معضلة السكن: نفوذ العلاقات يوجه المشاريع والعراقيون لا يحبذون المجمعات
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
8 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: في العراق، يواجه قطاع الإسكان تحديات كبيرة نتيجة النمو السكاني السريع والهجرة من الريف إلى المدن. رغم أن البناء العمودي يُعتبر حلاً شائعاً في العديد من دول العالم لمواجهة أزمة السكن، إلا أنه لم يلقَ قبولاً واسعاً بين العراقيين.
تشير الإحصائيات إلى أن العاصمة بغداد تضم أكثر من 46 مشروع مدن ومجمعات سكنية عمودية، مثل بوابة العراق ومجمع زهراء السيدية والنسيم .
ورغم الجهود المبذولة لتشجيع البناء العمودي، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذا النوع من البناء في العراق، فهناك مشاكل بيئية ناجمة عن البناء العمودي، حيث أدى هذا النوع من البناء إلى تقليص المساحات الخضراء وزيادة التلوث في المدن.
وهذا الأمر يثير قلق الكثير من المواطنين الذين يرون في المساحات الخضراء جزءاً أساسياً من جودة حياتهم.
يقول أحمد، وهو أحد سكان بغداد: “أشعر أن الأبنية العمودية تسرق منا المساحات الخضراء. نحن بحاجة إلى أماكن للاسترخاء والتنزه، وليس المزيد من الإسمنت والخرسانة.”
وتواجه الأبنية العمودية مشكلة ارتفاع الأسعار، مما يجعلها غير متاحة لذوي الدخل المحدود.
يقول المواطن محمد: “أسعار الشقق في المجمعات السكنية العمودية مرتفعة جداً، ولا يمكن لأغلبنا تحمل تكاليفها. نحن بحاجة إلى حلول سكنية تكون في متناول الجميع، وليس فقط للأثرياء.”
وتلعب الثقافة المجتمعية دوراً كبيراً في تفضيل البناء الأفقي. يفضل الكثير من العراقيين السكن في منازل مستقلة بدلاً من الشقق في المجمعات السكنية.
تقول السيدة فاطمة، وهي أم لثلاثة أطفال: “أنا أفضل العيش في منزل مستقل حيث يمكن لأطفالي اللعب في الفناء. العيش في شقة يجعلنا نشعر وكأننا محاصرون.”
من وجهة نظر المهندسين، هناك أيضاً تحديات تقنية تتعلق بالبنية التحتية وصيانة الأبنية العمودية.
يقول المهندس علي حاتم: “البناء العمودي يتطلب بنية تحتية قوية ونظام صيانة دوري للحفاظ على سلامة المباني وسكانها. للأسف، في بعض الأحيان لا يتم تنفيذ هذه الإجراءات بشكل صحيح، مما يزيد من مخاطر البناء العمودي.”
ولا تزال الحلول الجذرية لأزمة السكن بعيدة المنال، على الرغم من تعهدات الحكومة الجديدة بتقديم عدة مشاريع وحلول. لكن الواقع يشير إلى وجود شركات تحمل أوراقاً رسمية ولا تمتلك الأموال الكافية، تستحوذ على المناقصات والقروض دون تنفيذ للمشاريع.
والمشكلة الأساسية تكمن في غلاء أسعار الشقق وثقافة المجتمع التي ترفض السكن في المجمعات السكنية العمودية. يعبر الكثير من المواطنين عن تفضيلهم للمنازل المستقلة بسبب الروابط الثقافية والاجتماعية القوية التي تربطهم بالأرض والحي السكني. هذا التفضيل يشكل عقبة كبيرة أمام التوسع في البناء العمودي كحل لأزمة السكن في البلاد.
المهندس المعماري أحمد جاسم يعبر عن رأيه قائلاً: “البناء العمودي قد يكون حلاً معقولاً من الناحية النظرية، لكن تطبيقه في العراق يواجه العديد من التحديات. من أهمها غياب التخطيط الحضري السليم والافتقار إلى البنية التحتية المناسبة.”
أما المواطن العراقي حسين علي، فيقول: “لا أشعر بالراحة في فكرة العيش في شقة ضمن مجمع سكني عمودي. نحن تعودنا على السكن في منازل مستقلة حيث توجد حرية أكبر ومساحة أكبر للأطفال للعب.”
من الواضح أن العراق بحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجياته العمرانية، وتحقيق توازن بين البناء العمودي والأفقي، مع الأخذ بعين الاعتبار الثقافات المحلية والتحديات الاقتصادية والاجتماعية لضمان توفير سكن ملائم ومناسب للجميع.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: البناء العمودی فی العراق السکن فی
إقرأ أيضاً:
أزمة سيولة تهدد العراق: 90% من النقد خارج البنوك
27 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: يعكس ارتفاع إصدارات الأوراق النقدية من البنك المركزي العراقي في كانون الثاني 2025 إلى 6 مليار ورقة بقيمة 100.3 تريليون دينار، مقارنة بـ5.7 مليار ورقة بقيمة 78.2 تريليون دينار في 2022، حاجة متزايدة للسيولة في اقتصاد يعتمد بشكل شبه كلي على النقد.
وتشير الزيادة بنسبة 4.7% إلى ضغوط مالية متصاعدة، مدفوعة بعجز الموازنة والإنفاق الحكومي المتضخم، لكنها تثير مخاوف من التضخم في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي. تبرز فئة 50 ألف دينار كالأكثر نمواً بنسبة 167%، ما يعكس تفضيل المواطنين للفئات الكبيرة لتسهيل التعاملات اليومية في ظل ارتفاع الأسعار.
ويسلط الانخفاض في إصدار فئات مثل 5 آلاف دينار بنسبة 22% و10 آلاف دينار بنسبة 10% الضوء على تراجع الاعتماد على الفئات الصغيرة، مما قد يعكس تآكل القوة الشرائية للدينار.
وتبقى فئة 25 ألف دينار مهيمنة بنسبة 32% من الأوراق المتداولة، ما يؤكد استمرار الحاجة إلى فئات متوسطة لتغطية المعاملات اليومية. يعكس هذا التوزيع تحديات إدارة الكتلة النقدية في اقتصاد يعاني من ضعف الثقة بالنظام المصرفي، حيث تظل 90% من النقد خارج البنوك وفق المحلل الاقتصادي منار العبيدي.
ويكشف استمرار هيمنة النقد عن أزمة هيكلية في السيولة، حيث يعاني العراق من نقص السيولة الفعلية رغم زيادة الكتلة النقدية. يفاقم الاعتماد على النفط، مع توقعات أسعار دون 70 دولاراً للبرميل في 2025، هذه الأزمة، إذ يتجاوز الإنفاق الحكومي الإيرادات، مما يدفع نحو الاقتراض الداخلي. يحذر خبراء اقتصاديون، مثل النائب مصطفى سند، من أن العراق قد يواجه حالة “صفر كاش”، حيث تتفاقم الفجوة بين النقد المتداول والاحتياجات الفعلية.
ويبرز غياب إصلاحات مصرفية فعالة كعقبة رئيسية، إذ يعيق انخفاض الثقة بالبنوك جهود دمج النقد في النظام المالي.
وتظل جهود البنك المركزي لتعزيز السيادة النقدية عبر منصات إلكترونية وتقليل الاعتماد على الدولار محدودة الأثر في ظل السوق الموازية.
و يحتاج العراق إلى سياسات جريئة لتنويع الاقتصاد وتعزيز الثقة المصرفية لتجنب أزمة سيولة أعمق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts