كشف تحليل دولي، حقيقة حرب الطائرات بدون طيار التي تدعي ميليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، أنها تستخدمها ذاتياً دون مساعدة أحد. مشيراً إلى أن الحوثيين نقلوا التكنولوجيا الإيرانية لتعزيز قدرات الجماعة التي كانت محدودة خلال السنوات الماضية.

التحليل نشره مركز بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة، وهو منظمة دولية غير حكومية، تحت عنوان "ست استراتيجيات لحرب الطائرات بدون طيار التي ينفذها الحوثيون: كيف يعمل الابتكار على تغيير ميزان القوى الإقليمي".

وأعد التحليل الباحثان لوكا نيفولا؛ وفالنتين داوثويل.

ويشير التحليل إلى أن الهجوم الأول المسجل الذي شنه الحوثيون بطائرة مسيرة كان في سبتمبر 2016. واستخدم الحوثيون طائرات بدون طيار مسلحة، وكانت مسؤولة بشكل مباشر عن أكثر من 700 حالة وفاة تم الإبلاغ عنها. ومع ذلك، ظل استخدام الحوثيين للطائرات بدون طيار المسلحة محدودًا على مدار عامي 2016 و2017، حيث تم تسجيل 10 هجمات فقط على مدار العامين، وكلها في اليمن. وقد نُفذت الهجمات بطائرة بدون طيار انتحارية من طراز قاصف-1، والتي من المحتمل أنها مستوردة من إيران، حيث تُعرف باسم طائرة بدون طيار أبابيل-تي. 

وكشفت قوات الحوثيين عن وجود برنامج للطائرات بدون طيار في فبراير 2017 وأعلنت عن أول هجوم من "قواتها الجوية" في أبريل 2018. في عام 2019 كشفت عن ثلاث طائرات بدون طيار انتحارية جديدة: صماد-2، وصماد-3، وقاصف-2ك. وفي حين تم تقديم قاصف-2ك كنسخة محسنة من قاصف-1، كانت طائرات صماد بدون طيار أكثر تقدمًا ومصممة لاختراق عمق الأراضي السعودية.  

وبحسب التحليل، زادت هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار من عام 2018 إلى عام 2019، مع تحول التركيز من اليمن إلى المملكة العربية السعودية، وظلت مستقرة من عام 2019 إلى عام 2020. وسجل مركز بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة أعلى مستوى على الإطلاق لهجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار في عام 2021، وهو عام ملحوظ لإدخال الجماعة لطائرات بدون طيار تجارية جديدة تسقط متفجرات صغيرة على الأهداف بدلاً من الاصطدام بها. ومن بين هذه الطائرات بدون طيار متعددة الاستخدامات من طراز رجم، والتي كشف عنها الحوثيون في مارس 2021.

ويؤكد التحليل أن تطبيق الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في أبريل 2022 جمد خطوط المواجهة نتيجة للهدنة، مما دفع الأطراف المتحاربة إلى التحول إلى أشكال بعيدة من العنف بدلاً من المواجهات المباشرة، وهو الاتجاه الذي يستمر حتى يومنا هذا. 

استأنفت قوات الحوثيين الاستخدام واسع النطاق للطائرات بدون طيار الانتحارية خارج حدود اليمن في نوفمبر 2023، ردًا على الصراع بين إسرائيل في غزة. وسعت الجماعة استهداف الشحن التجاري في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة، فضلاً عن تنفيذ هجمات تستهدف الأراضي الإسرائيلية بشكل مباشر. منذ نوفمبر 2023، تم إطلاق أكثر من 50٪ من جميع هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار نحو أهداف خارج اليمن.

وكشف التحليل عن استغلال الميليشيات الحوثية طائرات ومعدات صينية والادعاء أنها من إنتاجها. لافتاً إلى أن الحوثيين أعلنوا رسميًا عن طائرات بدون طيار متعددة الاستخدامات من طراز صمّاد-4 ورجم في مارس/آذار 2021. وتظهر البيانات أن رجم، وهي نسخة معدلة من طائرة بدون طيار صينية مدنية سداسية المراوح، استُخدمت في أكثر من 25% من هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار متعددة الاستخدامات منذ مارس 2021، كما كانت قوات الحوثيين تربط متفجرات صغيرة بطائرات بدون طيار مدنية من سلسلة مافيك وماتريس التي تصنعها شركة دي جي آي الصينية.

