الجدل المضلل بشأن هوية الجزائرية إيمان خليف.. روسيا تدخل على الخط
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
يبدو الممثل في مقطع الفيديو الذي يندد بأولمبياد 2024 شبيها جدا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن صور الفئران والقمامة ومياه الصرف الصحي كانت من ابتكار الذكاء الاصطناعي.
انتشر مقطع الفيديو الساخر عن الألعاب الأولمبية، الذي يصور باريس على أنها مستنقع مليء بالجرائم، بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي، من خلال 30 ألف روبوت مرتبطة بمجموعة روسية سيئة السمعة للتضليل، ركزت على فرنسا مؤخرا.
وفي غضون أيام، أصبح الفيديو متاحا بـ13 لغة، وذلك بفضل ترجمة الذكاء الاصطناعي السريعة.
"باريس.. باريس.. واحد اثنان ثلاثة.. اذهب إلى نهر السين وتبول"، يسخر مغني معزز بالذكاء الاصطناعي، بينما يرقص ممثل ماكرون المزيف في الخلفية، في إشارة على ما يبدو إلى مخاوف جودة المياه في نهر السين حيث تقام بعض المسابقات.
تستخدم مجموعات مرتبطة بالحكومة الروسية التضليل عبر الإنترنت والدعاية لنشر ادعاءات تحريضية ومهاجمة الدولة المضيفة للألعاب الأولمبية.
ومؤخرا، استغلت شبكات التضليل المرتبطة بالكرملين الانقسام حول الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، التي واجهت أسئلة لا أساس لها من الصحة حول جنسها ومزاعم كاذبة بأنها متحولة جنسيا، بعد أن ذكر الاتحاد الدولي للملاكمة الذي يرأسه رجل الأعمال الروسي المرتبط بالكرملين عمر كريمليف، أن حيف والملاكمة التايوانية يو-تينغ لين فشلا في تلبية معايير الأهلية الجنسية مما أدى إلى حرمانهما من بطولة العالم العام الماضي.
وظهرت أسئلة حول قرار الاتحاد الدولي للملاكمة باستبعاد خليف العام الماضي بعد أن تغلبت على ملاكمة روسية.
وعززت الشبكات الروسية الجدال بشأن الملاكمة الجزائرية، التي سرعان ما أصبحت موضوعا شائعًا على الإنترنت. والأسبوع الماضي، كان مستخدمو منصة "أكس" ينشرون عن هذه الملاكمة عشرات آلاف المنشورات في الساعة، وفقا لتحليل أجرته "بيك ميتريكس"، وهي شركة إلكترونية تتعقب السرديات عبر الإنترنت.
وكانت خليف ولين قد خاضتا أولمبياد طوكيو عام 2021، لكنهما لم تفوزا بميدالية وتنافسا من دون تسليط أضواء الجدل عليهما.
وفي عام 2019، ألغت اللجنة الأولمبية الدولية حق الاتحاد الدولي للملاكمة في تنظيم المسابقة الأولمبية، بسبب مخاوف بشأن الفساد.
وتشرف الاتحادات الرياضية الدولية على معظم الرياضات الأولمبية. ولكن بسبب استبعاد اللجنة الأولمبية الدولية للاتحاد الدولي للملاكمة، كان عليها تنظيم المسابقة بنفسها في طوكيو في عام 2021، ثم مرة أخرى في باريس 2024.
واعتبر أحد مؤسسي شركة "نيوز غارد" جوردون كروفيتز أن حملة التضليل الروسية التي تستهدف الألعاب الأولمبية تتميز بمهاراتها الفنية.
وقال: "ما يختلف الآن هو أنهم ربما يكونون المستخدمين الأكثر تقدما لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية لأغراض خبيثة، مثل مقاطع فيديو مزيفة، وموسيقى مزيفة، ومواقع ويب مزيفة".
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور ومقاطع صوتية وفيديو واقعية، وترجمة النصوص بسرعة وإنشاء محتوى ثقافي محدد يبدو وكأنه تم إنشاؤه بواسطة إنسان.
يمكن الآن القيام بأشياء كان تتطلب كثيرا من العمل لإنشاء حسابات أو مواقع ويب وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي وكتابة منشورات محادثة بسرعة وبتكلفة زهيدة.
زعم مقطع فيديو آخر تم تضخيمه بواسطة حسابات مقرها روسيا في الأسابيع الأخيرة أن وكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية الأميركية حذرت الأميركيين من استخدام مترو باريس. وفي الحقيقة لم يتم إصدار مثل هذا التحذير.
