سرقة القرن في العراق تتضاعف والمتهمون بازدياد
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
بغداد- عادت قضية سرقة الأمانات الضريبية والتي تعرف إعلاميا بـ"سرقة القرن" في العراق إلى الواجهة مجددا، بعدما أعلنت هيئة النزاهة الحكومية عن ارتفاع نسبة المبالغ المسروقة إلى الضعف، بالتزامن مع ارتفاع أعداد المتهمين بالسرقة إلى أكثر من 30 متهما ومدانا.
وكشف رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون عن تفاصيل جديدة، مبينا نجاح الهيئة في استعادة بعض المتهمين من أصحاب الشركات الضالعة في السرقة، بينهم قاسم محمد الذي كان يشغل منصب المدير المفوض لشركة "الحوت الأحدب" بعدما ألقي القبض عليه في إقليم كردستان، حيث بلغت السرقات المسجلة باسمه 988 مليار دينار (نحو 7 ملايين دولار) مشيرا إلى أنها ليست أرقاما نهائية.
وبينما أكد حنون -في مؤتمر صحفي عقده نهاية الأسبوع الماضي- أن رئيس الوزراء يتابع بشكل يومي قضية الأمانات الضريبية، دعا مدير هيئة الضرائب إلى الإعلان عن كمية الأموال المسروقة في غضون 15 يوما، في مؤشر على عدم معرفة هيئة النزاهة إجمالي المبلغ المسروق.
غير أن مراقبين أكدوا أن المبالغ المسروقة في نفس القضية وصلت إلى أكثر من 8 مليارات دولار موزعة على جميع المدانين والمتهمين، بعد ما أعلن خلال المرة الأولى أن المبالغ المسروقة بلغت 2.5 مليار دولار.
وبين الناشط في مجال مكافحة الفساد، وعضو لجنة مكافحة الفساد الحكومية السابق سعيد ياسين موسى -للجزيرة نت- أن حجم المبالغ المسروقة في قضية الأمانات الضريبية ناهز 8 مليارات دولار، مشيرا إلى وجود معلومات لا يمكن البوح بها في الوقت الحاضر، لتأثيرها على سير التحقيقات وتتبع حركة المطلوبين والأموال، خاصة بعدما وصل حجم الأموال المسروقة إلى الضعف.
وأُعلن عما يعرف بسرقة القرن في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي عام 2022، على خلفية اشتراك تحالف مؤلف من 5 شركات وهمية في سرقة وسحب مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار عراقي (نحو 2.5 مليار دولار) من الأموال التي أودعتها كبرى شركات النفط في حساباتها الضريبية باستخدام أوراق وشيكات مزيفة.
وفي ذات الصدد، يبين رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي موسى فرج أن "سرقة القرن" ورغم ضخامتها لن تكون الأولى ولا الأخيرة، إلا أن أهميتها تأتي من كونها قضية نموذجية للفساد المافيوي، وينبغي اعتمادها كـ"دراسة حالة" لطبيعة الفساد في البلاد لتوافر معظم عناصر الفساد فيها.
ويقول فرج -للجزيرة نت- إن بيئة ممارسة الفساد ومساهمة الأطراف التشريعية والتنفيذية في أعلى مراتبها تدل على وجود قصر نظر، حيث يتعاملون مع قضايا البلد من منطلق شخصي ضيق، خاصة بعدما قاموا بشن حملة هوجاء لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات والتي تمثل خط الصد الأول لمواجهة الفساد.
وأشار إلى أن الأطراف التي هيمنت على أمانة مجلس الوزراء ومكتب رئيس الحكومة -ومنذ حقبة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي– سعت باستماتة للتخلص من الكفاءات، وزجت بدلا عنها بالموالين حزبيا والذين يتعاملون مع قضايا الفساد بشكل مظهري أو انتقائي.
وطالب فرج بتوسيع التحقيق ليشمل كل الذين تواطؤوا أو فتحوا الطريق أمام السارقين بدءا من رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب مرورا برئيس الحكومة ووزير المالية والمديرين العامين وكل من له علاقة مباشرة وغير مباشرة، وعدم حصر الأمر بالسارقين المباشرين.
وأكد أن الأرقام الخاصة بـ"سرقة القرن" لم تكن فقط ما تم الإعلان عنه سابقا بل تفوقه بكثير، معتبرا أن السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة المالية متلكئة في الإفصاح بدقة عن حجم الأموال المسروقة، في حين يعيق عدم التحديد الدقيق لمبلغ السرقة المحاكم من المضي قدما في إجراءات التقاضي، الأمر الذي دفع برئيس هيئة النزاهة لأن يطالب وزيرة المالية وهيئة الضرائب وخلال 15 يوما بتحديد المبلغ المسروق بدقة.
