الجيش الصهيوني الأكثر انحطاطاً في العالم
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
الثورة / وكالات/
لا تزال في ذاكرتنا أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر” كما سوّقها لنا الإعلام الصهيوني والغربي على حدّ سواء، حتى استوطنت هذه المقولة في الذاكرة الجمعية للشعوب العربية، لترسّخ في أذهان الأجيال المتعاقبة أن لا قِبَل لهم بإسرائيل وجنودها.
وقد صاحبت تلك الدعاية لجيش الاحتلال حملة تضليل تصوّر جيش الاحتلال بأنّه “جيش الدفاع” الذي يحمي “واحة الديمقراطية” من هجمات “المتطرفين”، لبث فكرة “الجيش الأخلاقي” في اللاوعي عند المتأثرين بتلك الدعاية.
ومع انطلاق معركة طوفان الأقصى، بدأت تلك الهالة المصطنعة حول جيش الاحتلال بالزوال، فتحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر على يد المقاومة الفلسطينية، بينما انكشف الانحطاط الأخلاقي للجيش الإسرائيلي على أيدي جنوده الذين وثّقوا بالصوت والصورة أفعالهم الساديّة من قتل وتدمير وحرق وتخريب، مدفوعين بالرغبة في الانتقام، أو الشعور بالملل، أو حتى من أجل المتعة.
سقوط المعايير الأخلاقية
ترددت كثيراً على ألسنة المسؤولين الإسرائيليين مقولة “جيشنا هو أكثر الجيوش التزاماً بالمعايير الأخلاقية في الحرب”، وهي مقولة يفنّدها الكاتب المصري محمد عثمان الغزالي الذي وصف جيش الاحتلال بأنّه عصابات تحولت إلى جيش نظامي، وأنّه في الحقيقة أداة قتل وسرقة لا ترحم.
ويوضح الغزالي أنّ ادّعاء الأخلاق تفضحه ممارسات جيش الاحتلال في عدوانه على غزة التي تعد حلقة في تاريخه الملطّخ بالدماء.
ويضرب الكاتب أمثلة على فقدان جنود الاحتلال للمعايير الأخلاقية، لافتاً إلى أنّهم يتسلّون بقتل من يشاؤون، ويستوقفون الناس عند الحواجز، وبعد فواصل من التعذيب والإهانة يسلبون ما لديهم من ذهب وأموال، وإن خلّوا سبيلهم بعد ذلك فكأنّما يمنّون عليهم إن تركوهم أحياء.
وقد بلغ السقوط الأخلاقي عند جيش الاحتلال مستوى غير مسبوق في الحرب الجارية في غزة التي تُبثّ مذابحها على الهواء، حيث استعرض الكاتب بعض تصرفات الجنود التي تدلّ على انحدارهم الأخلاقي، ومنها تباهي جندي إسرائيلي بتحقيق “نصر شخصي” بسرقة سلسلة نسائية، وتفاخر زميله بسرقة بعض الساعات والمقتنيات الثمينة.
ويتساءل الغزالي عن المعايير الأخلاقية عند جندي إسرائيلي يوثّق بهاتفه الدمار الذي أصاب جامعة الأزهر بغزة بينما كان يعلّق ساخراً: “لمن يسألون لماذا لا يوجد تعليم في غزة، لقد قصفناه بصاروخ”.
ويشير الكاتب إلى تعليق جندي آخر داخل جرافة أثناء تدميره السيارات المدنية على جانبي الطريق في بيت لاهيا وهو يقول مستهزئاً: “لقد توقفت عن عدّ السيارات التي قمتُ بسحقها”.
الرغبة في الانتقام
في تقرير نشرته صحيفة “لاكروا” الفرنسية، أوردت شهادة جندي احتياط في لواء المظليين يُدعى “يوفال غرين”، يقول فيها إنّه طُلب منه دخول منازل في بلدة خان يونس للعثور على الأنفاق وتدميرها.
ويؤكّد “يوفال” أنّهم وصلوا إلى أحياء عادية تماماً وحطموا كل شيء، مضيفاً أنّ ذلك كان في أغلب الأحيان لأغراض عسكرية، لكنّه استدرك قائلاً: “لكن في أحيان أخرى، كنا نفعل ذلك بدافع الانتقام، فالخط رفيع بين الاثنين، فقد كان الجنود غاضبين يدمّرون ويخربون، وكانت الرسوم الجدارية أمراً شائعاً، كما كانوا ينهبون ويأخذون بعض التذكارات الصغيرة”.