وركزت وسائل الإعلام الحكومية الروسية على الجرائم والهجرة والقمامة والتلوث في باريس بدلا من التركيز على تغطية المسابقات الرياضية، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الدولی للملاکمة
إقرأ أيضاً:
لماذا تحتضن الاقتصادات الناشئة الذكاء الاصطناعي؟
خلال رحلة قمت بها مؤخرا إلى كازاخستان، أدهشني حماس الناس هناك للذكاء الاصطناعي. فقد بدا كل من قابلتهم ــ بمن فيهم الأكاديميون وصُنّاع السياسات ورواد الأعمال ــ مقتنعين بأن هذه التكنولوجيا ستساعد في حل تحديات شائكة، بدءا من تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على الموارد الطبيعية إلى توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الحيوية، وبشكل خاص لصالح السكان في المناطق النائية. كنت أتوقع أن يجري انتشار المعرفة حول الذكاء الاصطناعي بسرعة أبطأ، ولكن ربما ما كان ينبغي لهذه الإيجابية من جانبهم أن تفاجئني. ففي نهاية المطاف، ينطوي تطور الذكاء الاصطناعي بهذه السرعة على فرص مهمة للاقتصادات الناشئة.
وكما أظهر تقرير التنمية البشرية الأخير الصادر عن الأمم المتحدة، فإن سكان الاقتصادات الناشئة ليسوا فقط على دراية جيدة بهذه الفرص، بل هم أيضا أكثر تفاؤلا بشأن التكنولوجيا مقارنة بنظرائهم في الاقتصادات المتقدمة. في الاقتصادات المتقدمة، تميل المحادثات حول الذكاء الاصطناعي إلى التحول فورا باتجاه المخاوف من الأتمتة (التشغيل الآلي) المفرطة، وخسارة الوظائف، وارتباكات سوق العمل. يخشى سكان الاقتصادات الناشئة أيضا أن يجلب الذكاء الاصطناعي موجة من الأتمتة، لكنهم يتوقعون مزيدا من النماء وتعزيز التعاون بين الإنسان والآلة. قد يستسلم المرء لإغراء تسليط الضوء على الخطر المتمثل في حدوث «فجوة الذكاء الاصطناعي الرقمية»، حيث تستفيد البلدان المرتفعة الدخل على نحو غير متناسب من التكنولوجيا، بينما تتخلف البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل عن الركب. لكن مثل هذه المخاوف تركز على بُـعد واحد من أبعاد ثورة الذكاء الاصطناعي: تطوير مجموعة متزايدة الاتساع من الأدوات القوية التي يمكن توظيفها، على سبيل المثال، لتعزيز الاكتشافات العلمية، أو زيادة الإنتاجية، أو توليد منتجات وخدمات جديدة، أو أتمتة (عبر أدوات وكيلة) مهام معقدة تنطوي على التخطيط، والتسلسل، وتكامل الخطوات. وبما أن قلة من البلدان يمكنها الوفاء بالمتطلبات المرتبطة بهذه المهام فيما يتعلق بالحجم، والاستثمار، والبنية الأساسية، فإن مثل هذه الأنشطة تجري حاليا إلى حد كبير في الولايات المتحدة والصين. لكن بناء النماذج ليس الخيار الوحيد المتاح. إذ تستلزم ثورة الذكاء الاصطناعي أيضا الاستعلام عن الأدوات الموجودة وتكييفها وضبطها وتوظيفها في حل المشكلات المرتبطة بكل سياق بعينه، وتسريع التعلم. وقد أصبحت تكاليف هذه الأنشطة أقل كثيرا، ومع التوسع في إنتاج النماذج المفتوحة المصدر ــ التي جرى تطوير عدد كبير منها في الصين ــ ستستمر في الانخفاض. نتيجة لهذا، أصبح المجال مفتوحا على مصراعيه أمام الإبداع والابتكار في مجموعة عريضة من البلدان. في حين أن هذا البُعد من ثورة الذكاء الاصطناعي يسهل الوصول إليه بدرجة أكبر كثيرا، فإنه يتطلب بعض البنية التحتية الأساسية، وبخاصة إمدادات الكهرباء الجديرة بالثقة والاتصال بالإنترنت عبر الأجهزة المحمولة. والقدرة على الوصول هي المفتاح: فأنت بحاجة إلى إنترنت سريع وخطط بيانات ميسورة التكلفة، وبشكل خاص ضمان توليد البيانات التي تغذي كثيرا من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي وحالات الاستخدام.