متهمون أساسيون
وبحسب رئيس هيئة النزاهة، فقد ألقي القبض في وقت سابق على المتهم محمد فلاح الجنابي، وهو المدير المفوض لشركة "القانت" والمتهم بسرقة تريليون و85 مليار دينار (نحو 7 ملايين دولار) عبر 79 صكا مزورا، إلى جانب إيقاف المتهم الثالث بسرقة الأمانات الضريبية، في الإمارات، والذي سوف يتم استرداده قريبا.
وبين حنون أن المتهم الرابع هو علاء خلف مران، الهارب حاليا خارج البلاد، وكان منسوبا بمكتب الكاظمي حينها، وهناك أيضا المتهم حسين كاوه ويشغل منصب مدير مفوض لإحدى الشركات المتهمة بالسرقة، والذي ما زال موقوفا في أربيل. وأضاف القاضي أن المساعي جارية مع إقليم كردستان لاسترداده مع مشتبه آخر موقوف أيضا ومتهم بسرقة 624 مليار دينار، من خلال 37 صكا.
وكشف أن عدد المتهمين فاق الثلاثين، وقد تم استرداد أكثر من مليوني دولار و155 مليون دينار عراقي، مؤكدا أن المتهم الأول نور زهير أفرج عنه بكفالة وهو خارج السجن، ونوه إلى أن "قضية سرقة القرن لن تموت مهما حاول الفاسدون حجبها عن الأجهزة الرقابية وأنظار الشعب".
وكشف رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة، محمد رحيم الربيعي، أن التحقيقات ما زالت مستمرة في قضية سرقة الأمانات الضريبية، من قبل مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة الاتحادية وفريق التقصي، فضلا عن فرق من قبل ديوان الرقابة المالية، وقد توصلت جميعها إلى وجود أشخاص آخرين من المتهمين بنفس القضية، واعتبار الجريمة مستمرة طالما لم يسترد المبلغ بالكامل.
ويوضح الربيعي -للجزيرة نت- أن أعداد المتهمين تبقى في حالة ازدياد حتى انتهاء القضية بالكامل، منوها إلى أن إجراءات هيئة النزاهة حقيقية ورادعة وشاملة من أجل استرداد جميع المدانين والمتهمين في هذه القضية، وكذلك استرداد الأموال التي تبقى في زيادة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، تم الكشف لأول مرة عن قضية سرقة القرن التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، وأثارت سخطا شديدا في البلاد التي شهدت السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد.
ومنتصف يوليو/تموز الماضي، عد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني موضوع سرقة الأمانات الضريبية نقطة سوداء في تاريخ الدولة، موضحا أنها نُفذت بغطاء رسمي، وكشف عن تهريب نصف أموالها إلى الخارج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سرقة الأمانات الضریبیة رئیس هیئة النزاهة رئیس الوزراء ملیار دینار سرقة القرن قضیة سرقة إلى أن
إقرأ أيضاً:
فساد قطاع الكهرباء يُطيح بصور وأصنام قادة تحالف العدوان
كهرباء عدن وتماسيح الفساد.. ثقب أسود يبتلع ملايين الدولارات “برعاية رسمية” 23محطة
توليد بالديزل عالي الكلفة مقابل محطة تعمل بالمازوت منخفض الكلفة “اكتشف اللغز” (٢٦٠) مليار ريال
مديونيات الحكومة وكبار المشتركين لمؤسسة الكهرباء اسألوا
“أميرة عدن” و”لؤلؤة كريتر” و“برايزم انتر برايس”.. ابتزاز وصفقات مشبوهة 569 مليار ريال
موازنة سنوية للكهرباء، منها 557 مليار ريال تذهب كمستحقات لموردي وقود الكهرباء وقطع الغيار
لاتزال أزمة الكهرباء بعدن الواقعة تحت وصاية دول العدوان، تتفاقم بوصول ساعات الانقطاع إلى ما بين 18 ساعة يومياً، مقابل تشغيل 6 ساعات فقط، وسط ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الطلب على الطاقة، حيث تتزايد شكاوى المواطنين وسط ارتفاع ساعات الانقطاع .
