العدوان على غزة يلقي بظلاله على تراجع “مكانة أمريكا” في المنطقة
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
يمانيون – متابعات
ألقت الحرب العدوانية الوحشية الصهيونية على غزة بظلالها على تراجع مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، والمخاطر الجمة على مصالحها في المنطقة، بينما في المقابل يتعاظم تنامي مكانة الصين التي تتبع سياسة خارجية “متوازنة” إزاء الأزمات في المنطقة.
وتتبع الصين سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الحادة في المنطقة، وتستبدل ذلك بمواقف تدعو لخفض التوترات وتجسير الهوة بين الفرقاء.
ومع استمرار العدوان على غزة، في ظل الصمت الدولي المخزي وعواصم دول عدّة بالمنطقة، يتساءل الكثير من الباحثين حول كيفية تأثر المكانة الأمريكية في الشرق الأوسط؟ وهل تحاول واشنطن إحياء دورها الدبلوماسي في الشرق الأوسط؟.
وقبل “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي، وعلى مدار سنوات، تردّدت أسئلة عديدة حول دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومستقبل تعاونها مع الدول العربية، وخاصة بعد تركيز دبلوماسيتها على ما تصفه بـ”التهديد الصيني” في المحيط الهادئ، وانخراطها في دعم جهود الحرب الأوكرانية.
وبعد وصوله إلى السلطة، شارك بايدن في قمة إقليمية بمدينة جدّة في يوليو 2022، جمعت قيادات دول الخليج ومصر والأردن والعراق، حاول خلالها بعث رسالة مفادها أن الولايات المتحدة ما زالت على دعمها وتحالفها مع الدول العربية.
وأكد بايدن، خلال القمة التي واكبت زيارته الأولى للمنطقة، التزام بلاده بالدور الذي تلعبه.. قائلاً: “لقد شهدنا على تغييرات هائلة هنا في منطقة الشرق الأوسط (…)، نعلن بوضوح أن الولايات المتحدة ستظل شريكاً نشطاً وملتزماً في الشرق الأوسط”.
لكن في الثامن من أكتوبر الماضي، الرئيس الأمريكي في زيارة الى أراضي فلسطين المحتلة عام 48، بين فعليا الدور الحقيقي للشراكة الأمريكية الصهيونية عندما أكد دعم واشنطن المطلق ل”تل أبيب” قائلا حينها: “وُلدتْ “إسرائيل” لتكون مكاناً آمناً للشعب اليهودي في العالم… وإذا لم تكن موجودة، فسيتعين علينا اختراعها… يجب أن تكون مرّة أخرى مكاناً آمناً للشعب اليهودي”، بهذه الكلمات اتضحت الحقيقة للعالم أجمع بالانحياز الكامل للكيان الصهيوني لكنها غابت عند الدول العربية.
ومع ذلك وبالرغم من التصريحات الأمريكية للاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط، لم تكن هناكَ تحركات حقيقية على الأرض تساعد في تقليص حدّة التوتر في أزمات دول المنطقة تحديداً.
وفي مقابل ذلك نجحت، في مارس 2023، الوساطة الصينية في أحد أعقد الخلافات السياسية بين كل من السعودية وإيران، فقد أعلن البلدان عن استئناف علاقاتهما الدبلوماسية.
واعتبَر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الاتّفاق بمثابة “نصر للحوار ونصر للسلام”.. مؤكداً في رسالة ضمنية للولايات المتحدة الأمريكية، أنّ بكين “سوف تواصل لعب دور بنّاء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم، وستظهر تحلّيها بالمسؤولية بصفتها دولةً كبرى”.
كما سعت الدبلوماسية الصينة الى جمع الفصائل الفلسطينية في العاصمة بكين، وتمخض عن الاجتماع الذي جرى في يوليو الماضي اتفاق جديد للمصالحة الفلسطينية وقع عليه 14 فصيلاً في بكين برعاية الدولة المضيفة وهو الاتفاق رقم 13 الذي يتم الإعلان عنه بين حركتا فتح وحماس بمشاركة فصائل منظمة التحرير.
وجاء الاتفاق في ظل العدوان الصهيوني الذي بلغ مداه بحرب إبادة جماعية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، علاوة على تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية أيضا في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
ويرى الكثير من الخبراء والمحللين أن الدّور الأمريكي يتراجع بالفعل في منطقة الشرق الأوسط، ويمهّد الطريق لصعود دبلوماسية دولٍ أخرى أكثر فاعليّة، مثل الصين.
لكن أحداث غزة أعادت ملف الشرق الأوسط إلى الواجهة في واشنطن، بوصف الملفّ، ومعه القضية الفلسطينيّة، من أهم القضايا العالقة على مستوى العالم، وتحظى باهتمام أمريكي خاص.
لكن الجولات الدبلوماسية لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بداية العدوان ومن بعده زيارة الرئيس الأمريكي، اثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة بإداراته المتعاقبة تنحاز دائما وبشكل كامل وفاضح الى جانب الكيان الصهيوني الغاصب.