يشير التحليل أن الحوثيين تمكنوا من الحصول على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار بتسهيل إيراني، كما أنهم حصلوا على أجهزة متقدمة وبشكل متزايد خلال الفترات الماضية خاصة أثناء فترة الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة وحصلت الميليشيات على امتيازات فيها.

ويؤكد التحليل أن استراتيجيات حرب الطائرات بدون طيار التي يشنها الحوثيون أثرت بشكل كبير على مسار الصراع في اليمن. وأثبتت هجماتهم التي يشنونها بفاعلية في تحقيق  انتصارات رمزية من خلال الضربات المستهدفة، إما عن طريق زعزعة استقرار المناطق الحكومية أو من خلال الكشف عن نقاط ضعف القوى الإقليمية والدولية. ومع ذلك، كانت الطائرات بدون طيار أقل فعالية بكثير في المعارك البرية، حيث فشلت في تحقيق الأهداف الاستراتيجية أو تحويل التوازن العسكري لصالح الحوثيين.

وأكد معدو التحليل أن هناك تساؤلاً مهماً حول المدة التي ستحافظ فيها هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار على فعاليتها ونجاحها. والإجابة على هذا التساؤل تتضمن متغيرين. الأول هو قدرة الحوثيين على الابتكار: إلى متى سيتمكنون من تحديد أهداف جديدة وتطوير استراتيجيات جديدة؟ ومن الممكن القول إن وتيرة الابتكار من المرجح أن تتباطأ في المستقبل القريب ما لم تتجاوز الجماعة خطوطاً حمراء جديدة، كما هدد مؤخراً المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام. ومع ذلك، فإن التطورات التكنولوجية الصغيرة -مثل المحرك الذي زاد من مدى صماد 3،22 والذي مكن من شن هجوم 19 يوليو على تل أبيب- لا تزال توفر إمكانات لأهداف واستراتيجيات جديدة. وفي هذا الصدد، سيظل دور طهران في توفير التدريب والمكونات والتكنولوجيا المتطورة مفتاحاً للنجاح العسكري الحوثي.

المتغير الثاني هو قدرة المعسكر المناهض للحوثيين على التكيف مع استراتيجياتهم في حين سد الفجوة التي خلقتها الحرب غير المتكافئة. لقد اشترت المملكة العربية السعودية بالفعل أنظمة دفاع جوي جديدة، وهناك المزيد في الطريق، ولكن من غير المرجح أن تتمكن من تحييد تهديد الطائرات بدون طيار بشكل كامل. وفي الوقت نفسه، تكافح عملية حارس الرخاء مع تكلفة إسقاط الطائرات بدون طيار الرخيصة بصواريخ باهظة الثمن. وبشكل عام، يظل التحدي الأكبر، سواء بالنسبة للقوى الإقليمية أو الدولية، هو قبول حقيقة أن المخاطر المرتبطة بالحرب غير المتكافئة ستظل إلى حد كبير غير قابلة للتجنب.

وأكد التحليل أن السمعة الإقليمية التي اكتسبها الحوثيون حديثًا، تزيد من خطر تحولهم إلى ناقلات مباشرة أو غير مباشرة لانتشار الطائرات بدون طيار. ويبدو أن الهجمات بطائرات بدون طيار التي يشنها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في جنوب اليمن منذ مايو 2023 تم تسهيلها من خلال التدريب والدعم اللوجستي من جانب الحوثيين. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن الحوثيين متورطون في تهريب الأسلحة إلى منطقة القرن الإفريقي.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الطائرات بدون طیار طائرات بدون طیار بدون طیار التی أن الحوثیین

إقرأ أيضاً:

إسقاط 8 طائرات (إم كيو -9) يوسع أبعاد الهزيمة الأمريكية أمام اليمن

يمانيون – متابعات
بعد أن كتبت العمليات البحرية نهاية زمن حاملات الطائرات وفتحت نقاشات غير مسبوقة حول تغير الموازين.

جددت عملية إسقاط الطائرة الأمريكية “إم كيو-9” الثامنة من نوعها خلال 10 أشهر تسليط الضوء على واحد من أهم مسارات الانتصار الاستراتيجي الذي حققته القوات المسلحة اليمنية في مواجهة الولايات المتحدة خلال معركة إسناد غزة، وهو مسار لا يقل أهمية عن العمليات البحرية التأريخية التي أصبحت “هزيمة أمريكا” عنوانا رئيسيا لها في وسائل الإعلام الدولية.

