نحن وهُم : أزمة الضمير في السودان (4)
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
• جبير بولاد
( من صعد بغير حق بالحق يهبط )
السيد المسيح
.. خلال سنوات الاسلامويين الظلامية في السلطة ،(35) عاما، فقدت القوي السياسية المدنية توزانها، و لم تتابع التحولات الإجتماعية الكبري التي حدثت للمجتمعات السودانية، و حينما كان الأسلامويين يتمادون في سياستهم بالجبروت و العنف، كانت تحولات كبري تعتمل داخل تلك المجتمعات، لا الاسلامويين يدركون مداها و لا القوي السياسية كانت ترصدها، ناهيك عن أن الكوادر التي كانت من الممكن ان تكون مؤهلة لهذا الرصد معظمها كان قد هاجر في إطار البحث عن الحلول الفردية، مضاف الي معظم هذه القوي لم تكن لها مكاتب دراسات و رصد، ترفد و تطور العمل السياسي لمواكبة هذه التحولات! .
.. ظل مركز الكيزان يستقطب و يكبر بأستمرار لصالح مركز جديد للسلطة و شبكة علاقات واسعة عروتها الوثقي كانت المصالح و التي تقسمت في داخلها الي دوائر تصنيف متعددة، بمعني ان دائرة ال(نحن) القديمة نفسها تقسّمت في داخلها الي دوائر( نحن) متعددة، دخلت فيها تصنيفات داخل التصنيفات التقليدية التي كانت تاريخيا تتولي أمر الدولة بنسبة عالية و معلوم تاريخيا أن أي مجتمع صفوي تربطه المصالح الذاتية سيأتي اليوم الذي تكون فيه ذات هذه المصالح هي ساحة معاركه الدامية و تلك سُنة في التاريخ و لكن ما اكثر العَبر و ما أقل الإعتبار كما قال الإمام (علي) في واحدة من آياته العرفانية العميقة.
.. في مقابل ذلك المحفل الذي نشأ حول السلطة و الثروة و علاقاتها، كانت مجتمعات ال(هُم) المستردفين في دولة ما بعد الإستعمار تتضور و تفقد أسباب وجودها الطبيعية تارة بفعل الطبيعة و تارة أخري بفعل سياسات الدولة الرعناء ، أيضا أصاب الإحباط كثيرا من الشباب السوداني غير المؤدلج حتي داخل المُدن التي كان من الممكن تصنيفهم و أسرهم ضمن الطبقة الوسطي فيما مضي، فمنهم من أنخرط في المحفل الجديد عبر شبكة العلاقات الإجتماعية النفعية و منهم من آثر الهجرة، أما أبناء الأطراف المُصنفين في خانة ال(هُم) كانوا قليلي حيلة و لكنهم أيضا استطاعوا الهجرة بشتي الوسائل، فمن لم يمُت منهم ، وصل الي الضفة الاخري من العالم عبر الهجرة غير الشرعية و أصاب السودان نزف شديد في أبنائه و أجياله التي كان من الممكن ان تكون مورد بشري مُهم جداً اذا كانت هنالك دولة يحمل قادتها مشروع نهضوي قائم علي نقاء الضمير و الحس القومي الوطني و المعرفة بالوسائل العلمية و الفكرية لأدارة بلد بعظمة السودان و ما توفر له من موارد .
.. خلال العقود الثلاثة التي مكثت فيها سلطة الأسلامويين و مزقت النسيج الإجتماعي للسودانيين و مزقت جغرافية الوطن(إنفصال الجنوب) و أشعلت النيران في معظم حواف السودان ، استمرت التحولات الإجتماعية الكبيرة و منها أن هولاء الصبية الذين هاجروا أوائل او منتصف عهد الاسلامويين الظلامي كانوا قد تعرفوا علي العالم و المعادلات التي تحكمه، و نالوا أقساط من المعرفة و الفتوحات الأكاديمية ساوتهم مع نخبة ال(نحن) القديمة، هذه التحولات توازت مع ثورة المعلوماتية و تعدد وسائلها و أصبح العصر عصر الفضاءات المفتوحة بلا منازع، و عندما يقول فيما بعد أحد طرفي الحرب الجنرال حميدتي( أن الشلاقي ما خلي عميان) ، فهو كلام و أن بدأ في غاية البساطة و لكني لو كنت أنا من صحبة المحفل السلطوي لما نمت ليلتها، و لكن الدِعة و الفساد عندما يبلغ قمته فهو يحول البشر الي دواب غايتها الملذات و لا تستشعر المخاطر، حيث يذهب الله بنورهم و يتركهم في ظلمات لا يبصرون( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) البقرة:171 .
