شهدت العاصمة البنغلاديشية داكا تجمعا حاشدا لمؤيدي الحزب الوطني المعارض، حيث خاطبتهم زعيمة الحزب ورئيسة الوزراء السابقة، خالدة ضياء، عبر اتصال مرئي لأول مرة منذ سنوات، بعد رفع الإقامة الجبرية عنها.

وطالب القائم بأعمال قيادة الحزب الوطني طارق رحمن، في كلمته من منفاه في لندن، بإجراء انتخابات فورية وتسليم السلطة.

وفي تطور آخر، أعلن الحائز على جائزة نوبل للسلام، محمد يونس، المكلف برئاسة حكومة انتقالية في بنغلاديش، أنه يتوق لتولي مهامه وقيادة "عملية ديمقراطية" وتنظيم انتخابات قريبا.

ويصل يونس إلى بنغلاديش اليوم الخميس لتولي رئاسة الحكومة المؤقتة التي ستؤدي اليمين الدستورية على الفور، بهدف قيادة "عملية ديمقراطية" نحو انتخابات سريعة خلال مراسم بحضور نحو 100 شخص، حسبما أعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان.

وفي خطاب متلفز موجه للأمة، عبر القائد العسكري عن ثقته بأن يونس سيكون قادرًا على قيادة عملية ديمقراطية جيدة.

حكومة انتقالية

ويصل يونس إلى بنغلاديش اليوم الخميس لتولي رئاسة الحكومة المؤقتة، بهدف قيادة "عملية ديمقراطية" نحو انتخابات سريعة.

يأتي ذلك بعد أعمال عنف أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص وفرار رئيسة الحكومة المخلوعة، الشيخة حسينة.

وتواصلت الاحتجاجات بعد فرار حسينة، حيث اقتحم المتظاهرون البرلمان وحرقوا مكاتب حزبها، مع تعرض ممتلكات للأقليات للهجوم. بدأت الاضطرابات بسبب توزيع الوظائف الحكومية بطريقة محاصصة.

وجاءت عودة يونس إلى بلاده بعد تبرئته من تهمة انتهاك قانون العمل، في خطوة اعتبرها المدافعون عنه سياسية.

ودعا يونس مواطني بنغلاديش إلى الهدوء بعد أعمال عنف خلفت أكثر من 400 قتيل منذ بداية يوليو/تموز.

وأكد يونس على ضرورة الامتناع عن جميع أنواع العنف، مشيدا بالشعب والطلاب الشجعان.

احتجاجات واسعة

وكانت محكمة استئناف قد برأت يونس من تهمة انتهاك قانون العمل، مما سهل عودته إلى بلاده.

وتم اتخاذ قرار تشكيل حكومة انتقالية برئاسة يونس خلال لقاء بين رئيس الجمهورية محمد شهاب الدين وكبار ضباط الجيش وقادة مجموعة "طلبة ضد التمييز" التي نظمت التظاهرات في مطلع يوليو/تموز الماضي.

وأفاد قائد حركة "طلاب ضد التمييز"، ناهد إسلام، أن يونس سيحصل على لقب كبير المستشارين.

وأمر الرئيس شهاب الدين بحل البرلمان والإفراج عن الذين أوقفوا خلال التظاهرات والسجناء السياسيين، في حين قدم قائد الشرطة الجديد، محمد معين الإسلام، اعتذارا عن سلوك رجال الشرطة خلال الاحتجاجات وتعهد بإجراء تحقيق محايد في أعمال القتل.

وبعد فرار حسينة على متن مروحية إلى مكان مجهول، شهدت بنغلاديش احتجاجات واسعة أسفرت عن اقتحام البرلمان وحرق محطات تلفزيونية وتحطيم تماثيل لوالد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن.

كما تعرضت مكاتب رابطة عوامي، حزب حسينة، للحرق والنهب في أنحاء البلاد، وهجمات على بعض الأعمال التجارية والمنازل المملوكة للهندوس.

وأعربت الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهم بعد التقارير التي تحدثت عن هجمات على مجموعات دينية وإثنية وأقليات أخرى.

وفي أول رد فعل دولي على الاضطرابات، أعربت باكستان عن تضامنها مع شعب بنغلاديش على أمل "العودة إلى الحياة الطبيعية".

وبدأت الاضطرابات احتجاجا على توزيع الوظائف الحكومية بموجب نظام محاصصة، قبل أن تتصاعد إلى مطالبة حسينة بالتنحي.

واتهمت مجموعات حقوقية حكومة حسينة بسوء استغلال مؤسسات الدولة لتعزيز قبضتها على السلطة والقضاء على المعارضة.