يأتي ذلك وسط تأكيدات حكومة المرتزقة، بأن إنفاقها على الكهرباء في عدن يستحوذ على 60 % من مجمَل إنفاقها على قطاع الكهرباء بشكل عام، وذكرت أنها تُنفق شهرياً أكثر من 55 مليون دولار على توليد الكهرباء في عدن، بمتوسط 1.8 مليون دولار يومياً.
الثورة / محمد شرف
ومنذ العام ٢٠١٥م، فشلت جميع الجهات والحكومات التي تشكلت في توفير أبسط الخدمات وعلى رأسها الكهرباء، إلى عدن ذات المناخ الحار على مدار الفصول .
وعلى وقع ما تناولته التقارير الرسمية والدولية بشأن الفساد المستشري في المناطق المحتلة، نجد ان ملف كهرباء عدن يظل أبرز قضايا الفساد وأكثرها تأثيرًا على حياة الناس.
تجاوزات جسيمة
ووفقاً لتقارير إعلامية؛ فقد كشف أحدث تقرير صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، عن تجاوزات جسيمة شابت عقد شراء طاقة كهربائية بقدرة 100 ميجاوات على متن سفينة عائمة من شركة “برايزم انتر برايس”، بقيمة 128 مليون دولار ولمدة ثلاث سنوات.
وأوضح التقرير أن العقد تضمن بنودًا مجحفة لصالح الشركة المتعاقد معها على حساب المصلحة العامة، حيث تم دفع 12.8 مليون دولار كدفعة مقدمة دون ضمانات بنكية، ما يعرض حقوق قطاع الكهرباء للخطر في حال إخلال الشركة بالتزاماتها.
وأكد التقرير أن التعاقد تم دون مناقصة عامة وبمشاركة شركات محدودة، ما يخالف قانون المناقصات ويهدر فرص تحقيق وفورات مالية للدولة.
وأشار الجهاز إلى أن العقد منح الشركة إعفاءات ضريبية وجمركية، إضافة إلى تجاوزات أخرى، منها إلزام قطاع الكهرباء بدفع 17.8 مليون دولار لتنفيذ خطوط نقل ومحطة تحويل بزيادة تفوق 10 ملايين دولار عن العروض المقدمة من شركات أخرى.
كما أظهر التقرير غياب أي بنود تلزم الشركة بحماية البيئة البحرية من مخلفات إنتاج الطاقة، ما قد يهدد الثروة السمكية.
وشدد الجهاز على أن التأخر في تشغيل السفينة العائمة أدى إلى استمرار الاعتماد على محطات تعمل بوقود الديزل، ما كلف الخزينة العامة 107 ملايين دولار سنويًا إضافية، ناهيك عن اختلالات تشغيلية في السفينتين “أميرة عدن” و”لؤلؤة كريتر” واستئجار بواخر لنقل المشتقات النفطية، ما تسبب في هدر مالي كبير.
ما كشفه التقرير من مخالفات في عقد واحد لشراء الطاقة، وهي نفسها بنود المخالفة التي رافقت عقود شراء الطاقة التي ابرمتها حكومات التحالف المتعاقبة منذ العام ٢٠١٦م.
أعلى موازنة دعم للكهرباء
وفي تقرير ما يُسمى بلجنة تقصي الحقائق البرلمانية، الصادر أواخر 2023، تناول الموازنة المخصصة للكهرباء لعام ۲۰۲۲م والبالغة 569 مليار ريال وهي أعلى موازنة دعم ترصد للكهرباء، وبنسبة 85 % من إجمالي الدعم الحكومي المخصص للوحدات الاقتصادية.
وقال التقرير ” إن جل المبلغ والمقدر 557 مليار ريال بما نسبته (98 %) خصص كمستحقات لموردي وقود الكهرباء وموردي مواد وقطع غيار سابقة”.
واستغرب التقرير من ضياع هذه المبالغ الضخمة “في الوقت الحرج والمتأزم الذي تعانيه البلاد من تداعيات أزمة الكهرباء، دون تخصيص أي مبلغ يذكر لأي من المشاريع المعتمدة أو المقترحة، ذات العلاقة بمعالجة أزمة الكهرباء في عام ۲۰۲۲م، أو لمواجهة متطلبات صيف ۲۰۲۳م”.
وأكد التقرير “أن أزمة كهرباء عدن ليست في أزمة الموارد – كما تدعي حكومة المرتزقة- فحسب بل في أزمة إدارة الموارد المتاحة، وأن المدخل الحقيقي للحل يكمن في تفعيل آليات المساءلة وإنفاذ القانون ومواجهة الفساد وتجنيب هذا القطاع التأثيرات السلبية لصراع مصالح قوى النفوذ والشروع بالمعالجة عبر التحول من إنتاج الطاقة من مصادر ذات كلفة عالية إلى المصادر ذات الكلفة الاقل”.