ووفقاّ للتقرير، روى جندي الاحتياط أنّه في حادثة أخرى، طلب منهم قائدهم حرق منزل أقاموا فيه عدة أيام، وعند سؤاله عن السبب، أخبره قائده بوجوب القيام بذلك “لتجنب ترك معداتنا العسكرية خلفنا، وحتى يفهم العدو أساليبنا القتالية”.
وليس أدلّ على تلك النزعة نحو الانتقام والتجرّد من كلّ المعايير الأخلاقية والدينية، من مشاهد تفجير المساجد، وخصوصاً عندما يصاحبها ضحكات هستيرية من الجنود الذين يصوّرونها، لتكشف حقيقتهم الساديّة، التي تدفعهم لاستهداف دور العبادة التي نصت كل المبادئ السماوية والأرضية على حمايتها.
ويؤكّد ذلك الدافع للانتقام ما نقلته إذاعة جيش الاحتلال في وقت سابق عن والد أسيرين لدى المقاومة من أنّ الحكومة الإسرائيلية تتصرف بدافع الرغبة في الانتقام، وشبّهها بمنظمة حرب عصابات، مضيفاً أنّ نتنياهو لا يملك سلطة أخلاقية للتضحية بولديه من أجل بقائه السياسي.
القتل بدم بارد
كثيرة هي المقاطع التي تظهر استهتار جنود الاحتلال بحياة الفلسطينيين، واللافت في الأمر أنّ معظم تلك المقاطع نشرها الجنود أنفسهم، كنوع من التباهي بين أقرانهم، دون أن يرفّ لهم جفن أو يشعروا بوخزة ضمير.
ففي أحد المقاطع التي نشرها جنود الاحتلال، يُطلق أحد الجنود قذيفة على مجموعة من الأطفال الفلسطينيين الذين يسبحون في بحر غزة، ويظهر من المقطع أنّ فعلتهم كانت من أجل التسلية فقط. فيطلقون القذيفة ويطلقون معها ضحكاتهم، وهم يعلمون أنّها قد تقضي على أطفال أبرياء، لم يرتكبوا جريمة سوى أنّهم كانوا يسبحون ويستجمّون في البحر، حالمين بمستقبل مشرق ربّما لن يروه إذا أصابتهم تلك القذيفة.
وحتى الحيوانات لم تسلم من بطش جنود الاحتلال الذين برهنوا مدى انحطاطهم الأخلاقي من خلال استهداف الحيوانات البريئة، التي تدرك ما يدور حولها، وليس لها ذنب سوى أنّها كانت تمرح في أرض غزة.
ففي أحد المقاطع التي نشرها جنود الاحتلال، يظهر جنديّ وهو يطلق قذيفة مدفعية باتجاه حصانين كانا يركضان في غزة، أتبعها الجنود بوابل من الرصاص، لعلّهم يشتفون أو يروون تعطشهم للدماء.
استهداف البنية التحتية
لقد كان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شاملاً بكلّ معنى الكلمة، حيث شمل البشر والشجر والحجر، ومنذ اليوم الأول للعدوان، تعمّد جيش الاحتلال استهداف البنية التحتية في القطاع.
فقد استهدف الاحتلال شبكات الكهرباء والاتصالات والمواصلات ومصادر المياه، بالرغم من أنّ جميع هذه المرافق مدنية، وليست أهدافاً عسكرية، والمدنيّون هم المتضرّر الرئيس من تدميرها، وهو ما يخالف أبسط حقوق الإنسان التي نصت عليها اتفاقية جنيف للعام 1949م بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.
وقد بلغ الانحدار الأخلاقي لجيش الاحتلال مداه في استهداف مصادر المياه الشحيحة أصلاً في قطاع غزة، حيث عمد منذ اليوم الأول للعدوان إلى قصف محطات المياه، ودمّر معظم الآبار في القطاع، ودمّرها كلّياً في شمال غزة، لتتفاقم معاناة المواطنين في الحصول على الماء الذي هو أهمّ مقوّمات الحياة.