وتم الإفراج عن خالدة ضياء، بعد سنوات من الإقامة الجبرية، حيث كان قد حُكم عليها بالسجن 17 عاما بتهمة الفساد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات عملیة دیمقراطیة

إقرأ أيضاً:

عودة اليسار لا تعني مواجهة اليمين في إسرائيل

بنى بعض المراقبين تقديراتهم على عودة دور اليسار للتأثير بقوة في المسار السياسي داخل إسرائيل، على مظاهرة حاشدة خرجت الأحد الماضي نظمها اتحاد نقابات العمال، الهيستدروت، تضامناً من أهالي الأسرى والمحتجزين لدى حركة حماس، وتجاهل هؤلاء أن هذه أول مرة يعلو فيها صوت اليسار بهذه الدرجة من الارتفاع منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، وكانت ولا تزال الغلبة لليمين المتطرف للحكم في مفاصل الشارع والسياسة والحرب، وهو ما يستمد منه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو جزءا كبيرا من قوته السياسية، والأعلى ضجيجا وصخبا على الساحة الإسرائيلية.
حرّكت مظاهرة الهيستدروت الكثير من المياه للوقوف على شكل العلاقة بين اليسار واليمين، والتي ظهرت تجلياتها السلبية في السنوات الماضية، إذ مالت تماما ناحية الثاني، بالصورة التي يعتمد فيها تشكيل الحكومات على أحزابه المحسوبة على اليمين بألوانه المتباينة، والذي ازداد تغولا وحصد مكاسب متعددة، ونجح في توظيف حرب غزة في شرعنة الكثير من سياسات الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وتحول إلى شبكة أمان لنتنياهو من أجل مواصلة الحرب على القطاع، ووضع خطة تعيد احتلاله، أو على الأقل إدارته بالطريقة التي تتواءم مع مصالح رئيس الحكومة الحالية.
بدت مظاهرة الهيستدروت الحاشدة كطيف عمالي مـرّ علينا واختفى سريعا، لأن محكمة العمل قضت بعدم قانونية التظاهر ورفضت التسييس، وهي رسالة ردع ليبقى اليسار كامنا، ولا يحاول الخروج على الجمهور علنا مرة أخرى، لأنه سيُصدم عمليا بمظاهرات أشد قسوة من قبل المتطرفين، وتنقل معركة الحرب من الكنيست والحكومة وبعض وسائل الإعلام إلى الشارع، وغالبا ستحسم لصالح المتشددين الذين يملكون غطاء سياسيا متماسكا من وزيري الأمن القومي والمالية، ناهيك عن استجابة كبيرة من جانب رئيس الحكومة لدعم التيار الذي يمثلانه.

من راهنوا على خروج الهيستدروت من قوقعته، تذكروا دوره في المظاهرات التي خرجت قبل اندلاع حرب غزة اعتراضاً على تغيير النظام القضائي، وتجاهلوا أن لا أحد تقريبا يتحدث عن هذه القضية في خضم ما يروج له اليمين من ضرورة توجيه الدفة نحو الشعب الفلسطيني، لتقويض حلمه في دولة مستقلة، وتعزيز السيطرة اليهودية الكاملة على المسجد الأقصى، وهو ما لا نسمع عنه اعتراضا واضحاً من أحزاب اليسار والجهات المحسوبة عليه.
لم يعد دور الهيستدروت قاصراً على الدفاع عن حقوق العمال، وانخرط في السياسة بشكل حوّله سابقا إلى قوة ثمينة لليسار من دون أن يتخلى عن المبادئ التوراتية الرئيسية التي تنطلق منها إسرائيل، وتكفي الإشارة إلى أن غالبية الحروب العربية الإسرائيلية اندلعت في عهد حكومات ينتمي قادتها لليسار، بينما عقدت اتفاقيات السلام في عهد حكومات يمينية ومتشددة.
والدلالة التي تكشفها هذه المسألة تكمن في سهولة الدخول في حرب، وصعوبة الوصول إلى السلام بين إسرائيل وأي من الدول العربية، لأن دعم الحرب يظل ثابتا في الذاكرة الجمعية لليهود، بينما التسوية السياسية بحاجة إلى إرادة وقوة وقدرة على المواجهة، لأن الأخيرة تحمل في جوهرها ما يعرف بالتنازلات من جانب إسرائيل.
يمثل الهيستدروت مصالح نحو 800 ألف عامل، وهي نسبة قليلة مقارنةً مع الجبهات التي يمثلها المتطرفون بمشاربهم المتنوعة التي أصبحت تقدر بالملايين، ومع اتساع رقعة الحركة أمام اليمين انكمش اتحاد العمال، وركز جل همه على مهمته الرئيسية المتعلقة بدعم المؤسسات الصناعية والمالية والاقتصادية التي قامت عليها إسرائيل أصلاً عام 1948، فالاتحاد تأسس قبل نحو عقدين من هذا التاريخ، ويقال دوماً إنه أقدم من الدولة نفسها، ولعب دورا حيوياً في تلبية احتياجات العمال في زمن هجرة اليهود إلى فلسطين في الفترة الأولى، كما أن ديفيد بن غوريون هو زعيم الهيستدروت في سنوات التأسيس، أصبح رئيساً للوزراء بعد ذلك.
كشفت الذكريات التي اجتّرها البعض مع مظاهرة اتحاد العمال عن نوع من التفاؤل وأنه سوف يلعب دوراً في الدفع نحو التعجيل بعقد صفقة الأسرى، وحث الحكومة على تليين موقفها، لكن ما حدث أن المظاهرة انفضّت سريعاً ومن غير المتوقع تكرارها بعد حكم محكمة العمل، ونتانياهو ضاعف شروطه بما يوحي أنه لا يعبأ بسماع الهيستدروت أو غيره من اللوبيات، ومصمم على استكمال مشواره في التصعيد.

