الجزيرة:
2024-12-22@03:57:58 GMT

زلزال تسمية السنوار.. ونظرية قص الأعشاب

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

زلزال تسمية السنوار.. ونظرية قص الأعشاب

من حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، يأتي كلُّ ما هو مفاجئ وكلُّ ما هو غير متوقع، فبجانب زلزال السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وصدمة الصمود الأسطوري، تنقل الحركة العالم مجددًا إلى صدمة أخرى، لم تخطرْ على بالِ سدنة التحليل السياسي ومستشرفي المستقبل ومآلاته، ولا مرتْ بخيال أكثر أجهزة الاستخبارات في العالم خبرةً وحِرفية.

صندوق أسود

ففي حين كانت التوقعات شبه المؤكدة، تشيرُ إلى أنَّ الحركة قد استقرّت على خالد مشعل خليفةً "محتملًا" لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران الأسبوع الماضي، يأتي قرارها باختيار السنوار، لتزعزع من جديد الثقةَ في الأساطير التي أنزلت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ـ والأميركية بطبيعة الحال ـ منزلة القدرة على عدّ أنفاس أية قيادة سياسية في العالم.

إن أوعية وقنوات فرز واختيار رئيس المكتب السياسي للحركة، عملية ليست معقدةً، ولا تجري على الخريطة الأضيق، على النحو الذي يجعلها "كهنوتًا سياسيًا" مُسيَّجًا بالسرية والحماية من الاطلاع عليه، فالاختيار يقرّره مجلسُ شورى حماس المؤلف من 50 عضوًا، وهو هيئة استشارية تتألف من مسؤولين منتخبين من قبل أعضاء حماس في أربعة فروع: غزة والضفة الغربية والشتات والسجناء الأمنيين في السجون الإسرائيلية.

فهي ـ إذن ـ فسيفساء واسعة وعرضة للاختراق الأمني، ومع ذلك ظلت كأنفاق غزة، صندوقًا أسود عصيًا على المراقبة والتنصت وإضاءة مساحاته المظلمة، فيما تعتبر تل أبيب أكبر منتج ومصدر لتكنولوجيا التجسس في العالم، بل تعتبر دولة الجاسوسية الأولى، التي لم تسلمْ منها، حتى حليفتها الرئيسية ـ الولايات المتحدة الأميركية ـ عندما وضعت أجهزة مراقبة للهواتف المحمولة، بالقرب من البيت الأبيض، ومواقع حساسة أخرى في جميع أنحاء واشنطن وفق ما كشفت عنه بوليتيكو " politico" في 9/12/2019.

لغز الاختيار

ليس بوسع أحد، حتى اللحظة في العالم ـ المصدوم من مفاجأة البديل الحمساوي – أن يقدم مقاربةً تفسر لغز الاختيار، ودلالته بشأن قرار نقل المركز الرسمي لسلطة حماس إلى غزة، في حين أن الكثير من القيادات الرسمية كانت طليقةً في الخارج في السنوات الأخيرة – بما في ذلك هنية وخالد مشعل – وفي حماية أو حصانة "عُرفية" غير رسمية، لكونها الوسيط السياسي في أية مفاوضات بين الجانبين: الإسرائيلي والفلسطيني.

تسمية السنوار رئيسًا للمكتب السياسي، يعني نقل القرار السياسي، بما في ذلك مستقبل "المفاوضات" لاحقًا.. من قيادة سياسية معتدلة "هنية" – كما وصفه مراقبون ومن تعاملوا معه من قرب بأنه محاور مصقول وعملي – إلى أرفع مسؤول عسكري وميداني "السنوار"، الذي تدرجه إسرائيل على رأس "قائمة الاغتيال"، وهذا يضع نتنياهو أمام أخطر سؤال يتعين عليه الإجابة عنه بشأن: مع مَنْ يمكن التواصل معه من الفلسطينيين حول صفقة تحرير الأسرى الإسرائيليين؟!

فالسنوار شخصية سرية "شَبَحَية"، لا يُعرف عنه كما تقول الـ "بي بي سي" غير أنه رجلٌ " ذو شعر أبيض ثلجي وحاجبين أسودين"! في إشارة تهكمية على حالة الفوضى التي خلفها نزق نتنياهو ومغامرته "الدعائية" باغتيال الوسيط العلني إسماعيل هنية.

خاصة أن تقييم الحكومة الإسرائيلية للسنوار خلال فترة وجوده في السجن ـ قضى 23 عامًا ـ بأنه شخصية " قاسية وموثوقة ومؤثرة وتتمتع بقدرات غير عادية على التحمّل، وماكرة ومتلاعبة، وراضية بالقليل.. تحافظ على الأسرار حتى داخل السجن بين السجناء الآخرين.. ولديها القدرة على التعبئة والحشد".

فضلًا عن أنه أثناء وجوده في السجن، تعلم اللغة العبرية وطور فهمًا للثقافة والمجتمع الإسرائيليين، وفقًا لزملائه السجناء السابقين والمسؤولين الإسرائيليين الذين راقبوه في السّجن.

ويعتقد العديد من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين أن السنوار استفاد من فهم إسرائيل الذي اكتسبه أثناء اعتقاله لسنوات طويلة، لزرع الانقسامات المجتمعية في إسرائيل، والتلاعب بنتنياهو وإحراجه أمام الرأي العام الإسرائيلي.

