهي حالة موجودة، وليست مستحدثة، وهي مسألة مركبة بالفعل، حين تجد شخصا يقترف جرما في مكان، ويؤدي واجبا في مكان آخر. وهو ما أطلق عليه القرآن قوله: (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) التوبة: 102.

فوجدنا في تاريخنا حكاما وجماعات وفصائل، قدموا الخير والشر، وفعلوا الحلال والحرام، والكبائر والفرائض، بداية من الخوارج وانتهاء بزماننا، فرأينا الحجاج حافظ القرآن ومن قسمه لأرباع وأجزاء، وغيره، ومن قتل معارضي الحاكم، ومعارضيه، ومنهم صحابة، وعلى مر التاريخ وجد هذا النموذج، فكانت كلمة التاريخ من المؤرخين المنصفين يذكرون خيره وشره.

مثل هذه التقييمات لا تؤخذ بالجملة، وبخاصة في الشخصيات والهيئات المركبة فيما تقوم به من أعمال، تخلط بين الصلاح والفساد، بل تقيم بالدور والحالة، فالميزان الذي ستوزن به أعمال الناس يوم القيامة، له كفتان، وهو نموذج للمسلم في حكمه على الناس، بأن يزنهم بالكفتين معا، لا بكفة واحدة، فلا نغفل السيئات لوجود الحسنات، ولا نغفل الحسنات لوجود السيئات، وهذا معيار عادل ومنصف.

نعم المدح المفرط الذي يقوم به البعض لإيران أو للشيعة المعاونين للمقاومة مرفوض، وينبغي أن يكون على قدر المطلوب، وعلى قدر الدور، وهو في إطار الإشادة التي لا تسقط الحقوق، ولا تسقط الحساب عما يقترفه الإنسان من اعتداء على حقوق الآخرين، فإسقاط الحقوق لا يملكه إلا صاحبها، سواء كان الصاحب هنا المولى جل وعلا، إذا كانت الحقوق متعلقة به، أو الإنسان المظلوم، وهو مرهون بعفوه، أو بأخذه حقه.

للأسف أصبحنا مضطرين في كل مناسبة أن ننوه بهذا الكلام، وإن بصيغ مختلفة، ودلائل مختلفة، لكن الحالة أصبحت متكررة، والتشغيب على الأحداث الكبار، بقضايا فرعية زاد عن حده بشكل ملحوظ، ولكن يظل واجبا علينا أن نقوم به، كلما فتح مجال للتشغيب، أو لصرف البوصلة عن جهتها الصحيحة.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران المقاومة إيران مقاومة علاقات رأي مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع إیران یمکن أن

إقرأ أيضاً:

استراتيجية الحركة الإسلامية .. لتصفية الثورة واغتيال الدولة تحت غطاء الحرب (1-3)!!

Mohammedabdalluh2000@gmail.com

اليوم يدخل السودان يومه الـ745 في أتون حرب عبثية مزقت أوصاله ودفع فيها المدنيون كلفة لا تحتمل من القتل والدمار والتشريد، ولم تعد هذه الحرب مجرد صراع بين طرفين، بل حرب شاملة تستهدف الإنسان والذاكرة والمستقبل، وتحولت إلى مشروع منظم لتدمير حلم السودانيين في الحرية والسلام والعدالة، واختلطت فيها أدوات القمع بوسائل التصفية العرقية، وغلفت الجرائم ضد الإنسانية بخطابات زائفة عن الوطنية والسيادة.

هذه الحرب لم تكن صدفة، وإنما مخطط طويل الأمد تقوده الحركة الإسلامية، التي عادت إلى المشهد من الظلال مستندة إلى إرثها في تفكيك الدولة وسحق إرادة الشعب، فمنذ سقوط نظام البشير في 2019، تلقت قوى الإسلام السياسي صفعة لم تتوقعها، فالثورة السودانية المجيدة باغتتهم وأطاحت بمشروعهم السلطوي المتجذر في مفاصل الدولة، ولأنهم لم يتقبلوا الهزيمة، اختاروا طريق الحرب والتآمر والتخريب والانتقام، ولم تهدأ مخططات الحركة الإسلامية التي رأت في الثورة الشعبية تهديداً وجودياً لمشروعها الإسلامي، فبينما كان أنصار النظام يراهنون على وأد ثورة ديسمبر المجيدة في 2019، كما فعلوا في سبتمبر 2013، باغتتهم الإرادة الشعبية، وأطاحت بعرشهم، ودفعتهم صدمة السقوط إلى التواري والاختفاء مؤقتاً، خاصة بعد اعتقال قياداتهم، الا انهم لم يغادروا المشهد، وبدأوا في إعادة تنظيم صفوفهم، وشنوا حرباً باردة ومؤامرات ضد الحكومة الانتقالية، عبر حملات إعلامية ممنهجة لتشويه قوى الثورة، وخلق تشويش وتأجيج خلافاتها، واخترقوا مؤسسات الدولة، وحركوا خلاياهم في الجيش والشرطة وجهاز الأمن، استعداداً لساعة العودة.

كانت الحركة الإسلامية تعرف جيداً أن معركتها لن تخاض في الشوارع وحدها، بل داخل أجهزة الدولة نفسها، حيث تنام خلاياها النشطة بدعم خفي من ضباط المجلس العسكري، الذين تبنوا أجندتها، وشرعت في تفكيك الشراكة بين المكونين المدني العسكري الذي قام عليه الانتقال، وحاكت المؤامرات وصنعت الأزمات الاقتصادية والأمنية في البلاد، وفي قلب هذا المخطط، كان انقلاب 25 أكتوبر 2021 النقطة الفاصلة، ولم يكن مجرد انقلاب "كلاسيكي"، بل كان تحرك مخطط ومدعوم من الإسلاميين، لإستهدف وتفكيك الفترة الانتقالية، وضرب وحدة قوى الثورة، وتمهيد الأرضية لإعادة النظام القديم بثوب جديد، وعلى الرغم من فشل الانقلاب في تحقيق أهدافه، الا انهم نجحوا في شيء واحد فقط، وهو إدخال البلاد في نفق مظلم من الأزمات والانقسامات.
ومع فشل الانقلاب في تحقيق أهدافه وتشكيل الحكومة، ومع اشتداد الحراك الشعبي الرافض له، تحركت الحركة الإسلامية خطوة أخرى إلى الأمام، لـ “تعطيل الاتفاق الإطاري"، الذي كان يمثل تهديداً حقيقياً لطموحاتهم، كونه يفتح الباب مجدداً لعودة قوى الثورة، فكان لا بد من قطع الطريق عليه، لذلك دفعوا نحو المواجهة العسكرية بين "الجيش والدعم السريع"، وأشعلوا فتيل الحرب في 15 ابريل 2023، وكانوا حسب مخططاتهم، ظنوا أن الجيش سيحسمها خلال اربعة او خمسة أيام، وهم يدعمونه بتوفير الغطاء السياسي والشعبي، وكتائب إسلامية مدربة، ولم تكن تقديراتهم وليدة لحظتها، بل امتداداً لعقود من التمكين العقائدي داخل المؤسسة العسكرية، ولكن حساباتهم كانت خاطئة ولم تصب، وحولت البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة تحول فيها المدنيون إلى ضحايا في معركة ليست لهم.

إن جذور مشروعهم الاسلامي يعود لانقلاب 1989، حين استولى عمر البشير على الحكم بدعم مباشر من الحركة الإسلامية، التي حولت السودان إلى مختبر لأفكارها المتشددة، وفرضت رؤيتها على التعليم والقضاء والمجتمع واخترقت المؤسسة العسكرية بالكامل، وخضعت القوات النظامية من "الجيش والأمن والشرطة"، لعملية "أسلمة وأدلجه" ممنهجة، وتحول الولاء العقائدي إلى شرط للترقي، ولم يعد الالتحاق بالكليات العسكرية مسألة كفاءة، بل ولاء مطلق للمشروع الإسلامي، وأصبحت بوابة لتخريج ضباط يعتنقون أيديولوجيا الإسلام السياسي، وما تزال قيادة المؤسسة العسكرية الى اليوم تحت قبضة الحركة الإسلامية، وإن حالوا التبرؤ منها.

ان أدلجة الدولة لم تتوقف عند المؤسسات الرسمية فقد امتد تأثير الحركة الإسلامية إلى النسيج الاجتماعي والثقافي، حيث أُعيد تشكيل التعليم والإعلام والثقافة لتكون انعكاساً لرؤية أيديولوجية ضيقة أفرزت أجيالاً مشوهة، وتم تسليحهم ليكونوا أدوات قتل في الحروب السودانية، وادلجت الحركة الإسلامية مجتمع بكامله وأعاده تشكيله ليخدم مشروعاً أيديولوجياً مغلقاً لا يقبل التعدد ولا يعترف بالآخر.

ومع اندلاع الحرب الحالية، سقط القناع تماماً، ولم تعد الحرب صراعاً على نفوذ أو موارد، بل تحولت إلى أداة انتقام شامل ضد الشعب السوداني، لا سيما هنالك عشرات الفيديوهات المتداولة توثق جرائم تقشعر لها الأبدان، "قتل على الهوية واغتصاب وتعذيب وإعدامات ميدانية وانتهاكات لا تحصى"، وتقف البلاد على حافة الهاوية تحاصرها كتائب الارهاب، التي لا تسعى فقط إلى إسكات صوت الثورة، بل إلى اقتلاع جذورها من الوعي الجمعي، وتحويل السودان إلى مسلخ مفتوح لكل من يجرؤ على المطالبة بوقف الحرب، او عودة الحكم المدني الديمقراطي.

يتبع ..  

مقالات مشابهة

  • متى تنتهي العاصفة الترابية ورياح الخماسين؟.. بدأت بمطروح وفي طريقها للقاهرة
  • استراتيجية الحركة الإسلامية .. لتصفية الثورة واغتيال الدولة تحت غطاء الحرب (1-3)!!
  • رحلة مهاجرين محفوفة بالمخاطر تنتهي بانفجار في اليمن
  • كيف يمكن أن تتضرّر اقتصادات إسبانيا والبرتغال من انقطاع التيار الكهربائي؟
  • دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة.. بـ5 كلمات تنتهي معاناتك
  • تعديلات المسطرة الجنائية تشدد العقوبة في حق حاملي السلاح بالشارع.. وزير العدل : حتى ولو تورنوفيس
  • هل تنتهي حرب غزة في هذا الموعد؟: مسؤول إسرائيلي يكشف عن خطة مثيرة ومفاجئة لنتنياهو
  • الأمم المتحدة: لا يمكن لـ إسرائيل ممارسة السيادة على الأراضي الفلسطينية
  • حملة تنمر تنتهي بوفاة مأساوية في مصر.. ما قصة التيك توكر شريف نصار؟
  • مصدر يكشف لمصراوي أول محافظة تنتهي من تحديث الأحوزة العمرانية