وبشأن ذلك أوصى التقرير “بتكليف نيابة الأموال العامة بإجراء تحقيق شامل وشفاف في الانفاق الفعلي لمبلغ ٥٥٧ مليار ريال وبما نسبته 98 % من إجمالي دعم الكهرباء لعام ٢٠٢٢م لبعض المديونيات السابقة لشركات الطاقة المشتراة ولموردي قطع الغيار والوقود كما تدعي حكومة العدوان ”
وأِشار التقرير إلى أن المسؤولين اعتبروا إنفاق المليارات لبعض المديونيات “ذات أولوية عن مشاريع الأولوية القصوى لذات العام، والتي تم تأجيلها كمشروع خطوط النقل والتصريف ۱۳۲ ك ف بكلفة لا تتجاوز ١٥ مليون دولار، وتعزيز مصادر التغذية للمحطات التحويلية ٣٣/١١ك .ف. بمبلغ لا يتجاوز ١١ مليون دولار ومنظومة الغاز لتشغيل المحطات الغازية (الرئيس + القطرية) لتعزيز كفاءتها التوليدية إلى الحد الأقصى بقدرات (٤٦٠) ميجاوات و (٦٠) ميجاوات على التوالي. لتغطية العجز المزمن في كهرباء عدن”.
وأكدت أن ذلك يقتضي “مساءلة المتورطين في سوء إدارة الموارد المتاحة وتحديد الأولويات من جهات أو أطراف أو مسؤولين وتحميلهم تبعات استمرار العجزة واستمرار الطاقة المشتراة من الديزل وتكبيد الخزانة العامة مئات الملايين من الدولارات، والتسبب في المحصلة النهائية بالأضرار البالغ بالمصالح العامة للمواطنين”.
أخطر بؤر الفساد
ووفقا لمصادر إعلامية؛ فقد اعتبر التقرير الصادر عما يُسمى باللجنة البرلمانية -حينها- “الاستمرار في شراء عقود الطاقة من وقود الديزل الأعلى كلفة وتجديد العقود السابقة منذ عدة سنوات ولمدد مستقبلية طويلة، إنتاجاً لأخطر بؤر الفساد في المالية العامة، وتتسبب في استنزاف جزء كثير من الموارد، رغم توفر البدائل المتاحة للاستغناء عن مثل هذه العقود المكلفة، وتجنب الخزينة العامة الخسائر التي تتحملها المقدرة بما يتجاوز ٤٠% مقارنة بكلفة إنتاجها في المحطات الحكومية”.
وأشار إلى أن “ارتفاع نسبة الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بوقود الديزل عالي الكلفة مقارنة بنسبة الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بوقود المازوت منخفض التكلفة (حيث ترتفع كلفة الطاقة المولدة من محطات وقود الديزل بما نسبته ٦٠% عن محطات وقود المازوت) وتمثل العقود من الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بالوقود عالي الكلفة الديزل ما نسبته ٨٧% من إجمالي عقود الطاقة المشتراة، (فهناك ۲۳ محطة توليد بوقود الديزل عالي الكلفة مقابل محطة واحدة تعمل بالمازوت منخفض الكلفة).
وأكدت اللجنة عدم التزام جهات حكومية التحالف بقانون المناقصات ولائحته التنفيذية في عقود شراء الطاقة سواء الجديدة منها أو تمديد العقود السابقة، وزيادة نسبة الفاقد الاجمالي للطاقة وبمعدلات عالية جداً وغير مقبولة وصلت خلال عام ۲۰۲۲ بنسبة (٤٥%) من إجمالي الطاقة المتاحة في عدن والمناطق المحررة”.
ودعا التقرير في هذا الخصوص، إلى ضرورة “كشف ملابسات استمرار عقود شراء الطاقة بوقود الديزل وتكرار تجديدها بالعديد من المرات في اهدار متعمد للمال العام، وما يترافق معها من فساد وإفساد خلافا للقوانين واللوائح التنفيذية والتوصيات المتكررة لتقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة”.
