سودانايل:
2025-04-10@21:28:32 GMT

نحن وهُم : أزمة الضمير في السودان (4)

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

• جبير بولاد

( من صعد بغير حق بالحق يهبط )
السيد المسيح

.. خلال سنوات الاسلامويين الظلامية في السلطة ،(35) عاما، فقدت القوي السياسية المدنية توزانها، و لم تتابع التحولات الإجتماعية الكبري التي حدثت للمجتمعات السودانية، و حينما كان الأسلامويين يتمادون في سياستهم بالجبروت و العنف، كانت تحولات كبري تعتمل داخل تلك المجتمعات، لا الاسلامويين يدركون مداها و لا القوي السياسية كانت ترصدها، ناهيك عن أن الكوادر التي كانت من الممكن ان تكون مؤهلة لهذا الرصد معظمها كان قد هاجر في إطار البحث عن الحلول الفردية، مضاف الي معظم هذه القوي لم تكن لها مكاتب دراسات و رصد، ترفد و تطور العمل السياسي لمواكبة هذه التحولات! .


.. ظل مركز الكيزان يستقطب و يكبر بأستمرار لصالح مركز جديد للسلطة و شبكة علاقات واسعة عروتها الوثقي كانت المصالح و التي تقسمت في داخلها الي دوائر تصنيف متعددة، بمعني ان دائرة ال(نحن) القديمة نفسها تقسّمت في داخلها الي دوائر( نحن) متعددة، دخلت فيها تصنيفات داخل التصنيفات التقليدية التي كانت تاريخيا تتولي أمر الدولة بنسبة عالية و معلوم تاريخيا أن أي مجتمع صفوي تربطه المصالح الذاتية سيأتي اليوم الذي تكون فيه ذات هذه المصالح هي ساحة معاركه الدامية و تلك سُنة في التاريخ و لكن ما اكثر العَبر و ما أقل الإعتبار كما قال الإمام (علي) في واحدة من آياته العرفانية العميقة.
.. في مقابل ذلك المحفل الذي نشأ حول السلطة و الثروة و علاقاتها، كانت مجتمعات ال(هُم) المستردفين في دولة ما بعد الإستعمار تتضور و تفقد أسباب وجودها الطبيعية تارة بفعل الطبيعة و تارة أخري بفعل سياسات الدولة الرعناء ، أيضا أصاب الإحباط كثيرا من الشباب السوداني غير المؤدلج حتي داخل المُدن التي كان من الممكن تصنيفهم و أسرهم ضمن الطبقة الوسطي فيما مضي، فمنهم من أنخرط في المحفل الجديد عبر شبكة العلاقات الإجتماعية النفعية و منهم من آثر الهجرة، أما أبناء الأطراف المُصنفين في خانة ال(هُم) كانوا قليلي حيلة و لكنهم أيضا استطاعوا الهجرة بشتي الوسائل، فمن لم يمُت منهم ، وصل الي الضفة الاخري من العالم عبر الهجرة غير الشرعية و أصاب السودان نزف شديد في أبنائه و أجياله التي كان من الممكن ان تكون مورد بشري مُهم جداً اذا كانت هنالك دولة يحمل قادتها مشروع نهضوي قائم علي نقاء الضمير و الحس القومي الوطني و المعرفة بالوسائل العلمية و الفكرية لأدارة بلد بعظمة السودان و ما توفر له من موارد .
.. خلال العقود الثلاثة التي مكثت فيها سلطة الأسلامويين و مزقت النسيج الإجتماعي للسودانيين و مزقت جغرافية الوطن(إنفصال الجنوب) و أشعلت النيران في معظم حواف السودان ، استمرت التحولات الإجتماعية الكبيرة و منها أن هولاء الصبية الذين هاجروا أوائل او منتصف عهد الاسلامويين الظلامي كانوا قد تعرفوا علي العالم و المعادلات التي تحكمه، و نالوا أقساط من المعرفة و الفتوحات الأكاديمية ساوتهم مع نخبة ال(نحن) القديمة، هذه التحولات توازت مع ثورة المعلوماتية و تعدد وسائلها و أصبح العصر عصر الفضاءات المفتوحة بلا منازع، و عندما يقول فيما بعد أحد طرفي الحرب الجنرال حميدتي( أن الشلاقي ما خلي عميان) ، فهو كلام و أن بدأ في غاية البساطة و لكني لو كنت أنا من صحبة المحفل السلطوي لما نمت ليلتها، و لكن الدِعة و الفساد عندما يبلغ قمته فهو يحول البشر الي دواب غايتها الملذات و لا تستشعر المخاطر، حيث يذهب الله بنورهم و يتركهم في ظلمات لا يبصرون( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) البقرة:171 .
.. هذه التحولات الاجتماعية التي لعبت فيها عوامل الداخل و الخارج الكثير لم ينتبه لها لا المحفل السلطوي و لا القوي السياسية المناهضة له و لا حتي الإقليم بجاره القريب الذي يظن في نفسه معرفة حتي دبيب النمل في السودان، و في رأي أن عدم انتباه الداخل كان لموات في الضمير، و إطمئنان لكون ان كل المعادلات في السودان فيما يخص الثروة و السلطة و علاقاتهما مُمسك بها و مسيطر عليها حتي لو كانت السلطة في يد الغريم او المُعارض فهم في نهاية المطاف ابناء مؤول واحد في خانة ال(نحن) التاريخية و التقليدية و هذا موقف او تفكير فضحته هذه الحرب و التي أنتجت أحلاف جديدة تصطف في تقاسيم جديدة ليست لها علاقة بإحداثيات الصراع فيما قبل الثورة السودانية و خلالها و لا الأطروحات و لا المزاعم الفكرية، لذلك هنا برزت بوضوح الانتماءات المُغلّفة بأوجه الحداثة و المثاقفة و قشريات الإنسان الممتاز علي قول المفكر ( بولا) .
.. الآن الصراع أخذ وتيرة اخري، فضحت كل المزاعم القديمة و وضعت تحديات جديدة أمام السودانيين و هي إما أن يتعاهد السودانيين علي عقد إجتماعي جديد و وفق دستور جديد يعمل علي إعادة تقسيم عادل للسلطة و الثروة و قيم جديدة للمواطنة روحها العدل والمساواة و اما هنالك خطر التقسيم الجديد أو يسود قانون الاستبدال الطبيعي كقانون وجود كما حدث في التاريخ من قبل الي بلدان تمت إعادة إستيطانها من جديد من عناصر أجنبية أقوي و ذات قدرة علي السيطرة و الإدارة تحت ذرائع عديدة ، إذاً ليس هنالك مفر من هذه الخيارات، مهما رفضها عقل المتكلس أو عقل الرغبوي، و الآن صارت للرغبوية أوتاد تنام و تصحو علي عذب الأماني التي تدغدغ خيالاتها المريضة ! .
.. أن العقلية التي تجّرم كل من نادي بإيقاف الحرب و أدانة انتهاكاتها و عمل جهده علي إيقافها و تخليص السودانيين من عذاباتها فهي عقلية ذات عطب و فساد في الضمير غير مسبوق، و لا تملك في وجدانها ذرة حب لهذه البلد و أنسانها و لسوف يدفعون ثمن هذا الخذلان قريبا و مستقبلا من الأجيال القادمة .
... نواصل