وقد بدأت الدبلوماسية الأمريكية اجتماعات مع القوى الإقليمية، مثل تركيا وقطر ومصر؛ لتحقيق هدنة بين الأطراف المتنازعة، وتبادل الآراء حول الملف.. لكن اتضح مع ذلك أن السياسية الأمريكية المهادنة والمراوغة لم تحدث أي اختراق حتى الآن في إتمام الصفقة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس والكيان الصهيوني.
بل زادت الطين بلة بدعم الكيان الصهيوني بالسلاح الفتاك والقنابل التي تزن ألف رطل، وتعطيل أي مشروع لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن كما غضت نظرها عن جرائم حكومة الكيان الصهيوني وتماديه في عمليات الاغتيال لقادة المقاومة في لبنان واغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران وعدوانا على ميناء الحديدة باليمن ليبلغ التصعيد ذروته في المنطقة وتتعهد إيران واليمن ولبنان بالرد.
وبدلا من إجبار الكيان الصهيوني والضغط عليه لوقف العدوان، أرسلت واشنطن السفن الحربية وحاملات الطائرات إلى بحار المنطقة للدفاع عن الكيان الصهيوني الغاصب ولتزيد بخطواته تلك عملية التصعيد في المنطقة بشكل أكبر.
وهكذا بدت واشنطن على حقيقتها الواضحة بأنها لا تريد وقف العدوان على غزة ولاتريد خفض التصعيد في المنطقة وذلك من خلال دعمها للكيان الصهيوني في عدوانه على دول المنطقة ودعمها للكيان الغاصب بالأسلحة والمعدات والمال ودبلوماسيا واقتصاديا وإعلاميا وحشد قواتها البحرية وتحريك قواعدها ليواصل العدو الصهيوني مجازره والإبادة الجماعية والتدمير في غزة ويستمر في عدوانه على دول المنطقة.
وبذلك فقد اتضح للقاصي والداني أن ما يحدث اليوم من تفاعل دبلوماسي أمريكي ملحوظ، يعود إلى أن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي جعلت الأمريكي يسارع الى التدخل بقوة لدعم حليفه الكيان الصهيوني، وإرسال رسالة بالغة الوضوح، وهي أن كل من يمسُّ الكيان الصهيوني يمسّ الولايات المتحدة. وبحسب المحللون.. فإن الوجود الأمريكي يعزِّز كل ما يخدم العدو الصهيوني، نتيجة ضغوط وتوجّهات داخل واشنطن، تُجسَّد من خلال التواطؤ الأمريكي وشراكة البيت الأبيض في المجازر التي ترتكبها الكيان الصهيوني في غزة”.
لكن وبالرغم مما أعد العدو الصهيوني من عدة وقوات وطيران فلا تزال المقاومة الفلسطينية، بعد وصول العدوان شهره العاشر، قادرةً على مواجهة جيش العدو وتلقينه الدروس التي لم يعتاد عليها من قبل في التكتيك العسكري وفي بسالة المقاومين الذين يدكون جنود العدو بالصواريخ وقذائف الهاون وينصبون الكمائن المحكمة ويفخخون الأنفاق والمنازل بالجنود الصهاينة فيها.
بالإضافة الى ذلك دعم جبهات الإسناد الى جانب المقاومة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وإيران التي تدعم المقاومة الفلسطينية.
ومع كل ما تمارسه الإدارة الأمريكية الحالية من تلاعب ومراوغة بشأن الضغط على الكيان الصهيوني لوقف الحرب الوحشية على قطاع غزة تبذل هذه الإدارة محاولات حثيثة لتلميع صورتها في المنطقة، فتارة تتحدث عن حلّ الدولتين في الفترة التي ستتلو الحرب المدمرة، لكنها مجرد أحاديث إعلامية لا تواكبها خطوات دبلوماسية واضحة المعالم من قبل واشنطن.
وكالة سبا
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الکیان الصهیونی فی الشرق الأوسط فی المنطقة من أکتوبر على غزة
إقرأ أيضاً:
مكتوم بن محمد: “قمة أسواق رأس المال” تعزز مكانة دبي الرائدة
دبي – الوطن:
أكد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، أن قمة أسواق رأس المال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تستضيف دبي نسختها الثالثة يوميْ 6 و7 مايو المقبل، تأتي في إطار جهود دبي المستمرة لتعزيز مكانتها الوجهة الأبرز عالمياً في قطاع الخدمات المالية وضمن أهم 4 مراكز مالية عالمية، كما أنها توفر منصة استراتيجية لتحفيز الحوار والتعاون بين كبار القادة الماليين، وصنّاع السياسات، والمستثمرين والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم لدعم نمو الأسواق المالية وضمان جاهزيتها ومواكبتها لتغيرات المستقبل.
ويستعدّ سوق دبي المالي لتنظيم النسخة الثالثة من قمة أسواق رأس المال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مدينة جميرا بدبي، بمشاركة 1500 شركة وصانع قرار وقيادات مالية عالمية، وذلك بعدما رسخت القمة مكانتها كمنصة بارزة لتعزيز مرونة الأسواق وتطويرها، وتوطيد العلاقات الاستثمارية في المنطقة والعالم.