لإحداث الفارق، يجب أن تكون هذه البيانات متنقلة ومشتركة، وعلى هذا فإن الهياكل التنظيمية الجيدة التصميم، والتي تسمح بتنقل البيانات الآمن (رهنا بإذن من أفراد أو رقابة فردية)، تشكل هي أيضا ضرورة أساسية. وتقدم لنا واجهة المدفوعات الموحدة في الهند، والتي تسهل المدفوعات الآمنة وتبادل البيانات المالية، نموذجا مفيدا. بمجرد توفر هذه الشروط ــ وهي موجودة بالفعل في عدد كبير من الاقتصادات الناشئة ــ تصبح إمكانيات تنفيذ الحلول الرقمية والحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي لا حصر لها تقريبا. وتشمل هذه الحلول، كبداية، الخدمات المالية المقدمة للفئات من الناس والشركات التي كانت تعاني من نقص الخدمات في السابق.
بالنسبة للأشخاص من ذوي الأصول المحدودة، الذين لا يملكون سجلا ماليا أو تجاريا يمكن الوصول إليه، وفي بعض الحالات، لديهم وثائق محدودة، يصبح الحصول على التمويل من خلال القنوات التقليدية باهظ التكلفة أو مستحيل ببساطة. لكن الأدوات الرقمية توفر الآن وسائل ميسورة التكلفة لسد هذه الفجوات المعلوماتية. مع تراجع الاقتصاد النقدي ليفسح الطريق لأنظمة الدفع الرقمية، وحصول الأسر والشركات الصغيرة على حسابات مصرفية ومحافظ، سوف يعمل تراكم البيانات، إذا أُديرت بمهارة، على حل مشكلة عدم الكشف عن الهوية.
ثم يصبح من الممكن دعم الإصدارات المستدامة، القابلة للتطوير، والمربحة من الائتمان الصغير بالاستعانة بالتقييم الائتماني القائم على الذكاء الاصطناعي، وهذا كفيل بتمكين الشركات من النمو وتشغيل أعداد أكبر من العاملين. من ناحية أخرى، تتيح منصات التجارة الإلكترونية للشركات الصغيرة إمكانية الوصول إلى سوق أكبر، وبمساعدة الذكاء الاصطناعي، سوق أكثر قابلية للتوجيه، وبالتالي دعم مزيد من النمو، والدينامية، وربما الإبداع والابتكار. لا تقتصر هذه الفرص على التمويل والتجارة. ففي مجالي الرعاية الصحية والتعليم، تُستخدم التطبيقات الرقمية، التي يعمل كثير منها بالذكاء الاصطناعي، لتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات، وخاصة لصالح أولئك الذين لا يعيشون في مناطق الخدمات العالية الكثافة أو بالقرب منها.
الذكاء الاصطناعي قادر أيضا على دعم وتسريع اكتساب المعرفة والمهارات ــ أساس رأس المال البشري ــ من خلال مساعدي التعلم الرقمي على سبيل المثال، ويُـعَـد التحسين المستدام لرأس المال البشري عنصرا أساسيا في كل قصص التنمية الناجحة. لا يستطيع الجميع الوصول إلى فصل دراسي أو مدرس خصوصي، ولكن في وجود البنية الأساسية المناسبة، يستطيع أي شخص التحدث إلى نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي قرأ وفهم بشكل ما الأدبيات الرقمية الهائلة الموجودة في كل مجال ولغة. وسوف يخلف هذا تأثيرات مباشرة على الإنتاجية، والنمو، والتطور. علاوة على ذلك، في محال عمل معينة، يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يقلل من وقت التدريب ويزيد من إنتاجية العمال. لنتأمل هنا خدمة العملاء: من الممكن أن يقدم مساعدو الذكاء الاصطناعي إرشادات منسقة، بناء على الخبرة المتراكمة، إلى الوكلاء البشريين من عديمي الخبرة، لتسريع عملية التعلم وتمكين أدوات الذكاء الاصطناعي الوكيلة من تقديم دعم أفضل في وقت مبكر. ومن الممكن أن يتحقق هذا التأثير في مجموعة واسعة من الوظائف والقطاعات، من التمريض إلى تطوير البرمجيات.
قد لا تكون الاقتصادات الناشئة رائدة في بناء نماذج الذكاء الاصطناعي، لكنها قادرة على استخدام هذه التكنولوجيا للنهوض بأهدافها التنموية الاقتصادية والاجتماعية. ما يدعو إلى التفاؤل أن هذه الحقيقة لا تغيب عنها. وهذا على وجه التحديد ما تعتزم القيام به.