.. هذه التحولات الاجتماعية التي لعبت فيها عوامل الداخل و الخارج الكثير لم ينتبه لها لا المحفل السلطوي و لا القوي السياسية المناهضة له و لا حتي الإقليم بجاره القريب الذي يظن في نفسه معرفة حتي دبيب النمل في السودان، و في رأي أن عدم انتباه الداخل كان لموات في الضمير، و إطمئنان لكون ان كل المعادلات في السودان فيما يخص الثروة و السلطة و علاقاتهما مُمسك بها و مسيطر عليها حتي لو كانت السلطة في يد الغريم او المُعارض فهم في نهاية المطاف ابناء مؤول واحد في خانة ال(نحن) التاريخية و التقليدية و هذا موقف او تفكير فضحته هذه الحرب و التي أنتجت أحلاف جديدة تصطف في تقاسيم جديدة ليست لها علاقة بإحداثيات الصراع فيما قبل الثورة السودانية و خلالها و لا الأطروحات و لا المزاعم الفكرية، لذلك هنا برزت بوضوح الانتماءات المُغلّفة بأوجه الحداثة و المثاقفة و قشريات الإنسان الممتاز علي قول المفكر ( بولا) .
.. الآن الصراع أخذ وتيرة اخري، فضحت كل المزاعم القديمة و وضعت تحديات جديدة أمام السودانيين و هي إما أن يتعاهد السودانيين علي عقد إجتماعي جديد و وفق دستور جديد يعمل علي إعادة تقسيم عادل للسلطة و الثروة و قيم جديدة للمواطنة روحها العدل والمساواة و اما هنالك خطر التقسيم الجديد أو يسود قانون الاستبدال الطبيعي كقانون وجود كما حدث في التاريخ من قبل الي بلدان تمت إعادة إستيطانها من جديد من عناصر أجنبية أقوي و ذات قدرة علي السيطرة و الإدارة تحت ذرائع عديدة ، إذاً ليس هنالك مفر من هذه الخيارات، مهما رفضها عقل المتكلس أو عقل الرغبوي، و الآن صارت للرغبوية أوتاد تنام و تصحو علي عذب الأماني التي تدغدغ خيالاتها المريضة ! .
.. أن العقلية التي تجّرم كل من نادي بإيقاف الحرب و أدانة انتهاكاتها و عمل جهده علي إيقافها و تخليص السودانيين من عذاباتها فهي عقلية ذات عطب و فساد في الضمير غير مسبوق، و لا تملك في وجدانها ذرة حب لهذه البلد و أنسانها و لسوف يدفعون ثمن هذا الخذلان قريبا و مستقبلا من الأجيال القادمة .
... نواصل
jebeerb@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التی کان
إقرأ أيضاً:
قيام الليل في رمضان.. معجزة لمن كانت له حاجة عند الله
قيام الليل فى رمضان أصبح قيام الليل فى رمضان محل بحث الكثيرين عبر محرك البحث العالمي جوجل، وذلك فى أول يوم فى العشر الأواخر من رمضان، وقيام الليل فى رمضان يبحث عنه الكثير من المسلمين لينالوا فضل الليالي العشر الأواخر من رمضان، لذا يقدم موقع صدى البلد قيام الليل فى رمضان .
قيام الليل فى رمضانقال أحد السلف (أتعجب ممن له عند الله حاجة كيف ينام وقت السحر) .
عجائب قيام الليل فى رمضانيحصل العبد من صلاة قيام الليل على الأجر الوفير والخير الكثير، حيث تشهدها الملائكة وتكتبها السَّفرة الكِرام البررة، قيام الليل يُعد من أعظمِ الطّاعات عند الله سبحانه وتعالى، كما أن صلاة قيام الليل هي أيضًا سرٌ من أسرار الطُمأنينة والرِّضا في قلب الإنسانِ المؤمن؛ وكذلك صلاة قيام الليل من فضائلها أنها ترسم نورًا على وجه المؤمن، حيث إنّ الله عز وجلّ يَنزل كلَ ليلة في الثُلثِ الأخير من اللّيل إلى السّماء الدُّنيا فيقول: «هل من داعٍ فأستجيبُ لهُ هل من سائلٍ فأعطيهُ، هل من مستغفرٍ فأغفرُ له»، حتى يطلع الفجر.
الأفضل في صلاة الليل أن تكون مثنى مثنى، كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «صلاةُ اللَّيل مثنى مثنى، فإذا خَشي أحدُكمُ الصُّبح، صلَّى ركعةً واحدةً تُوترُ له ما قد صلَّى وأقل الوتر ركعة واحدة يصليها بعد صلاة العشاء، فإن أوتر بثلاث ركعات فالأفضل أن يسلّم بعد الركعتين ويأتي بواحدة، وإن أوتر بخمسة فيسلم بعد كل ركعتين ومن ثمّ يأتي بركعة واحدة، ويراعي في صلاته الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، فيخشع في صلاته ولا يتعجل فيها، فأن يصلي عددًا قليلًا من الركعات بخشوعٍ وطمأنينةٍ؛ خيرٌ له مما هو أكثر بلا خشوع.
صلاة قيام الليل تجعل بيتك يشع منه النور- البيوت التي يصلى فيها قيام الليل يشع منها نور يراه أهل السماء، وكما ننظر إلى السماء ليلًا لنرى نور النجوم؛ تنظر الملائكة إلى الأرض لترى نور البيوت التي تنور بصلاة أهلها.