واستمراراً للزخم الذي حققه الحدث الرائد خلال العام الماضي، ستحظى قمة هذا العام بدعم واسع من قائمة من الجهات الراعية المرموقة من فئة البلاتينيوم، ومن بينها “بنك أوف أمريكا”، وبنك الإمارات دبي الوطني، وبنك “إتش إس بي سي”، ومجموعة “سيتي بنك”، إلى جانب مجموعة من المؤسسات المالية الرائدة، والهيئات التنظيمية، وعدد من المشاركين في الأسواق العالمية.
وتركز نسخة قمة أسواق رأس المال لعام 2025 على مواضيع مهمة كتأثير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا على الأسواق، وأبرز توجهات الاكتتابات العامة الأولية والفرص المتاحة للشركات الرائدة، وتدفق رأس المال عبر الحدود، والدور المتطور للمستثمرين الأفراد، بالإضافة إلى مناقشة التحولات في الأسواق الخاصة وغيرها من المسائل المهمة.
وسيتخلل القمة عدد من الكلمات الرئيسية وحلقات النقاش والجلسات الحوارية، ما سيوفر للمشاركين رؤىً قيّمة حول أبرز توجهات الاستثمار والتطورات في المشهد التنظيمي.
وبهذه المناسبة، قال حامد علي، الرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي وناسداك دبي: “تعتبر قمة أسواق رأس المال منصة بارزة لتعزيز الحوار بين الخبراء الإقليميين والدوليين، بما يسهم في ترسيخ مكانة دبي كمركز مالي عالمي رائد. وقد وصلت العوائد من الاكتتابات العامة الأولية في عام 2024 إلى 10.48 مليار درهم، ما عزز ريادة دبي باعتبارها وجهة محورية للاكتتابات العامة وأنشطة الاستثمار. ويواصل سوق دبي المالي مسيرة نموه مع توسّع قاعدة مستثمريه لتشمل 1.2 مليون مستثمر من أكثر من 200 جنسية، ما يعكس الثقة الدولية المتنامية. ونتطلع في المرحلة القادمة إلى تعزيز التعاون والابتكار باعتبارهما ركيزة أساسية لدفع عجلة تقدّم أسواق رأس المال نحو المرحلة التالية من النمو والتطوير”.
وأضاف: “تزامناً مع كل هذا الزخم وفي ظل التحولات السريعة التي تشهدها أسواق المال العالمية، ستجمع النسخة الثالثة من قمة أسواق رأس المال نخبة من الشخصيات والقادة من بنوك الاستثمار العالمية، والشركات المدرجة الكبرى، والمستثمرين المؤسسين الدوليين، ورواد القطاع من المنطقة والعالم، لاستكشاف أبرز التوجهات والعوامل التي تُسهم في تشكيل أسواق رأس المال. ويركز الحوار خلال القمة على استكشاف فرص النمو للشركات الرائدة، والتواصل مع الجيل القادم من المستثمرين وسبل دعمهم وتمكينهم، والتعامل مع التداخل المتزايد بين التكنولوجيا والقوانين واللوائح التنظيمية وتطوّر الأسواق، وغيرها من المواضيع المهمة، لما ستحمله هذه النقاشات الثرية من رؤى قيّمة وخبرات ستساهم في تشكيل مستقبل منظومتنا المالية”.
وتتميز القمة هذا العام بجدول أعمالها الحافل بمجموعة من أهم المواضيع بمشاركة نخبة من المتحدثين من الشخصيات الريادية والمؤثرة، بما يسهم في تحفيز الحوار البنّاء بين مختلف الأطراف المعنية في القطاع وتعزيز سبل التعاون الاستراتيجي فيما بينها، كما سيُقدّم الحدث رؤىً ومعطيات دقيقة حول الفرص الناشئة، وأحدث الابتكارات في الأسواق وبيئة الاستثمار المتطورة.
تجدر الإشارة إلى أن قمّة أسواق رأس المال تمثل شهادة على التزام إمارة دبي بالتميز والابتكار على صعيد أسواق رأس المال.
وقد جمعت النسخة الثانية من القمّة السنوية لأسواق رأس المال، أكثر من 1000 مشارك و60 متحدثاً بارزاً، مرسخة مكانتها كأهم فعالية لأسواق رأس المال على مستوى المنطقة. وشهدت القمة مناقشات مهمة حول أبرز المواضيع والتوجهات السائدة، مثل التحول الرقمي في أسواق المال، وعمليات الاكتتاب الأولية المتوقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونمو رأس المال الاستثماري، ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية، بالإضافة إلى سبل التعاون الدولي بين أسواق المال على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وعلى المستوى العالمي مثل أسواق المال السويسرية وسوق شنزن الصينية وغيرها.
كما شهدت القمة إطلاق منصة “أرينا” من سوق دبي المالي، وهي منصة خاصة جديدة تعمل على تسهيل الوصول الى رأس المال من خلال ربط المستثمرين بفرص استثمارية في أصول متنوعة تشمل أسهم الشركات وسندات الدين الخاصة، مع خطط لإدخال فئات أصول إضافية في المستقبل.