أكدت المظاهرة ذاتها وجود انقسام داخل أهالي الأسرى وداعميهم حيال التوقيع على الصفقة، فهناك جبهة تعارضها، وتعتقد أن القبول بها في هذه الأجواء من قبيل الاستسلام لحماس، ما يعني أن اليمين نجح في اختراق أهالي الأسرى، ولم تعد العملية منحصرة في تحريرهم بأي ثمن سياسي، وهو الذي يمكن رئيس الحكومة من توسيع نطاق صلفه في المفاوضات، وعدم الاكتراث باليسار أو اتحاد العمال، فقد حلّت حكومة الحرب بعد خروج بيني غانتس منها، ولا يزال نتانياهو متماسكاً.
رسخت الحرب وتداعياتها مؤشرات خفوت دور اليسار قبلها، وعززت قوة اليمين داخل إسرائيل، الذي يريد قادته تأكيد أنه استوعب دروس الماضي بشأن الذهاب إلى عمليات سياسية للحفاظ على أمن الدولة، حيث اكتشف أن هذه المهمة تتحقق بالقوة وليس بالركون إلى السلام، ما يعني أن من يراهنون على تسويات رضائية إقليمية ودولية لن يحالفهم الحظ، فكل التصورات التي طرحها نتنياهو والتصرفات التي قام بها تؤيد خيار القوة، فضلا عما ينوي عليه من توجهات لتصفية القضية الفلسطينية.
يمكن أن تتغير هذه المعادلة في حالتين، الأولى: وجود ضغوط داخلية تجبره على الانحناء، وهي غير موجودة حتى الآن، بل على العكس ثمة قوة تساعده على المضي قدما في طريقه، والثانية: إرادة قوية من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للعودة إلى خيار السلام وحل الدولتين، وهو ما يسعى نتانياهو إلى تحطيمه مسبقاً من خلال الحلقات العسكرية الجهنمية التي تتم في قطاع غزة والضفة الغربية، وخلق ذرائع لأزمة مع مصر بشأن ممر فيلادلفيا، والاستغراق في تفاصيلها، في حين تمضي قوات الاحتلال في مخططها لتفريغ القضية الفلسطينية من مضامينها.
ولذلك فالتئام مظاهرة لليسار، ولو كانت حاشدة، لا يعني التصدي لليمين أو الدخول في مواجهة ممتدة معه، فقد نجح نتانياهو في إيجاد مساحة مشتركة بينهما على الأهداف الكبرى للحرب، ويندرج التباين الحاصل حول صفقة الأسرى ضمن أدوات اللعبة التي يتقنها، إذ يعي أن استطلاعات الرأي تميل لصالحه، وكل خصومه السياسيين من اليسار أو اليمين لا يوجد من يهدده بالشكل الذي يجبره على التراجع وتقديم تنازلات لحماس، لأنه بات على يقين أن الضغط العسكري هو الطريق الوحيد لتحرير ما تبقى من الأسرى والمحتجزين، وأن الحركة خسرت قوتها الضاغطة.

مقالات مشابهة

  • بنغلاديش تعتزم تقديم طلب للهند لتسليم الشيخة حسينة
  • هل سقوط حكومة حسينة في بنغلادش يعيد للجماعة الإسلامية حضورها؟
  • كوكو سودان : أأعود أم لا؟!1
  • مترجم جديد للأهلي بعد رحيل دكتور ضياء النجار
  • هيئة الانتخابات الجزائرية: عملية التصويت جرت بنزاهة وشفافية
  • اليمن يتسلم رئاسة جامعة الدول العربية ويدعو لوقف ”الإرهاب الإسرائيلي” وحكومة الاحتلال ”الفاشية المتطرفة”
  • حزب الله يعلن استهدافه تجمعا لجنود الاحتلال في مرتفع أبو دجاج
  • السجن لوزير سابق في بنغلاديش بعد مقتل فتى
  • 13 حالة تؤدي لسحب وإلغاء رخصة القيادة في أثناء السير.. احذرها
  • عودة اليسار لا تعني مواجهة اليمين في إسرائيل