وفي مثال واضح على ضخامة الفساد الذي ينخر في مؤسسات الدولة، أشار تقرير اللجنة البرلمانية إلى تأخير متعمد لتنفيذ العقد المبرم لشراء الطاقة من شركة برايزم التربرايس عبر الباخرة العائمة بقدرة ۱۰۰ ميجاوات تعمل بالمازوت منخفض التكلفة. وقالت إنه “منذ أكثر من عام من تاريخ توقيع العقد، قد ترتب (على تأخير تنفيذه) والاستمرار في التعاقد مع شركات بيع الطاقة بوقود الديزل عالي التكلفة، تكبيد الدولة خسائر مقدارها (٥٧٥) مليون دولار وفق لما جاء في ردود وزارة الكهرباء، مقابل الفارق بين سعر الديزل وسعر المازوت خلال مدة فترة التعاقد والبالغة (۳) سنوات”، وهو ما تناوله تقرير الجهاز المركزي للرقابة الاخير.
وبهذا الخصوص، أوصت اللجنة بأن تحقق نيابة الأموال العامة في ذلك، مشددة على ضرورة “الكشف عن المتورطين في تأخير نفاذ العقد الوحيد للطاقة المشتراة بوقود المازوت لكهرباء عدن بقدرة ١٠٠ ميجاوات الموقع مع شركة بريزم التربرايس عبر السفينة العائمة، بتاريخ 6 /4 /2022 م، والذي تم فتح الاعتماد المستندي له بتاريخ ۲۰۲۲/۱۱/۷م”. وأكدت أن التأخير “تسبب بخسائر كبيرة تكبدتها خزينة الدولة، كفارق كلفة بين إنتاج الطاقة من الديزل بدلا عن المازوت خلال فترة التأخير، والتي قدرت بمتوسط ١٠٧ ملايين دولار، وفقا لتقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بتاريخ 4 مايو 2023م”.
وذكرت اللجنة في تقريرها مديونيات المؤسسة العامة للكهرباء ارتفعت وبلغت ما يزيد عن (٢٦٠) مليار ريال (مديونيات الحكومة – كبار المشتركين – صغار المشتركين).
وأشارت إلى تراكم الغرامات المفروضة على شركات بيع الطاقة لصالح المؤسسة العامة للكهرباء والتي تتجاوز بحسب تقارير الجهاز مبلغ (۳۰) مليون دولار، وهو ما يمكن الاستفادة منه في صيانة محطات التوليد وإصلاح شبكة النقل والتوزيع.
أرجع اقتصاديون تدهور قطاع الكهرباء في عدن إلى الفساد الذي أصبح العامل الرئيسي وراء تفاقم الأزمة، مؤكدين أن الابتزاز والصفقات المشبوهة، إلى جانب غياب الرقابة وسوء الإدارة، جعلت القطاع رهينة لهذه التجاوزات.
فساد الكهرباء يُطيح بأصنام قيادات التحالف
وكانت عدن قد شهدت – مؤخرا – خروج عشرات المحتجين، الذين جابوا بعض شوارع المدينة، وأضرموا النيران في الإطارات، وقطعوا بعض الطرق الرئيسية، ونزعوا لافتات وصور قيادات ما يسمى بالمجلس الانتقالي (الانفصالي) ودولتي تحالف العدوان الإماراتي السعودي، احتجاجًا على التوقف الكلي لمنظومة الكهرباء، واستمرار تدهور قيمة العملة الوطنية، وسط استنفار قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وعرباته المدرعة تأهبًا لتوسع الاحتجاجات.
وشملت الاحتجاجات، مديريات المعلا والمنصورة وكريتر والشيخ عثمان وغيرها؛ تعبيرًا عن تصاعد السخط الشعبي، وتنديدًا بتوقف الخدمات وتجلي الانهيار المعيشي في صورة مأساوية، كان آخر مشاهدها الكارثية خروج منظومة الكهرباء عن الخدمة .
وذكرت تقارير إعلامية محلية ومقاطع فيديو متداولة في منصات التواصل الاجتماعي أن المتظاهرين الغاضبين حمّلوا حكومة المرتزقة وما يُسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي ودول تحالف العدوان مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في عدن، وبلغ بهم الغضب، وتحديدًا في منطقة المنصورة، لإزالة صور قيادات دولتي التحالف من على أسطح المدارس، مطالبين برحيل التحالف وحكومة المرتزقة والمجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على المدينة.
وندد المتظاهرون بسياسة حكومة المرتزقة، ونهج تحالف العدوان، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والتي أفضت جميعها إلى تكريس معاناة الناس جراء استمرار الفساد والعبث وتوالي الوعود الكاذبة مع استمرار الأزمات.