إسقاط هذا العدد الكبير وغير المسبوق في أي مكان بالعالم من هذا النوع بالذات من الطائرات ليس حدثا عابرا لعدة اعتبارات، أولها طبيعة هذا السلاح الجوي الذي يعتبر بالنسبة للجيش الأمريكي والبحرية الأمريكية من أهم أدوات الحرب، حيث لا يكاد يخلو أي مسرح للعمليات الأمريكية العدوانية في العالم، من الحضور البارز والرئيسي لطائرات (إم كيو-9 “الحاصدة”) التي تم تصنيعها لتكون سلاحا شاملا يجمع بين أحدث تقنيات الرصد والتجسس، وبين أحدث المميزات الهجومية، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بتنفيذ عمليات دقيقة ضد أهداف عالية القيمة كالاغتيالات التي تتطلب تحقيق اختراق نوعي وإصابة مباشرة بدون المخاطرة بتعريض أي عناصر بشرية أمريكية أو طيارين للخطر، وقد اعتمدت عليها الولايات المتحدة في عملية اغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

تكلفة هذه الطائرات تعكس بشكل واضح الأهمية والمكانة التي تحتلها في ترسانة الجيش الأمريكي، حيث تبلغ قيمة الواحدة أكثر من 32 مليون دولار، بدون المعدات الإضافية كالصواريخ الدقيقة والقنابل الذكية والتجهيزات المخصصة للمناطق البحرية، والتي يمكنها أن تضيف عدة ملايين إلى تكلفة الطائرة، فضلا عن تكلفة تشغيلها، وهذا يعبر بوضوح عن أن إسقاط هذه الطائرة ليس حدثا يقع ضمن هامش الخسائر المتوقعة والمقبولة التي يمكن تحملها في عمليات روتينية كما هو الحال مع المسيرات الرخيصة التي قد يتم إرسالها فقط لأغراض التمويه أو خداع الدفاعات الجوية.

ويتم التحكم بهذه الطائرات من قبل قواعد عسكرية للجيش الأمريكي تعمل على إدارة مهام المراقبة والهجوم بشكل مباشر، وهو ما يعني أن فاعلية العمليات التي تنفذها الطائرة لا تقتصر على ميزاتها المتطورة فحسب، بل تشمل أيضا ميزات قواعد التحكم والعاملين فيها.

هذه الأهمية تجعل من حقيقة إسقاط ثماني طائرات من هذا النوع في غضون 10 أشهر زلزالا كبيرا لا يمكن تجاهله، لأنه من جهة يمثل سقوطا مدوية للتقنية المتقدمة التي تمثلها هذه الطائرة، وهو أمر غير عادي على الإطلاق، لأن الأسلحة الأمريكية المتطورة هي أكثر من مجرد أدوات، حيث تقدمها واشنطن كـ”رموز” للتفوق والردع الاستراتيجي الفريد، إلى درجة أن إرسال هذه الأسلحة أو بيعها إلى دولة حليفة معينة يعتبر “ميزة” كبيرة لهذه الدولة، وعندما يتم التغلب على هذا السلاح 8 مرات متتالية خلال أقل من عام في مكان واحد، فإن ذلك يعني ببساطة هزيمة “التفوق” التقني الأمريكي وما يرتبط به من اعتبارات سياسية وأمنية وعسكرية تعتمد عليها الولايات المتحدة بشكل كبير في بناء سمعتها كقوة عظمى.

وبرغم الفارق في التكاليف والحجم والأهمية، يمكن الربط بين طائرات (إم كيو-9) والسفن الحربية الأمريكية فيما يتعلق بهذه الاعتبارات، ومثلما أحدثت عمليات استهداف حاملة الطائرات (ايزنهاور) ومجموعتها “الضاربة” من المدمرات هزات كبيرة فتحت مسارا غير مسبوقا للحديث المباشر والصريح في وسائل الإعلام الأمريكية عن “انتهاء زمن حاملات الطائرات” و”هزيمة أمريكا” أمام اليمن فإن إسقاط 8 طائرات من نوع (إم كيو-9) في اليمن خلال أقل من عام واحد هو مظهر آخر من مظاهر انتهاء زمن عربدة الطائرات بدون طيار الأمريكية في أجواء العالم، ودليل إضافي على هزيمة واشنطن أمام اليمن أيضا.