وإمعاناً في السقوط الأخلاقي، فَجَّر جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل أيّام معدودة خزان المياه الرئيس في منطقة حي كندا في منطقة تل السلطان بمدينة رفح، وفي مشهد ينمّ عن المستوى المتدنّي، ولا يُخفي الرغبة في الانتقام، نَشر جنود الاحتلال مقطعاً مصوراً يظهر تفخيخهم للخزان، قبل أن يفجّروه ويدمّروه تدميراً كلياً.
ومن الجدير ذكره أنّ خزان المياه المعروف بـ “بئر كندا” افتتح في عام 2018م بتمويل من قبل الحكومة اليابانية، وكان يستفيد منه قرابة 100 ألف نسمة في منطقة تل السلطان والبلد في رفح قبل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وكان البئر الذي تبلغ سعته 3000 متر مكعب هو مصدر المياه الصالحة للشرب لسكان القطاع الذي نزحوا إلى مدينة رفح، قبل اقتحام الاحتلال للمدينة.
وفي سياق متصل، لم تسلم محطات معالجة مياه الصرف الصحي من اعتداءات الاحتلال، فوفقاً لتحقيق نشرته “بي بي سي” في مايو الماضي، فإنّ أربعاً من محطات معالجة مياه الصرف الصحي الستّ، والتي تلعب دوراً رئيسياً في منع تراكم مياه الصرف الصحي وانتشار الأمراض، قد تضرّرت أو دُمّرت نتيجة العدوان الإسرائيلي، كما أغلقت محطتان أخريان لتحلية المياه بسبب نقص الوقود أو الإمدادات الأخرى.
وفيما يتعلّق بخطوط الكهرباء، فقد تسبّب العدوان الإسرائيلي في انقطاع جميع خطوط إمداد الطاقة الكهربائية، التي كانت توفر 120 ميجاوات، بالإضافة إلى 80 ميجاوات كانت تنتجها محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع، والتي توقفت عن العمل بسبب منع دخول مشتقات البترول، وفقاً للمدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: العدوان الإسرائیلی جنود الاحتلال جیش الاحتلال فی الانتقام
إقرأ أيضاً:
الغرب “الأخلاقي” جدًّا !!
عبدالرحمن الشيباني
لا يمكن أن تكون إسرائيل دولة متحضرة مهما روَّج الغرب لذلك، واستخدم نفوذة المالي والسياسي والإعلامي من أجل هذا الأمر؛ فخلفيتها الدينية التلمودية التي تدعو إليها في أحقيتها في فلسطين تجافي المنطق والحق والتاريخ، كما أن سلوكها العنصري وفوقيتها تجافي القِيَم الإنسانية وتنسف مبدأ التعايش، في أن يرى شعب ما أو جماعة أو ديانة أنها شعب اختاره الله وفضَّله على خلقه أجمعين، لذلك تتصرف إسرائيل اليوم على هذا الأساس؛ فالجرائم والمجازر المروعة التي فاقت التصور والتي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني واللبناني، لا يمكن أن تخفي تلك الأيديولوجية المتوحشة المتعطشة للدم، يدعمها اليمين المسيحي المتطرف في أمريكا..
لقد صحا العالم اليوم على حقيقة مطلقة أن إسرائيل دولة فوق القانون الدولي وأن ما ترتكبه من فظائع أصبح مُشرعاً له من قِبَل الإمبريالية الأمريكية وحلفائها الغربيين تحت دعاوى “الحق في أن تحمي إسرائيل نفسها”، وتريد هذه الدول أن تقتع العالم بذلك، حتى عندما أصدرت محكمة الجنايات الدولية قرارها التاريخي بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه جالانت بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية انبرت أمريكا تدافع عنهما وتقول إنه قرار مُشين، وقال بايدن أيضاً إنه يرفض القرار رفضاً قاطعاً والمحكمة لا تتمتع بولاية قضائية، والتحقيق الجنائي شابه أخطاء مقلقة..
لكن الأمر كان مُختلفاً بخصوص الرئيس السوداني السابق عمر البشير والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قالت أمريكا “إن القرار كان نقطة قوية للمحكمة ونرحّب به وندعمه”، في حين قالت “إنها ستفي بالتزاماتها القانونية” حيال المحكمة، بينما رفضت فرنسا تطبيق قرار المحكمة الجنائية الدولية، وقال وزير خارجيتها إن نتنياهو محصن، يجب أخذ ذلك بعين الاعتبار (أليست فرنسا عضواً في الاتحاد الأوروبي، والذي قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل القرار ملزم لكل أعضاء الاتحاد) ويجب دعم المحكمة الجنائية الدولية وتجنُّب تقويضها، وذلك في نداء وجَّهه مؤخراً..