jebeerb@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التی کان

إقرأ أيضاً:

قنصل السودان بأسوان: الأعداد الكبيرة وراء تأخر حافلات عودة السودانيين

أسوان: وكالات / عزا القنصل العام بالقنصلية السودانية بأسوان بجمهورية مصر العربية، السفير عبد القادر عبد الله، تأخر حافلات عودة السودانيين بمعبر أبوسمبل للأعداد الكبيرة وهي أكبر من طاقة العبارات الناقلة للمسافرين إلى أشكيت وحلفا، وقال لـ(وكالة السودان للأنباء)، إن الزيادة في عدد المسافرين تم تحويلها إلى أرقين، مشيراً إلى أن انسياب الحافلات بعد ذلك سار بشكل جيد، مطالباً بأن لا يزيد عدد المسافرين عن طاقة العبارات والمعبر.
وأكد القنصل أن العودة الطوعية بهذه الأعداد الكبيرة للأسر السودانية هي مؤشر طيب يؤكد استتباب الأمن وتحسن الأوضاع في الولايات، مما يسهم في استئناف الحياة بشكل طبيعي حتى تعود عجلة التنمية والإنتاج في السودان.
وتواصلت عمليات استقبال أفواج العائدين بمعبر أرقين الحدودي بوادي حلفا، حيث استقبل المعبر صباح اليوم 30 بصاً في المنطقة المحايدة، وقد انتظمت عمليات تفويج العائدين بأرقين إلى مدن السودان، حيث غادر القادمون على متن 30 بصاً إلى وجهاتهم المختلفة.
وكشف عضو لجنة غرفة النقل حسن الأمين، عن انتهاء أزمة العالقين بأرقين تماماً، مشيراً إلى انضمام فرق غرف النقل والترحيلات والبصات السفرية وبالتعاون مع غرفة طوارئ معبر أرقين برئاسة العميد عبد الفتاح أحمد مدير جمارك أرقين لاستقبال العائدين من مصر وتطبيق منشور تسعيرة التذكرة المقررة لها من قبل الجهات المعنية دون أي زيادة أو استغلال للعائدين،
وأكد انفراج أزمة تواجد البصات السفرية أمس وأنه تم توفير 60 بصاً سفرياً كاحتياطي اليوم لاستقبال أي تفويج قادم عبر أرقين.  

مقالات مشابهة

  • السودان.. أزمة متفاقمة وأكاذيب مفضوحة
  • الأمم المتحدة: نساء السودان يتحملن وطأة أسوأ أزمة إنسانية في العالم
  • الكثير من الفظاعات التي مارسها الجنجويد في السودان مارسها اهل الخليج ضد اقرب الاقربين (1)
  • دراسة جديدة تكشف: السعودية كانت واحة خضراء قبل 8 ملايين سنة
  • وزير الدفاع الأمريكي: إيران هي التي تقرر إن كانت القاذفات B-2 رسالة موجهة لها
  • تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي.. احتمالات حدوث أزمة مالية ورادة
  • رئيسة الوزراء الأيسلندية ليورونيوز: التحولات الجيوسياسية ستؤثر على استفتاء الانضمام للاتحاد الأوروبي
  • المقالات التي تعمل على تعزيز السلام والأمن على أرض السودان
  • قنصل السودان بأسوان: الأعداد الكبيرة وراء تأخر حافلات عودة السودانيين
  • هل العالم مُقبل على أزمة مالية جديدة نتيجة رسوم ترامب؟