من جهة أخرى، وفي السياق نفسه، فإن إسقاط هذا العدد من الطائرات في اليمن يمثل فضيحة للجيش الأمريكي نفسه ولضباطه الذين يديرون قواعد التحكم بهذه الطائرات، والأساليب والتكتيكات التي يعتمدون عليها في تشغيلها والاستفادة من ميزاتها المتطورة، فخسارة 8 طائرات من هذا النوع يعني بوضوح أن الجيش الأمريكي عاجز عن تحسين أداءه فيما يتعلق بتشغيل وإدارة هذه الطائرات في الأجواء اليمنية، وبعبارة أخرى أنه قد جرب كل الأساليب والتكتيكات لتجنب نيران الدفاعات الجوية اليمنية وفشل فشلا كاملا، وهي فجوة فاضحة لا يمكن تجاهلها أو التغطية عليها في قدرات القوات الأمريكية بما في ذلك البحرية التي تقوم بتشغيل وإدارة العديد من هذه الطائرات.

ويترتب على ذلك أيضا خسائر اقتصادية واضحة، سواء من ناحية القيمة الفعلية للطائرات التي تم إسقاطها والتي قد وصلت الآن إلى أكثر من ربع مليار دولار، أو من ناحية مستقبل تجارة هذه الطائرات، حيث ستضطر الكثير من الدول إلى إعادة حساباتها بشأن جدوى اقتناء “الحاصدة” الأمريكية المكلفة التي بات اليمنيون يحصدونها بشكل شبه شهري، وهو ما فعلته الهند بحسب ما أفادت تقارير صحفية خلال الأشهر الماضية.

ولا تقتصر هذه الآثار على هذا المنتج فحسب (طائرة إم كيو -9) لأن ما يحدث يلقي بضلاله على المجمع الصناعي الأمريكي بأكمله، فإسقاط الطائرات الثمان من هذا النوع جاءت ضمن معركة أثبتت فيها مختلف التقنيات العسكرية الأمريكية فشلا ذريعا وغير مسبوق، بدءا بالسفن الحربية وحاملات الطائرات، مرورا بالطائرات بدون طيار وصولا إلى الصواريخ الدفاعية المكلفة.

والحقيقة أن المسألة لم تعد حتى مسألة قصور أدوات عسكرية معينة، بل فشل الاستراتيجيات الحربية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة والتي تبنى عليها جهود إنتاج وتصنيع الأسلحة، وكما أشارت العديد من التقارير الأمريكية خلال الفترة الماضية فإن اليمن قدم في معركة إسناد غزة نموذجا مميزا للنجاح في “الحرب غير المتكافئة” وهو ما يعني تثبيت واقع جديد تنخفض فيه قيمة الاستراتيجيات والأدوات التي قدمتها أمريكا والغرب على مدى عقود باعتبارها قوة ردع لا تقهر، وبالتالي توجيه الاهتمام العالمي نحو أنواع جديد من الأسلحة والأساليب القتالية وتحطيم أسطورة التفوق الأمريكي، وما يرتبط به من اعتبارات، خصوصا وأن أدوات وأساليب الحرب غير المتكافئة أرخص ثمنا بكثير من تلك التي تحتكرها أمريكا.
————————————————————————
– المسيرة نت: ضرار الطيب

مقالات مشابهة

  • سقوط طائرة روسية بدون طيار تحمل متفجرات في لاتفيا
  • تحليل: قدرات الصين الصاروخية تنهي التفوق البحري الأمريكي
  • صحيفة إسرائيلية: الحوثيون يواصلون إسقاط الطائرات الأمريكية بنجاح ويحققون إنجازات كبيرة في الدفاع الجوي
  • اليمن يكتب نهاية عصر الطائرات الأمريكية (MQ9)
  • إسقاط 8 طائرات (إم كيو -9) يوسع أبعاد الهزيمة الأمريكية أمام اليمن
  • بعد رومانيا.. لاتفيا تعلن انتهاك طائرة روسية بدون طيار لمجالها الجوي
  • الثامنة من نوعها..الحوثيون يؤكدون إسقاط طائرة أمريكية دون طيار
  • معدن منصر يسقط من السماء.. ماذا نعلم عن درون التنين بساحة المعركة بين روسيا وأوكرانيا؟
  • بلومبرغ: أمريكا تخسر معركة البحر الأحمر أمام الحوثيين وتكشف ضعفها العسكري
  • لقطات لطائرة بدون طيار نشرها الجيش الأمريكي تظهر احتراق ناقلة النفط سونيون في البحر الأحمر