هذا يذكّرنا بالتاريخ الفرنسي المخزي تجاه القضية الفلسطينية فقد تخلت فرنسا عن موقفها الذي كان يعتبر الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م شرطاً لقيام السلام في الشرق الأوسط، أما فيما يتعلق بالاستيطان فقد كانت الأخيرة تعارضه باعتباره خرقاً للمواثيق والقرارات الدولية، لكنها تسمح لشركاتها المتخصصة بالبناء للعمل في الأراضي المحتلة، ناهيك عن الدعم الكبير في بناء مفاعل ديمونة النووي الذي كان لفرنسا الدور الأبرز في إنشائه كقوة ردع لإسرائيل أمام محيطها العربي الذي يتربص بها كما تقول، أما ألمانيا النازية فذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك عندما علَّقت وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك بأن من حق إسرائيل قصف المدنيين، وأنها أي ألمانيا ستدرس أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ووزير دفاعه، لكن على ما يبدو أن الأخيرة تريد الظهور بأنها تمسك العصا من الوسط، غير أن قول أحد الساسة الألمان إن أمن إسرائيل هو جوهر السياسة الخارجية الألمانية ينسف ما تقوله بأنها “تدرس قرار المحكمة الدولية”.. إنها مراوغة مكشوفة وعُقدة التاريخ المزيفة التي لا تستطيع ألمانيا التخلص منها..
إذا كلّ هذا الدم المسفوح، وأمريكا والغرب عموماً يرونه طبيعياً طالما كانت إسرائيل تقف خلفه، أليس ذلك يمثل انحطاطاً للحضارة الغربية التي تدَّعي القِيَم؟.. إنه تاريخ طويل من بؤس هذه الحضارة المتشظّية المنهَكة بتغذية الحروب في دول شتى من العالم، لم يكن من المستغرب إذن أن يبشر للرئيس الأمريكي “المنتخب” ترامب عهده الجديد بمواصلة ما قدمه بايدن المنتهية ولايته قريباً من خلال التعيينات التي سيصدرها فريق إدارته في البيت الأبيض؛ وجُل هذه القرارات المرتقَبة تأتي لشخصيات يهودية متصهينة حتى النخاع، وهو تقليد سبقه بايدن فيه أيضاً الذي يقول إن دعم بايدن لم يكن كافياً، كما توعد بتوسعة مساحة إسرائيل الذي قال إنها صغيرة..
ولعل بيت هيجسيث، الذي اختاره ترامب لوزير الدفاع، دليل على أن إدارة البيت الأبيض الجديدة ماضية في عِدائها للعرب وحقوقهم المشروعة.. هيجسيث معروف بعِدائه للعرب، ويؤكد مراراً على دعمه الثابت لإسرائيل، ويقارن المناخ الجيوسياسي الحالي بالحروب الصليبية في القرن الحادي عشر في كتابه، الحملة الصليبية الأمريكية: معركتنا من أجل الحرية، بل ويدعو إلى “حملة صليبية” ضد هجرة المسلمين، بحجة أنها تهدد القِيَم “اليهودية المسيحية”، ويصف تزايد عدد السكان المسلمين بأنه غزو ثقافي، ويصف هيجسيث الإسلام بأنه غير متوافق مع السلام، ويصف الدول ذات الأغلبية المسلمة بأنها معادية للمسيحيين واليهود، وألمح إلى الاستعداد للصراع قائلاً: «نحن لا نقاتل بالسلاح في الوقت الراهن”..
ويعتبر هيجسيث إسرائيل “طليعة” الحضارة الغربية، معتبراً أنها “ضرورية لفهم أمريكا والتقاليد اليهودية المسيحية الأوسع”، كما أنه يعارض الالتزام باتفاقيات جنيف، بحجة أنها تضعف فعالية الجيش الأمريكي.. هكذا يعبّر “هيجسيث” عن الذات الغربية بكل صفاقة..
من المستغرب حقاً أن يأتي شخص ليقول لماذا يكرهوننا ؟