محصلة صفرية

صدمة الاختيار حملت تيارًا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، على الاعتقاد بأن اغتيال هنية كان محصلته "صفرًا" على صعيد الواقع العملياتي سياسيًا وعسكريًا، فبعد الإعلان على تعيين السنوار رسميًا، قال مايكل ميلشتين، ضابط مخابرات إسرائيلي سابق متخصص في الشؤون الفلسطينية: "لقد تم رفع مكانته إلى مستوى رمزي".. "لكن في نهاية المطاف، كان بالفعل هو صاحب القرار بشأن الحرب والمفاوضات".

واللافت في المشهد اللاحق على "زلزال السنوار"، هو الارتباك الذي أصاب القيادة السياسيّة الإسرائيلية، التي تأخرت طويلًا في التعليق على وضع نتنياهو وجهًا لوجه مع مهندس "طوفان الأقصى" الذي أدّى لمقتل 1200 إسرائيلي، وأسر ما يقرب من 250 آخرين، واهتزاز تاريخ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وزعزعة الثقة في "الجيش الذي لا يقهر".

إذ كان أول رد فعل إسرائيلي رسمي، عصبيًا ومتوترًا ويعوزه الحصافة والرصانة الدبلوماسية، وذلك على لسان وزير الخارجية يسرائيل كاتس الذي دعا ـ مساء الثلاثاء ـ إلى "تصفية سريعة" ليحيى السنوار".. وكتب على منصة "إكس": إن تعيين "السنوار على رأس حماس خلفًا لإسماعيل هنية، هو سبب إضافي لتصفيته سريعًا ومحو هذه المنظمة من الخريطة".

وهي التصريحات التي سخر منها هيو لوفات، زميل السياسات البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، معتقدًا أن قتل السنوار سيكون بمثابة "انتصار علاقات عامة" لإسرائيل أكثر من تأثيره الفعلي على الحركة.

وقال: "من الواضح أنه سيكون خسارة، ولكن سيتم استبداله، وهناك هياكل قائمة للقيام بذلك، الأمر لا يشبه قتل بن لادن، فهناك قادة سياسيون وعسكريون كبار آخرون داخل حماس".

وبالفعل فقد أثبتت التجارب بالتواتر، أن المنظمات غير الحكومية، تميل إلى العمل بمثل نظرية "قطع رؤوس الهيدرا".

وبالمناسبة هي النظرية التي وضعها الباحث الإسرائيلي داني بروجوفيتش، ويمكن التعبير عنها بمعنى آخر (قصّ الاعشاب): كلما قُطع رأس من رؤوسه التسعة نبت مكانه رأسان جديدان.. فإذا تمّ اغتيال قائد العمليات أو القائد الصوري يتم استبداله سريعًا بآخر، وفي بعض الأحيان يفتقر من يخلفه إلى نفس الخبرة أو المصداقية، لكن المنظمة تكون غالبًا قوية وقادرة على تجديد نفسها بشكل أو بآخر.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی العالم

إقرأ أيضاً:

زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة بنيامين نتنياهو مريضة

علق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، مساء اليوم السبت، على مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، وقال: إنجاز صفقة تبادل أسرى على دفعات في هذه الأثناء سيكون خطأ".

ودعا لابيد الإسرائيليين للتظاهر فى تل أبيب مساء اليوم، وأضاف: الحكومة لا تستطيع منعنا من الاستمرار في إعادة البلاد إلى مسارها الصحيح".

وتابع: حكومة بنيامين نتنياهو مريضة والأمور التي يصيبها المرض تتفكك وحدها".
 

وقالت حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" اليوم السبت، إن احتمال التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة أصبح أقرب من أي وقت مضى إذا توقفت إسرائيل عن وضع الشروط.

جاء ذلك في بيان بعد لقاء جمع قادة حماس وحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية في القاهرة لبحث مجريات الحرب على غزة وتطورات المفاوضات.

ووفقا للبيان فقد بحثت الفصائل الثلاثة المستجدات المتعلقة بمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد البيان على حرص الجميع على وقف العدوان على الشعب الفلسطيني والمستمر لأكثر من 14 شهرا في ظل "تواطؤ دولي مشين".

وشددت حماس في البيان على إمكانية الوصول إلى اتفاق باتت أقرب من أي وقت مضى إذا توقف العدو عن وضع اشتراطات جديدة.

أوضافت: اتفقنا على الاستمرار في التواصل للتشاور والتنسيق حول كل المستجدات المتعلقة بالعدوان على شعبنا ومفاوضات وقف إطلاق النار"

وتابعت:  اتفقنا خلال اللقاء على أنه في أقرب فرصة سيتم استكمال المطلوب من أجل وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة بعد الحرب".

مقالات مشابهة

  • القسام تبث مشاهد للمرة الأولى تجمع قادة حماس هنية والسنوار والعاروري- (فيديو)
  • شاهد | كتائب القسام تنشر فيديو يوثق لقاءً نادرًا لقادة حماس الشهداء
  • كتائب القسام تنشر فيديو يجمع قادة حماس الشهداء للمرة الأولى
  • قبيل "الصفقة".. حماس تنشر فيديو دعائيا يجمع السنوار وهنية
  • عاجل- «ظهور علني نادر».. كتائب القسام تبث صورًا لأول مرة تجمع هنية والسنوار والعاروري
  • القسام تبث مشاهد للمرة الأولى تجمع قادة حماس هنية والسنوار والعاروري
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة بنيامين نتنياهو مريضة
  • الولايات المتحدة تعقد صفقة مع الشركة المصنعة للطائرة التي رصدت السنوار
  • ما قصة نسيم خليبات الفلسطيني الحامل للجنسية الإسرائيلية الذي سلمه المغرب لإسرائيل؟
  • القناة 13 الإسرائيلية: لا يزال التفاؤل كبيرا بقرب التوصل إلى صفقة مع حماس