- والأعجب من ذلك أن الملائكة إذا اعتادت على رؤية نور بيتك كل يوم، ولم تصل قيام ليل يومًا؛ تسأل عنك لأنها رأت بيتك مظلمًا فيقال لهم إنك لم تقم لأنك مريض أو مهموم أو غير ذلك، فتبدأ الملائكة بالدعاء لك حسب حاجتك
فلْيحرص كل مؤمن على هذه العبادة الجميلة، كلٌّ حسب طاقته، ولا تنسوا شعارنا الدائم قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} النور:54
فضل صلاة قيام الليلعدّ العُلماءُ بضعة َفضائل لصلاة قيام اللّيل، منها:
1- عناية النبيّ - عليه الصّلاة والسّلام - بـ صلاة قيام اللّيل حتى تفطّرت قدماه، فقد كان يجتهدُ في القيام اجتهادًا عظيمًا.
2- صلاة قيامُ اللّيل من أعظم أسبابِ دخول الجنّة.
3- صلاة قيامُ اللّيل من أسباب رَفع الدّرجات في الجنّة.
4- المحافظونَ على صلاة قيام اللّيل مُحسنونَ مُستحقّون لرحمة الله وجنّته، فقد مدح الله أهل قيام اللّيل، وعدَّهم في جملة عباده الأبرار.
5-مدح الله أهل قيام اللّيل في جملة عباده الأبرار، فقال - عزَّ وَجَل -: « وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا».
6- صلاة قيام اللّيل أفضَلُ الصّلاة بعد الفريضة.
7- صلاة قيامُ اللّيل مُكفِّرٌ للسّيئاتِ ومنهاةٌ للآثام.
8-شرفُ المُؤمن صلاة قيام اللّيل.
9- صلاة قيامُ اللّيل يُغْبَطُ عليه صاحبه لعظيم ثوابه، فهو خير من الدّنيا وما فيها.
يقوم المسلم بأداء ركعتين ركعتين، والمقصود أن يسلّم بعد كلّ ركعتين يؤدّيهما، ثمّ يؤدّي الوتر، وذلك اقتداءً بفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قيامه، وإن خاف المسلم أن يدرك صلاة الصّبح وهو لم يوتر بعد فيجوز له أن يوتر بركعةٍ واحدةٍ، يتلو فيها بعد سورة الفاتحة سورة الإخلاص، ثمّ يدعو دعاء القنوت.
وصلاة قيام اللّيل تكون في أوّل اللّيل، أو أوسطه، أو آخره، لكن في الآخر أفضل، وهو الثّلث الأخير، وعددها من حيث الأفضل أن تصلّى إحدى عشر ركعة، أو ثلاثة عشر ركعة، ومن السّنة أن يقوم المسلم بترتيل الآيات الكريمة عند القراءة، وقراءة ما تيسرّ له من القرآن الكريم، ومن المستحبّ عند القراءة أن يستعيذ بالله عند قراءة الآيات التي فيها وعيد، وأن يسأل الله الرحمة عند الآيات التي فيها رحمة، وأن يسبّح حينما تمرّ به آية تسبيح، وأن يطمئنّ في صلاته، ويخشع في ركوعه وسجوده.
والوتر إما أن يكون ركعةً واحدةً، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو تسعًا، فعدد ركعات الوتر فرديّة، وقد رُوي عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: « الوترُ حقٌّ، فمن شاءَ أوترَ بخمسٍ، ومن شاءَ أوترَ بثلاثٍ، ومن شاءَ أوترَ بواحدةٍ»، وفيما يأتي تفصيل لما ورد في صلاة الوتر:
1- أن يصلّى الوتر ركعةً واحدةً، كما كان يؤدّيها رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-.
2- أن يصلّى الوتر ثلاث ركعات، فيقوم المسلم بصلاة الثّلاث ركعات متصلات، بحيث يسلّم في نهاية الصلاة، كما كان يفعل السّلف، ويقرأ فيهم: سورة الأعلى، وسورة الكافرون، وسورة الإخلاص، أو يصلّي ركعتي شفع ويسلّم، ثمّ يتبعها بركعة وترٍ منفصلة عن أوّل ركعتين، فيشاء له ذلك مع ضرورة النّية من بداية الصّلاة.
3- أن يصلّى الوتر خمس أو سبع ركعات، ويكون ذلك بتشهّدٍ واحدٍ كما كان يفعل رسول الله، فقد رُوي عن أمّ سلمة -رضي الله عنها- أنّها قالت: « كان رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلم- يوترُ بسبعٍ أو بخمسٍ، لا يفصلُ بينهنَّ بتسليمٍ ولا كلام».
4- أن يصلّى الوتر تسع ركعات، ويجلس المسلم للتّشهد في الرّكعة الثّامنة، ثمّ يتمّ الرّكعة التّاسعة، بعدها ينهي صلاته بالتّشهد والسّلام.
وبصلاة الوتر تُختم صلاة اللّيل، لكن يجوز للمسلم أن يصلّي بعد ذلك ما يشاء من عدد ركعات القيام، على أن تكون الصّلاة ركعتين ركعتين، ولا يعيد الوتر، فقد رُوي عن قيس بن عليّ أنّه قال: «لاَ وترانِ في ليلةٍ».